نعمة البكاء على الحسين عليه السلام

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم 

اللهم صل على محمد وآل محمد 
 
هـلَّ عـاشورٌ فـقم جـددبه
مـأتم الحزن ودع شُربا وأكلا
كيف ما تلبس ثوب الحزن في
مـأتمٍ أحـزن أمـلاكا ورسلا
كـيف مـا تحزن في شهر به
أصـبحت فاطمة الزهراء ثكلا
 
 
• روي عن مولانا أمير المؤمنين (ع) أنه قال : إن الله تبارك وتعالى اطلّع على الارض
فاختارنا وأختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا وإلينا. 
 
 
أعظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي عبد الله الحسين وبحلول شهر أحزان آل محمد (ص) وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع إمامٍ منصورٍ من آل محمد، السلام عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ ، اَحْسَنَ اللهُ لَكَ الْعَزاءَ فِي وَلَدِكَ الْحُسَيْنِ السَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبَا الْحَسَنِ يا اَميرَ الْمُؤْمِنينَ ، اَحْسَنَ اللهُ لَكَ الْعَزاءَ فِي وَلَدِكَ الْحُسَيْنِ السَّلامُ عَلَيْكِ يا فاطِمَةُ يا بِنْتَ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ اَحْسَنَ اللهُ لَكِ الْعَزاءَ فِي وَلَدِكِ الْحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا مُحَمَّد، اَحْسَنَ اللهُ لَكَ الْعَزاءَ فِي اَخيكَ الْحُسَيْنِ، السَّلامُ عَلى اَرْواحِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ الاَحْياءِ مِنْهُمْ الاموات، اَحْسَنَ اللهُ لَهُمُ الْعَزاءَ فِي مَوْلاهُمُ الْحُسَيْنِ، اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ اِمام عَدْل تُعِزُّ بِهِ الاِسْلامَ وَاَهْلَهُ .
 
 
(نعمة البكاء على الحسين عليه السلام ) :
 
 
إن الله تبارك وتعالى أعطى الانسان الكثير من النعم وفضله على سائر المخلوقات ، ومن هذه النعم جعل عنده صفة البكاء لحل مشاكله والعقد النفسية ، والبكاء يعبر عن حالة حزن وألم وتوجع ولفقد عزيز لا سمح الله أو الخوف من خشية الله أو الخوف من شيئ معين أو وقوع في كرب أو شيئ محزن ، فالبكاء يعبر عن رقة القلب للفرد والدموع التي تخرج من العين عند البكاء تقوم بغسل النفس والروح عن العقد والهموم والغموم التي تترسب بداخلها.
 
ولذلك كان الانبياء والأئمة (عليهم السلام) هم المثل الاعلى لدى البشرية جمعاء إذا ذرفت أعينهم لا يكفكفونها ، كأبونا آدم و يعقوب النبي ويوسف النبي والنبي الأعظم صل الله عليه وآله و مولاتنا الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ومولانا زين العابدين عليه السلام ، فالبكاء ليس مذمومآ عند الله ولا عند جميع الأديان .
 
