صفحة الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

نظرية المعرفة
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
    تعتبر مسـألـة البحث في حقيقــة ، و مـاهية ، و طبيعـة ( نظرية المعــرفة ) ( Epistemology ) من أهم القضايا المعاصرة ، و الأكثر مدخلية في الفكر البشري ، كما و انها تعتبر من أصعب و أعقد الأبحاث في وقتنا الراهن لما يعتريها من تجددات ، و تبدلات ، و تعدد فهم ، ، و خلفيات فكرية ، و خلط ، و اشكالات ، و غير ذلك .
كما ولا يمكن الشك في الأهمية الخاصة التي تكتسبها ( نظرية المعرفة ) في مجال الفلسفة المعاصرة ، لما لها من دور تأسيسي في تشكيل الرؤية الشاملة ، فأصبحت ( نظرية المعرفة ) في أية فلسفة تعتبر المدخل الضروري الذي يعكس سماتها و معالمها و أسسها .
لذا و في هذا البحث سوف نحاول أن نتدرج في فهم حقيقة و ماهية ( نظرية المعرفة ) بما يمكننا من الفهم الصحيح لها بقدر يوفر الفائدة ، و يدفع أكبر قدر من الاشكالات ، و يعطينا ما يمكننا من الاستفادة منها بالشكل الصحيح .
لابد أن نعلم بأن هناك علمان رئيسيان في مجال المعرفة ألا و هما ( المعرفة ) أو ( مباحث المعرفة ) أو ( علم المعرفة ) أو ( نظرية المعرفة ) ، و من بعدها يأتي ( الوجود ) أو ( مباحث الوجود ) أو ( علم الوجود ) .
الأول يسمى ( Epistemology ) الأبستمولوجيا ، و الثاني يسمى ( Ontology ) الأنطولوجيا .
و الأبستمولوجيا ( Epistemology ) كلمة مؤلفة من جمع كلمتين يونانيتين هما ( Logos ) بمعنى ( علم ) و ( Episteme ) بمعنى ( معرفة ) ، و بهذا تُعرف بأنها : علم المعرفة .
و يستخدم مصطلح ( Epistemology ) في الفلسفة ليشير إلى مناهج المعرفة النظرية ، أو النظرية التي تشرح كيف يستطيع الإنسان معرفة العالم الخارجي .
و يمكن اعتبار أول من افردها و نظر لها هو الفيلسوف التجريبي الانكليزي ( جون لوك )  في كتابٍ مستقل يحمل عنوان ( تحقيق في فهم الإنسان 1690 م )  و الذي بحث فيه حول أصل المعرفة و ماهيتها و حدودها و درجة اليقين بها .
ثم ظهر الفيلسوف الألماني ( عمانويل كانط )  و خص فلسفته بالبحث حول المعرفة في كتابه ( نقد العقل المحض ) .
كما و يعزى ادخال هذا المصطلح في عالم الفلسفة ككيان خاص له وجوده الفعلي المستقل الى الفيلسوف الاسكتلندي ( جيمس فردريك فيريير )  لأول مرة و ذلك في كتابه ( سنن الميتافيزيقيا 1854 م )  ، و الذي قسم الفلسفة الى مبحث الوجود الانطولوجي و مبحث المعرفة الابستمولوجي .
و ظهر هذا المصطلح ( Epistemology )  لاول مرة عام ( 1906 م ) في معجم ( لاروس ) ، اما في المراجع العربية فان هذا المصطلح وجد مترجماً عام ( 1942 م ) و من بعدها تنوعت مصادر الحصول عليه  .
و نظرية المعرفة مصطلح حديث ظهر الى الوجود في العصور المتأخرة و له تعاريف عدة فقد عرفتها الموسوعة الفلسفية المختصرة بأنها : ( مجموعة متنوعة من المشكلات الفلسفية ليس بينها رباط وثيق تتعلق بأفكار من قبيل المعرفة ، الادراك ، التيقن ، التخمين ، الوقوع في الخطأ ، التذكر ، التبين ، الاثبات ، الاستدلال ، التأكيد ، التعزير ، التساؤل ، التأمل ، التخيل ، رؤية الاحلام ، و هلم جرا )  .
كما ( و قد أيد بعض الباحثين " لالاند " من ان الابستمولوجيا هي فلسفة العلوم ، و أنها أساساً دراسة نقدية للمبادئ و الفروض و النتائج العلمية ، و تهدف الى ضبط الاصل المنطقي و القيمة الموضوعية لتلك العلوم ... )  .
