صحفي مصري معروف ولديه معجبون كثر في مصر نشر على صفحته الشخصية تعليقا على وفاة الصحفي والكاتب الكبير محمد حسنين وأمين عام الأمم المتحدة السابق بطرس بطرس غالي بالقول، مصر بتنضف. المؤسف ليس فقط لأنه وصف رحيل علمين من أعلام مصر بهذا الوصف السئ، بل هو جهله باللغة العربية، فقد كتب كلمة تنظف هكذا، تنضف، والصحيح تنظف.
محمد حسنين هيكل من كبار الكتاب والصحفيين الذين عاشوا حقبا زمنية شهدت تطورات سياسية عالية وهائلة وغير نمطية ولم تكن في البعض منها متوقعة، وكان يرافق الرئيس جمال عبد الناصر، وعاش صداما مرا مع السادات، ولم يغادر السجن إلا بعد مقتله، لكن مبارك حاول أن يعيد له بعض الحضور، غير أن الحقيقة هي أن نشاط هيكل كان في فترة حكم عبد الناصر وهي الفترة الثرية التي وفرت له مادة صحفية ذات قيمة عالية، ومع تصاعد الأحداث، وإحتلال فلسطين، والحروب التي شنتها إسرائيل، والصراع في اليمن، والمشاكل في سوريا والعراق، ومواجهة الحلف البريطاني الفرنسي، والعلاقة مع روسيا وبناء السد العالي فقد كان لزمن عبد الناصر حضوره على المستوى العالمي حين ساهم في تأسيس منظمة عدم الإنحياز، وتواصل مع القوى الثورية، وكان فاعلا على الصعيد العربي.
كل ذلك مكن هيكل من لعب دور مهم في الحياة الثقافية وعلى مستوى العمل الصحفي حين عكف على كتابة مذكراته التي أرخت لمرحلة هامة من تاريخ مصر، وبرغم المشاكل التي واجهها وتحديات مرحلة ما بعد ناصر وفترة السجن الأليمة إلا إنه بقي وفيا لعمله ومهنيته، وصار أكثر قربا من هموم الأمة حين إبتعد عن السلطة والزعامات الكبرى، التي أفادته حين أصبحت مادة ثرية للمعرفة والتوثيق والدراسة، وصار مهتما أكثر بمشاكل العروبة والمواطن المصري العادي، وطرح تساؤلات عديدة عن سلوكيات الحكام وإنحيازهم للخارج وتبعيتهم، وربما صدمت بعض آرائه المثقفين العرب والحكام على حد سواء. ففي بعض الدول العربية كان هناك نوع من الفرح برحيله.
هيكل رفض التطبيع مع إسرائيل وكان ذلك من أهم الأسباب التي أدت الى سجنه في عهد السادات، وظل مناصرا لقضية الشعب الفلسطيني، وكان له رأي صريح من التدخل السعودي في اليمن وهو على مايبدو نتاج معايشته لعبد الناصر الذي دخل في صدام مباشر مع الحكم السعودي حين نشبت الحرب بعد الثورة اليمنية في ستينيات القرن الماضي. ولم يتخذ موقفا مماليا للمنظومة العربية التي وقفت ضد نظام بشار الأسد في سوريا وهو الموقف الذي تبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي حين رفض المساس بسوريا وجيشها.
وإذا كانت مصر بتنظف برحيل هيكل كما يقول هذا الصحفي والكاتب المصري، فياترى ماهي النظافة الحقيقية في هذه البلاد العريقة؟
هيكل يستحق التكريم والتقدير في حياته وبعد مماته، ومصر نظيفة به وبأمثاله من المبدعين الخلاقين، والذين أثروا الحياة السياسية والأدبية في هذا البلد العظيم.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat