صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

بابيلون ح23
حيدر الحد راوي

 احمر وجه القائد جرجيل غضبا , فصرخ فيه قائلا : 

- يا غبي الا تعلم اني تقدمت بطلب الزواج من الاميرة شينوس ... هل ستقبل بي ان علمت بأني قاتل ابيها ؟ ! . 
اثناء ذلك , تقدم القائد خنكيل من الجيش المعادي , رمى سيفه جانبا , تقدم اكثر واكثر , فما كان منهم الا ان يتراجعوا , كأنهم لا يريدون لقائه , حدق فيهم بنظرات ثابتة , فاحصة , ثم قال : 
- يا شعبي العظيم ... أتعلمون من انا ... انا امبراطوركم الحقيقي ... وليس زنجدار ... جميعكم تعرفون ما حدث وكيف استولى على الامبراطورية ... حين كنت بعيدا اقاتل من اجلكم ... انتهز الفرصة ... فغدر بوالدي الامبراطور صنجيباع ... ليستولي على الامبراطورية ... ثم قتل جميع الذين اعترضوا عليه من العائلة الامبراطورية حتى كادت تنقرض ... ولم يك مني الا ان استسلم للوضع الجديد واقبل به حرصا على سلامة الامبراطورية وشعبها ... زنجدار امبراطور غاصب يقودكم نحو الظلام ...     
عمّ الضجيج بين الجيش , بين مؤيد وبين معترض : 
- نعم ... ان الامبراطور الشرعي هو القائد خنكيل ! . 
- وان كان ذلك صحيحا ... الا ان ولائنا يجب ان يكون للإمبراطور الحالي ! . 
اشتد الخلاف بينهم , الا انه لم يصل حد الاقتتال , توجه احد الضباط راكبا نحو سيف القائد خنكيل , ترجل من جواده , التقطه , رفعه بكلتا يديه ليقدمه له منحنيا قائلا : 
- ولائي للإمبراطور خنكيل ! .
التحق جزء من سريته به , وتخلف اخرون , لاحظ القائد جرجيل بوادر الانشقاق والاختلاف في جيشه , فصرخ في ضباطه : 
- اقطعوا هذا النزاع بالهجوم ! .  
كثيرا منهم احتاج وقتا اطول للتفكير واختيار في اي جهة سيقف , مع الامبراطور زنجدار ام مع القائد خنكيل , لم يحسموا امرهم , لكنهم اذعنوا بسرعة كبيرة لأوامر الهجوم , لتصطك الاسنة بالأسنة . 
كان رديح ورفاقه لا زالوا يتنقلون بين الغابات في طريقهم الى معسكرات الثوار , صادفوا كثيرا من البشريين يوافقونهم بالمسير والهدف , فساروا معا , لم يكونوا من البشريين فقط , بل كان هناك من الوحوش من ينوي اللحاق بالثوار ايضا , حزموا امرهم , وانطلقوا جميعا على شكل دفعات لا تثير شكوك الدوريات التي تجوب المكان , ولا تجذب انظار الوحوش الطائرة من فوقهم , حتى وصلوا الى نقطة احتاجوا فيها مرشدا يدلهم على الطريق الصحيح , لم يك منهم من سلك هذا الطريق , لذا توقفوا للتفكير قليلا , خطرت في مخ رديح فكرة ان يسأل الدوريات عن الطريق , بينما اعترض عليه الاخرون : 
- ان وجدوك سيقتلونك ... هذه المنطقة محظورة على المدنيين ! . 
- لا عليكم ... سوف اتدبر الامر .   
تقدم نحو دورية قادمة , خرج عليهم ملوحا , عرفوه , فليس هناك من لم يعرف رديح المصارع , الذي طالما امتعهم في مبارياته , اشار اليه ضابط الدورية : 
- ماذا تفعل هنا ايها المصارع رديح ؟ . 
- جئت اروم الالتحاق بالقائد خنكيل ! . 
لم يك يعلم مع اي جهة يقاتل القائد خنكيل , حالما سمع الجنود ذلك جردوا سيوفهم , لكن الضابط اوقفهم , ثم حدق به قائلا : 
- لو لا اني اعلم علاقتك بالقائد خنكيل واعلم انك لا تعلم شيئا عنه لقتلتك الان ! . 
- لماذا ... لقد كنت خادما وفيا للقائد خنكيل ما يربو على خمسة عشر سنة حتى اعتقتني الاميرة شينوس .
- هذا اعرفه جيدا ... لكن ما لا تعلمه هو ان القائد خنكيل قد خان الامبراطورية ... وهو الان يقاتل في صف المتمردين .  
كاد رديح يجن من الفرح لسماع ذلك , لكنه تمالك نفسه واظهر شيئا من الغضب والانزعاج : 
- ماذا تقول ايها الضابط ... أيعقل ذلك ؟ ! . 
- نعم ... والان ألا زلت تروم اللحاق به لتقاتل معه ؟ . 
اخذ يحثو التراب على رأسه ويولول كالنساء وهو يصرخ : 
- لماذا فعلت ذلك يا سيدي القائد خنكيل ... كيف تخون الامبراطور المعظم ! . 
