صفحة الكاتب : حسين باجي الغزي

في عيد المرأة (يا ذكوريون) رفقا بالحمائم .. ولاتكسروا القوارير
حسين باجي الغزي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مرت ثلاثة عقود على سفر حياتي . ولا زلت أتذكر منظر إلفه كل ساكني منطقتنا البسطاء . منظرجيراننا  أم جميل وأبو جميل العجوزين وهو يتشابكان الأيادي في ذهابهما  وأيابهما ويتناغمان كحمامتين عاشقتين . كان هذا المشهد الجميل مثار استغراب ولغط الكثير ممن يشاهدهما .فما الذي جعل عجوزين قاربا السبعين ،بإن يعمّر ويتجدد حبهما العفوي ويتصرفا بسجيتهما دوما كعاشقين.

منظر أم وأبو جميل كان يثير الحنق والبغضاء للفاشلين من الأزواج التعساء .إما الذين تكللت زيجاتهم بالسعادة والهناء ،فكانوا لهم مثلا تمنوه . فلو أطلت عليهم مطالع السعود فنالوا نزرا يسيرا من أيكة السعادة والوئام والتي استظل بها هاذين الآدميين.

ولأاشد مايثير حنق نساء الحي ويشعل فضولهن وقوف أم جميل في عز الظهيرة أو في زمهرير الشتاء  تتوارى خلف ستارة الباب لتطل بنظرات خاطفه لامتداد الشارع الطويل تترقب شريك عمرها وهو يعود من مشاويره أليوميه البسيطة . وقد يطول بها الوقوف ساعات وساعات إلى إن تكتحل عينيها لرؤياة .أو يدلف عليها الدار فجأة بسعاله الحاد  ومشيته المتثاقلة وأجمل تعابير الحب والهيام تتراقص على شفتيه الذابلتين . فتستكين روحها وتهدأ ظنونها التي اقضها غياب أبو جميل القصير .وكم تذمر أبو جميل من جلسائه ورفقته وهم يسردون قصص باهته عن القطيعة والنفور والتجني على حلائلهم فكانت  وصيته لهم  (رفقا بالقوارير).. ردا يسيرا وناجعا لهم وعلى من اسمعوه همزا ولمزا. وتندروا على هذه الصبابة الدائمة والحممية المتجددة مع رفيقة عمره .. 

لم تطل الأيام إلا وشجرة الحياة تسقط منها ورقة أبو جميل اليانعة ،ليلبي نداء ربه ويخطف داعي الحتوف روحه وهو على كرسيه يناجي وجه محبوبته، وجه القارورة السبعينية التي لم تطق حياة يابسة بعده ، حياة لاطعم فيها ولابهجه. لتثبت في موتها في اليوم الرابع من جنازته .. بان خصلة الوفاء ليست عصية ولا مستحيلة على القلوب الكبيرة.

أسوق هذة الملحمة الخالدة للحب والهيام وكنت

قبل أيام في زيارة لمدينة قريبه ،دعاني لكي أكون شاهدا لزواج ابنته في محكمة الأحوال الشخصية ،أثار انتباهي مع المنتظرين إمام باب القاضي امرأة  خمسينيه  ،  تسندها ابنتها. وتساءل الجميع عن تواجد هذه ألسيده في مثل هذا المكان .؟؟؟ عرفنا  لاحقا من إن زوجها وهي في أرذل العمر يضربها!!! و أقام دعوى تفريق بينهما لأنها لأسباب واهية .

تذكرت حينها حكاية القوارير.. وأسفت من إن لون الحياة سيكون رماديا. وتستحيل نظارتها الى هشيم يابس ،إن جفت ينابيع الرحمة ، وتقطعت أوصال المودة ، وانأ على يقين بان تعاليم السماء ورقي المدنية  ويد الانسانيه سترفع وتعلي القوارير التي استضعفت. وان أنموذجا على غرار أم جميل وبعلها جديرة بان ثلثم وتقبل كروح مطهره اوكصرح قاروري مقدس .وأيها الذكوريون رفقا بالحمائم ولاتكسروا القوارير .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين باجي الغزي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/08



كتابة تعليق لموضوع : في عيد المرأة (يا ذكوريون) رفقا بالحمائم .. ولاتكسروا القوارير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net