صفحة الكاتب : نزار حيدر

التَّهالُك على السُّلْطَةِ بِلا كَفاءَةٍ..خِيانَةٌ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

توطئة:
 *ادناه، نص الحوار الذي اجراه الزميل حيدر مرتضى محرر مجلة (عطاء الشباب) الشهرية التي تصدر عن العتبة العباسية المقدسة.
 السّؤال الاول: الاستاذ العزيز نزار حيدر المحترم السلام عليكم.
 بحكمِ خبرتِك الطّويلة في مجال السّياسية التي تعود لأيّام شبابك، ما هي المقترحات التي تعتقد أنها يمكن أن تساهم في مساعدةِ الشّباب على خوض العمل السياسي، وبالطريقة التي تمكّنهم من خدمة بلدهم.
 فما هي السّياسة؟ وما هو هدفها؟.
 الجواب: لقد قيل في مفهوم السّياسة الكثير، منها التأمين من الاخطار وإدارة شؤون البلاد والعباد في إطار ما بات يُعرف بمفهوم فَنِّ الممكن.
 امّا انا فاعرّف السياسة بأَنّها فن إدارة المصالح وحمايتها، فالأب في الاسرة سائِسٌ لانَّهُ مسؤول عن إدارة مصالح الاسرة وحمايتها من الاخطار، والتّاجر سائِسٌ في مجال عملهِ لانّهُ مسؤولٌ عن إدارة رأس ماله وحمايتهِ من الاخطار، وهكذا مدير المدرسة وصاحب الشّركة صعوداً الى المسؤول في الدَّولة كلٌّ حسْبَ موقعهِ وحجم مسؤوليّته، ولذلك جاء في الحديث الشّريف عن رسول الله (ص) قوله {كلّكم راعٍ وكلّكُم مسؤولٌ عن رعيّته} اي كلّكم ساسة، وأَول السّاسة هم أئمة أَهل البيت عليهم السلام الذين حَمَوْا الامّة من الانحرافات، خاصّة على صعيد العقيدة، كما نقرأ في الزّيارة الجامعة الكبيرة المعروفة، عبارة {ساسةُ العبادِ وأركانُ البلادِ}.
 من هذه المفاهيم والّتعاريف يمكن القول انَّ هدف السّياسة هو وضع الخطط والمناهج والاستراتيجيّات لإدارة مصالح البلاد والعباد وحمايتها من كافّة الاخطار.
 السّؤال الثاني: ماذا ينبغي أن يكون هدف السّياسي؟ هل هو الوصول فقط إلى السلطة والمنصب؟ أم انّ عليه التّفكير فيما بعد ذلك؟.
 الجواب: تأسيساً على التعريف اعلاه نستنتج بأنَّ هدف السياسي يجب ان يكون بذل كلّ الجهد من أَجل حماية مصالح البلاد والعباد، طبعاً من خلال التّخطيط السّليم والنّزيه للوصول الى السّلطة ولكن ليس لذاتِها ابداً، وانّما لغيرها، الا وهو حماية المصالح العليا من كاّفة المخاطر، وهذا ما يتطلّب منه ان يمتلك رؤية واضحة قريبة المدى واُخرى بعيدة المدى لتحقيق هذه الغاية المقدّسة العُليا، امّا ان يبذل كلّ ما بوسعهِ فيصرف الملايين على الدّعاية والاعلام وربما لشراء الذّمم وخداع الناس لمجرّد ان يصل الى السّلطة ثم يجلس خلفَ الطّاولة منتفخاً لا يقدّم أيّة خدمة للمجتمع ولا يحرّك ايّ ساكنٍ لتحقيق مبدأ الحماية المشار اليه، فهذا هو عينُ الخيانةِ لانّهُ تنافسٌ على موقعٍ ينتظر مِنْهُ النّاس خدمة كبرى لحماية مصالحهم ودمائهم وأعراضهم، وكذلك لضمان مستقبلِهم، اذا به يستولي عليه بالنّصب والاحتيال، دجّالٌ، فيختطفهُ من آخر ربما كان أقدر منه على تحقيق هذا الهدف وأكفا منه في تأمين مصالح الناس وحماية البلاد.
