صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

الشخصية اﻹيمانية للسيدة الزهراء
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
        بسم الله الرحمن الرحيم
 كيف يتأتى لأمثالنا الحديث عن فاطمة وهي من دارت على معرفتها القرون الأولى ، وهي قطب دائرة الإمكان ومحور البيت النبوي. ولقد حاول البلغاء والأدباء والمتكلمون على مر التاريخ إدراك بعض معانيها ووصف بعض حالاتها فعجزت عن ذلك ألسنتهم، وكلّت عن بلوغ وصفها أقلامهم وقصرت عن الحديث عنها كلماتهم، فانقلبوا بغرفة من المحيط الواسع، وأنّى يحيط القاصرون بعقولهم المحدودة إدراك المعاني السامية التي احتوتها فاطمة عليها السلام .  
إن الملاحظ لأحاديث الرسول (ص) وأهل بيته عليهم السلام يجد أن للزهراء عليها السلام منزلة سامية لا يوازيها احد من العالمين ورفعة شأنها واليك بعض من هذه الأحاديث...قال رسول الله (ص): (إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها )وقال (ص): (إن الله تعالى أختار من النساء أربع مريم وآسية وخديجة وفاطمة)وقال (ص): (إن فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذُرّيتها على النار)وقال (ص): ( فاطمة بضعة مني فمن سرها فقد سّرَّني ومن ساءها فقدساءني ، فاطمة أعز الناس عليّ)وقال (ص): ( إن ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيمانا ويقينا) . ولعل المتتبع لأحاديث النبي وأهل بيته عليهم السلام والباحث في سيرتهم، مع مزيد من التأمل يجد أن بعض السر وراء الاحتفاء بشخصية الزهراء عليها السلام يكمن في الشخصية الإيمانية التي جسدتها صفات السيدة فاطمة عليها السلام وسيرتها الذاتية، والتي أهلتها لتكون خير أهل الأرض بعد أبيها وبعلها عليهما السلام وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين فهي الوليدة التي فتحت عينها على نور الرسالة بعد بعثة النبي (ص) ،فنشأت في حجر سيد المرسلين ، وغذتها امرأة من خيرة النساء والتي قام الدين على نصرتها وهي السيدة خديجة عليها السلام ، ثم واكبت الزهراء عليها السلام مسيرة الدعوة حانية على أبيها (ص) لتكون له رغم صغر سنها نعم المواسي فكانت (أم أبيها) ، تمسح عنه آلام الدعوة ، وتزيح عن كاهله أعباء الرسالة. وحين بلغت مبلغ النساء تزوجت نصير النبي الأول الصديق الأكبر والفاروق الأعظم علي بن أبي طالب عليه السلام ، الذي تحمل ما تحمل في نصرة الدين مجاهدا بسيفه أعداء رسول (ص) والذي لولاه لما كان لفاطمة كفءٌ على وجه الأرض ، ثم أنجبت منه سبطي هذه الأمة الإمامين العظيمين الحسن والحسين عليهما السلام سيدي شباب أهل الجنة واّلذَين انحصرت فيهما ذرية الرسول (ص) ليصدق بذلك الوعد الإلهي {إنّا أعطيناك الكوثر} أضف إلى كل ذلك مجموع الفضائل والمناقب التي مّيزت الزهراء عليها السلام. نعم هي حياة قصيرة في عمر الزمن ، لكنها حافلة بكل معاني الإيمان والتقوى والفداء والتضحية لتكون الزهراء عليها السلام بذلك المثل الأعلى والنموذج الأكمل للشخصية اﻹيمانية.