- اجب عن سؤالي ... ألا تزال تريد اللحاق به ؟ 
صرخ مجيبا من غير وعي : 
- نعم ! . 
توقف فجأة ليتدارك غلطته , فأردف : 
- نعم ... سوف الحق به واقتله ! . 
- تريد ان تقتل القائد خنكيل ! .
- نعم ! . 
- حسنا ... اذهب اليه . 
- من اين الطريق ؟ . 
- من هذه الجهة المتمردين بقيادة ينامي الحكيم يقابلهم جيشنا بقيادة زندكار ... ومن تلك الجهة القائد خنكيل مع وحوش الخناكل وباقي الخونة يقابلهم القائد جرجيل .  
عضّ على نواجذه , مظهرا المزيد من الغضب , وهو يحدق في جهة القائد خنكيل صارخا : 
- سوف اقتلك ايها الخائن ! .
ثم انطلق مهرولا مسرعا , ما ان ابتعدت الدورية لحق به الاخرون . 
خاض الثوار معارك طاحنة مع جيش القائد زندكار , تكبدوا فيها خسائر جسيمة , بالكاد يحافظوا على موطئ اقدامهم , كان الوحوش اقوى منهم بكثير , فأمر ينامي الحكيم بزج المزيد من الفرق واطلاق المزيد من قاذفات اللهب نحو الوحوش الطائرة , لكنها كانت محاولة يائسة , بائسة ! . 
في غضون ذلك , كان القائد خنكيل يخوض حربا لا هوادة فيها , كفتها متعادلة , سقط الكثير من الطرفين , لجأ الى حيلة ينهي بها القتال , فلم يكن يحب رؤية الدماء , جمع ضباطه , شرح لهم الخطة وامرهم بالتنفيذ الفوري , انطلق الضابط زناكاف على الميمنة , والضابط سيزون على الميسرة , انسحب كلاهما الى ما خلف الفرق التي بقت بقيادة القائد خنكيل , فتقدمت جيوش القائد جرجيل مندفعة الى الامام , ثم شرع القائد خنكيل بالانسحاب التدريجي , رويدا رويدا , اثناء ذلك , قسّم الضابط زناكاف فرقه العشرون , ترك منها خمسة خلف القائد خنكيل من الجهة التي تلي الميمنة , خشية ان تنزل الوحوش الطائرة جنودا هناك , وابتعد بالباقي بعيدا عن الميدان , نفس الشيء فعله الضابط سيزون , وترك خمسة فرق من الجهة التي تلي الميسرة , لنفس الغرض , تأكد القائد خنكيل ان الضابطان قد ابتعدا ما يكفي , فتوقف عن التراجع , وامر بالتقدم والاندفاع , لكن بشكل بطيء , في الوقت المناسب , استدار الضابط زناكاف بفرقه الخمسة عشر ليلتف حول جيش القائد جرجيل , ثم يضربهم من الخلف , كذلك استدار الضابط سيزون , والتفت حولهم من الخلف , من الجهة المقابلة , ارتبكت جيوش القائد جرجيل , وبدأ ضباطها يفقدون السيطرة . 
تمكن الضابط زناكاف من الوصول الى مقر القائد جرجيل , تبارز مع حراسه , قتلهم هو ومن معه من صغار الضباط , فاقتحمه , التقت عيناه بعيني القائد جرجيل الذي بدا كالعاجز , حاول ضباط القائد جرجيل حمايته , لكن خمسة من ضباط القائد جرجيل الكبار وقفوا الى جانب الضابط زناكاف , وبقي مع القائد جرجيل ثلاثة ضباط  فقط , حاولوا التصدي , فنهاهم : 
- لا داعي للقتال .  
حدث اختلاف بين الضابط زناكاف والضباط الخمسة في من يتولى قيادة الموقف , فرد عليهم بصوت حازم : 
- اعلم انكم اعلى مني بالرتب لكني القائد الميداني هنا ... اما ان تخضعوا لأوامري او السيف بيننا .   
صفق القائد جرجيل له وقال مخاطبا اياه : 
- ايها الضابط الصغير زناكاف ... سوف اعرض عليك عرضا تحلم به ايها الشجاع ! . 
- لا عروض ... اما ان تستسلم او اترك سيفي يقول كلمته ! . 
- انظر ايها الاحمق ... انا قائد وانت ضابط صغير ... يجب ان تكون اكثر تأدبا معي . 
- الان انت مجرد عدو ... بسببك اريقت الكثير من الدماء من ابناء الشعب ... الان اما ان تأمر بإيقاف القتال او ان اقطع رأسك . 
استشاط القائد جرجيل غضبا , جرد سيفه واقبل نحوه مسرعا , تفادى الضابط زناكاف ضرباته , تبادلا الطعنات , قال له الضابط زناكاف ساخرا : 
- لقد فقدت رشاقتك ... شؤون القيادة عودتك على حياة الترف ... او ربما تقدم بك السن .
*** يتبع

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/02



كتابة تعليق لموضوع : بابيلون ح23
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net