صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

حرب السنوات الثمان.
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قدم صدام حسين ألوية من المحاربين الحانقين عليه الى جارة العراق اللدود إيران في حرب البلدين الكبرى ليكونوا من جنودها بعد أن إتهمهم بالتبعية ولان الأخيرة منحت الغالب منهم الجنسية او بطاقات تسمح لهم بالعيش والعمل والحياة في إيران ثم اتاحت الفرصة لهم ليكونوا من ضمن المتطوعين للقتال ضد من سلبهم المال والعيال والبيوت والثروات والتاريخ ودفعهم الى خارج الحدود مبعدين مهانين..هذه كانت المرة الاولى.
المرة الثانية حين تحول أغلب هؤلاء الى الداخل العراقي ليكونوا مسؤولين كبارا أو مواطنين لهم حق المطالبة بما صودر من أملاكهم في حين شكلت هيأة وطنية لحل نزاعات الملكية وهي مكلفة بإعادة الممتلكات المصادرة من قبل نظام الحكم في مطلع ثمانينيات القرن الفائت الذي شهد أكبر حملات التهجير في التاريخ.
كان طريفا ولافتا إن السفير الايراني في العراق والذي يعمل الآن في بغداد مثار أحاديث تشير الى إنه كان من بين من هجرهم نظام الحكم العراقي وهاهو يعود ثانية.
في إيران إنخرط سياسيون فارون من ملاحقة حكم البعث بنشاط سياسي معارض ومنهم من نقل تنظيمه السياسي الى الساحة الايرانية في صفوف حزب الدعوة الاسلامية الذي كان قادته والمنتمون إليه يحاكمون في العراق ويعدمون .وفي إيران تشكلت قوى جديدة ومنها ما خرج من رحم الدعوة كالمجلس الاعلى الاسلامي الذي كان فاعلا في حركة التغيير وقاد مع الدعوة وتكتلات اخرى حربا سرية منظمة ضد مؤسسات النظام الحاكم في العراق إستمرت حتى التاسع من نيسان 2003 وهو عام إنهيار نظام الحكم في بغداد ولتنتقل احزاب المعارضة الى السلطة.
والحق ان العمل في ايران لم يكن مقتصرا على التواصل داخل حدود ذلك البلد فقد تشكلت سرايا من العسكر المدربين على تنفيذ عمليات قتالية  عاضدها تواصل خارجي مع قوى معارضة اخرى تمتد نشاطاتها اللى بلدان وسط وشمال اوربا والولايات المتحدة وكندا ونيوزلندا واستراليا كالحزب الشيوعي والاحزاب القومية والعلمانية التي كان يجمعها هم واحد هو العمل الحثيث على مواجهة نظام الحكم في بغداد.
لم يكن العمل في ايران بعيدا عن صعوبات فبالاضافة الى صعوبة التأقلم مع الواقع الجديد كانت الخلافات في الرؤى والتوجهات حاضرة وربما ادت في مرحلة لاحقة الى الإعلان عن تأسيس تكتلات سياسية جديدة عدا عن التي إنقسمت فيما بينها نتيجة خلافات او تقاطعات لكنها جميعا كانت تعمل على هدف التغيير.
البعض يتحدث عن مشاركة العراقيين من المعارضين في الحرب ضد العراق! لكن ذلك السؤال تسهل الاجابة عليه..فالثقافة التي سادت في ايران كانت لاتعتمد الحدود وبإمكان الجميع العمل تحت عنوان ( الاسلام الثوري) .ثم ان التهمة التي ألصقت بالعراقيين المهجرين انهم إيرانيون في أصولهم وبالتالي يكون من السهل منحهم الجنسية الايرانية أو تبرير أي إجراء يتخذ لدمجهم والسماح لهم بالمشاركة في الحرب.
القوى التي إتخذت من إيران مكانا تلتئم فيه للعمل ضد نظام صدام حسين كانت تحكمها توجهات دينية خالصة لم يؤثر فيها الخلاف الذي كان يسود العلاقة بين حوزة النجف وحوزة قم فيما يتعلق بولاية الفقيه بإعتبار أن الغاية واحدة والهدف واحد لدى المعارضين الاسلاميين ونظام الحكم السائد في الجمهورية الاسلامية.
هذه عوامل هيأت الظروف لعدم إتخاذ موقف معارض من الحرب بل ألقى الجميع باللائمة على نظام الحكم في بغداد إنه المسبب لحزمة المشاكل التي عصفت بالعراق والمنطقة وصار هدف مواجهته هما جامعا وحافزا على تقبل إجراءات وسلوكيات كانت سترفض في ظروف مغايرة.
الحكم على طبيعة العلاقة بين قوى المعارضة الاسلامية وايران من جهة والعلاقة بين تلك القوى نفسها ودورها من جهة اخرى يمكن ان يترك للتاريخ إذ لامسوغ في هذه المرحلة المبكرة من عمر التغيير بذل الجهد لسبر أغوار قد لايجدي سبرها إلا بعد مضي عقود من الزمن لانجد حينها للانحياز مكانا في نفوس وعقول الباحثين والدارسين ليعطوا للحقيقة التاريخية حضورها ومنع من يسعى لتشويهها أو حرفها.
ولحين ذلك اليوم علينا ان نعيش المرحلة الحالية التي لايمكن فصلها عن مرحلة الحرب الشرسة بين الجارين اللدودين وقد تكون آثارها بادية في سلوك الكثيرين ممن عانوا او خسروا او شعروا بالظلم لعل خبايا تظهر فتغنينا عن التحير في أمر الماضي القريب.
hadeejalu@yahoo.com
 


     


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/09/29



كتابة تعليق لموضوع : حرب السنوات الثمان.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net