صفحة الكاتب : نزار حيدر

الفقيد الدكتور الجلبي: كان أَبعدهم رؤيةً واكثرهم فاعليةً والاشجع في اتّخاذ القرار
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
توطئة:
   انطلاقاً من حرص موقع (شفقُنا العراق) التابع للوكالة الدولية الشيعية للأنباء على تغطية مجريات الأحداث والتطوّرات في المشهد العراقي، ولاسيما رحيل السياسي البارز الفقيد أحمد الجلبي، بكل مهنية والتزام، اجرى الزّميل (جمال أشرفي) المحرّر في الموقع، الحوار التالي، مع نـــــزار حيدر، مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن، والعضو السابق في المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني العراقي الموحد.
   ادناه، نص الحوار:
   التحرير
   السّؤال الاول: ما هي الميّزات التي تميّز بها الفقيد الدكتورأحمد الجلبي عن غيره من السياسيّين العراقيّين داخل المعارضة، قبل و بعد سقوط نظام الطاغية صدام حسين؟.
   الجواب: كان الجلبي يتميز عن الاخرين بخصلة في غاية الاهميّة هي التي منحتهُ حريّة التفكير والحركة اكثر من غيره، الا وهي عدم ارتباطهِ بأي شكلٍ من الاشكال بدول الجوار التي لها في سياساتها العامة صراعات وتناقضات وتقاطعات سواء فيما بين بعضها البعض الاخر او بينها وبين المجتمع الدولي، والتي كانت تسعى جميعها ومن دون استثناء الى توظيف حركة المعارضة العراقية المرتبطة بها وتسخيرها لتمرير هذه التقاطعات بشكلٍ او بآخر.
   اما الجلبي فكان حراً لم تؤثّر اية دولة اقليمية في توجّهاته وطريقة تفكيرهِ وقناعاتهِ وحركتهِ، ولذلك كان ابعدهم رؤية واكثرهم فاعلية والاشجع في اتخاذ القرار.
   لم يكن لاحدٍ تاثيرٌ عليه عندما يتخذ قراره، فلم يجرؤ احد على ابتزازه أبداً.
   كانوا يكتفون بالكلام، اما الجلبي فكان رجل الفعل والانجاز، ولذلك كان اكثرهم مثابرةً وصبراً على تحقيق الهدف.
   السّؤال الثاني: كيف استطاع الفقيد أحمد الجلبي أن يلعب دور الوسيط بين الإسلام السياسي السني وبين الإسلام السياسي الشيعي وتحديداً نظام ولاية الفقيه، كذلك بين الاشتراكيين القوميين والليبراليين العلمانيين؟.
   الجواب: ببساطة لانّه كان وطنياً بمعنى الكلمة، من دون ان يعني ذلك تجاوزه للخصوصيات أبداً.
   كل حركة المعارضة العراقية كانت مؤدلجة بشكل او بآخر، الا الجلبي فلم يكن كذلك، ولهذا السبب كانت قاعدتهُ المصلحة الوطنية ومنطلقهُ القواسم الوطنية المشتركة مع الاخرين، ولهذا السبب لم يكن يرى في طريقه ايّة عقدة للتّعامل مع الاخرين من مختلف تيارات حركة المعارضة العراقية، كما لم يجد حرجاً ابداً في ان يتعامل مع المؤدلجين لانه كان فوق الشبهات من جانب، وفوق ان يتأثر بهم بالسلب من جانب آخر.
   لم تحدّه خطوطاً حمراء من تلك التي ترسمها عواصم الاقليم لرجالاتها، عندما كان يفكّر او يتحرّك او يبني علاقة مع رفاق الدرب المناضلين معه في خندقٍ واحدٍ ضد الديكتاتورية، ولذلك كان يتعامل بعقليّةٍ منفتحةٍ مع الجميع فكان يستوعبهم بشكل يلفت نظر كل من عرفه.
   السّؤال الثالث: ما هو تحليلكم للشخصية السياسية للفقيد أحمد الجلبي بصفته سياسياً ليبرالياً وعلمانياً وتمسّكه بجذورهِ الدينية كعراقي شيعي؟.
   الجواب: هذه هي بالضبط نقطة القوة التي ظلّ يتميّز بها الفقيد، فعلى الرغم من ليبراليته السياسية الا انه كان يحترم الدين وكان يفتخر بتشيّعه، وهذا على الصعيد الشخصي، اما في السياسة فيظلّ الشخصية الوطنية رقم واحد في حركة المعارضة العراقية، لانه كان يؤمن إيماناً جازماً بالقول الشريف الوارد عن رسول الله (ص) {حبُّ الوطن من الايمان} ولذلك كانت وطنيتهُ فوق كلّ انواع الانتماءات.
