عاشوراء مناسك أحزان أم مناهج ثورة ضد الباطل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

سيسدل الستار على السنة الهجرية الحالية وتختفي شمعة من أعمارنا لتتوهج شمعة لسنة هجرية جديدة ، وكما هو معلوم فأن طائفة من المسلمين في كثير من البلدان ومنها العراق إعتادت أن تستقبل كل عام هجري بذكرى عاشوراء والأحداث التي جرت على سبط النبي المختار (عليه وعلى أهل بيته آلاف التحية والسلام) في كربلاء وما أعقبها من سبي لعترته الطاهرة بعد شهادة جميع رجالها والتجوال بهم في الأمصار ، وهذه المناسبة والذكرى مابرحت تغادر هذه الطائفة وتختفي عبر الأجيال المتعاقبة بل تزداد وتقل تبعأ للظروف المحيطة بهم وتبعآ للواقع السياسي الذي يدار به البلد .
معروف للجميع أن أحد أهم المتغيرات المجتمعية بعد عام 2003 هو إطلاق الحريات الدينية على أوسع أبوابها وفاقت كل المراحل التاريخية الحديثة التي كانت متاحة فيها ممارسة طقوس إحياء المناسبات الدينية . وبطبيعة الحال الجميع يؤمن بأن أفكار وثقافات وتطلعات ومدارك الأجيال التي تعيش اليوم ليست كالأجيال التي عاشت قبل قرن أو حتى نصفه لما هو حاصل من متغيرات وثقافات عالمية رفدت الحضارة الإنسانية نحو التقدم والإزدهار وإن كانت غائبة عن المجتمع العراقي مدة من الزمن .
على مدى الأعوام السابقة والإنفتاح الثقافي والعلمي والتقدم التكنولوجي والحريات الممنوحة بلا قيود في معظم الأحيان وممارسة الطقوس الدينية على أوسعها ، ألا ينبغي التوقف قليلآ لنرى ماهية طقوس عاشوراء وماهو المطلوب والهدف منها في حينها والغاية من ذكراها وهل هناك موائمة بين الحدث والذكرى أم أنها لاتتعدى كرنفال حزن يمر مر السحاب وتعاد الكرة في كل عام ؟ أعتقد أن الإحتفاء بها كذكرى ومناسبة حزن وبكاء هي في حقيقتها إنحراف عما أريد بها من أسباب موجبة للحدث وأهداف للواقعة ولما بعدها .
لا أعتقد أن الإمام الحسين ع قام بثورته المباركة وكان هدفه أن يستشهد بواقعة مأساوية لكي يندبه النادبون ويبكي عليه الباكون وينصب له العزاء أيامآ معدودة يتخللها طعام وشراب ثم تذوب وتتبخر حتى يحين موعد ذكراها في عام جديد .
النبي محمد (ص) صاحب رسالة سماوية الجميع يعترف بها وإن لم يكن مؤمنا ، قاتل الرسول الأكرم من أجل تثبيت عراها وتركيزها في الأمة وبعد رحيله الى بارئه حادت الأمة عن طريق الصواب وإنحرفت في مسارها الذي خطه لها نبيها وتمادى أهل الباطل في غيهم وطغيانهم وجبروتهم حتى إستمكنت شكيمتهم وقويت قبضتهم وعلت بهم راية الضلال حتى أصبحوا قادة البلاد وساسة العباد وملاذ الفساد . لهذه الأسباب إنتفض الإمام الحسين (ع) على هذا الواقع الذي سيؤدي الى إنحراف الرسالة الإسلامية عن منهجها الذي خطه الباري سبحانه وتعالى لهداية البشر وضياع سنة النبي الأكرم (ص) وغواية الشيطان للإنسان.
إستذكار المأساة يجب أن لاتغيب معها بيان الأهداف السامية التي من أجلها جاهد وأستشهد الحسين وأصحابه وأهل بيته ، بل الهدف من الذكرى كما أوصى بها الأئمة الهداة والتابعين الميامين هو السير السلوكي وليس الإعلامي على نهج الحسين وبيان نهضته والتمسك بعراها ومحاربة الباطل وأهله ومن يدافع عنه وإحقاق الحق والمطالبة بالحقوق والدفاع عن المستضعفين ونشر العدالة والمناداة بالمساواة . على ضوء ماتقدم لنرى العراق اليوم مابه وماجرى عليه وما حلت به من مصائب تكاد وتيرتها لاتتوقف عند حد فمن دمار للبنية التحتية الى هلاك الحرث والنسل ونهب للمال العام وضياع حقوق المستضعفين حتى أصبح البلد مستباح بسبب ولاة الأمر وأتباعهم الذين لم يختلف نهجهم وسيرتهم عن ولاة ذلك الزمان الذين فضحهم الحسين (ع) وقارعهم وواجههم وقاتلهم ولم تأخذه في الله لومة لائم .
خرج الحسين (ع) بأفراد لم يتجاوزوا العشرات واليوم ملايين تخرج لذكراه أفلا يوجد فيهم بضع عشرات يسيرون على منهجه ويقتدون بثورته ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/10



كتابة تعليق لموضوع : عاشوراء مناسك أحزان أم مناهج ثورة ضد الباطل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net