و من علماء المسلمين يمكن أن نشير إلى السيد ( محمد باقر الصدر ) و ( السيد محمد حسين الطباطبائي ) في مجال تنظيم المباحث الخاصة بنظرية المعرفة على صعيد الدراسات الإسلامية .
فقد تناولها السيد محمد باقر الصدر ( رحمه الله ) في كتابيه ( فلسفتنا ) و ( الأسس المنطقية للأستقراء ) ، أما السيد محمد حسين الطباطبائي ( رحمه الله ) فقد تعرض لها في كتابه ( أصول الفلسفة و المذهب الواقعي ) . 
لقد ترجمت لفظة الـ( Epistemology ) بترجمات عدة ، و ربما كان سبب الاختلاف في الترجمة مرده الى غموضه ، فهو مازال قلقاً غير مستقر في المعاجم و الموسوعات العربية ولذا مال أغلب الباحثين إلى تعريبه فعبروا عنه بـ : الابستمولوجيا ، و من الطبيعي أن يختلفوا في تعريفه فلا تجد تعريفاً جامعاً مانعاً له ، و المشكلة لا تكمن في ترجمته إلى العربية بقدر كمونها في اللغات الأجنبية الحية ذاتها مما أفسح المجال للخلط في دلالته .
و منذ مطلع التسعينات عولجت الابستمولوجيا لا بوصفها مفهوماً أو مصطلحاً و إنما بوصفها إشكالية فكرية ذات ارتباطات عديدة داخل الحقلين : الفلسفي ، و العلمي  .
و قد قدم الفيلسوف الفرنسي ( غاستون باشلار )  أفكاراً متميزة في مجال الابستمولوجيا ، حيث تتمثل مفاهيمه في : العقبة المعرفية ، و القطيعة المعرفية ، و الجدلية المعرفية ، و التاريخ التراجعي .
إن أشكال القطيعة المعرفية التي ذكرها باشلار هي :
1ـ القطع الابستمولوجي التام و الذي يقوم على الفصل بين الفكرة و المحيط .
2ـ القطع الابستمولوجي القائم على الاحتواء ، فالجديد يحتوي ما تجاوزه دون أن يلغيه .
3ـ القطع الابستمولوجي التام ، و هو الذي يقول بوجود منظومتين مختلفتين في الحقل نفسه لكل منها اتجاه  . 
و من حيث التخصص فإن الأبستمولوجيا تدرس وسائل إنتاج المعرفة ، كما تهتم بالشكوك حول ادعاءات المعرفة المختلفة ، و هناك من فرق بينها و بين نظرية المعرفة ، فمصطلح الابستمولوجيا في الانكليزية مرادف لنظرية المعرفة ، اما في اللغة الفرنسية فهو مختلف عنها ؛ لان معظم الفلاسفة الفرنسيين لا يطلقونها الا على فلسفة العلوم و تاريخها الفلسفي .
اما مدارس الابستمولوجيا فهي مختلفة ، فالتجريبيون يردون المعرفة إلى الحواس ، و العقليون يؤكدون أن بعض المبادئ مصدرها العقل لا الخبرة الحسية ، و عن طبيعة المعرفة يقول الواقعيون ان موضوعها مستقل عن الذات العارفة ، و يؤكد المثاليون ان ذلك الموضوع عقلي في طبيعته لان الذات لا تدرك إلا الأفكار .
 
 
و تنقسم نظرية المعرفة الى قسمين رئيسيين هما :
1ـ نظرية المعرفة المطلقة : و هي المعارف التي تقع موضوعاً للبحث دون أن تختص بمجالٍ معين ، بل تشمل جميع معارف الإنسان .
2ـ نظرية المعرفة المضافة : و هي التي تتناول نطاقاً خاصاً من العلوم البشرية .
و يتناول البحث في ( نظرية المعرفة ) مسائل مهمة و اساسية منها :
1ـ البحث في امكان المعرفة و حدودها .
2ـ البحث في مصادر المعرفة و منابعها .
3ـ البحث في طبيعة المعرفة .
الهدف من دراسة ( نظرية المعرفة ) هو : معرفة جذور التفكير الانساني لادراك حقائق الاشياء .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/06



كتابة تعليق لموضوع : نظرية المعرفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net