صفحة الكاتب : محمد كاظم الحميداوي

المدرسة الاخبارية -الحلقة الثالثة العودة الى الذات
محمد كاظم الحميداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حاول المحدث محمد امين الاسترابادي –رحمه الله- ان يضفي على حركته شرعية الماضي والحالي ,فقد ذكر في الفوائد انه انما ألف كتابه بتوجيه من أساتذه الرجالي محمد علي الاسترابادي –قد- الذي قال عنه الشيخ يوسف البحراني –قد- في لؤلؤة البحرين : ( كان فاضلاً محققاً مدققاً عابداً ورعاً عارفاً بالاحاديث والرجال له كتب الرجال الثلاثة ....) ص 115
بعد ان امره قائلا:( " أحي طريقة الأخباريين وارفع الشبهات المعارضة لها ، لأن هذا المعنى كان يدور في خاطري ، ولكن الله قدر أن يكون على يدك ") 
ويضيف المحدث الاسترابادي (... فأجبته مؤتمرا طائعا فألفت " الفوائد المدنية " ولما عرضته عليه أجابني مستحسنا لما جاء فيه وأثنى علي بالجميل ...) الفوائد المدنية- مقدمة العصفور – ص11
ويقول ايضاّ: ( ... فقد عرضت عليه ما سنذكره من اختيار طريقة القدماء ورد طريقة المتأخرين، فاستحسنه وأثنى علي ) الفوائد المدنية ص59
ان ظهور كتاب الفوائد المدنية بعد سنين ثلاثة من وفاة الاسترابادي الاستاذ دفع بعض الباحثين الى التشكيك في أصل الحكاية التي يوردها الاسترابادي التلميذ , ورأوا ان الهدف من ايرداها في كتابه هو كسب المشروعية منه كما تنبه الى ذلك البحّاثة نيومن Andrew Newman في دراسته للنزاع الأخباري – الاصولي ( المرجعية الدينية العليا عند الشيعة الامامية –جودت القزويني ص180 ).
ويضيف الدكتور القزويني في كتابه سالف الذكر ( ...انه لم يشر احد من المؤلفين الى ان الاستاذ محمد الاسترابادي كان في جوهره ميّالاَ الى الاخبارية , ولم يشر أي مصدر من المصادر الى ان الميرزا محمد الاسترابادي كان قد شجع محمد امين في احياء الطريقة الاخبارية . كل ما في الامر ان هولاء المترجمين أشاروا الى ان الميرزا محمد كان من كبار المحققين المختصيين بعلم الرجال ) نفس الصفحة .
ان تشكيك البحّاثة نيومن Andrew Newman ومضمون ايراد المؤرخ القزويني كان حاضراَ في أول المصنفات التي تكفلت الرد على الفوائد المدنية بعد حوالي العشرين سنة من تأليفه على يدي الفقيه السيد نور الدين علي العاملي –قد- الذي قال تعقيباً على بعض كلمات المحدث الاسترابادي –قد- :
) الذي فهم من بعض من صاحب الميرزا (رحمه الله) وخالطه خلاف ما ادعاه عنه، وأ نه أزرى عليه وتكلم، لما فهم منه أنه يدعي لنفسه أهلية التصرف في الأحكام الشرعية. ولو كان الميرزا محمد (رحمه الله) رأى كلامه حقا وصوابا كان يجب عليه أن يتوب إلى الله مما اجتهد نفسه فيه وتفرد بتحقيقه في أحوال الرجال ونقل القدح فيهم الذي لا يجوز إلا للضرورة والاحتياج، وقد عرفه المصنف الغنى عن ذلك بثبوت أحاديث الكتب الأربعة وبالقطع بصحة جميع ما فيها، فأي حاجة بقي لنا في التعب في بيان صحيح رجال سندها من ضعيفه....) الشواهد المكية بهامش الفوائد المدنية ص59
وفي صدد ايجاد شرعية منبعثة من الماضي واعتبار مدرسته امتداداَ طبيعياَ لذلك الماضي يقول المحدث صاحب الفوائد : 
