مدرسة الامام السيستاني ( 1 )

ان السید السيستاني ومدى أثره يعد لغزا بحد ذاته لاسيما بالنسبة للذين ينظرون إلى نهج سماحته بالمعايير والمقاييس التي تحكم شخصية وسلوكيات الساسة الشهيرين. وكيف أن انسانا ورعا وتقيا، اختار الزهد والورع ويتحاشى مظاهر البهرجة ولفت الأنظار، ولا يخرج لسنوات من بيته المتواضع، ولا يتحدث إلى الإعلام، وقلما تنشر له صورة أو فيلم، أصبح في الوقت ذاته، أكثر الشخصيات أثرا في عراق اليوم ومرجعا كبيرا للشيعة، ويتمتع برموز جميلة، إذ نسعى في هذا المقال لتبيانها ولو باختصار.
- اللقاء بالسيد السيستاني :
وقبل عشر سنوات، وفي اعقاب سقوط صدام، سنحت لي فرصة بمساعدة حجة الاسلام والمسلمين الشهرستاني لزيارة العتبات المقدسة في العراق ولقاء سماحة اية الله العظمى السيستاني. وفي تلك الفترة وعقب العودة من العراق التقيت الكثير من كبار الشخصيات في البلاد ممن أكن لهم احتراما خاصا وبينت لهم إنطباعاتي واستنتاجاتي من أن سماحة السید السیستاني سيضطلع بدور فريد في مستقبل العراق.
وقد نشر نص مسهب عن ذلك اللقاء في وكالة الانباء الطلابية الايرانية (ايسنا)، وكان له انعكاس واسع النطاق. وجاءت القصة بمجملها في ظروف كانت تحاول فيه بعض المنابر في ايران وفي ضوء أحكام مسبقة أو مغرضة، إستهداف وانتقاد هذه الشخصية الفذة. الشخص الذي كان في تلك الحقبة يتابع بقوة الوضع في ايران وأوصى في ذلك اللقاء بضرورة الوحدة بين علماء الدين والأكاديميين، لكي لا يمس أساس وجوهر التشيع والثورة لا قدر الله على اثر حدوث فجوة وتصاعد الخلافات. واشار سماحته إلى أن غزاة العراق يخططون لغزو البلدان الاخرى في المنطقة، وقال أنه ربما نستطيع ذات يوم تحرير العراق من الإحتلال لكن إن حصل ذلك لا قدر الله مع المناطق الاخرى، فان التخلص منه سيكون في حكم المستحيل ربما.
وأتذكر أن سماحته قال: يجب طبعا في الداخل الحفاظ على قاعدة لا ضرر ولا ضرار. ولا يجب أن يضر أحد، أحدا. لكني أؤكد ثانية بالا يتوقع أحد المساعدة من الخارج والأجانب في معالجة المشاكل. وعلى الأشخاص النخبة والواعين والمسؤولين التعاون معا في إدارة شؤون الناس.
واضاف سماحته بأن لا أخرج من المنزل لخمس سنوات. فان كانت ايران تتمتع بظروف جيدة، فان قلبي يفرح. لكن صدقوني، إن تلقيت خبرا سيئا عن ايران، فان الألم يعتصر قلبي، وأن تداعيات خبر سئ عن ايران، أكثر إيلاما بالنسبة لي عن هذه الأعوام التي لم أخرج فيها من المنزل.
واستطعت بتوفيق من الله وبعد عشر سنوات أن أزور العتبات المقدسة والعراق عدة مرات، وساهمت هذه الزيارات في إضفاء عمق على المشاهدات السابقة. وكما نعلم، فان العراق يمر بمرحلة الإنتقال من التحديات الخطيرة والمدمرة التي تداهمه، وكان يواجه يوميا صعوبات ومشاكل وتعقيدات. وهذه المشاكل غرقت في يم الخلافات والأزمات الشخصية والجماعية وسويت لا على يد رجل سياسي مقتدر حيث يفتقده العراق، بل بفضل تشخيص وتوجيه أحد كبار مراجع الشيعة في الحقبة المعاصرة للعراق. لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو: كيف أن اية الله السيستاني الذي نادرا ما يرضى بذكر اسمه في وسائل الاعلام، اضطلع بهكذا دور جسيم.
إن معرفة ودرك مدلولات الإضطلاع بهذا الدور، يمكن أن يقودنا إلى الدرك الأفضل لمؤسسة التشيع الدينية لاسيما مؤسسة المرجعية. ومع القبول بالفوارق الأساسية بين ايران والعراق، والتي لا يمكن تعميمها على أحدها الاخر في الكثير من الحالات، فان تحليل نوع الممارسه السياسیة التي تنتهجها المرجعية في النجف الأشرف، يمكن أن تفتح نافذة أخرى على دور وقدرة هذه المؤسسة في عالم التشيع، وهذا الموضوع يكتسي نقاطا كثيرة بالنسبة لي حيث أعتبر نفسي من أنصار “مدرسة الإمام الخميني” وإبن “الثورة الاسلامية” واعتز بذلك دائما، ورأيت لزاما عليّ أن أعطي روايتي وانطباعي عن هذه المدرسة تأسيسا على ما شاهدته بام عيني والحقائق التاريخية. إن نظرة واسلوب الممارسه السياسيه لدى مراجع الشيعة، في مجال السياسة وطاقاتها المختلفة في كل زمان ومكان، يمكن أن يظهر كيف أن كبار مراجع الشيعة أرسوا مشروعا جديدا مستلهمين بذلك من الأئمة المعصومين وبناء على الظروف والطاقات الإجتماعية والسياسية على غرار ما شهدناه في الثورة الاسلامية، ويتحركون بابعد من الأطر السائدة والمتبعة
 

يتبع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/27



كتابة تعليق لموضوع : مدرسة الامام السيستاني ( 1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net