صفحة الكاتب : صبيح الناصري

اضخم حكومة في العالم
صبيح الناصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا توجد حكومة في العالم يصل عدد الوزراء فيها الى اكثر من 43 وزارة مثلما هو موجود في العراق الذي فاق فيه عدد الوزارات مثيلتها في الصين التي يبلغ عدد السكان فيها الى اكثر من مليار وربع المليار نسمة ومع ذالك فان عدد الوزارات فيها ياخذ بنظر الاعتبار حاجة السكان والبلاد بعيدا عن باقي الاعتبارات الاخرى . منذ الازمة السياسية الاخيرة التي شهدتها البلاد والتي جعلتها تحطم الرقم القياسي العالمي في البقاء من دون حكومة قرابة الثمانية اشهر والتي ادخلت البلاد في نفق مسدود شكل عاملا ضاغطا مع مرور الوقت ,لكن المفاجيء ان تتم التشكيلة الحكومية بطريقة الترضية للكتل والاطراف السياسية المشاركة فيها على حساب الهدف الاساسي ونوعية الخدمات التي ينبغي ان تقدمها الى المواطن مماجعل الحكومة تخرج منذ اللحظة الاولى لولادتها مصابة بالتخمة والضخامة في حجم وعدد الوزارات الموجودة فيها ,فضلا عن الترهل الذي اصاب المناصب السيادية التي وصل فيها عدد نواب رئيس الجمهورية الى ثلاثة في سابقة لم تشهد لها البلاد مثيلا من قبل باستثناء تشكيل مجلس السيادة بعد ثورة الرابع عشر من تموز من العام 1958 الذي ضم ثلاثة اعضاء ممثلين للمكونات الرئيسية الثلاث في البلاد (السنة والشيعة والاكراد ) ,لكن هذه التجربة لم يكتب لها النجاح بعد الانقسامات التي شهدتها البلاد ووجود منصب رئيس الوزراء الذي كان يمتلك اغلب الصلاحيات . بالرغم من ان الدستور قد نص على ان الدورة البرلمانية الحالية ستجعل من رئيس البلاد بصلاحيات محدودة ,اضافة الى وجود نائب واحد فقط للرئيس الا ان التوافقات السياسية بين الكتل تجاوزت على نصوص الدستور وذلك عندما اختير ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية وبشكل اثار انزعاج الشارع العراقي والمرجعية الدينية التي دعت الكتل السياسية الى تقليص المناصب غير الضرورية وتخفيض انفاق الرئاسات الثلاث وان تتحمل الكتل السياسية مسؤولياتها امام المواطن العراقي الذي ضاقت امامه فرص العيش وسط ارتفاع معدلات التضخم والبطالة ,فضلا عن ان موازنة العام الحالي قد سجلت عجزا ضخما وصل الى 12 مليار دولار . اختيار اربعة نواب لرئاسة الجمهورية قبل ان يتقلص الى ثلاثة لاحقا شكل سابقة سياسية فبالرغم من ان منصب الرئيس يعد شرفيا وان منصب النائب كذلك الا ان ذلك يكلف ميزانية الدولة مبالغ طائلة من حيث عدد افراد الحماية والمصروفات الخاصة بالمنصب وغيرها والتي يستحقها نائب الرئيس في حال تولي المنصب ,اضف الى ان التوافقات زجت الى المناصب الوزارية والسيادية الاخرى بشخصيات مثيرة للجدل بعد ان تسبب ذلك في ازمة سياسية استمرت اشهرا .تقليص عدد الوزارات او تبني سياسة الترشيق الحكومي ينبغي ان يتم بلغة ومنهج بعيدا عن المكاسب السياسية والحزبية وتسجيل النقاط على حساب الاخر بحيث تكون مدخلا لازمة اخرى تستمر لاشهر طويلة قادمة مما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة ,بل يجب ان يتم بصورة منصفة وموضوعية وسط نقاش هاديء وموضوعي يكون الهدف الاساسي منه خدمة البلاد وليس الكتلة او الحزب بعيدا عن لغة التشهير والتسقيط السياسي . ترشيق الحكومة سيعني ان الحكومة ستكون اكثر فاعلية في اداء عملها بدلا من حالة التشتت التي هي عليها الان من خلال وجود وزارات ذات طابع وتخصص مشترك من الممكن دمجها في وزارة واحدة ,اضافة الى انه يمنح البرلمان فرصة ووقتا كافيا لمراجعة ملف الوزارات بدلا من الوقت الطويل الذي يستغرقه مراجعة جميع الوزارات بعددها الكبير ,اضافة الى ان هناك عددا من الوزارات قد استحدثت من اجل ارضاء بعض الشخصيات والكتل السياسية على حساب التشكيلة الوزارية الحقيقية التي يفترض بها ان يكون عدد الوزارات فيها معقولا ومقبولا . الاندفاع في المشاركة من قبل الكتل السياسية والمطالبة بحصصها من المقاعد في التشكيلة الحكومية اضاف نظرة سلبية عنها لدى رجل الشارع العراقي وتسبب في نوع من القطيعة بينها وبينه في وقت كان من المفروض بالكتل السياسية ان تفعل عملها الرقابي في البرلمان وتبادر الى تشكيل تحالفات سياسية قوية بينها تاخذ بنظر الاعتبار مصالح الشعب العراقي بدلا من الازدواجية التي تتعامل بها حاليا من خلال مشاركتها بالحكومة من جهة واتجاهها الى العمل الرقابي المسيس من قبلها مما افقدها التاثير والقوة المطلوبة . اعادة النظر بالتشكيلة الوزارية يمثل موقف الاغلبية من الشعب العراقي التي ترغب بوجود مؤسسات حكومية تخدمه وتلبي احتياجاته وليست حكومة صالونات ترضي الاحزاب والكتل السياسية .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صبيح الناصري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/01



كتابة تعليق لموضوع : اضخم حكومة في العالم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net