وكانت فاطمة عليها السلام مصدر هذا المبدأ ، فهي الكوثر الذي نبع منه معين الإمامة ، وتربى فيه الإمامان الحسن والحسين عليهما السلام فكان التركيز على شخصيتها ومكانتها تركيزا على هذا المفهوم ، وحلقة في سلسلة هداية الأمة إلى هذا الركن الوثيق ، والعروة الوثقى ، والصراط المستقيم. وقد كان للسيدة الزهراء عليها السلام بعد وفاة النبي (ص) الدور الأبرز في الدفاع عن مفهوم الإمامة المتجسد في خلافة الإمام علي بن أبي طالب (ع) لرسول الله (ص) بلا فصل ، داعية الأمة للعودة للمعين الصافي ، والنبع الأصيل ، لكن الأمة رفضت الخيار الإلهي ولجأت إلى خيارها إلا من عصم الله.ثالثا:تشكل الأيام القليلة التي عاشتها الزهراء عليها السلام بعد وفاة النبي (ص) أيام المحنة والألم في حياتها ، فها هي ترى الأمة تبتعد عن نهج رسول الله (ص) هو لا يزال مسجى على فراش موته ، لم يغسّل بعد ولم يكفن بعد ، وتحاول عليها السلام إعادة الحق إلى نصابه بالدعوة تارة وبالاحتجاج أخرى ، وراحت تعلن غضبها وسخطها جملة المهاجرين والأنصار الذين لم يحفظوا رسول الله (ص) فيها، (والمرء يحفظ في ولده).فمع أنها كانت ابنته الوحيدة حينذاك والأمة لا تزال قريبة عهد به (ص)، إلا أن ذلك كله مضافا إلى توصية الرسول (ص) بها وأحاديثه عنها لم يشفع لدعوة الزهراء عليها السلام بل إنها راحت تكابد آلام فراق النبي (ص) مشفوعة بالآم جحد النص ، والبعد عن المنهج القويم الذي خطه (ص) فكان الحديث عن الزهراء (ع) حديثا عن مظلومية النبي (ص) والأذى الذي لحق به من أمته حيا وميتا وإبرازا للمعاناة التي عاناها أهل بيته بعد فقده ،  الشيخ المجلسي يروي في البحار يقول: بعد وفاة النبي  الزهراء تعرضت إلى الأذى الجسدي والنفسي بمقدار كبير ، ولكن الشيخ المجلسي يروي عن الإمام الصادق عن الزهراء أنها ما بكت أمام علي أبداً مع ألامها مع شدة ما بها ما بكت أمامه ولا تألمت أمامه، كان كلما لقي بها لقيها تبتسم في وجهه، تنسى ألامها، تنسى شجونها، تنسى كل ما عندها في سبيل أن تسعد قلب أمير المؤمنين علي .ومن صور حياتها الرائعة تركز على الكمال الروحي ورد عن الإمام الصادق : أن فاطمة استقت بالقربة وإنّها حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها حتى داخلها من ذلك ضرر بليغ فقال لها علي : أطلبي من أبيك خادم يعيننا على ما نحن فيه، فأقبلت إليه وهو مشغول بأصحابه فرجعت إلى البيت وعلم النبي بها، يقول علي  قمنا إلى مضاجعنا فدخل رسول الله  علينا فأردنا أن نقوم فقال: على مكانكما ثم جلس عندنا قال: ما عندكِ بنيه قالت: أني وجعه وأني كذا وكذا قال: إلا أعلمك خيراً من الخادم قالت: ما هو قال: إذا فرغتم من الصلاة أو قمتما إلى مضاجعكما فكبر الله 33 وحمداه33وسبحاه34 فإنه خيراً لكما من الدنيا وما فيها، وكانت هذه سنة الزهراء  أن تسبح بعد كل فريضة وعند كل مهمة لذلك أصبح هذا التسبيح مستحب بعد كل صلاة وسمى «بتسبيح الزهراء ».
