صفحة الكاتب : كريم الانصاري

إلى متى ياعراق ؟
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 أعلم أنّ الكثيرين سيختلفون معي في الرأي ، ينتقدون ، يغضبون ؛ حيث كلّ واحدٍ منّا يحمل في جعبته سبباً وتصوّراً يدعوه لذلك ، فلامندوحة آنئذٍ لمّا يكون الاختلاف في الأشياء أمراًطبيعياً .
لاأتلو آية اليأس ولاأعتقد بنهاية "فوجي ياما " الإيديولوجيّة - التي قيل : إنّه تراجع عنها مؤخّراً - لكنّي أنطلق من رحم التاريخ ، بماضيه وحاضره واستشرافاته .. أنبعث من صلب العقلانيّة التي نؤاخَذ - نحن المسلمين عموماً والشيعة خصوصاً - بقلّة القناعة والاعتناء والتأقلم معها رغم مالدينا من الخزين الثرّ والإرث السمين والثوابت القويّة والاُصول الغنيّة .. أنهض من نصوص ساداتنا النجباء (ع) ..  فأقول :
سيظلّ العراق - كما كان  وكما هو عليه الآن - بلداً على كفّي عفريت ، بلداً تتقاذفه التناحرات والتقلّبات والخلافات ، بلداً لن يهدأ أبدا ، وأسباب ذلك قد تبدو للبعض واضحة شفّافة ، ولاأساس لها من الصحّة عند البعض الآخر ، وغير معروفة لدى طائفة ثالثة .. إلّا أنّنا جميعاً ربما نتّفق على كون العراق بلداً صعباً معقّداً بامتياز ، قياساً حتى بمن جاوره وقاربه من الدول التي رغم مافي بعضها من التناقضات والتعاكسات والإشكالات في النظم الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة ، لكنّها تعيش أيّامها ولياليها أفضل من عراق الخيرات بكثير .
فلو استقرأنا وتفحّصنا وقرأنا وراجعنا وقارنّا وبعثرنا وتمسّحنا وحلّلنا بلاد الرافدين لَما استنتجنا سوى أنّه بلدٌ لم يستقرّ إلّا نادرا ، وهكذا أظنّه سيبقى وطناً مشتّتاً لاتتّحد فيه القلوب ناهيك عن وحدة العقول ، يتقاذفه الفساد من جميع أطرافه ، يعجّ بمظاهر القيم وقشورالمبادئ بمناسبة هذه الذكرى وتلك الواقعة لكنّها على الغالب ليست سوى ظاهرة صوتيّة سرعان ماتخفت وتستكين .
 
مأساتنا تكمن فينا ، في ذواتنا ، معاناتنا أنّنا نُخِرْنا من داخلنا منذ أمدٍ بعيد ، اختُرِقنا اختراقاً ضرب فينا الأعماق والجذور ، فتداعت الذاكرة وانهارت العلقة المعهودة وتأزّمت الروح ، روح الحبّ والسلام والوئام ، فصرنا ننهش بعضنا البعض ، فتضاءلت فرص التواثق وتوسّعت الهوّة بيننا ، حتى غدا الأخ والصديق لايحمل سنخه إلّا على مايرغب من المحامل  ويريد ... نجح وفاز وانتصر من أراد بنا ذلك وخسرنا نحن ، وعسى ألّا تثبت علينا الهزيمة ؛ إذ قد يخسر الإنسان لكنّه ينبغي ألّا يُهزَم فالهزيمة تعني كلّ شيء.
 
سيظلّ العراق هكذا إن لم تشمله العناية الربّانيّة ، إن بقي أهله على هذا الحال  لايغيّرون مابأنفسهم  ، لايتآزرون لرفع الحيف عن بعضهم البعض ، لايعترفون بأنّهم مختَرقون مستَهدَفون مشتّتون متخلّفون عن الركب ، يفصلهم بونٌ شاسعٌ بين القول والعمل الدؤوب ، فليس الوقت وقت المكابرة والتفاخر البائس ، إنّه وقت الثبوت والإثبات .
 
لقد منّ الله تعالى على أهل العراق عبر طول التاريخ بمنن كثيرة ، لكنّها لم تُستَغَلّ بالشكل الكافي والصحيح ، منن وبركاتٍ عينيّة وروحيّة ، نلمس منها في حاضرنا: المعادن الثمينة والكنوز النفيسة والأنهار العذبة والتربة الخصبة والمواهب النادرة ...
  في العراق أنوار الأئمّة الأطهار (ع) والولاة الأبرار والصلحاء الأخيار وحوزات الدين الحنيف ومراجعها العظام .
 في العراق نعمة المرجعيّة العليا التي عملت ولازالت تكدح من أجل خير العراق والدين والبشريّة جمعاء ، مرجعيّة الاُلفة والأمان وكرامة الإنسان أنّى كان ويكون .
 
فلماذا العراق هكذا ياتُرى ؟ لماذا حاله هذا الحال رغم كلّ الذي فيه من الخصائص والخيرات والبركات  ؟
أما آنَ له نفض غبار الألم والحزن والفساد والتخلّف واللحاق بركب الآخرين الذين - وغالبهم - هم أدنى  منه رتبةً وأقلّ اعتباراً في شتّى الحقول والميادين ؟!
 أما آن لموازين العلم والمنهج والقيم السليمة ومصلحة الوطن أن تطيح بالواقع المأساوي الذي نتخبّط به ونحصد مرارة رواشحه ؟!
أما آن لنا بجلسات وگعدات مطالعة ودراسات مختصرة صادقة حقيقيّة تؤسّس لمراكز استراتيجيّة تنهض بصناعة الفكرة      ومايتلوها من مراحل وخطوات ؟!
أما آن لنا أن نهتمّ بإخلاصٍ - طبق المبادىء التي نتشدّق بها - بمعاناة أهلنا ونهمس في ذواتنا : كفانا صخباً ونفاقاًوكذباًوفساداًوشهوانيّةً ...
   
اللّهمّ انقذ العراق واحفظ دينك وحماة دينك ، إنّك خيرٌ حافظاً وأنت أرحم الراحمين .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/10



كتابة تعليق لموضوع : إلى متى ياعراق ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net