صفحة الكاتب : حارث العذاري

الاعتماد على الله ...
حارث العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )
سبل الحياة كثيرة ومشاربها عديدة يسلكها الانسان للوصول الى مبتغاه , الا ان شبح الفشل يخيم على اغلبها ويكتسح كثير منها من بداية السعي حتى اكتمال اواخر خطواته .
الاحتياج صفة الانسان مهما توفرت لديه الامكانيات والعجز قرينة الذي يفارقه اينما حلت قدماه واينما تعمق ذهنه , فمن هنا لابد له ان يعتمد على شيء يتخذه مسندا لبلوغ ما يتمناه .
المشكلة ان كل ما حولنا لا يختلف عنا من حيث النقص والاحتياج ولا بديه بلوغ التكميل وهكذا هي سنن الحياة التي لا يخرج عن دائرتها مخلوق .
ليس امام احدنا الا ان يمد يده لمعتمد لا ينتهي مدده والى سند لا يعجزه مطلب وان يكون ذلك المعتمد ليس بمحتاج لغيره والا توقف عن مدده في حين من الاحيان .
الاعتماد على الله قانون الحياة الذي لا يخرمه اي قانون اخر بل لا يخرج عن الخضوع اليه اي بعد او جانب من جوانب هذا الوجود , ومن جواهره هو الاعتماد القلبي الموجب للثقة بالله تعالى وللحديث عن ذلك وفقا للناحية العملية في حياتنا بعض الزوايا ومن اهمها :
الزاوية الاولى : الاعتماد على الله في شأن الأسرة وتدبيرها وتنميتها وتوفير المقدار الافضل من سعادتها وتكاملها وديمومتها , ابتداء من الزواج مرورا بمصادر العيش المتاحة وبلوغا لانجاب الذرية وهكذا وصولا لمستقبل افرادها فردا فردا .
الاسرة تحتاج الى رب الاسرة وهو محتاج الى ان يعتمد على الله في تدبيره لأسرته ولدفع مكاره الحياة عنها وازاله المعوقات من طريق افرادها , والا فان متغيرات الزمان تفترس وجودها وتضعضع بنائها وتشتت ما اجتمع عليه بل تحيل افرادها الى اضداد يتمترس احدهم في ظل اخر ضد بعضهم او اغلبهم .

الزاوية الثانية : الاعتماد على الله في العمل الذي يوفر للإنسان وسيلته الممكنة للعيش المناسب له ولمتعلقيه سواء كان ذلك في مقدماته او في ثناياه او بنتائجه المرجوة منه , العمل من لوازم حياة الانسان وهو الجزء الاوسع من دوره في حياته وهو نافذته الارحب لتحصيل مكسبه ورزقه , والعمل والرزق سهله وصعبة بيد الله وخاضع لسننه وجاري على وفق اختباراته , فهو تعالى من يوفره وهو تعالى من يسهله وهو تعالى من يزيل عوالقه وعوائقه وهو تعالى من يوجد القدرة عليه وهو تعالى من يضمن نتائجه ويكف مفاسده .
وليست القوة ولا الخبرة ولا توهم الظروف وراء نجاح العمل او فشله على الحقيقة وانما وراء كل ذلك الله تعالى فمن ثم يكون الممهد الحقيقي لذلك الاعتماد عليه سبحانه .

الزاوية الثالثه : العلاقات والروابط الاجتماعية القريبة والبعيدة بأسبابها وبموجبات دوامها ترجع بالحقيقة لتدبير الله تعالى ولما يوجده في طريق الانسان من احداث تأخذه هنا او تزجه هناك , وقلوب الخلق كل الخلق بيد الله فهو تعالى من يزرع فيها الحب او يلقي التباعد او يكسوها بالتنافر وعلى ضوء ذلك تكون العلاقات الاجتماعية شدة وضعفا مهما علت او نزلت , فلا يظن احدنا انه يكسب العلاقة او يخسرها بشطارته او بجمال وجهه والتواء لسانه , كلا , انما هي اسباب وتدابير وفرها الله ليغتنمها الانسان ومن ثم يسلك سبلها لتكون ذات اثرا في حياته .

الزاويه الرابعه : الاوضاع العامة التي يعيشها المجتمع والفرد بالتالي كجزء منه وسواء كان منها الاوضاع الاقتصادية او السياسية او الثقافية او الدينية وغيرها وكلها عوامل تؤثر في سلوك الانسان وتحدد مستواه ومن ثم قيمته , وهي الاخرى ورائها تدبير الله وخاضعه بكل تفاصيلها لقدرته ومنقاده لما يريده بحكمته وفق سنن اجراها الله سبحانه بين الخلق ومقادير متواليه يهيمن عليها الله تعالى , ومن هذا الاساس تبرز تفاصيل كثيرة للفهم الصحيح لطبيعة الحياة الادمية في الارض التي اراد لها سبحانه ان تحقق غاياتها المعدة لها والانسان جزء لا يخرج من قبضتها وكل ذلك بيد الله وليس لنا في مواجهتها او استثمارها الا بالاعتماد عليه تعالى افرادا وجماعات .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
تنبيهان :
الاول : تبرز امامنا مفاهيم اساسية لنخطو بشكل عملي في الاعتماد على الله ومن ابرزها ثلاثة ( التوكل , التسليم , الرضا ) التي تكون الوقود الانسب لبلوغنا مستوى الاعتماد على الله , وكلا بحسبه .

الثاني : مراجعه ما جاء في كتاب الله العزيز وما ورد من كلام السادة المعصومين ( ع ) وسيرتهم التي تم التركيز فيها على الاعتماد على الله في الصغيرة والكبيرة في الحياة ,
وكذلك ما ورد في الاثر من قصص الصالحين الذين قدموا بعض النماذج في هذا الاتجاه .
( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )
ومن الله نطلب العون والسداد


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حارث العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/14



كتابة تعليق لموضوع : الاعتماد على الله ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net