صفحة الكاتب : علي علي

رأي في واقع الحال
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقول جبران خليل جبران: "مأساتنا أننا؛ نتزوج ولانحب، نبني ولانتعلم، نصلي ولانتقي، نعمل ولانتقن، نقول ولانصدق". قطعا ليس بالضرورة أن يكون كلام جبران هذا صحيحا مئة في المئة، فهي وجهة نظر فيها قدر من الصواب والخطأ الى حد ما، كذلك وجهة نظري فيما ذهب اليه جبران، فهي الأخرى قد لاتعدو كونها رد فعل من منظار ضيق، أفضت اليه تراكمات الأفعال والأقوال والأحداث التي تداولت ناظري وسمعي وإدراكي، وهي التي دعتني الى استذكار مقولة جبران هذه. وليس بجديد قولي أننا كعراقيين نأكل أكثر مما نتج، ونتكلم أكثر مما نفعل، بل أن فينا من يتقول حيث لايجيد القول، ومن يتمنطق وهو ناءٍ عن المنطق السوي كل النأي، والأدهى من هذا أن فينا من يدعي الحق وهو عين الباطل، وفينا المرائي المتصنع الذي ترتسم على سيماه معاني التقوى والورع، فيما يحوي باطنه من الموبقات أشنعها، ومن الأباطيل أرذلها، وفينا وفينا وفينا... 
  وحقيقة لاتخفى على أحد، أن الحال في عراقنا الجديد لم تتغير عن عراق ماقبل التغيير إلا نكوصا وترديا، إذ تفاقمت السلبيات الى أضعاف مضاعفة، وقد توهمنا أن التغيير سيأتي بالجيد والسمين، بعد أن أزيح الغث والهزيل، فإذا بالأوضاع تنزلق الى مهاوٍ خطيرة عاما بعد آخر. وكما يقول الشاعر:
                    حتامَ أخرج من ياس الى ياس
                                                 وكـم أذوق وأبقى طافح الكاس
                     لاأبلغ الذروة العليا على قدمي
                                                 حتى أنكّس للوادي على راسي
 
نعم، هذا هو ديدن العراقيين اليوم، فما خرجوا من مأزق إلا ولجوا بأضيق منه، وما انزاحت من فوقهم غمة إلا وحلت عليهم غمات ونقمات وكوارث، أما أولو أمره فهم في وادٍ غير وادي شعبهم يعمهون. وكم شرخت أسماعنا دعوات الى الشفافية والمصداقية، فإذا بالتحايل والمكر يصبح سنة متبعة عند السابقين من الساسة، توارثها اللاحقون منهم. وكم نثروا لنا ثمارا في عرض البلاد وطولها وقالوا أنها ستينع وتنعمون بما لذ وطاب، فإذا بنا نأكل الحنظل ونعبّ من أصناف مر الشراب عبّا، وطالما فرشوا لنا الورود في طريقنا الى صناديق الاقتراع، ولكن أرض الواقع انقلبت شوكا بعد تقسيم المناصب وتحاصص الفوائد والغنائم. وكم وُعدنا بغد أفضل ومستقبل مشرق زاهر زاهٍ، وهانحن نجني بئس الوعود وشر ما تأبطوه لنا. وقد خدعونا بفتات من الحرية المزعومة، بعد سني الجور والقمع والكبت، وبكم ضئيل من الديمقراطية التي حرمنا النظام السابق من العيش في كنفها، وقالوا هم أزلامه وبقايا أيتامه يضعون العصي في دواليب عجلتنا، وسرنا على مضض في عجلتهم التي منوا علينا بها، وتدحرجنا في أودية كادوا لنا فيها شر المكائد، وتصيدوا في عكر مياهنا ماخف حمله وثقل، وما غلا ثمنه وما رخص على حد سواء، ولم يبقوا لنا من الخيرات ما يحلم به المحروم دون حد الكفاف.
 أما أرضنا..! فهي الأخرى لم نسلم على مساحات شاسعة منها، فالغفلة والتهاون واللامبالاة، زامنها التواطؤ والخيانة والغدر، كانت خير سلاح سلموه بيد المتربصين بالأرض والعرض والزرع والضرع والأخضر واليابس، فأتوا عليها كلها بشهية مفتوحة ونهم مباح، وكيف لا..؟! وقد فتح لهم أرباب الحكم في البلاد الاحضان قبل الأبواب على مصاريعها، فاستحلتها العصابات قبل عام ونصف، واجتاحتها دولة قبل أيام، ومن يدري من سيخترق حدودنا بعد حين؟! بعد هذا كله، هل أنا متشائم؟! وأين دواعي التفاؤل؟ أرشدوني..!
aliali6212g@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/18



كتابة تعليق لموضوع : رأي في واقع الحال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net