صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

التغيير والتغبير!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


التغيير ليس سرابا أو حُلما من أحلام اليقظة , وإنما ديناميكية سلوكية تتحقق في النفس أولا , وتتجسد بالسلوك المترجم للإرادة الفاعلة في أعماق البشر.
فالتغيير الذاتي يحقق التغيير الموضوعي , وما في البشر ينعكس في محيطه , فالواقع مرآة آهليه , ومسلة أفكارهم وتطلعاتهم , ولا يمكن فصل الذات عن الموضوع , أو الفكرة عن الواقع.
ومَن يريد التغيير الحقيقي عليه أن يغير نفسه أولا , ومن يريد التغبير فأنه يُخادع نفسه ويَسخر من ذاته , ولا يقدم شيئا جديدا , وإنما مُزيفا ومتصلا بما فيه وما ينتمي إليه ويتحقق بربوع أعماقه , والذي يمضي على نهج يجني منه حوافز ومُعززات , لا يمكنه أن يغادره إلى نهج آخر يزدحم بالمضادات والمحبطات والتحديات.
والذين يتأملون خيرا من إناء لم يتغير ما فيه , يعيشون في وهم ويُخادعون أنفسهم , وينكرون بديهيات ومُسلّمات سلوكية متعارف عليها , وتتحكم بما يفعله البشر.
ومن الصعب أن تجد بشرا يتمكن من الإنتصار على نفسه , والتعبير عن مفاهيم تتعارض مع ما نشأ عليه وتربي في ظلاله , ووصل إلى ما وصل إليه بسببه , ولم ينجز ذلك إلا ذوي العزم والإرادات الإصلاحية الخالدة المنيرة في التأريخ.
ولهذا فأن العجب والإستغراب يحيط الذين يتحدثون عن فشل فلان وفلان , وعجزه عن القيام بما يجب أن يقوم به , وأن يقاتل الفساد الذي أوجده والحزب الذي أهّله , والأفكار التي تورط فيها معظم حياته , وآمن بها بإنفعالية مطلقة ووهمية فائقة لا تقبل المواجهة والزعزعة.
ومن حقائق الفئات والأحزاب أنها تلد رموزها ذات الأوهام العقائدية الراسخة , التي لا يمكنها أن تقبل التعارض والتحاجج أو الخضوع للدليل والبرهان , وإنما تكون ذات مؤهلات عاطفية عالية الدرجة والغليان , تحرق مَن يقترب إليها أو يأتيها ببيان ومُسّلمة ذات عَيان.
ومَن يحسب أنه يمتلك الحقيقة وحسب , وغيره مرجوم بالضلال والبهتان , لا يمكنه أن يفعل إلا ما يعبر عمّا يحتويه من رؤى الأنانية والقوة والقدرة على التحكم بمصير الآخرين , الذين وفقا لتصوراته يستهدفون عرشه وكرسيه وما يمت بصلة إليه.
ولهذا فأن التغيير الذي يتردد في آفاق الصفحات ووسائل الإعلام , يبدو وكأنه الهذيان , أو حث للتراب في العيون , والمساهمة في زيادة الإغبار وإشاعة الآمال الكاذبة , والتفاعلات الغائبة عن الواقع المعاش , ووسيلة لتخدير الناس , وحقنهم بأفيون الإمتهان اللذيذ.
فما هي مرتكزات التغيير , وما هي المنطلقات العلمية والعملية اللازمة لإنجازه , وماذا نريد أن نغير وكيف نغيير , وبأي الوسائل , وماذا نريد أن نحقق من التغيير وما هي مستوياته , وعوامله وعناصره ومفرداته , ومَن الذي يقوم به , وكيف نبدأ التغيير؟؟؟
تساؤلات توجب البحث للوصول إلى أجوبتها , قبل التوهم بأن التغيير مجرد كلمات وتظاهرات وتصريحات وتنقلات ومخادعات , وآليات ترسيخ لما هو قائم بأساليب أخرى تؤدي لذات النتيجة!!
فهل هذا تغيير أم تغبير؟!!
د-صادق السامرائي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/04



كتابة تعليق لموضوع : التغيير والتغبير!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net