 لقد لخّص أمير المؤمنين عليه السلام فلسفة السياسة بقوله؛ {أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِم، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم، لاَلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلاَلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز!}.
 فاذا وُجد المبرّر ووُجدت القدرة على الإنجاز، فلابدّ من التّصدّي للسّياسة لحماية مصالح الناس من خلال العمل على حمايةِ المستضعفين والمهمّشين المغلوبِ على امرهم في المجتمع تحديداً بصفتهم الحلقة الأضعف! وهو ما أشار اليه الامام امير المؤمنين (ع) بقوله {لَمْ يَكُنْ لاَِحَد فيَّ مَهْمَزٌ، وَلاَ لِقَائِل فيَّ مَغْمَزٌ الذَّلِيلُ عِنْدِي عَزِيزٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ لَهُ، وَالْقَوِيُّ عِنْدِي ضَعِيفٌ حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مَنْهُ، رَضِينَا عَنِ اللهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا له أَمْرَهُ}.
 انّ التّهالك على السُّلطة من غير مبرّر حقيقي وهدف نبيل يُعَدُّ خيانةً عُظمى يرتكبها الانسان بحقّ الوطن والمجتمع، ولذلك ورد في الحديث الشريف عن رَسُولِ الله (ص) {مَلْعونٌ مَلْعونٌ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ يَعولُ}.
 السؤّال الثالث: لماذا ينبغي على الشّباب الانخراط في وممارسة العمل السّياسي؟.
 الجواب: الشّباب هم قادة المستقبل وأقدر النّاس على تحقيق المفهوم الحقيقي للسّياسة.
 انّهم دماءٌ جَديدَةٌ وافكارٌ جَديدَةٌ ورؤيةٌ جَديدَةٌ.
 فالشّباب هُم؛
 اولاً؛ الاقدر على استيعاب المتغيّرات سواءً كانت المحليّة منها او الإقليميّة او الدوليةّ.
 ثانياً؛ الاقدر على هضم حاجات كلّ مرحلة من مراحل العمل السّياسي، كونهم الاقدر على الانسجام والتفاعل مع الواقع والمستقبل على حدٍّ سواء، على اعتبار انّهم يعيشونَ جيلين، جيلهم والجيل الذي يليهم.
 ثالثاً؛ الاقدر على قيادة التغيير المطلوب لكلّ مرحلةٍ من المراحل، لِما يتمتّعون به من صفات تتطلّبها، عادةً، عمليّة التّغيير مثل الجُرأة والشّجاعة والاقدام والمثابرة والقابليّة على المتابعة والقيادة الميدانيّة والقدرة على استيعاب التكنلوجيا وتسخيرها لتحقيق الهدف الاسمى من السّياسة.
 ولذلك نُلاحظ انّ عمليّات التغيير الكُبرى والثّورات الكُبرى تنطلق على يد الشّباب، فالاسلام انتصر بالإمامِ علي بن ابي طالب عليه السلام الذي كان شاباً يافعاً وقف الى جنب رسول الله (ص) في السرّاء والضرّاء، بالاضافة الى مجموعةٍ من الشّباب الرّسالي من أمثال عمّار بن ياسر وصُهيب الرّومي وآخرون.
 في عاشوراء في كربلاء عام ٦١ للهجرة كذلك، فلقد انتصر الحسين السبط عليه السلام بالشّباب والذين يقف على رأسهم العباس بن علي بن ابي طالب عليهم السلام حامل لواء الامام الشهيد، فضلاً عن ثُلّةٍ من الشّباب الرّسالي الشّجاع من امثال القاسم بن الحسن عليهما السلام وعليٍّ الاكبر بن الحسين عليهما السلام وآخرون.