   السّؤال الرابع: كيف تقيّمون دور المؤتمر الوطني العراقي، و الدور البارز للفقيد أحمد الجلبي في خلق إجماع وتوافق عالمي لإسقاط نظام صدام حسين الشمولي البوليسي في العراق على خلفيّة ملف ما عُرف بـ (أسلحة الدمار الشامل)؟.
   الجواب: لقد جاء تشكيل المؤتمر الوطني العراقي الموحد، عام 1992 بعيد هزيمة الطّاغية في الكويت وقمعهِ الدّموي للانتفاضة الشعبانية المباركة، وقد كنت عضواً في المجلس التنفيدي الذي كان يرأسهُ الدكتور الجلبي، على خلفية فشل الانتفاضة الباسلة للعراقيين ضد نظام الطاغية الذليل صدام حسين، ليحقق ما يلي:
   الف: وحدة الخطاب السياسي والاعلامي لحركة المعارضة العراقية.
   باء: وحدة حركتها الدبلوماسية سواء على صعيد المجتمع الدّولي او المحيط الاقليمي.
   جيم: تنسيق العمل الميداني لمختلف فصائل حركة المعارضة.
   ولقد كان للدكتور الجلبي قصب السبق والصوت الاعلى والحركة الاسرع في كلّ هذا، خاصّة على صعيد الحركة السياسية والديبلوماسية في الولايات المتحدة الاميركية وعدد من الدول الاوربية، لما كان يتمتّع به من علاقات متينة مع الكثير من مفاتيح القرار في هذه الدول الدائمة العضوية  في مجلس الامن الدولي صاحبة القرار الاوّل وقتها في الملف العراقي.
   السّؤال الخامس: ما هو الإرث الذي تركهُ الفقيد أحمد الجلبي لعراق اليوم والغد؟.
   الجواب: لقد غيّر الجلبي وجه العراق الحديث، وهذا يكفي ارثاً عظيماً تركهُ للعراقيين، لا ادري إِن كان بامكانهم استيعابهِ للحفاظ عليه ام لا؟.
   السّؤال السّادس: هل كان بإمكان العراق والعملية السياسية أن تستغل قدرات وإمكانيّات الفقيد أحمد الجلبي بشكلٍ أفضل؟.
   الجواب: لا ابداً لأنّ تركيبة العراق الجديد التي تشكلت بعد التغيير التاريخي في التاسع من نيسان عام 2003 قامت على اساس المحاصصة الحزبيّة والاثنيّة والطائفيّة، ولانهُ لم ينتم الى ايِّ واحدٍ من هذه المحاصصات ولذلك لا يمكن ان يجد لنفسهِ المكان الحقيقي في الدّولة، فيما كان الجميع يعرقلون تقدّمهُ خوفاً وصراعاً على السّلطة.
   لقد خسر العراق الجلبي.
   السّؤال السّابع: هل يمكن الاعتماد على التّجربة السياسية للفقيد أحمد الجلبي بصفته نموذجاً سياسياً يُحتذى به في العراق؟.
   الجواب: هذا يحتاج أولاً ان يستوعب العراقيون تجربته السياسية لتكون نموذجاً يُحتذى.
   يحتاج ان يفهموا ما الذي فعلهُ الجلبي لهم.
   للاسف الشديد فان ردود الفعل البائسة على رحيلهِ لا تُبشّر بالخير كون العراقيين استوعبوا تجربتهُ وفلسفتهُ السّياسية.
ربما يحتاجون لبعض الوقت، لا ادري، ولكن اتمنّى ان يفهموها في نهاية المطاف والا فسيخسرون الكثير جرّاء التفريط بتجربة وطنيّةٍ فريدةٍ.
   السّؤال الثّامن: هل هناك أي شيء آخر تودّون ذكرهُ حول الفقيد أحمد الجلبي؟.
   الجواب: رحم الله تعالى الفقيد الراحل، واتمنى ان يمنحني العمر فرصة لاكتب ما اعرفهُ عن هذه القامة النّموذج والتجربة السياسية الوطنية الفريدة والجديدة في العمل السياسي العراقي.
   والحمد لله رب العالمين.
   ختاما: شكراً جزيلاً لهذا الحوار الذي منحني نافذة للحديث عن هذه الشخصية الفذّة، فاذا كان الحاضر لم ينصفهُ بسبب الحزبيّات والجهل المركب والحقد العنصري والطائفي الذي سمّم الاجواء، كما هو حال الكثير جداً من الشّخصيات العظيمة في التاريخ، فانّ الزمن والتاريخ والاجيال القادمة كفيلة بانصافهِ عندما تعرف ماذا انجز هذا الرجل.
