صفحة الكاتب : هناء احمد فارس

الطفل العراقي وهويته الأصيلة
هناء احمد فارس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حينما تتصارع الحضارات والامبراطوريات فان هذا الصراع يكون اصلا من اجل اثبات (الانا) الانا التي تحولت الى هوية لها شكلها وجذورها ورغبتها المتشبثة بالبقاء حتى الافكار والمعتقدات هي الاخرى كانت وجها آخر لهذا الصراع فالصراع بين الراسمالية والاشتراكية والصراع بين القديم والحديث والصراع بين الجهل والعلم والصراع بين العامية والفصحى وجه اخر.
وحين يكون الصراع محتدما وله اطراف متعددة او ان تكون الهجمة الموجهة نحو مجتمع ما بدرجة من القوة، واساليب الغزو متطورة وشاملة في كل مرافق الحياة ،يكون الدفاع شيء صعبا للغاية ، او متعثر اذا لم يدرك حماة ذلك المجتمع وحملة رايته الاخلاقية والتربوية حتمية مواجهة الغزو الثقافي وتطوير وسائل المواجهة نحو تعزيز القيم الثقافية لذلك المجتمع وتعريف الاجيال بجذورهم القومية والدينية والتراثية .
شهد المجتمع العراقي اوجه متعددة من الغزو الثقافي حاله حال المجتمعات العربية الاخرى ،ولكن الغزو الموجه نحو العراق كان له خصوصية واسباب مختلفة عن غيره من المجتمعات العربية لذلك وجب ان تكون طرق علاج ذلك ال
اختراق االثقافي مختلفة واقوى من التي استعملتها الشعوب العربية لحماية هويتها الثقافية والتراثية وللأسباب التالية:_.
اولا _ المجتمع العراقي مجتمع على درجة كبيرة من المحافظة والالتزام الاخلاقي ويحمل في تفاصيله الكثير من العادات العربية الاصيلة والقيم الخاصة به التي تختلف عن غيره من المجتمعات.
ثانيا_ تعرض العراق الى خلل اجتماعي اضر بتكوينه الاسري الطبيعي نتيجة للحروب الطائشة التي تورط بها النظام السابق ،اضافة الى ماحصل نتيجة الغزو الامريكي وماتبعه من الاحداث التي افقدت الاسر العراقية  الكثير من متانة نسيجها الاجتماعي.
ثالثا_ ان العزلة الثقافية التي فرضها النظام السابق على المجتمع العراقي ، وماحصل بعد السقوط من تداول العراقيين لوسائل الاتصالات الحديثة ،بمافيها من اطباق البث التلفازي ، ووسائل الاتصال الاخرى ، حصلت متزامنة مع تعرف العراقيين الى فكرة الاعلام الحر المتعدد ، مما وسع الخيارات امام العوائل العراقية من اعداد متعددة من القنوات الفضائية كان له دور سلبي في تشتت العائلة العراقية نحو اتجاهات فكرية وثقافية متعددة .
رابعا _ ان الغاء وزارة الاعلام مثلا باعتبارها كانت مركزا لترويج فكر النظام السابق ، وبطء نهوض القنوات 
العراقية الحكومية وعدم مواكبتها للتطور الاعلامي وعدم قدرتها على  منافسة القنوات الفضائية ،ادى الى ضعف الهوية الاعلامية العراقية الموجهة نحو المجتمع .
خامسا:_  ان تدهور القطاع الصناعي العراقي بعد السقوط بسبب ظروف ماقبل السقوط من حصار اقتصادي ادى الى عدم تطور القطاع الصناعي العراقي ثم ماحدث بعد السقوط من السماح لاستيراد الاجنبي وبدون قيد او شرط كمركي ادى الى تدفق البضائع بشكل غير مسبوق في السوق العراقية وبالتالي انبهار المستهلك العراقي بالبضائع القادمة من الخارج ، ولان المستهلك العراقي قد عانى سنين من الحرمان بسبب الحصار الاقتصادي ،فقد حاول ان يشبع جوعه الاستهلاكي بتداول بضائع من مختلف المناشىء بمافيها البضائع التي لها تاثير على عادات المجتمع الثقافية من ملبس ومآكل ووسائل ترفيه.
سادسا:_ كعادة الشعوب في كل مكان لا احد ينكر منطق او فكرة ان المغلوب يتبع ثقافة الغالب الا في حالات خاصة ،وهكذا تاثر المجتمع العراقي بعادات الغرب في مآكله ومشربه وازيائه بل حتى بمفرداته اللغوية او قصات الشعروالاحتفالات .
سابعا _ ربما ان التقدم يشغل الناس عن الرجوع الى تاريخهم ولهويتهم ولتراثهم الشعبي الاصيل بمايقدمه من خيارات وموجات غزو ثقافي متعددة ،تسلخ المجتمع من خصوصيته وهويته اذا لم يجد ذلك الشعب جهات ثقافية عليا تعمل على حماية قيمه الاصيلة من الذوبان امام هجمة الغزو الثقافي.
ثامنا_ بروز ظاهرة تشيؤ الانسان العراقي وهي ظاهرة امتدت منذ سنوات الحصار الاقتصادي الذي عانى منه الشعب العراقي بفترة التسعينات واعطاء قيمة للانسان من خلال مايملكه من اشياء بغض النظر عن سلوكه وقيمه ومدى اصالة ثقافته او دوره الخير في الاطار الاجتماعي الذي يعيش فيه وتراجع دور المثقف تحت ضغط الحاجة اليومية والحياتية انشىء اجيال تعطي اهمية للملكية المادية لا الملكية الثقافية او الاخلاقية.
9_  ان الوضع الامني بكل تداعياته ادى الى خلل معرفي بتكوين اطياف الشعب الاخرى حيث ان الاحداث الطائفية والخلل الامني منعت التواصل الثقافي والمجتمعي بين مكونات الشعب مما ادى الى تكون حالة المنطقة ذات الشكل الواحد دينيا او مذهبيا وبالتالي ساعد على ازدياد هوة الجهل المعرفي بمكونات الشعب الاخرى.
ولكل هذه الاسباب ،عانى الطفل العراقي حاله حال المجتمع العراقي من اهتزاز وضعف في الهوية الوطنية ولان الطفل يعتبر مقلد مميز وسريع الاستجابة للمتغيرات لذلك عانى الطفل العراقي من انسلاخ شديد من هويته العربية والاسلامية الا في حالات خاصة ، وهنا ياتي الدور على جميع الجهات الاعلامية والوطنية للتاكيد والعمل على اعادة تأصيل الهوية الخاصة بالشعب العراقي واحترام مكوناته كافة ومختلف اطيافه القومية والدينية ويتم ذلك بجهود مدروسة تجند لها اكبر المؤسسات العلمية والتربوية وتتضافر فيها كل القدرات الممكنة من اجل معالجة وانقاذ مايمكن انقاذه من الهوية الخاصة بالطفل العراقي وهذا ما سنناقشه في المقالات القادمة ان شاء الله. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هناء احمد فارس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/15



كتابة تعليق لموضوع : الطفل العراقي وهويته الأصيلة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net