ورُوي أنّ فاطمة عليها السّلام ربّما اشتغلت بصلاتها وعبادتها فربّما بكى وَلَدُها.. فرُئيَ المهد يتحرّك، وكان مَلَكٌ يحرّكه. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 45:43 / ح 44 ـ عن: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 385:3 ).• ورَهَنَت عليها السّلام كِسوَةً لها عند امرأةِ زيد اليهوديّ في المدينة واستقرضت الشّعير، فلمّا دخل زيدٌ دارَه قال: ما هذه الأنوارُ في دارنا ؟! قالت امرأته: لكسوةِ فاطمة.فأسلم الرّجل في الحال وأسلمت امرأتُه وجيرانه.. حتّى أسلم ثمانون نَفْساً. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 47:43 / ح 46 ـ عن: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب 387:3 ).وفي صيغةٍ أخرى رُوي: أنّ عليّاً عليه السّلام استقرض من يهوديٍّ شعيراً فاسترهنه شيئاً، فدفع إليه مَلاءة فاطمة رهناً، وكانت من الصّوف، فأدخلها اليهوديُّ إلى دارٍ ووضعها في بيت ( أي حجرة )، فلمّا كانت الليلةُ دَخَلَت زوجتُه البيتَ الذي فيه الملاءة بشغل، فرأت نوراً ساطعاً في البيت أضاء به كلَّه! فانصرفت إلى زوجها فأخبرَتْه بأنّها رأت في ذلك البيت ضوءً عظيماً، فتعجّب اليهودي زوجها، وقد نسيَ أنّ في بيته ملاءةَ فاطمة، فنهض مسرعاً ودخل البيت.. فإذا ضياء الملاءة ينشر شعاعه كأنّه يشتعل من بدرٍ منيرٍ يلمع من قريب! فتعجّب من ذلك، فأنعم النّظر في موضع الملاءة، فعلم أن ذلك النّور من ملاءة فاطمة، فخرج اليهوديُّ يعدو إلى أقربائه وزوجتُه تعدو إلى أقربائها، فاجتمع ثمانون من اليهود فرأوا ذلك فأسلموا كلّهم. ( بحار الأنوار للشّيخ المجلسيّ 30:43 / ح مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب، والخرائج والجرائح لقطب الدين الرّاوندي 537:2 ـ 538 / ح 13. والثاقب في المناقب لابن حمزة 265 ـ من المخطوطة ). كر العلامة التستري (أعلى الله مقامه ) في كتاب إحقاق الحق وإزهاق الباطل عددا من كرامات السيدة الزهراء (عليها السلام) من مختلف المصادر ، وذكر هذه الفضيلة فقال : (( إعطاء فاطمة قميصها الجديد ليلة زفافها للسائل ولبسها قميصا خلقا رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الصفوري في " نزهة المجالس " ( ج 2 ص 226 ط القاهرة ) قال : ذكر ابن الجوزي أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع لها قميصا جديدا ليلة عرسها وزفافها ، وكان لها قميص مرقوع ، وإذا بسائل على الباب ، يقول : أطلب من بيت النبوة قميصا خلقا ، فأرادت أن تدفع إليه القميص المرقوع ، فتذكرت قوله تعالى :" لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون "فدفعت له الجديد ، فلما قرب الزفاف ، نزل جبريل ، وقال :" يا محمد إن الله يقرؤك السلام ، وأمرني أن أسلم على فاطمة ، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنة من السندس الأخضر " فلما بلغها السلام ، وألبسها القميص الذي جاء به لفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعباءة ، ولفها جبريل بأجنحته ، حتى لا يأخذ نور القميص بالأبصار ، فلما جلست بين النساء الكافرات ومع كل واحدة شمعة ، ومع فاطمة رضي الله عنها سراج ، رفع جبريل جناحه ، ورفع العباءة ، وإذا بالأنوار قد طبقت المشرق والمغرب ، فلما وقع النور على أبصار الكافرات ، خرج الكفر من قلوبهن وأظهرن الشهادتين )شرح إحقاق الحق وإزهاق الباطل - ‹ صفحه 402 › .
          والحمد لله رب العالمين
                   للتواصل؛
 
Email:ebrahimsrur@gmail.com.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/27



كتابة تعليق لموضوع : الشخصية اﻹيمانية للسيدة الزهراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net