( انقسام علماء الإمامية إلى الأخباريين والأصوليين مشهور في كتب العامة كآخر شرح المواقف، حيث قال: كانت الإمامية أولا على مذهب أئمتهم حتى تمادى بهم الزمان فاختلفوا وتشعبت متأخروهم إلى المعتزلة وإلى الأخبارية ( 2وأوائل كتاب الملل والنحل للشهرستاني حيث قال في باب: الإمامية كانوا في الأول على مذهب أئمتهم في الأصول، ثم لما اختلفوا في الروايات عن أئمتهم وتمادى الزمان اختار كل فرقة طريقة، فصارت الإمامية بعضها معتزلة إما وعيدية وإما تفضيلية، وبعضها أخبارية إما مشبهة وإما سلفية انتهى كلامه. وفي كتب الخاصة، كنهاية بحر العلوم العلامة الحلي (قدس سره) حيث قال في مبحث العمل بخبر الواحد المظنون العدالة الخالي عن القرائن لترويج ما ذهب إليه من جواز الاعتماد على خبر الواحد في الفروع: أما الإمامية فالأخباريون منهم لم يعولوا في أصول الدين وفروعه إلا على أخبار الآحاد المروية عن الأئمة (عليهم السلام) والأصوليون منهم كأبي جعفر الطوسي وغيره وافقوا على خبر الواحد ولم ينكره سوى المرتضى وأتباعه ...). الفوائد المدنية ص97
اعتبر المحدث الحر العاملي –قد- النبي –ص- والائمة –ع- رؤساء الاخبارية ورد على من نسبها الى المحدث الاسترابادي قائلاَ :
: « ومن العجب دعواه انّ صاحب « الفوائد المدنية » رئيس الاخباريين ، وكيف يقدر على اثبات هذه الدعوى مع انّ رئيس الاخباريين هو النبي (صلى الله عليه وآله)والأئمة ، لانهم ما كانوا يعملون بالاجتهاد ، وإنما كانوا يعملون بالاخبار قطعاً ، ثم خواص اصحابهم ، ثم باقي شيعتهم في زمانهم ، مدة ثلاثمائة وخمسين سنة ، وفي زمان الغيبة إلى تمام سبعمائة سنة( مقدمة الفوائد المدنية ص7
ومن هنا فان التصنيف السالف للمدرسة الاخبارية على اساس بدأ مرحلة التأسيس بالمحدث الاسترابادي – رحمه الله – وانبعاثها من جديد على يدي الميرزا محمد الاخباري –رحمه الله- تصنيف خاطئ بنظر الاخباريين الذين يعتقدون ان مرحلة التأسيس بدأت على يدي النبي الاعظم –ص- واله الكرام –ع- كما هو نص كلام المحدث العاملي –قد- ,وان مرحلة الاحياء كانت على يدي المحدث الاسترابادي ,وهو واضح من كلام اساتذه الذي نقله عنه ( أحي طريقة الأخباريين....).
يخالف المحدث البحراني –قد- في حدائقه المزاج الاخباري العام الذي يعتقد ان أمر الاجتهاد حادث مبتدع وان طريقة الشيعة في زمنها الاول هو التقييد بالاخبار قائلاَ :
و (.....أن العصر الأول كان مملوءا من المحدثين والمجتهدين، مع أنه لم يرتفع بينهم صيت هذا الخلاف، ولم يطعن أحد منهم على الآخر بالاتصاف بهذه الأوصاف، وإن ناقش بعضهم بعضا في جزئيات المسائل واختلفوا في تطبيق تلك الدلائل.....).
وکلامه –قد- متين وسياتي بعد القليل التدليل على ذلك .
لقد رفض الاصوليون كلام الاسترابادي السالف وأكدوا على ان خلطاَ واضح قد وقع فيه ,فان الاخبارية التي تحدث عنها العلامة الحلي –قد- تغاير ماهوياَ الاخبارية التي قصدها الاسترابادي –رحمه الله- فإن السمة البارزة في الاخبارية القديمة هو وجود المحدثين ( کما سمعنا قبل قليل من الشيخ البحراني –قد- )، والمحدثون غير الاخباريين.
وفي هذا الصدد يقول السيد الشهيد الصدر –قد- في معالم الاصول ص 81:
( .....ويذكر المحدث الاسترابادي بهذا الصدد كلاما للعلامة الحلي الذي عاش قبله بثلاث قرون جاء فيه التعبير عن فريق من علماء الامامية بالاخباريين، ويستدل بهذا النص على سبق الاتجاه الاخباري تاريخيا. ولكن الحقيقة أن العلامة الحلي يشير بكلمة الاخباريين في حديثه إلى مرحلة من مراحل الفكر الفقهي إلى حركة ذات اتجاه محدد في الاستنباط، فقد كان في فقهاء الشيعة منذ العصور الاولى علماء أخباريون يمثلون المرحلة البدائية من التفكير الفقهي، وهؤلاء هم الذين تحدث عنهم الشيخ الطوسي
في كتاب المبسوط، وعن ضيق أفقهم واقتصارهم في بحوثهم الفقهية على أصول المسائل وانصرافهم عن التفريع والتوسع في التطبيق. وفي النقطة المقابلة لهم الفقهاء الاصوليون الذين يفكرون بذهنية أصولية ويمارسون التفريع الفقهي في نطاق واسع. فالاخبارية القديمة إذن تعبر عن مستوى من مستويات الفكر الفقهي لا عن مذهب من مذاهبه.....)