 من هنا تأتي أَهميةّ ووجوب انخراط الشّباب بالعمل السّياسي لنضمن قيادة المستقبل الذي سيكونُ افضل من الحال الحاضر بكثيرٍ بالشّروط التالية؛
 الف؛ ان يؤسّس الشّباب انخراطهم في العمل السّياسي على أسسٍ جديدةٍ، عصريّةٍ وحضاريّةٍ ومتطوّرة، فلا يعتمدوا على الطريقة الكلاسيكيّة الحالية التي انخرطَ بها الجيل القديم.
 باء؛ قراءة تجربة الأجيال الماضية بشكلٍ جيّد جداً ليتم استيعابها من اجل ان لا يبدأ الشباب من نقطة الصّفر، فالسياسة تحتاج الى تراكم التجربة من اجل ان نوفّر بالزّمن والجهد والثّمن، ومن اجل إنجازٍ افضل وأحسن، خاصّة وان المراحل جميعها كالسّلسلة المترابطة لا يمكن لاحد فصلها وعزلها عن بعضها.
 وبهذا الصّدد فانا انصح الشباب وأوصيهم بقراءة مذكّرات الشّخصيات والقادة والرموز بمختلف خلفيّاتهم وتوجّهاتهم وأدوارهم، فانّ فيها الكثير النافع من التفاصيل التي لا نجدها في غيرها من الكتب، والتي ترسم لنا تصوّراً كاملاً اقرب ما يكون الى الدّقة، عن الظّرف والواقع الذي عاش فيه أصحابها.
 عليهم ان يقرأوا تجارب الأجيال السّابقة على الأقل في مدة القرن الاخير من تاريخ العراق الحديث، والتي تبدأ من فترة التأسيس، شريطة ان لا تشغلهم العُقد وانما السّعي لتوظيف الخبرة والتجربة بما يحقّق الهدف الاسمى.
 جيم؛ تجاوز الأمراض المستعصية في الشّخصية العراقيّة، مثل عبادة الشّخصية والقابليّة على صناعة الطّاغوت واحتكار الحقيقة والعنصريّة والطّائفيّة وعقليّة النظام، وكل ذلك من أجل بناء دولة مؤسّسات عصريّة، والعمل الفردي من أجل تكريس العقليّة الجماعيّة، عقليّة الفريق.
 دال؛ الانفتاح على تجارب الامم والشّعوب الاخرى لنتعلم منهم اسباب وأدوات النّجاح، خاصّة التي مرّت بنفس الظّروف الّتي مرّ بها العراق، فنجحت في تجاوز ماضيها المرير والانتقال ببلادِها الى مستقبلٍ أفضل.
 السّؤال الرّابع: هل تشجّع العمل الجماعي (الاحزاب السياسية)؟ أم العمل الفردي في السّياسة؟.
 الجواب: لاشكّ ان الانخراط في الشّأن العام لا يؤتي أيّة ثمار اذا لم يكُن في إطار المؤسّسات، ولانّ العمل السّياسي هو من اكثر تجلّيات الشّأن العام، ولذلك فانّه لا يمكن ان يُثمر بلا مؤسّستهِ المتعارف عليها وأقصد بها الحزب السّياسي.
 صحيح انّ تجربتنا في العمل الحزبي متخلّفة جداً على الرّغم من انّها ليست حديثة عهد، فلقد بدأت الحياة الحزبيّة في العراق منذ التأسيس بدايات القرن الماضي، الا انّ التّجربة، وللاسف الشّديد، لم تشهد تطوراً يُعتدُّ به، ومع ذلك فلا مناصّ من العمل الحزبي والانخراط فيه لمن يريد ان ينخرط في السّياسة والشّأن العام.
 ينبغي على الشّباب ان يأخدوا على عاتقِهم مسؤوليّة تطوير العمل الحزبي في العراق، لانّ السعي لتطوير الجوهر، السّياسة، لا يتحقّق بلا تطوير الادوات، العمل الحزبي.
 السّؤال الخامس: ما هي الادوات التي يجب ان يمتلكها السّياسي لكي يصبح سياسياً ناجحاً؟ (مثلاً/ الاتصال الفعّال، الاقناع، الخطابة والالقاء، تحليل الاحداث، معرفة بالنُّظم السّياسية)؟.
