صفحة الكاتب : علي علي

بغداد.. هولاكو لم يرحل عنك
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 معلومة ثابتة في علم الاقتصاد عادة ما نسمعها في تقارير المتخصصين ودراساتهم، مفاد المعلومة أن من اهم الموارد والمتطلبات الضرورية لاعمار البلدان وبنائها هو رأس المال البشري، فمن غير توفير الكفاءات البشرية المتنوعة في مختلف الاختصاصات العلمية والهندسية والزراعية والطبية وغيرها، لن يتمكن أي مجتمع من البدء باعمال البناء والاعمار، الى جانب توفير الارادة السياسية من قبل صناع القرار في البلد. إذن، أهم عنصر في البدء بالعمران هو الإنسان، والمقصود طبعا الإنسان الكفوء في مجال من مجالات الحياة، إذ هو الحجر الأساس الذي تنطلق منه المشاريع التي تخدم الإنسانية جمعاء. هنا في عراقنا لدينا من الكفاءات كثير وكثير جدا، وهم ليسوا وليدي اليوم او الأمس القريب، بل أن أمهات العراق ولادات عطاءات منذ نشوء الحضارات الأولى على أرض السواد، ومن قلب صفحات التأريخ تبين له الكم الهائل من ذوي العقول والعلوم والآداب الذين تزخر بهم صفحاته.

  تجري هذه الأيام على ساحة معرض بغداد الدولي، تحضيرات لافتتاحه في الأيام العشرة من الشهر الجاري، ونرى التسابق الرائع للشركات والبلدان التي تبتغي المشاركة فيه، وكلها تتفاخر بما وصلت اليه اختراعات شعوبها، وكما أشرت ليس بجديد على العراق والعراقيين ان يكون لكفاءاته حضور مميز في المعرض، فوادي الرافدين منذ فجر التاريخ أرض خصبة لكثير من الإختراعات والإكتشافات في مجالات العلوم والفنون. ولم تبخل أمهات العراقيين بإنجاب علماء كانوا بشائر وطليعة كثير مما وصل اليه علماء الغرب اليوم، فكانوا كما يقال؛ (أشتروا منا وباعوا علينا). اما في مجال الفنون، فان مخطوطات الأولين ورسومهم مازالت شاخصة في آثار أور وبابل وآشور، لتشهد انهم أول من ابتكر فن الزخرفة على مشيداتهم، كما انهم اول من اخترع البناء المقوس الذي أثبتوا متانته فيزياويا. ولهم قصب السبق في استغلال الآجر باستحداث عمارة جديدة، والوثوب به الى قمم شاهقة في معابدهم التي أسموها “زاقورة” وترجمتها “القمة المرتفعة”. كل هذا حدث منذ ألوف السنين، وكان لقادة وملوك ورؤساء هذه الرقعة الجغرافية الباع الطويل واليد الطولى في رفد العلماء وفتح ابواب خزائن الدولة وبيوت المال، فضلا عن ابواب قصور الخلافة والدولة، وتسخير الطاقات البشرية والمادية لدعم الكفاءات والقدرات من ذوي العقول، لإيصال علومهم وجديد إختراعاتهم الى دول المشرق والمغرب، الذين بدورهم استمدوا من تلك العقول أفكارهم، وطوروا عبرها صناعاتهم وباقي مرافق حياتهم. ويشهد بذلك المؤرخون والكتاب الذين تزخر مؤلفاتهم بانجازات العراقيين القدماء. ومن المؤكد ان قادة العراق الحاليين مطلعون على تلك المؤرخات، فهل سأل أحد منهم نفسه يوما؟ هل سأحتسب يوما من القادة الذين أسهموا في نشر العلم والأدب وباقي المعارف، بفتح بابي للعلماء وطلاب العلم؟ وأدخل بذلك سفر التاريخ ويشار الي بالبنان كقائد حدث في عصري تقدم وازدهار تتغنى الشعراء به. ام سينشد الشعراء غير ذلك في عرقلتي سير العلم ومحاربة الرقي!  فالتأريخ لم يفته أن يدون الصنف الأخير من القادة بالخط العريض، فقد أنشد شاعر:
              بــغـدادُ يـــا بغداد يابـلـد الـرشـــيد 
                                ذبـحـوك ياأختــاه مـن حـبـل الـوريــد
            جـعـلوكِ يــا أخـتـاه ارخــص سـلـعة 
                                بـاعـوكِ يــا بـغدادُ فـي سـوق الـعبيـد
            ويـــــلٌ لـبـغـداد الــرشـيـد وأهـلهــا 
                                فـهـولاكو فـي بـغداد يـولد مـن جـديد
            وعـــدوا بـتـحـرير الــعـراق وأهـلـــــه 
                               وعــدوك يــا بـغـداد بـالعيـش الـرغيـد
            زهــدوا بـدجـلةَ والـفرات وعـرضهـــم 
                              بـاعـوك فـي الـحانـاتِ بالثمـن الزهيــد
aliali6212g@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/02



كتابة تعليق لموضوع : بغداد.. هولاكو لم يرحل عنك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net