صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الضرورات لا تبيح المحذورات؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من أخطر ما مضت عليه الأمة في مسيرتها الطويلة أنها عملت بمنطق " الضرورات تبيح المحذورات" , مما وفرت لذوي النفوس الأمّارة بالسوء الفرص اللازمة للوصول إلى تحقيق رغباتهم ونوازعهم المطمورة فيهم.

وقد رفع رايات هذا النهج الحكام الذين يحكمون بأهوائهم ويتسلطون على الناس فيبخسونهم أعمالهم , ويصادرون حياتهم , فلكل آثمة ما يبررها ويسوغها ويعززها , من رؤى وفلسفات " الضرورات تبيح المحذورات".
أي أنها بدلا من أن تكون حالة محصورة وليست قاعدة عامة سارية , تحقق العكس تماما , ذلك أنها وفق المنظور الفقهي والشرعي والقانوني بحاجة إلى تقييم قانوني وإصدار قرار حكم يستوعب القضية , ولا يمكنها أن تكون قاعدة عامة وشائعة , ويُعمل بها في كل شأن.
ذلك أنها إن شاعت , فأنها لاتفترق عن منهج " الغاية تبرر الوسيلة" , بل تعزز السلوك الميكافيلي المعروف , والذي نتقول عليه ونأباه , لكننا في ذات الوقت نترجم سلوكيات " الضرورات تبيح المحذورات" , والتي تسببت بدمارات وخسائر فادحة للحياة والمجتمع والدين.
وفي أيامنا المعاصرة , تتداولت الألسن والخطابات هذا المفهوم , الذي حوّل الحياة إلى سقر , والإنسان إلى حجر , والبشر ضد البشر , والجميع ينادي إلى أين المفر.
فالمحذورات تبقى كذلك ولا يمكنها أن تكون غير ذلك , إلا فيما قل جدا وندر , والضرورات عليها أن لا تبيحها , لأن لها منافذ أخرى وآليات تحقيق غير التعاطي بالمحذورات.
فقتل المسلم لأخيه المسلم من المحذورات , فأية ضرورة تجيزه , وأكل مال الآخرين ومصادرة حقوقهم من المحذورات , فبأي ضرورات يباح الإستحواذ على حقوقهم ومصادرة ثرواتهم , وغيرها الكثير من المحذورات التي أستبيحت بإسم الضرورات , وما وجدت ضرورة لأية إستباحة مهما صغرت أو كبرت , وإنما الذي نسف المنحذور هو النهج السقيم العدواني الكفور.
ولهذا فعلى الفقهاء والغيارى أن ينهضوا بوجه الدعاوى الشاذة الظالمة الساعية لتدمير جوهر وجود الأمة , والنيل السافر من عقيدتها ومرتكزات دينها وقيمها وأخلاقها السامية الرحيمة الفاضلة.
وإنْ بقيَ أولي المسؤولية والشأن على صمتهم وتغافلهم وجهلم , فأن الأمة ستقع في الهاوية السحيقة وتندثر تماما وتغيب , فما عاد للصمت مكان في حياة الأمة , بعد أن أسقطت الحركات المدعية بالدين كل محذور وأعلنت بقوة أنها الضرورات التي تمحق قيم الدين وتدمر ما يمت بصلة إليه , ولهذا فأنها ترتكب الفواحش والخطايات , وتشيع الأحزان والآلام والبؤس وتقهر الناس وتستلب وجودهم وتقودهم إلى ويلات المصير.
فهل سينهض العارفون وذووا العقول والقول الراجح للتصدي لهذه المحنة الجلل العاصفة في أرجاء الأمة , وهي ترفع رايات الدين , وما تقوم به يتسبب بتداعيات مريرة تساهم في إعلاء شأن أعداء الدين , وتمنحهم الأدلة والمواد والمسوغات اللازمة لتكثيف الهجمة على الدين وأهله

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/29



كتابة تعليق لموضوع : الضرورات لا تبيح المحذورات؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net