وقد بين الشيخ محمد تقي الاصفهاني –قد- في -هداية المسترشدين في شرح معالم الدين- حقيقة الاخبارية القديمة قائلاً :
(....فإن قلت: إن علماء الشيعة كانوا من قديم الزمان على صنفين أخباري وأصولي كما أشار إليه العلامة في النهاية وغيره. قلت: إنه وإن كان المتقدمون من علمائنا على صنفين، وكان فيهم أخبارية إلا أنه لم تكن طريقتهم ما زعمه هؤلاء، بل لم يكن الاختلاف بينهم وبين الاصولية إلا في سعة الباع في التفريعات الفقهية وقوة النظر إلى القواعد الكلية والاقتدار على تفريع الفروع عليها، فقد كانت طائفة منهم أرباب النصوص ورواة الاخبار ولم تكن طريقتهم التعدي عن مضامين الروايات وموارد النصوص، بل كانوا يفتون غالبا على طبق ما يرون ويحكمون على وفق متون الاخبار، ولم يكن كثير منهم من أهل النظر والتعمق في المسائل العلمية.. وهؤلاء لا يتعرضون غالبا للفروع غير المنصوصة، وهو المعروفون بالاخبارية. وطائفة منهم أرباب النظر والبحث عن المسائل وأصحاب التحقيق والتدقيق في استعلام الاحكام من الدلائل، ولهم الاقتدار على تأصيل الاصول والقواعد الكلية عن الادلة القائمة عليها في الشريعة والتسلط على تفريع الفروع عليها واستخراج أحكامها منها، وهو الاصوليون منهم، كالعماني والاسكافي وشيخنا المفيد وسيدنا المرتضى والشيخ وغيرهم ممن يحذو حذوهم. وأنت إذ تأملت لا تجد فرقا بين الطريقتين إلا من جهة كون هؤلاء أرباب التحقيق في المطالب وأصحاب النظر.....).
وهولاء هم الذين وصفهم الشيخ المفيد –قد- في شرحه لعقائد الصدوق –قد- في باب النفوس والأرواح: " لكن أصحابنا المتعلقين بالأخبار أصحاب سلامة، وبعد ذهن، وقلة فطنة، يمرون على وجوههم فيما يسمعون من الأحاديث، ولا ينظرون في سندها، ولا يفرقون بين حقها وباطلها، ولا يفهمون ما يدخل عليهم في إثباتها ولا يحصلون معاني ما يطلقون منها "تصحيح اعتقادات الامامية – المفيد –قد- ص88
وقال في 135 ( ..... وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيرا ظاهرا في الدين، وينزلون الأئمة - عليهم السلام - عن مراتبهم، ويزعمون أنهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم.....).
وعبر عنهم علم الهدى السيد المرتضى –قد- :
(...ثم يقال لمن اعتمد ذلك: عرفنا في أي كتاب رأيت من كتبنا أو كتب أصحابنا المتكلمين المحققين الاعتماد على أخبار الآحاد الخارجة عن الأقسام التي ذكرناها وفصلناها؟ ودعنا من مصنفات أصحاب الحديث من أصحابنا، فما في أولئك محتج، ولا من يعرف الحجة، ولا كتبهم موضوعة للاحتجاجات.) رسائل السيد المرتضى ج1ص26
وقال في ج3 ص310   ..... وأن القميين كلهم من غير استثناء لا احد منهم إلا أبا جعفر بن بابويه (رحمة الله عليه) بالأمس كانوا مشبهة مجبرة، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به…...).
ويبدو ان الشيخ الطوسي –قد- قد ضاق بهم ذرعاَ فقال :
(وكنت على قديم الوقت وحديثه متشوق النفس إلى عمل كتاب يشتمل على ذلك تتوق نفسي إليه ، فيقطعني في ذلك القواطع ، ويشغلني الشواغل ، وتضعف نيتي فيه قلة رغبة هذه الطائفة فيه وترك عنايتهم به ، لأنهم ألفوا الأخبار وما رووه من صريح الالفاظ ، حتى أن المسألة لو غير لفظها ، وعبر عن معناها بغير اللفظ المعتاد لها لعجبوا منها ، وقصر فهمهم عنها ....) المبسوط ص2
ان التأمل في المستندات الروائية يثبت انشطار الحاضرة العلمية الشيعية بين اتجاهين : أخباري بالمعنى المتقدم قبل قليل وكلامي أصولي , وان المنهج الكلامي كان منقسماً هو الاخر الى فرق متعددة .