   6 تشرين الثاني 2015
                       للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar
WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920
*للاطلاع على الحوار في الموقع، يُرجى فتح الوصلة التالية؛
http://iraq.shafaqna.com/AR/13495

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/06



كتابة تعليق لموضوع : الفقيد الدكتور الجلبي: كان أَبعدهم رؤيةً واكثرهم فاعليةً والاشجع في اتّخاذ القرار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/11/07 .

ٱلأساذ نزار حيدر .
السلام عليكم .
ٱبدء تعليقي من نقطة ،ٱن يستوعب العراقيون تجربته السياسية نموذج لهم .،وحول ردة فعل العراقيون حول وفاته التي جاءت وكما قلتم بائسة .ولاتعبر في مجملها عن فداحة خسارة قامة سياسية كبيرة .لها ينسب الفضل بتغير وجه العراق الجديد وزوال الدكتاتورية المقيتة عنه .وهنا نخضع القضية الى نقاش لنصل الى قناعة حول المزاج العام للمجتمع وثقافته حول شخصياته الوطنية ة ونظرته حولها .فالمجتمع المتحضر هو الذي يحترم رموزه الوطنية ويتفاعل معها ٱيجابيا .ويعتبرها مصدر ٱلهام للاجيال القادمة بتضحياتها وتفانيها من ٱجل شعبها وقضايا وطنها .بعد سقوط النظام السابق حكمة العراق شخصيات من ٱحزاب سياسية .لكن الصراع على السلطة وتباين موقف المجتمع حول تلك الشخصيات كونها طمغة بالاحتلال وتغير المزاج العام من مرحب بما حصل الى ناقم ومتخوف وهناك برزت عوامل كثيرة ٱدت الى تغير القناعات .وظهور المقاومة الشعبية لقوات ٱلأحتلال .وٱتهام من سار بركبها بالعمالة فسقطت في ذلك شخصيات سياسية قيل عنهم ٱلأتون على ظهور دبابات المحتل وٱنتشرت تلك الثقافة بين المجتمع ٱنتشار النار بالهشيم .وٱتخذت تلك الوسيلة لتسقيط شخصيات كثيرة كان ذنبها ٱنها فعلت المستحيل لزحزحة صخرة البعث الجاثمة فوق صدور العراقيون بعض العقلاء رٱوا في حمل السلاح خطوة متسرعة نوعا ما .وٱشاروا الى الضغط على المحتل بوسائل سلمية .لأٱخراجه من البلد ومن جاء بقرارات مجلس الامن سيخرج بها .بعد ٱن يتم ترتيب بيت العراق كما نصت عليها قرارات مجلس الامن يتحمل المحتل مسؤولية حماية الدول التي يحتلها ويتعهد بذلك .غير ٱن الاحتلال وجد له متنفس وذريعة ليهرب بها من الابواب العريضة وسط تركه بلد محطم وتتلاطمه ٱمواج المشاكل والتي لم يستطع الساسة الحاليون حلها ودفع الشعب ثمنها وكما قيل جلسوا على حطامها .،
الشعب وسط تجاذب القوى المٱثرة في الساحة وجد نفسه يهرول مرة نحو تلك الجهة ومرة ٱخرى يغير قناعاته ٱذا ما ٱستجد ٱمر .
جديد .العراقيون الذين خرجوا من حكم دكتاتوري قاسي .وقعوا في فخ نظرية المؤامرة التي تميل ٱغلب مواطني الشرط الاوسط الى الاعتقاد بها .وحاول البعض ٱستغلالها وتحريك مشاعر المجتمع وتغذيتها بذلك الشعور .هو ٱن ماحدث لعبه دولية .وٱن ٱمريكا جاءت لغرض ثاني .ولعبت الروايات التٱريخية دورها في قناعات المواطن .ونظرته لمجمل مايحدث من حوادث .وهنا تم خلط الاوراق وبعثرتها لتضيع الحقيقة على الناس وندخل في دوامة صراع الامم وظهورنا مكشوفه ولانمتلك سلاح مناسب لذلك .فٱمام توالي الاحداث العظام نسينا ٱمر الكثيرين وٱنشغلنا بٱنفسنا .وتهينا في متهات الحياة وٱبتلينا برواسب الجهل والتجهيل حتى تشابك غزلنا وضاع طرف الخيط من ٱخره علينا .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net