صفحة الكاتب : ادريس هاني

ديكتاتورية الأنثى
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 أكثر النسائيون من الحديث عن الحقوق المهدورة للمرأة..يحدث هذا في أوربا وأمريكا وبشكل كبير عندنا..مناسبة هذا الحديث هو ما تناهى إلى سمعي من كلام إنشائي لبرلمانيات نسائيات يعقدن ملتقى لهن خلال اليومين الجاريين..والثاني سقوط كلينتون في الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة الأمريكية..أي أنّ انتمائها لحزب ديمقراطي وكونها امرأة لم يشفعا لها بالنجاح..كنا نتمنّى أن نشهد امرأة حاكمة للولايات المتحدة الأمريكية..لكن لا ندري: هل المانع الذكورة أم شيء ما لا نعلمه؟ هل الأمر يتطلب ديكتاتورية الأنثى بحيث يجب حدوث انقلاب يضع المرأة في سدة الحكم أم ماذا؟ أتساءل إن كان هذا سيرضي المرأة أن تكون حاكمة من دون انتخابات..ففي مجتمع يفوق فيه عدد النساء عدد الرجال، ما الذي يمنع من إيصال امرأة من جنسهن إلى سدة الحكم في دولة الحرية والحقوق المخملية؟..تقول نسائية: لما تركوا المرأة غاب التسامح..لما استبعدوا المرأة ساد العنف..وهكذا..إنّني أرى في كل هذا الكلام ما يسيئ للمرأة ويمنع من أن تدرك ماهيتها الإنسانية خارج هذا الضوضاء..أين يا ترى ديكتاتورية المرأة وعنفها ونصيبها من كل أشكال الرعونة التي لها علاقة بالإنسان..الإنسان الرهيب؟ هل الديكتاتورية ذكورية أم أنثى؟ لعلها في كثير من اللغات هي مفردة مؤنثة..في العربية إذا استبدلناها بالاستبداد فتصبح مذكّر ، لكن اللغة تخدعنا..فعلى الرغم من أنّ آلاف السنين من هضم حقوق المرأة ، لا زال القلق عارما على الذكورة ولا زال رأي المرأة هو الذي يفرض نفسه بأساليب لا تتقنها غير المرأة..في تفكيك وضعية الجنوسة ألاحظ أنّ الرجل حينما يفكّر بطريقة الأنثى يصبح قويّا جدّا وصاحب مزاج رفيع..إن الذكورة إذا ما انسدت في وجهها الأبواب تفكّر في الانتحار..وها هي الأنوثة صامدة مقاومة تتفنّن في السخرية من ضعف الذكورة التي لم تتقوّم إلاّ بترسانة من الأنظمة والقوانين التي تجعل التباري بين الذكورة والأنوثة لا يمكن أن ينطلق من ذات الشروط..فلو مكنت المرأة من تلك الشروط لكانت الذكورة اندثرت منذ قرون..وكما هو الحال اليوم ، فإنّ أي حق من حقوق الذكورة التقليدي يسقط تسقط معه أجزاء من الذكورة..إنّ الأنثى أقوى من الرجل..الرجل ظاهرة عضلية وصوتية لا يستطيع أن يستمر من دون شروط تضمن سير ذكورته بسلام..ومع ذلك تستطيع الأنثى أن تحافظ على طراوتها وتستمتع أحيانا بسلطة الرجل الخادعة، التي هي شرط لحماية ضعفه من أنثى احتلت العالم بألف ليلة وليلة من المخاتلة التي هي ملح هذا العالم..أعتقد أنّ الرأسمالية المتوحّشة تواطأت مع الأنثى لتصنع كل الشروط التي من شأنها تدمير عالم الذكورة..تذكّروا أنّ تاريخ اضطهاد الرجل هو ذاته تاريخ الرأسمالية المتوحّشة..تدفق المرأة على سوق الشّغل لتحتلّ مواقع العبيد في المزارع..