صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَلنِّمْرُ..إِنْتِصارُ الدَّمِ عَلى [الشَّرْعِيَّةِ] (٤) ٣ دُوَل عُظْمى فَقَط!
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   إِنَّ الذي يشعرُ بنقصٍ ما في شخصيّتهِ، الماديّة او المعنويّة لا فرق، يسعى لسدّهِ لكمالِها من خلال التعلّم من الآخرين وبذل الجهد لاكتساب ما ينقصهُ.

   هذا اذا كان عاقلاً.

   امّا اذا كان جاهلاً فأنّ الحسدَ والحقد ونقص الشّخصيّة يدفعهُ لتدمير الآخرين كلّما احسَّ منهم تفوّقاً على وتميّزاً عن شخصيتّهِ.

   وإذا كان هذا الأمر صحيحاً على المستوى الشّخصي، الفردي، فهو صحيحٌ كذلك على مستوى الامم والشّعوب والانظمة السياسيّة.

   الا نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية.

   فلقد ظلَّ هذا النظام يشعرُ بالنّقص في الشّرعية منذ ان سيطر على نجد والحجاز سواء في دولتهِ الاولى أو الثّانية او حتى هذه الثّالثة الحاليّة.

   فهذا النظام الذي أقام سلطتهُ على الدّم والهدم يشعر بنقصِ الشّرعية دائماً ولذلك ترتعد فرائصهُ من هذا المصطلح كلّما ذكرهُ احدٌ.

   انّهُ يفتقد الى ايٍّ من مؤشرات الشّرعية التي يحدّدها الفقه السّياسي المعروف والمتداول والّتي تتلخّص بما يلي؛

   أولاً؛ نظام انتخابي حقيقي.

   ثانياً؛ الفصل بين السلطات.

   ثالثاً؛ وجود أحزاب سياسيّة متعدّدة وفاعلة. 

   رابعاً؛ تداول حقيقي على السّلطة.

   خامساً؛ حماية واحترام الحقوق والحرّيات وفي طليعتِها الحقوق السّياسيّة.

   وقبل كل هذا وذاك مفهوم المواطنة بشكلٍ حقيقي وواقعي، وهو الامر الذي لا وجودَ لهُ في الجزيرة العربية في ظل نظام القبيلة بالمطلق.

   ولأنَّهُ نظامٌ جاهليٌّ متخلّف قبلي وراثي، لذلك لم يسع طوال حياتهِ للبحث عن الشّرعية السياسيّة او تعلّمها من الآخرين لإكمال هذا النّقص، وبدلاً من ذلك ظلَّ يترصّد لكلّ محاولة تغيير او تغييرٍ حقيقي تشهدهُ المنطقة، لتدميرها او على الأقل عرقلتها وتحويلها الى تجربة فاشلة من أجل ان لا تتحوّل الى نموذج يُحتذى على حدوده وبالتالي تبدأ تؤرّقهُ وتكشف عن حقيقة افتقارهِ للشّرعيّة.

   كانت أولى محاولاتهِ من هذا النّوع عندما انتصرت الثّورة الاسلامية في ايران عام ١٩٧٩.

   فبعدَ ان كانت ايران شرطي المنطقة الذي تخضع له قامات الآل في المنطقة والتي كانت طهران تتعامل معهم بمذّلةٍ ومهانةٍ منقطعة النّظير، اذا بنظام القبيلة يكتشف ان ايران مجوسيّة!.

   لم ينتظر (آل سَعود) لتستقرّ الدّولة الجديدة وتبني مؤسّساتها، حتى انطلقت الرياض تحرّض عليها القريب والبعيد في حركةٍ سياسيَّةٍ ودبلوماسيَّةٍ واعلاميَّةٍ شملت مختلف دول العالم لتتوّجها بتحريض نظام الطّاغية الذليل صدّام حسين ليشنّ الحرب المسلّحة عليها، بعد ان ظمِنَ لهُ نظام القبيلة تقديم ما يحتاج من مالٍ وغطاءٍ دوليٍّ، فيما رأى الطّاغية من جانبهِ انّها الفرصة التّاريخيّة السانحة ليكون فيها شرطي الخليج بدلاً عن ايران الشّاه، بعد ان يحقّق كل ما تتمنّاه نُظم القبيلة في المنطقة وعلى رأسها نظام (آل سعود) الذي دفع لوحدة (٢٠٠) مليار دولار للطّاغية ليستمرَّ في تدمير البلدين الجارين ايران والعراق في حربٍ ضروسٍ دامت (٨) سنوات.

  وعندما انتفضَ العراقيّون ضد النظام البوليسي في عام ١٩٩١ إِثْر هزيمة الطّاغية في حرب تحرير دولة الكويت، ارتعدت فرائصَ نظام القبيلة المسكون بالطّائفية وشبح فقدان الشّرعية، فكان ان تحرّك مرَّةً أُخرى لوأد التّجربة الجديدة التي كان يمكن لها ان تقيم نظاماً سياسيّاً جديداً يستمدّ شرعيّتهُ من الشّعب.

   ثمّ سقط الصّنم في بغداد عام ٢٠٠٣ ليقف العراق مرَّةً اخرى امام محاولة جديدة لأقامة نظام سياسي يعتمد أدوات الديمقراطية وارادة الناخب.