قد عرفنا ما هو البكاء ولماذا وما سببه ، لكن هناك بكاء إعجازي له فوائد وعوائد جمة ولا يحصىي عظم ثوابه إلا الله صدر ولا زال يصدر من كل المخلوقات إلى أن تقوم الساعة وله سر عظيم لا يعرفه إلا الله، وأهل البيت عليهم السلام كثيرًا ما كانوا يرغبون فيه وحثوهم وأوصوهم به كثيرًا وما أكثر الأحاديث والرويات المروية في ذلك في الكثير من كتب السير وأبرزها كامل الزيارات لأبن قولويه القمي. كان هذا البكاء ولا زال يشكل اعظم سلاح مدد قوته سماوي ، حاول كل الظلمة والطغاة والناصبين العداء لأهل البيت عليهم السلام في الماضي والحاضر من بني أمية ومن سار على خطاهم مثل اللا متوكل وغيره من مقاومته بالقتل والتشريد وبائي بالفشل و الهزيمة وهو باقي ما بقي الدهر، ألا وهو سلاح البكاء على سيد الشهداء الحسين عليه السلام لأنه يبين عظم الظلم والبشاعة التي ارتكبها بني أمية (لع) في حق أهل البيت  عليهم السلام ويشكل حربآ لهم وهدمآ لأساساتهم و تقبيحآ وتنفيرآ من سيرتهم الكافرة بكتاب الله وبأهل البيت وكثيرآ ما حاولوا منع الإنشاد والرثاء والبكاء على الحسين عليه السلام وزيارته والتقتيل والتنكيل  لمن يسعى بالقيام بها من شيعة أهل البيت عليهم السلام لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو  كره الكافرون. 
 
وإنا إذا بكينا على سيد الشهداء فإن البكاء ومن قبيله من أعمال المواساة لأهل البيت عليهم السلام يعتبر بحد ذاته نصرة لمولانا الحسين عليه السلام وتكون ذخرآ وذخيرةً وفائدة عظمى لأنفسنا في الدنيا والآخرة ودليلآ على ذلك قول الامام الصادق عليه السلام لزرارة : ( وما من عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت و دمعت عليه وما من باكٍ يبكيه إلا وقد وصل فاطمة عليها السلام وأشهدها عليه ووصل رسول الله وأدى حقنا و ما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين على جدي الحسين عليه السلام فإنه يحشر وعينه قريرة والبشارة تلقاه والسرور بيّن على وجهه والخلق في الفزع وهم آمنون) و إنه عليه السلام يبين عظمة البكاء وعظم الرزية التي حلت بالحسين وأهل بيته كقوله لزرارة : ( السماء بكت على الحسين عليه السلام يوم شهادته أربعين صباحا بالدم ، وإن الارض بكت أربعين صباحا بالسواد وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف و الحمرة وإن الجبال تقطعت وانتثرت وإن البحار تفجرت وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسين.
 
- قول مولانا الرضا عليه السلام يبين عظم مقتل الحسين عليه السلام ( إن يوم الحسين عليه السلام أقرح جفونها وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء .
 
- وروي عن الصادق (ع) انه اذا هل هلال عاشور اشتد حزنه وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (ع) والناس يأتون اليه من كل جانب ومكان يعزونه بالحسين ويبكون وينوحون على مصاب الحسين فادا فرغوا من البكاء يقول لهم : ايها الناس اعلموا ان الحسين حي عند ربه يرزق من حيث يشاء وهو (ع) دائما ينظر الى مكان مصرعه ومن حل فيه من الشهداء وينظر الى زواره والباكين عليه والمقيمين العزاء عليه وهو اعرف بهم وبأسمائهم واسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنة وانه ليرى من يبكي عليه فيستغفر له ويسأل جده واباه وامه واخاه ان يستغفروا للباكين عليه والمقيمين عزاه ويقول لو يعلم زائري والباكي علي لانقلب الى اهله مسرورا وما يقوم من مجلسه الا وما عليه ذنب وصار كيوم ولدته امه. فما عذر من هلّ عليه شهر عاشور وتغافل  عن هذه المصيبة التي أبكت كل عين .                                          
 
- عن الرضا (ع) قال : كان الكاظم (ع) إذا دخل شهر المحرم لم يرى ضاحكا وكانت كآبته تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة ايام فاذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (ع).
 
إن مصيبة الحسين عليه السلام وأبنائه قد بلغت عنان السماء وبكت لها السموات والأرض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء و أقامت الملائكة فوق سبع الطباق مأتما ونصبت من اجلها مياه البحار والأنهار وسكنت بسببها حركات الفلك الدوار كيف لا وقد أصبح لحم رسول الله أشلاء على التراب وأعضاؤه مفصلة بسيوف اهل البغي فلا قرت العيون بعد ذلك المصاب ولا التدت النفوس بلذيذ الطعام والشراب واعلم أن هذا الشهر شهر حزن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم. 
 