تمّ الضغط على الذكور بجيش احتياطي من النساء وكادوا يفعلون بالأطفال الأمر نفسه لولا انبعاث عهد القوانين..المقاربة الحقوقية من شأنها أن تضعنا أمام انتهاكات يومية تتعلق بالمرأة وأكثر منها حاصل بين الرجال..غير أن المقاربة السوسيو ـ تاريخية تضعنا أمام انحراف كبير في تقويم الجنوسة ومبالغات كان من شأنها أن تربك عالم الطبائع والأنواع..وهكذا بتنا أمام نموذج لأنثى حوّلوها إلى ظاهرة صوتية تمارس النسيان في حقيقتها كأقوى الكائنات.. حالة العصاب بل حالة بارانويا الأنوثة التي تتدفّق أنماط ذهانها ككل أنماط الرأسمالية المتوحّشة لتجتاح العالم وتربك الأذواق..تريد أن تكون كما هي بينما دائما كانت كما هي..لعلها اليوم تمثلت صور ذكورة مفقودة ، فكانت ليس كما تريد بل كما أريد لها أن تكون..ومع ذلك يستمرّ الإنشاء والانتهاك المفرط والمستدام للأنثى كقيمة وجودية أهدرتها الرأسمالية المتوحّشة وآثارها على نقائضها أيضا..ففي انتظار عصر انقلاب الأنثى ضدّ هذا المنعطف الذي أفرغها من محتوها، نتطلّع إلى فريضة تأنيث الأنثى خارج تزييف الشكل مع انتهاك المضمون..الإنصات للطبيعة والعقل العميق والوجدان كفيل بأن يعيد الرشد لهذا الهوس الجنوسي الذي أوشك على خراب العمران البشري.. إنّ الحقوق والقوانين وحدها لم تنه جريمة البشر ضدّ بعضهم البعض..القوانين من شأنها أن تنعكس على الطبائع وتحدث أثرا بالغا على الجنوسة..فالأنثى وجدت قبل القوانين واستمرت كذلك..إن ميلاد الأنثى قديم..وأنّ ثمة ما هو أهم من القوانين: الوجدان..أمّا الظّلم فهو لا يحتاج إلاّ إلى العدالة..والشعور بالعدالة يحتاج إلى ثقافة الإنصاف..وهذه هي التي تتأسس عليها القوانين وليس العكس..العدالة هي التي تلهم القوانين وليس العكس..إنّ الخطاب النسائي المسرف يعزز الرغبة في انتحار الذكورة، وهي قيمة في هذا الوجود كالأنثى بها يتأثث صرح الوجود البشري..انظروا كيف سعت الرأسمالية المتوحّشة لإذكاء حرب أهلية بين الجنس البشري ونفسه..فالرأسمالية المتوحّشة تصنع نقائض تترى في عالم الأنواع..فهي تبلغ بالرغبة إلى المنحدرات ولكنها ترسم حدودا وهمية لتبقي الكائن في حالة قلق مستدام..إن الأنثى المغرر بها في نمط مسرف في تغيير أفق العلاقات المعقولة بين طرفي الجنس البشري، سيقودها الحقد التاريخي والاجتماعي والنفسي للانتحار أيضا..ذلك لأنّ الذكورة هي نفسها كانت سلاحا تترست به الأنثى لتعزيز بقائها التاريخي..إنها محاولة ضدّ كل أشكال المبالغات التي تستنزف الفكر والسياسات، لا سيما في عالمنا العربي..في ذهني سؤال: ما موقع الدواعش من المرأة؟ قلت إن داعش لا هي ذكر ولا هي أنثى..ولكن لفت انتباهي أنّهم يهربون متنكرين في زيّ الأنثى، وكأن داعش في هذا الهروب وحتى في لحظات جهاد النكاح، وجدوا في الأنثى مخرجا للتمكين والاستقواء....
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/11



كتابة تعليق لموضوع : ديكتاتورية الأنثى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net