صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح295 سورة الروم الشريفة
حيدر الحد راوي

   بسم الله الرحمن الرحيم

 
الم{1} 
تقدم الكلام عنها . 
 
غُلِبَتِ الرُّومُ{2} 
الآية الكريمة بصدد حدث تأريخي حين غلب الفرس الروم , ففرح كفار مكة لذلك كثيرا , كون الفرس من عباد الاوثان , والروم من اهل الكتاب , فقال كفار مكة للمسلمين ( اننا سوف نغلبكم كما غلبت فارس الروم ) .   
 
فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ{3} 
تبين الآية الكريمة مكان المعركة (  فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) , اقرب ارض الروم الى فارس , او اقرب ارض الروم للعرب , مما يروى ان الفرس كانوا من ابتدأ بالهجوم , (  وَهُم ) , اي الروم , (  مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) , سوف يغلبون فارس في منازلة قادمة .   
 
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ{4} 
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  فِي بِضْعِ سِنِينَ ) , اكثره تسع او عشر واقلها ثلاث سنين , فالتقى جيش الروم بجيش فارس بعد سبع سنين من هزيمتهم , وكانت الغلبة للروم هذه المرة , (  لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ) , له جل وعلا الامر في ذلك , وامره جل وعلا نافذ كل شيء , (  وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ) , للمفسرين اراء مختلفة فيها : 
1- فرح المسلمون بغلبة الروم . 
2- فرح المسلمون ببشارة أتى به جبرائيل "ع" مفادها ان المسلمين سيغلبون كفار مكة وكذلك سيغلبون الفرس .  
 
بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ{5}
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  بِنَصْرِ اللَّهِ ) , بشارة نصر المسلمين على الفرس , او بنصر الروم على اختلاف الآراء , (  يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ) , له المشيئة جل وعلا ان ينصر من يشاء وفقا الى مقتضيات حكمته وتدبيره , (  وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) , وهو جل وعلا (  الْعَزِيزُ ) , الغالب , (  الرَّحِيمُ ) , بعباده .    
 
وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{6} 
تستكمل الآية الكريمة الموضوع (  وَعْدَ اللَّهِ ) , وعده جل وعلا بنصر عباده المؤمنين , (  لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ) , وعده جل وعلا متحقق لا ريب في ذلك , (  وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) , لكن اكثر الناس لا يدركون ذلك , وهؤلاء الناس قد يكونوا :      
1- كفار مكة . 
2- المنافقون . 
3- بعض المسلمين من ضعاف الايمان . 
4- جميعهم .   
 
يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ{7} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها هؤلاء الناس : 
1- (  يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) : ما يطال حواسهم منها فقط . 
2- (  وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) : اما عن الاخرة والتي هي الغاية فغافلون , لا تخطر في بالهم , ولا تأخذ ولو حيز بسيط من افكارهم . 
 
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ{8}
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ ) , كان الاولى بهم ان يتفكروا في انفسهم فهي الاقرب لهم , (  مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ) , لو تفكروا جيدا لتوصلوا الى تلك النتيجة , وايضا (  وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ) , تنتهي عنده ولا تبقى بعده , الا من حق عليهم البعث , (  وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ) , اكثر الناس كفار يجحدون بالأخرة , يظنون انها الحياة الدنيا فقط , وما هناك من بعث ولا حساب { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24 .      
 
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{9} 
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) , من خلال حلهم وترحالهم في الارض للتجارة وغيرها , شاهدوا اطلال ما تبقى من الامم السابقة , وسمعوا اخبار ما جرى عليهم , (  كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) , كعاد وثمود كانوا اشد قوة من كفار مكة , (  وَأَثَارُوا الْأَرْضَ ) , قلبوا وجه الارض لاستخراج المياه والمعادن وزراعتها , (  وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ) , عمروا اراضيهم ومدنهم بأفضل من اعمار اهل مكة لمدينتهم , يرى الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج4 " وفيه تهكم بهم من حيث انهم مغترون بالدنيا مفتخرون بها وهم اضعف حالا فيها" , (  وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ) , جاءتهم رسلهم بالحجج الواضحة والبراهين القاطعة , (  فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) , ما كان الله جل وعلا ان ينزل عليهم العذاب من غير جرم , بل نالوه استحقاقا , حيث قاموا بما يوجب نزول العذاب عليهم .    
 
ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون{10}
تنعطف الآية الكريمة لتضيف (  ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى ) , فكانت عاقبة اهل السوء أسوأ العذاب واقبحه , والسبب : 
1- (  أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ) : تكذيبهم بآيات الله تعالى مجده . 
2- (  وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون ) : لم يكتفوا بالتكذيب فقط , بل سخروا منها .     
 
اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{11}
تبين الآية الكريمة (  اللَّهُ يَبْدَأُ ) , بالإنشاء , (  ثُمَّ يُعِيدُهُ ) , بالبعث , (  ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) , للجزاء .   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/29



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح295 سورة الروم الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net