ففي رجال الكشي ص191 :
(.....لما كان ايام المهدي شدد على اصحاب الاهواء وكتب له ابن المفضل صنفاً صنفاً ثم قرأ الكتاب على الناس فقال يونس قد سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة ومرة أخرى بمدينة الوضاح فقال ان ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة حتى قال في كتابه : وفرقة يقال لهم الزرارية وفرقة يقال لهم العمارية أصحاب عمار الساباطي ,وفرقة يقال لهم اليعفورية ,ومنهم فرقة اصحاب سلمان الاقطع ,وفرقة يقال لهم الجواليقية .قال يونس ولم يذكر يومئذ هشام بن الحكم ولا اصحابه ...) .
وفي رواية اخرى انهم كانوا يجتمعون ويتناظرون وتًرفع اقوالهم الى المعصوم –ع- فعن جعفر بن محمد بن حكيم الخثعمي( ، قال: اجتمع ابن سالم وهشام بن الحكم وجميل بن دراج وعبد الرحمن بن الحجاج ومحمد بن حمران وسعيد بن غزوان ونحو من خمسة عشر من أصحابنا، فسألوا هشام بن الحكم أن يناظر هشام بن سالم فيما اختلفوا فيه من التوحيد وصفة الله عز وجل وعن غير ذلك، لينظروا أيهم أقوى حجة، فرضي هشام بن سالم أن يتكلم عند محمد بن أبي عمير، ورضي هشام بن الحكم أن يتكلم عند محمد بن هشام، فتكالما وساقا ما جرى بينهما.
وقال: قال عبد الرحمن بن الحجاج لهشام بن الحكم: كفرت والله بالله العظيم وألحدت فيه، ويحك! ما قدرت أن تشبه بكلام ربك إلا
عود يضرب به.
قال جعفر بن محمد بن حكيم: فكتب إلى أبي الحسن موسى عليه السلام يحكي له مخاطبتهم وكلامهم ويسأله أن يعلمهم ما القول الذي ينبغي أن يدين الله به من صفة الجبار.
فأجابه في عرض كتابه: فهمت رحمك الله! واعلم رحمك الله إن الله أجل وأعلى وأعظم من أن يبلغ كنه صفته، فصفوه بما وصف به نفسه، وكفوا عما سوى ذلك) المصدر نفسه ص199
وفي رواية علي بن يونس ابن بهمن( قلت للرضا (عليه السلام): جعلت فداك! إن أصحابنا قد اختلفوا، فقال في أي شيء اختلفوا فيه، احك لي من ذلك شيئا؟ قال: فلم يحضرني إلا ما قلت جعلت فداك! من ذلك ما اختلف فيه زرارة وهشام بن الحكم، فقال زرارة: إن المنفي ليس بشيء وليس بمخلوق، وقال هشام: إن المنفي شيء مخلوق، فقال لي: قل في هذا بقول هشام ولا تقل بقول زرارة ( رجال الکشي ص193 ترجمة هشام بن الحکم.
