صفحة الكاتب : مصطفى منيغ

"الدريوش" والحاضر المتوحش
مصطفى منيغ

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

نَسوا الأصل، فكان جزاؤهم الفصل، ضيَّعوا احترام أنفسهم لأنفسهم إلى أن حصل لذكراهم ما حصل، الحذف فالمسح فالاستئصال ، وتغييب كل ما بهم اتصل ، حتى غدوا أجسادا قائمة تتحرك نادمة ترنوا لعمارات وأراضي عارية وحسابات في المصارف العالمية وأمعاؤهم لا تستطيع امتصاص حتى سوائل البصل ، إذ أعياها ما تسرَّب بينها من عَصير حرام ضيَّقَ شُعيرات مجاديفها (مزاجا) وأحرق تكيُّفها مع المقذوف إليها في رحلة التحلُّل والاندثار ليستوطنها الألم كتوطئة العذاب في الدنيا قبل الآخرة المنتهي في أوحش قبر بتمزيق أدق الأوصال ، وبئس البادئ بالاستحواذ على أرزاق الأبرياء النكساء والتسلط بالجور والاستعلاء العقيم والغرور و له الويل حيث وصل . 

مدينة / قرية "الدريوش" أخر معاقل بعض مهربي الأمس الذين باعوا مكاسب أجيال من المناضلين الأحرار أحفاد أنصار الدفاع عن الحق والشرف والعرض وتاريخ الريف المجيد لمن جاء مستغلا وظيفته في مرحلة معينة ليستغل بلا ضمير، ما رآه في جيبيه يستقر، في الجوهر للكل يحتقر، وفي السطح يُكَثِّرُ من تزيين المظاهر، وإذا غضب الشعب (في نظره) فلينفجر، لتُسوَّى عظام نُخَبِه المحاربة الفساد بالمُعبدة وبالعصا ما تبقى من اللحم عالقا بها يطير. 

... طبعا ما تخيل أحد أن للتاريخ المحلي كلمته البينة الواضحة الفصيحة في موضوع تشريح الرمانة ومعالجة حباتها بما يستحق الظرف المواتي للمكاشفة عسى يطمئن من لم يشبع بعد، أن الرجوع للأصل من فضائله دفع الفساد لنفس المكان، القادم منه متعطشا للمزيد من الفساد، ليتجمع ومريده هناك ، بعيدا عن هذه المنطقة التي كانت وستصبح طاهرة نقية عاملة بعَرَقِها، مُنَظَّمَة بالقانون ، دون خوف من الخارجين عن طاعة نفس الدولة ، حينما يرددون ذلك داخل السليبة " مليلية " ، يتذوقون بنشوة عُظْمَى ما تنفُثُهُ المطابخ الاسبانية من ألأطعمة المَطْهُوَّة بتوابل المخابرات الايبيرية، في غفلة (ظنوا) عن محبي وطنهم المغرب ، معتقدين أنهم الأذكياء والباقي غباء في غباء .

من هي مدينة الدريوش المغربية أولا ؟.

حطَّها القدر جنوب غرب "الناظور" في ريف شمال المغرب حيث سكن التاريخ المُفتَخَر، كما لهؤلاء العارفين كل بالحفظ والوراثة الطيبة الشريفة له ذَكَر. اعدَّ أصحاب مصلحة الإحصاء الرسمية سكانها فقط بما يزيد قليلا عن العشرة ألاف نسمة سنة 2004، تحتضنها قرى "عين الزهرة" جنوبا و"العروي" شرقا و"ميضار" غربا ما يعني الشجرة وأفنانها المحمَّلة كانت بأجود الثمار، قبل إصابتها بعلة الانكماش والانزواء والإقصاء وأتعس تخطيط يحدد شكلاً من الحصار. لتصارع وحدها بما تبقى فيها من أحرار، عقلاء الوفاء نشطاء في تعريف الانتماء نبغاء في تبسيط غضب أولياء أكرم وأنبل الأسر، عاكسين موقف مَنْ سُمِّيَت المدينة على اسمه " الدريوش" ذاك السيد قومه الذي عاش حيث استقر، بعياله تحت خيمة بعيدة عمن التفوا حوله طوال الرحلة المحفوفة بأعتى مخاطر الخطر، قادها بحدس القائد المسؤول على قوافل تضم العديد من البشر، الفارين من ضيق العيش في بعض الأماكن التي ازدرد اخضرارها الأصفر  ، باحثين عن ارض لها شروط البقاء على الحياة اعتمادا على خصوبة تربتها ووفرة مياهها الجارية عبر وديان لا تعرف الجفاف تَقْبَلُ من جاء ناشدا فيها الاصطياف أو دوام الاستقرار ، مٌرَحِّبَة سهولها الفيحاء وهضابها المزينة بنجوم الأرض الغناء وفجواتها المفعمة بالسكينة المجسمة للإحساس بالود والصفاء بالحدث النضر و الفعل السليم المنظر، كما وقع لجذور قبيلتي "لمطالسة" و"العبيدة" و"إبدارسن" ، أما "بني وكيل" الشامية الأصل  الزاحفة حينما قررت الفرار، من ويلات حرب شبت بين دولة العباسيين الناشدة الخلافة انطلاقا من العراق ودولة الأمويين صاحبة هذه الميزة في سوريا فقد بلغت نفس الديار ، لتجد الرعاية ولتطمئن لأنجع قرار ، محبذة الإقامة كأول وآخر اختيار،وهكذا نرى أن الدريوش عَلَّمَ المتمدنين "التعايش" و " التمازج" و"الاختلاط " المنتج للإنسان المنتمي لنفس المساحة الجغرافية من قديم الأزمنة ، قبل إصدار من انتسب لعلم الاجتماع نظريات في الموضوع متنكرين للمرجع أو المصدر، فهل فكر المسؤولون ولو مرة منذ استقلال المغرب لحد الساعة في إنشاء خلية للبحث المعمق الأكاديمي المقاصد والأهداف تُعطى لها صفة هيأة مُخَصِّصَة ما يكفى من ميزانية لبلورة قيم وأعراف مجتمعات الدريوش بدءا من مخلفات "ولاد ياشو، وتيسلي، ولعببدة" المحفورة داخل تلك المناطق المُقارنة بكتاب تاريخ ما احتفظ به التاريخ لنفسه بفعل فاعل ، أم الاهتمام في مثل الأمر منكب على " فاس" بالتفصيل الممل أو الاختصار؟؟؟؟ (بقية المقال في العدد القادم بحول الله) .

كاتب  صحفي ومحلل سياسي مغربي

رئيس تحرير جريدة العدالة الاجتماعية

صندوق بريد 53 / صفرو / المغرب

aladala@outlook.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى منيغ
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/26



كتابة تعليق لموضوع : "الدريوش" والحاضر المتوحش
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net