صفحة الكاتب : صالح الطائي

موقفان غريبان لعرب آخر زمان
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
موقفان عربيان غريبان لعرب آخر زمان جلبا نظري لما فيهما من ضحك على الذقون، وهذا يبين درجة التخبط الذي وصلت إليها بعض الأنظمة العربية الحاكمة، ودرجة الانحطاط التي وصل إليها بعضها الآخر، وأنا هنا لن أتحدث عن لبنان الذي لا زال بدون رئيس جمهورية لأكثر من عام، ولا عن تونس المنفتحة على الثقافة الغربية بلا حدود ومع ذلك يشكل الإرهابيون القادمون منها إلى العراق وسوريا العدد الأكبر، ولا عن ليبيا التي تحولت إلى لقمة سائغة بدأت القاعدة تمضغها على مهل لتحولها إلى مرتع كبير، ولا عن مصر الآيلة للسقوط ولا عن الجزائر المرشحة للثورة ولا عن المغرب في سباتها ولا عن البحرين وجرائم حكامها ولا عن اليمن ومعاناتها ولا عن الصومال ومهزلتها ولا عن قطر ودعمها للإرهاب، ولكني سأتحدث بصراحة عن العراق والسعودية، عن موقف عراقي، وموقف سعودي.
 
الموقف العراقي: 
وأقصد به موقف الحكومة العراقية من الاجتياح التركي لأرض الموصل والمشكلة التي نشأت من جرائه، فلأول مرة في تاريخ العراق الحديث تجد الدبلوماسية لها موضعا للإسهام في حل مشكلة تعترض حاضر ومستقبل العراق؛ وهي الاجتياح التركي للأراضي العراقية دون سابق إنذار.
ولأول مرة نجد أغلبية الشارع العراقي يؤيد هذا المسعى بعد أن أوصلت العنتريات الفارغة السابقة العراق إلى حافة الفناء، بدءً من الحرب مع إيران، مرورا بغزوة الكويت، وصولا إلى أم الحواسم، وانتهاءً بالحرب الأهلية غير المعلنة. ولابد وأن يثير مثل هذا الخيار الكثير من الأسئلة المهمة والملحة، منها:
هل تملك الدبلوماسية العراقية التي يتم اختيارها عادة وفق قانون المحاصصة والتكالب على المناصب بعيدا عن المهنية والتخصصية المؤهلات التي تمكنها من لعب هذا الدور الخطير والمصيري والحاسم؟
هل ممكن للدبلوماسية العراقية أن تجيد اللعبة فتكسب الجولة وتحقق نصرا جديدا للعراق، وتحافظ على الحقوق، وتنال رضا العالم؟ أم أنها مثل منتخباتنا الرياضية حينما تخسر تعصب الأمر برأس قلة التدريب؟
وإذا لم تكن الدبلوماسية العراقية واثقة من نفسها وواثقة من النجاح، هل من حقنا أن نسمي مسعاها عنتريات فارغة ستتسبب للعراق بوجع جديد يضاف إلى أوجاعه الكثيرة؟ وما البديل عن ذلك وقد أشبعتنا حروبنا القذرة وجعا عبر التاريخ؟
وأخيرا هل ممكن للأطراف المتصارعة في العراق أن تتخذ موقفا موحدا من هذا الحراك لكي تنجحه أم أنها ستتسابق لإفشاله كما هو ديدنها؟
هذا عن الموقف الأول، أما الموقف الثاني فيخص السعودية.
 الموقف السعودي، وأقصد به موقف حكومة المملكة السعودية من الإرهاب:
فبعد التحالف الدولي الإجرامي الذي أقامته المملكة للقضاء كليا على اليمن؛ أحد أفقر البلدان العربية وتدميره؛ وهو الحلف الذي اشتركت فيه جميع الدول المشبوهة بدعم وتمويل الإرهاب والتي تعيش من خلال الدعم السعودي لها، فضلا عن مرتزقة (بلاك ووتر)، عادت اليوم لتعلن عن ميلاد حلف دولي جديد مقره الرياض باسم (التحالف الدولي الإسلامي لمكافحة الإرهاب) اشتركت فيه نفس تلك الدول التي ترضعها السعودية فضلا عن قطر شريكتها في دعم الإرهاب الدولي.
ومن الدول التي أعلن عن تأييدها أو عن رغبتها في الانضمام إليه: الأردن، الإمارات، باكستان، البحرين، بنغلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توغو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الغابون، غينيا ، فلسطين، جزر القمر، قطر، ساحل العاج، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن. وهناك أكثر من عشر دول إسلامية أخرى أبدت تأييدها لهذا التحالف وستتخذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن, ومنها اندونيسيا. أما أكبر المؤيدين والداعمين لهذا الإتحاد فهي إسرائيل، وربما يكون تنظيم داعش أحد الداعمين له.!
المدهش أن الحلف الجديد الذي ضم الدول الراعية للإرهاب مثل الأردن والإمارات والبحرين وتركيا وقطر ونيجيريا، وهي دول مشخصة بأنها تدعم الإرهاب وتمده بالقوة، استثنى أهم واكبر ثلاث دول  كانت ولا زالت اثنتان منها تتصديان للإرهاب بصدق وتقاتلانه نيابة عن العالم كله وهما العراق الأبي وسوريا البطلة، وكانت الثالثة تدعم دول الصمود والتصدي بلا حدود وهي إيران. وفي هذا تأكيد على أن هذا الحلف قد أنشئ لدعم الإرهاب لا لمحاربته أو لكي يكون البديل لداعش التي أنتفيت الحاجة إليها بعد أن أدت دورها.
أما منظمة التعاون الإسلامي الطائفية التي رعت وباركت التكتل الرجعي الجديد فهي المنظر والمشرعن للعمليات الإرهابية، وهي أول من يجب أن يخضع لقانون الإرهاب الدولي. وهي بعملها هذا حققت إرادة أمريكا بتشكيل قوة سنية توكل لها مهمات تقليم أظافر بلدان الممانعة ولاسيما بعد الانتصارات الباهرة التي حققتها القوات العراقية والسورية على الدواعش. وهذا ما يؤكد أن هذا الحلف المشبوه سيكون البديل الطائفي عن داعش لا أكثر، لكنه يكشف في ذات الوقت عن لعبة خطيرة جدا تلعبها المملكة ستكون هي أول ضحاياها.!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/16



كتابة تعليق لموضوع : موقفان غريبان لعرب آخر زمان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net