   فكان شبح الشّرعية المسكون في نظام القبيلة الفاسد يستعدّ مرّة أُخرى لتدمير المحاولة بكلّ الوسائل، فصدرت فتاوى فقهاء البلاط لتحرّض (المجاهدين) على الذّهاب الى العراق لحجز مقعدٍ في الجنّة على مأدبة غداءٍ او عشاءٍ مع رسول الله (ص) مقابل تفجير سيّارة مفخّخة او حزاماً ناسفاً وسط جموع الأبرياء في المساجد والحسينيّات والأماكن المزدحمة والمدارس ومراكز التطوّع والأسواق العامة وغير ذلك، فسالت الدّماءُ أنهاراً.

   غطّت هذه الجرائم أموال البترودولار التي انصبّت على الارهابيّين كالميزاب دون توقّف، مدعوماً بالاعلام الطّائفي الذي غطّى السّماء والأرض يحرّض على القتل والتدمير صانعاً من القتَلة والذّبّاحين والانتحاريّين أبطالاً ورموزاً جديدة للأمّة!.

    وعندما انطلق الربيع العربي وانتفضت عدد من شعوب البلاد العربية لتغيير نُظُمها السّياسية بحراكٍ سلميٍّ شعبيٍّ لا يحمل سلاحاً، رأى نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية بهذا الحراك خطراً جديداً عليه اذا ما نجحت التّجربة وتمّ التّغيير السّياسي في البلدان المحيطة التي شهدت مثل هذا الحراك، فكان قرارهُ تحويل الحراك السّلمي الى حراكٍ دمويٍّ يسبح في بحرٍ من الدّم له اوّل وليس له آخِر.

   فبدأ بسوريا التي شهِدت في البداية حراكاً شعبيّاً سلميّاً بمطالب محدّدة استجاب لها النّظام في إطار مشروعٍ اصلاحيٍّ شامل يبدأ بالتّغيير الدّستوري وينتهي الى اجراء انتخابات رئاسيّة حرّة مروراً بالاعلان عن تشكيل الأحزاب السّياسية في إطار التعدديّة الحزبيّة لينتهي بذلك عهد الحزب الواحد.

   وكانت البحرين المحطّة الثّانية، ثمّ اليمن وليبيا ومصر وهكذا.

   كان الهدف من وراء تدخّلات نظام القبيلة ليس مساعدة الشّعوب العربية المنتفضة لتحقيق أهدافها في التّغيير السّياسي، وانّما لتدمير الحراك من خلال إِغراقهِ بالدّم.

   اذا بالحراك السّلمي في سوريا يتحوّل الى حربِ تدميرٍ بكلّ معنى الكلمة، وفي البحرين لم يكتف نظام القبيلة بالتّحريض عن بُعدٍ كما هو الحال في سوريا وانّما قرّر التّدخّل العسكري المباشر فدفع بقوّاته العسكريّة لاحتلالِ البحرين.

   امّا في اليمن فالنّتيجة نفسها وان كان المفهوم بالمقلوب كالذي هو الحال في سوريا، ففي اليمن لازال نظام القبيلة يُمارس التّدمير لكلّ شيء وبكلّ انواع الأسلحة الفتّاكة بذريعة العمل على إعادة رئيس الشّرعية الى سدّة الحكم، امّا في سوريا فلازال نظام القبيلة يمدّ الارهابيّين بكلّ الوسائل لمواصلة تدمير البلاد والذريعة هي إسقاط الشّرعية!.

   خُلاصة القول؛ انّ نظام القبيلة لم يسعَ ابداً للتّعايش مع الواقع الجديد ليتعلّم كيف يكسب الشّرعية ويطوّر واقعهُ السّياسي، وبدلاً من ذلك بذلَ كلّ ما يملك من بترودولار وإِعلام وعلاقات دوليّة وغير ذلك لتدمير ايّة تجربة جديدة لأيِّ شعبٍ من شعوب المنطقة قد تُنتج نظاماً سياسيّاً جديداً يكتسب شرعيّتهُ من الشّعب على أنقاض النّظام السّياسي العربي الفاسد، على قاعدة [إِكشف عورات الآخرين حتّى لا ينتبهَ أَحدٌ لعورتِكَ!].

   ولولا هبوط أسعار البترول وقرب نهاية دور البترودولار في السّياسة الدّولية، الامر الذي يجرّ الى نهاية دور نظام القبيلة الذي استمرّ كلّ هذه العُقود المديدة بسبب البترودولار فقط، لاستمرّ هذا النظام في تدمير كلّ شَيْءٍ في المنطقة.

   لقد بدأ انحسار وجودهُ في المنطقة والعالم بشكلٍ مُتسارع، ولعل في فشلهِ المدوّي في الضّغط على حلفائهِ ليحذوا حذوهُ في قطعِ علاقاتهم مع طهران بعد الأزمة الاخيرة، دليلٌ واضحٌ جداً على بداية نهاية دور البترودولار في العلاقات والتّحالفات والتأثير السّياسي، اذ لم تنجح الرّياض هذه المرّة الا في كسبِ ثلاثِ دولٍ (عُظمى) فقط لجانبِها وهي كُلاً من (البحرين والسّودان وجيبوتي)!!!.

   يتبع 

   ١٥ كانون الثّاني ٢٠١٦ 

                       للتواصل؛

E-mail: nhaidar@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/16



كتابة تعليق لموضوع : أَلنِّمْرُ..إِنْتِصارُ الدَّمِ عَلى [الشَّرْعِيَّةِ] (٤) ٣ دُوَل عُظْمى فَقَط!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net