صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

تعرف على الأخطار الماحقة للمعاصي
حسن الهاشمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حقا أنها قضية خطيرة تحدد مصير الإنسان، فالمعاصي والموبقات تحاصر الإنسان من كل حدب وصوب وهو لا يزال يشق طريقه وسط الأشواك ليصل إلى شاطئ الأمان، ولكنه بحاجة إلى جذوة وقادة وإرادة صلبة وقلب مفعم بالإيمان، فالتعرف على مخاطر الطريق لتوقيه أجدى من الخوض فيه لترديه، وحقيقة المعاصي أنها جرس انذار لكل ذي لب يتوخى السعادة وينأى بنفسه الخوض في المهلكات. 

إن للمعاصي آثارًا عامة كبيرة على مرتكبها أو على أسرتهِ ومجتمعهِ وأمَّتهِ أو على مظاهر الحياة الأخرى كالأرض والسماء والبحرِ والدوابِّ والطير وغيرها، قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. (الروم/41).

من يرغب أن يكون آدميا عليه أولا أن يخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته، يخرج من ويلات المعاصي إلى واحات الطاعات، يخرج من شرور المظالم إلى ربوع الوصال المترعة وفيوضاتها المتألقة، علينا أن ندرك بأن طريق الحياة مليء بالمطبات والأهوال والأنفاق المهولة المظلمة، ومن أراد النجاة عليه الحذر كل الحذر من الوقوع فيها، ولكي نتجنبها لابد أن نتعرف عليها، وهي آثار وضعية عامة تتربص كل متهتك معتد أثيم يتمادى في غيه ويرتكب المعاصي والآثام دون وازع من دين أو ضمير، يمكن حصرها بالنقاط التالية: 

1- هلاك الأمم.

2- ظهور الأمراض المستعصية والأوبئة الفتّاكة.

3 ـ سلب النعم. 

4 ـ منع استجابة الدعاء.

5- الفتور واستثقال العبادة.

6ـ الفقر وقطع الرزق. 

7- تسلّط الظلمة والأشرار.

8- سلب الأمان من الأوطان.

9- نزع البركة من الأشياء. 

10ـ سلب التوفيق وارتقاء سلم الكمال.

المعصية حدث وموقف إنساني، يولد وينمو في داخل الذات الإنسانية، ثم يتجسّد ويظهر نتيجة للاختيار والفعل الذي يمارسه الإنسان، ولا يمكن لهذا الفعل أو الحدث أن يقع في عالم الإنسان، دون أن يترك بصماته وآثاره على لوحة النفس الإنسانية، فكل فعل يصدر من الإنسان ـ خيراً كان أم شرّاً ـ يترك أثره في تكوين الإنسان النفسي، وسلوكه الاعتيادي، فالذنوب والمعاصي إذا ما تراكمت وتجمعت، صنعت حاجباً ضبابياً، يحول بين النفس وبين رؤية النور وتلمّس طريق الاستقامة، فهناك علاقة طبيعية، بين تراكم المعاصي، وبين التطبّع والاعتياد على الانحراف وتشكيل شخصية إنسانية معقّدة ومريضة.

وقد تحدّث القرآن الكريم، عن هذه الوضعية الإنسانية المنحرفة، ولخّص تحليلها وأسسها النفسية، وأبعادها السلوكية، قال تعالى: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ). (البقرة، 10).

 فهذا التحليل القرآني، يمنح الإنسان رؤية علمية، ويبصِّره بأثر المعصية في النفس الإنسانية، ويحذره من المردودات السلبية، التي تنعكس على النفس، وتحوّل الشخص السوي إلى شخص مدمن على الجريمة، معتاد على المعصية.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة، فما تزال به حتى تغلب عليه، فيصير أعلاه أسفله). (الكليني، الأصول من الكافي، ج2، ص268، ط3).

شخصية الانسان عندما تتفاعل وتتعاطى مع المعاصي، فإنه وبمرور الزمن ستفرز تلك العلاقة ألفة ورابطة واستئناس يصعب وقتئذ الفصل بينهما، وهذه الألفة بين الإنسان والمعصية إنما وصل إليها المجرمون والفاسقون والطواغيت والجبابرة، الذين يعيثون في الأرض فسادا لا تنفع معهم نصيحة ناصح ولا موعظة واعظ، إذ أن المعاصي قد ضربت على قلوبهم أكنة وحجب وأطواق لا يمكن مع هذه القيود تحريرها وإرجاعها إلى سابق عهدها، بل ارتكست قلوبهم وأضحت قاسية وانتكست عقولهم فأصبحت خاوية، فهم وفي مثل هذه الحالة المزرية أبعد ما يكونون من سماع الحق فضلا عن اتباعه.

ولكي لا ينحدر الانسان المسلم إلى هذا المستوى المتدني من الفسق والفجور أمره الله تعالى أن لا يستهين بذنب، ولا يستصغر معصية، وأن يحاسب نفسه ويستغفر، كلما أذنب أو عصى؛ لتتسع المسافات والأبعاد النفسية بينه وبين المعصية، وليبقى يقظ الضمير، سليم النفس، مستقيم السلوك.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/01



كتابة تعليق لموضوع : تعرف على الأخطار الماحقة للمعاصي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net