فعن الامام الصادق (ع) انه قال : اذا هلّ هلال المحرم نشرت الملائكة قميص الحسين (ع) وهو مخضب بالدماء فنراه نحن ومن احبنا نراه بالبصيرة لا بالبصر أي يعيش في مشاعرنا فتحزن لذلك نفوسنا وعندما يأتي هذا الشهر تأتي معه هذه الذكريات الاليمة تأتي معه صور من واقعة الطف وتعود الى الدهن صور مما جرى في واقعة الطف فيكثر الحزن والالم اذا هل على اهل البيت هذا الشهر يعقدوا له المأتم فلقد كان الامام الصادق (ع) يجتمع مع شيعته وخاصته ويعقد المأتم ويستدعي بعض الشعراء ويكلفهم ان ينظموا في واقعة الطف القصائد الحزينة ويجلس نساؤه من وراء الستر،ويبكون جميعآ. لقد كان هذا الشهر اذا هل هلاله على بني هاشم من بعد واقعة الطف تتحول بيوتهم الى حزن ولوعة .
 
- روي عن الريان بن شبيب قال دخلت على الامام الرضا (ع) في أول يوم من المحرم فقال لي يابن شبيب أصائم أنت ؟ فقلت ... إن هذا اليوم هو الذي دعا زكريا ربه فقال ربي هب من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاءفاستجاب الله تعالى وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحي .يابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال لحرمته فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا رحله فلا غفر الله لهم ذلك ، يابن شبيب إن كنت باكيا لشئ ...فابك الحسين بن علي بن بي طالب (ع) فإنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيه ولقد بكت السماء والأرض لقتله ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصرته فلم يؤذن لهم فهم عند قبره شعث غبر إلى اأ يقوم القائم (ع) فيكونون من أنصاره وشعارهم يالثارات الحسين يابن شبيب لقد حدثني أبي عن جده (ع) أنه قال : لما قتل جدي الحسين (ع) أمطرت السماء دما وترابا أحمر ، يابن شبيب إن سرك ان تلقى الله ولا ذنب عليك فزر الحسين ، يابن شبيب ان سرك ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (ص) فالعن قاتل (ع) يابن شبيب إن سرك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو أن رجلا أحب حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.
 
- وروي في الأمالي للصدوق : عن ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابراهيم بن أبي محمود عن الأمام الرضا عليه السلام أنه قال (( إنّ المُحَرَّمَ شهرٌ كان أهلُ الجاهلية يُحرَّمونَ فيه القتال فإستُحِلَت فيه دمائنا وهُتِكَت فيه حرمتنا وسُبيَت فيه ذرارينا ونسائنا ولم ترع لرسول ألله (صلى الله عليه واله وسلم) حرمة في أمرنا إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الأنقضاء فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون فإنّ البكاء عليه يحطُ الذنوب العظام ) . 
 
فهذه أيام التجارة مع الحسين (ع)التي لا يحُصى ربحها قد حلت فليخاطب كل منا نفسه هل حقآ سأتفاعل مع ايامها كما ينبغي؟!  كالآخرين يذرفون فيها الدموع الغزيرة فى مصاب سيد الشهداء (ع) وينشجون ويصرخون وينادون واحسيناه مستلهمين ما ورد عن الأئمة الطاهرين(ع) من روايات وأحاديث مستفيضة في فضل البكاء والنحيب والندبة والتحسر في أيام عاشوراء، 
وفقنا الله وإياكم للبكاء والإبكاء والنعي وحضور المجالس والخدمة بكل ما أوتينا من قوة في شتى الأمور الحسينية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/17



كتابة تعليق لموضوع : نعمة البكاء على الحسين عليه السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net