صفحة الكاتب : فلاح المشعل

عراق ماقبل الدولة ....!
فلاح المشعل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يعيش العراق الآن في عموم شؤونه وتقاليده وصراعاته الداخلية ، مرحلة ماقبل الدولة، حيث تتحكم التقاليد العشائرية وتعلو شؤون القبيلة وسننها وفروضها بينما تنخفض اعراف الحياة المدنية والحضارية ، المسنودة بتاريخ من تطور الوعي الإجتماعي وفقه القانون المدني وتشريعاته . 
تراجع دور القانون وإنحنائه لفروض الأحزاب السياسية الحاكمة وضعف إرادة جهازالحكومة الأمني وفساده وهزال عناصره ،أعطى القوة للقبيلة والمرجعيات التي كانت تستظل بهاتين القوتين المسؤولة عن حفظ الأمن والحقوق للمواطنين جميعا ً، كما اطلق العنان للعصابات المسلحة في تمثيل صريح للميليشيات المسلحة التي تملكها أحزاب السلطة .
نحن الآن أزاء مجتمع منقسم تتحكم فيه قوة السلاح وقوة العشيرة ثم الأحزاب ثم المرجعيات الدينية، واقتراب كل منهم الى مركز السلطة التي حولت كل مجهوداتها للتنافس على المال والنفوذ والامتيازات، في ترجمة وافية لمنطق الغاب،اذ يهيمن القوي على الضعيف ويصادر حقوقه وحرياته بل حتى حياته، دون رادع أو مخافة من عقاب أو حساب لسلطة وقوانين الدولة .
سقطت الدولة العراقية على نحو تدريجي خلال ثلاثة عشر سنة من حكم المحاصصة السياسية واحزابها السياسية الطائفية والعرقية ، بينما بقية شعارات الديمقراطية والحرية وإدانة الدكتاتورية والنظام السابق، شعارات تطلق بموازات الشعار الطائفي والدعوة للإنفصال ، وسلوكيات تهدف الى تحطيم كل مرتكزات الدولة والمجتمع في ظل توليتاريات دينية فاشية واحزاب تتلفع بالمذاهب الطائفية وتستحضر كل أنواع الخرافات والتخلف والإستهانة بالانسان والعقل .
واقع الحال في العراق يأتي ، كما يرى البعض، ضمن المخطط الأمريكي بعد غزو الكويت ، والوعد الذي حمله ( جيمس بيكر) وزير الخارجية الأمريكي لطارق عزيز في عام 1991، حين ابلغه بأن امريكا ستعيد العراق الى عصر ماقبل الدولة ، اذا لم ينسحب الجيش العراقي من الكويت، لكن غياب الحكمة والبصيرة السياسية جعل العراق يتنقل على رصيف الخسائر والعودة الى ماقبل الدولة .
السبب الاخر ان الأحزاب والقوى السياسية التي حملها الإحتلال الأمريكي للحكم في العراق، بعد سنين من التشرد وحياة اللجوء والإذلال ، هذه الأحزاب لم ترتق للمستوى الأخلاقي والوطني الذي يمكن ان يناظر التجربة السياسية في المانيا واليابان عقب احتلاليهما من قبل امريكا نهاية الحرب العالمية الثانية ...!
من يسأل عن معالجة هذه الإشكالية العظيمة وإنقاذ الوطن والمواطن، نقول باختصار ؛ ان المشكلة بنيوية عميقة في تكوين النظام والدستور وتوزيع ادوار الحكم والسلطة، ولابد من اعادة النظر والتغيير في كل قواعد الدولة وقوانينها وطبيعة حكومتها،ووضع تحريمات صارمة لحماية حقوق الوطن والمواطن ، وتنظيم شؤون البلاد وفق برامج تسريع اعادة العراق – الوطن الى مصاف الدولة الحديثة .
* المقال مجتزأ من دراسة تبحث في " عراق ماقبل الدولة .."
Falah.almashal@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح المشعل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/14



كتابة تعليق لموضوع : عراق ماقبل الدولة ....!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net