صفحة الكاتب : علي علي

استحضارات لساعة الاستجواب
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  من أمثلتنا التي تحض على الاتعاظ بتجارب الآخرين، وتحث على استيعاب الدروس والاستفادة منها لتطبيقها في مايستجد من ظرف في حياتنا، هو المثل القائل؛ "العبرة لمن اعتبر" وقطعا من غير المجدي والنافع ان يمر الإنسان بتجربة دون أن تترك في شخصيته بصمة او علامة، تضفي الى مَلَكَته رصيدا من الخبرة والكفاءة والقدرة على مجابهة الأمور، سيئها وحسنها، وبغير هذه الصفة يكون هو والبهيمة سواء!. إلا أن هذه القاعدة يشذ عنها بعض الناس لأسباب غالبا ما يكون أهمها المصلحة الخاصة والآنية، وخير مثال على ماأذهب اليه هو الشخصيات التي تتصدر المشهد السياسي العراقي الحالي. فعلى الرغم من تكرار الدروس لدى ساستنا اليوم، ووصولها اليهم ممن سبقوهم بكل فصولها، وتكدسها في سجل يوميات البلد، إلا أن أغلبهم لم يتعظ بها ويكلف نفسه بالرجوع اليها والركون عندها، كي يستشف منها العبر عند مروره باحباط او تلكؤ في مامنوط به من أعمال ومسؤوليات، ويبدو ان كثيرا منهم ارتأى سلوك أسهل الطرق لتبرير عثراته في أداء واجباته، ليظهر أمام الرأي العام بأنه المثابر والخدوم في خدمة بلده، والمضحي الوحيد من أجل راحة المواطن. وأسهل الطرق وأقربها الى بنيات أفكاره، هو اتهام غيره ممن يشاركونه القيادة والمسؤولية بسوء التصرف تارة، والتقاعس والإهمال تارة أخرى، والتواطؤ والخيانة تارة ثالثة، وقد يبلغ الاتهام مبلغا أكبر في جوانب أكثر تعقيدا، ظانا أنه سيخرج من دائرة اللوم والاتهام مثل (الشعرة من العجين) فنراه ينتقي ماشاء له من اتهامات يلصقها بغيره، ليقنع المجتمع بنقائه وبراءته من التقصير، متناسيا "ان بعض الظن إثم". وأن من الخطأ والمعيب اتهام أحد بفعلة ما، إلا حين يتوافر لديه الدليل القاطع في نسبها اليه وإثباتها عليه، وإلا عُد هذا تجنيا بحقه ويتحمل بالتالي وزرها.
   ما دعاني الى ذكر التهم وكيلها على الآخرين، هو ما يدور في تصريحات مسؤولينا وساستنا في كل محفل ومقام ومقال، فعلى مايبدو ان اي مسؤول في دفة الحكم، حين يُسأل في استجواب او استضافة عن تقصيره في أداء الواجبات الملقاة على عاتقه، يأتي على الفور بقوالب مهيأة في استحضارات سابقة لمثل هذه التساؤلات، وأول قالب يتكئ عليه في تبريراته هو الميزانية، والثاني داعش والثالث المحاصصة والرابع الدول الإقليمية والخامس هبوط أسعار النفط، ولست أدري ما السادس والسابع والعاشر! ولكنه يدري تماما كيف ينتقي الأحاجيج والمسوغات والتبريرات من حيث ندري ولاندري. حيث يلقي اللوم على مجلس البرلمان او الوزراء او الاثنين معا، في عدم صرف مبالغ كان قد طلب صرفها لمشاريع تصب في خدمة الوطن والمواطن. ولايفوته ذكر سبب آخر يخرجه من دُرج الأعذار، وهو عرقلة عمله من قبل بعض زملائه من المسؤولين في المؤسسة، او في أخرى قد ترتبط معها في عمل مشترك، كذلك لاينسى ان يدرج تحت لائحة الاتهامات رئيس الكتلة الفلانية، او زعيم القائمة العلانية علاوة على أعضائها، كونهم من المؤثرين على سير برنامجه. ومن المؤكد أن هذه الأطراف لاتقل شأنا عنه في كيد المكائد، ونصب الأشراك، وانتهاز الفرص والثغرات لممارسة الدور ذاته، بردود أفعال قد تكون أشد وقعا من الأفعال نفسها. وبين الفعل وقبحه، وبين رد الفعل وصفاقة فاعله، تضيع حقوق، وتتميع مشاريع، وتغيّب صفقات، والضحية الأولى والأخيرة في كل هذا هو المواطن المسكين الذي لاحول ولاقوة له إلا بالله وبالدعاء والصبر، وقد فات ساستنا حكمة قيلت سابقا مفادها؛ "لاتظلم شخصا سلاحه الوحيد هو حسبي الله ونعم الوكيل"!.
aliali6212g@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/01



كتابة تعليق لموضوع : استحضارات لساعة الاستجواب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net