وهكذا عن عبد الملك بن هشام الحناط (قال قلت لابي الحسن الرضا –ع- أسالك جعلني الله فداك ؟ فقال سل يا جبلي عماذا تسألني .فقلت جعلت فداك زعم هشام بن سالم ان الله عز وجل صورة وان ادم خلق على مثل الرب فنصف هذا ونصف هذا وأوميت الى جانبي وشعر رأسي ,وزعم يونس مولى ال يقطين ,وهشام بن الحكم ان الله شيئ لا كالاشياء وان الاشياء بائنة منه وانه بائن من الاشياء .وزعما ان اثبات الشيئ ان يقال جسم فهو لا كالاجسام شيئ لا كالاشياء ثابت موجود غير مفقود ولا معدوم خارج من الحدين حد الابطال وحد التشبيه فبأي القولين اقول ؟
قال : فقال –ع- اراد هذا الاثبات وهذا شبه ربه تعالى بمخلوق ,تعالى الله الذي ليس له شبه ولا مثل ولا عدل ولا نظير ولا هو بصفة المخلوقين , لا تقل بمثل ما قال هشام بن سالم وقل بما قال مولى ال يقطين وصاحبه .قلت فيعطى الزكاة من خالف هشاماً في التوحيد ؟ فقال برأسه لا ....)ص202
ويفهم من بعض الروايات ان هذه الفرق او بعضها على اقل تقدير بقي الى ايام الامام الجواد –ع- وانها لم تكن فرقة تنظيرية فحسب بل كانت لها امتدادتها وصلواتها بحيث ان الراوي يسأل المعصوم –ع- عن حكم الصلاة خلف المتبني لهذه الفكرة او تلك :
ففي بعضها يسأل الراوي ابا جعفر الجواد –ع- (... قلت جعلت فداك قد اختلف اصحابنا فاصلي خلف اصحاب هشام بن الحكم ؟ .....( ص199
يظهر من هذه الروايات وغيرها انهم كانوا كما وصفهم الشيخ محمد تقي الاصفهاني –قد- في كلامه المتقدم   ....أرباب النظر والبحث عن المسائل وأصحاب التحقيق والتدقيق في استعلام الاحكام من الدلائل، ولهم الاقتدار على تأصيل الاصول والقواعد الكلية عن الادلة ..... ) ومن هنا وقع الاختلاف بينهم وربما نسب بعضهم بعضاٌ الى ما لايليق واحتكموا الى المعصوم –ع- وهو –ع- يرجح هذا الرأي على ذلك , على انه من الواضح الجلي ان الادلة التي كانوا يعتمدونها ليس من الضروري ان تكون منبعثة عن الرواية ومترشحة عنها والا لما وقع بينهم هذا الخلاف الشديد المستتبع لتوصيفات اشد بل ومخالفة المعصوم –ع- لهم وبالتالي يُستبعد ان تكون تلك (القناعات ) متفرعة عن أصول روائية صرفة .
ولعل هذا الامر الواضح من الروايات هو الذي دفع المحدث حسين بن شهاب الدين الكركي –رحمه الله – الى القول :
( .... اعلم: أن أصحاب الأيمة (ع) كما قلناه مرارا لم يكونوا يعولون في أصول الدين و لا فى فروعه؛ إلا على كلام أيمة الهدى- ع-، و كان فيهم جماعة من العلماء المدققين؛ كهشام بن الحكم و مؤمن الطاق و محمد الطيار و غيرهم.
فكانوا يأخذون مسائل اصول الدين عن الأيمة (ع) و يؤيدونها بالبراهين القاطعة العقلية،......) هداية الابرار للمحدث الكركي ص186
رغم ان هذا خلاف ما افاده مؤسس الاخبارية الاستربادي عن الانظار العقلية التي يراها قسمين وان المعتبر منهما خصوص ما كان تمهيده ومادة فكره وصورته مستقاة من اهل البيت –ع- بخلاف القسم الاخر فانه ( غير مقبول لكثرة وقوع الخطأ فيه ) الفوائد المدنية للاستربادي ص313
على ان كلام المحدث الكركي خلاف ظاهر الروايات السابقة التي تؤكد بما لا لبس فيه ان اصحاب الائمة –ع- المدققين لم يكونوا يكتفون بالتأييد الخالص بل كانوا يفرّعون الفروع ويرتبون اللوازم ويتكلمون في شيئ لم تعالجه الاخبار كما في رواية اختلاف الهشامين –رحمهما الله - المتقدمة او تلك التي يرويها الصدوق –قد- بالإسناد عن ابن أبي عمير( يظهر ان مضمونها من استنباطات هشام بن الحکم – رحمه الله )،والتي فيها قول الاخير –رحمه الله- :
(.....ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي إياه شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الإمام، فإني سألته يوما عن الإمام أهو معصوم؟ 
قال: نعم.
قلت: فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شيء تعرف؟
قال: إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه لا خامس لها: الحرص، والحسد، والغضب، والشهوة، فهذه منتفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه؛ لأنه خازن المسلمين، فعلى ماذا يحرص؟
ولا يجوز أن يكون حسودا؛ لأن الإنسان إنما يحسد من هو فوقه، وليس فوقه أحد، فكيف يحسد من هو دونه؟!
ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عز وجل، فإن الله عز وجل قد فرض عليه إقامة الحدود وأن لا تأخذه في الله لومة لائم ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله عز وجل.
ولا يجوز أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة؛ لأن الله عز وجل حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا، فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح، وطعاما طيبا لطعام مر، وثوبا لينا لثوب خشن، ونعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية.) الخصال –االصدوق ص215

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم الحميداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/21



كتابة تعليق لموضوع : المدرسة الاخبارية -الحلقة الثالثة العودة الى الذات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net