صفحة الكاتب : فادي كمال يوسف

قانون العمل، خطوة نحو الاصلاح بعيدا عن الترقيع
فادي كمال يوسف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نمر بمرحلة اقتصادية صعبة جدا، بعد ان انخفضت اسعار النفط الى معدلات قياسية، ما وضع الدولة بمؤسساتها في مأزق وهي تقف عاجزة عن سداد رواتب جيوش من الموظفين فيما جمدت مشاريع البناء وانخفضت معدلات النمو، في وقت لم تُستثمر ثروة هائلة من اموال النفط خلال عشر سنوات مضت بشكل يخرجنا من ازمتنا الحالية واُهدرت بمشاريع وهمية وفساد مخيف نخر اسس الدولة وأستنزف مقومات بقائها.

هذا ما اجبر رئيس الوزراء حيدر العبادي للبحث عن حلول جدية لإصلاح اقتصادي شامل يُخرج البلاد من مأزقها، وحسب المعطيات المطروحة فأنه يتجه نحو خيار ترشيق حكومته واستبدال الوزراء السياسيين بأخرين تكنوقراط، رغم ان الفكرة طرحت في زمن حكومة المالكي، ولم تنفذ كونها حملت تعقيدات جمة متعلقة بالحصص السياسية والتوزيعات الطائفية والمصالح الشخصية الضيقة، ومازالت ذات العقبات في زمن العبادي كون أسس بناء الحكومة لم تتغير بين العهدين، فيما ظهر الطرح وكأنه محاولة للانقضاض على السلطة و التفرد بها، اضف الى ذلك فأن هذه الخطوة على الأغلب تعتبر ترقيعيه، وليست حلا جذريا للأزمة.

تأخر تشريع قانون العمل لأكثر من عشر سنوات، اما تفعليه على ارض الواقع، فلا زلنا نجهل كيف؟ ومتى؟ وما الاليات التي سيطبق بها هذا القانون؟، لماذا نتحدث عن هذا القانون؟، وكيف يعتبر البدء بتطبيقه، الخطوة الحقيقة الثانية لإنقاذ البلاد اقتصاديا، وانطلاقه حقيقة للإصلاح نحو محاربة الفساد ودفع عجلة التنمية والنهوض، فيما الاولى ستكون اصلاح القضاء والذي تحدثنا عنه في مقال سابق.

العراق، ما يزال دولة نصف اشتراكية، حيث يعتمد غالبية المواطنين في عملهم على التوظيف في القطاعات الحكومية المختلفة، ومن لا يعمل في تلك القطاعات يعتبر حسب مفهوم العراقي، عاطل عن العمل، فالموظف الحكومي يُوفر له الضمان الاجتماعي، وكفالة التقاعد بعد انهاء الخدمة، والعطل المنتظمة، وساعات العمل المحددة، والاجور الثابتة والعادلة، اضف الى ذلك طبيعة العمل والتي تقترب من البطالة المقنعة في اغلب الاحيان، فيما القطاع الخاص يفتقد كل هذه الثوابت الوظيفية، فيما المستقبل ضبابيا لدى العاملين فيه، كما يمكن لرب العمل الاستغناء عن مستخدميه متى شاء وكيفما شاء دون أي تعويض او حقوق تذكر.

ان تفعيل قانون العمل والضمان الاجتماعي، وتطبيق نصوصه بصرامه وبضمان حقيقي من الدولة، سيقضي على الركود وهدر الطاقات بين جدران الوظائف الحكومية، وسيحول بوصلة العمل من الاعتماد الكلي على تلك الوظائف الى التوجه نحو القطاع الخاص، والذي على الحكومة تشجيعه من خلال خلق اجواء استثمارية في مختلف المجالات الانتاجية، وتقديم تسهيلات حقيقية للمستثمرين، الذين يقع على عاتقهم بالمقابل توفير فرص عمل ما سيخفف عن كاهل الدولة جيوش الموظفين غير المنتجين، وبالتالي استغلال للجهود والطاقات البشرية والمادية، والشروع بالقضاء على البطالة المقنعة التي تعيشها أغلب دوائرنا الحكومية.

ان ترميم الثقة بين المواطن والقطاع الخاص سيطور هذا القطاع، الذي سيطرح للسوق المحلي كم هائل من المنتجات الغذائية والاستهلاكية ما سيحمي العملة الصعبة حيث سيدورها الى الداخل بدل استنزافها في الاستيراد.

ربما لن تكون الخطوة بالسهولة في محل، ولكنها ليست مستحيلة، اذا تظافرت الجهود الجادة لنقلنا من اقتصاد استهلاكي عاجز، متكئ على ثروة نفطية وتحت رحمة تقلبات اسواقها ومضاربيها، الى اقتصاد قوي منتج ومنظم يعتمد على مقومات صلبة تؤمن نموه الثابت وعدم تأثره بتقلبات السوق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فادي كمال يوسف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/17



كتابة تعليق لموضوع : قانون العمل، خطوة نحو الاصلاح بعيدا عن الترقيع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net