 الجواب: كلّ هذه المهارات التي ذكرتها في السؤال وأكثر.
 ولكنّني اعتقد انّ هناك ثلاث مهارات أساسيّة يجب ان يتعلّمها الشّباب ويطوّروا شخصيتهم بها، الا وهي:
 - الادارة، فانّ مشكلة الكثير من السياسيّين عجزهم في إدارة مكتبهِ وانصارهِ ومؤسّساته، فكيف سيُدير الدّولة اذا ما تسنّم موقعاً فيها؟.
 - العلاقات العامّة، وهي علمٌ وفنٌّ ومهارةٌ ضروريةٌ جداً للسّياسي، ليتعلّم كيف يتواصل مع المجتمع ولا يتقاطع مع أَحدٍ حتّى الخصم.
 - التّعبير، سواء بالخطابة او بالكتابة، او ما يُعرف بالتّسويق، فهي مهارةٌ مهمةٌ جداً تُساعد السّياسي على التّعبير عن نفسهِ وتسويق أفكاره وآرائه ورؤاه، وكلّ ذلك يُساهم في عمليّة الاقناع التي يسعى اليها السّياسي لتسويق مبادئهِ واهدافهِ للمجتمع، والتي يُفترض ان تكون الشّيء الوحيد الذي يتنافس عليه مع الاخرين للوصول الى السّلطة، بعيداً عن الوعود المُخادعة وسياسات التّضليل وتخدير الرّأي العام بتوزيع الأماني والاحلام، كما يفعل كثيرون بسبب خواء برنامجهم السّياسي وفراغهُ من الحقائق السّياسية الحقيقيّة.
 السّؤال السّادس: ما هي ابرز المشاكل التي تكتنف العمل السّياسي بالنّسبة للشباب؟! (مثلاً/ التجاذبات السياسيّة، الاغراءات المناصبيّة، قلّة التمويل)؟.
 الجواب: للاسف الشّديد فانّ هناك الكثير من المعوّقات التي تقف في طريق الشّباب عندما ينوون الانخراط في العمل السّياسي، وانّ ما ذُكر في السّؤال هو بعض هذه المشاكل.
 الا انّني اعتقد انّ امام الشّباب فرصة كبيرة في العمل السّياسي على الرّغم من كلّ هذه المشاكل، شريطةَ ان يتسلّحوا بالعلم والأصرار والمثابرة، فبالعناد والاصرار على النّجاح يقهر الشّباب كلّ المشاكل ويليّنون كلّ العُقد الصّلبة، وفي تجارب الشّباب في العالم على هذا الصّعيد الكثير من الدّروس التي يمكن الاستفادة منها.
 كما انّ تاريخنا على هذا الصّعيد، هو الآخر، يحتوي على الكثير من التّجارب التي يُمكن للشّباب الاستفادة منها.
 يجب ان يقرّر الشّباب قهر عبارة (مُستحيل) وهزيمتها، من خلال تكرار التّجربة وعدم الاستسلام لليأس او للمشاكل، والا فسيقهرهم ويهزمهُم المستحيل في أوّل مواجهة!.
 انّ العراق الان يختلف عن عراق ما قبل ٢٠٠٣، فبحمدِ الله تعالى هناك أكثر من اداة تَخلق الفرصة للشّباب، منها الحريّة التي تُساعدهم على التّفكير بصوتٍ عالٍ والعمل كفريق، والتكنلوجيا التي تساعدهم على التّواصل، وكذلك على كسب العلم والخبرة والتّجربة.
 السّؤال السّابع: من هو النّاشط السّياسي؟ وهل بالضّرورة أن يصل جميع السياسييّن إلى سدّة الحكم؟ أم نحتاج إلى مراقبين للسّياسة، ومحلّلين للسّياسة؟!.
 الجواب: لا شكّ انّ الّسياسة لها عدّة مجالات وأجنحة، والعمل السّياسي في إطار أدواتهِ، واقصد به العمل الحزبي، هو أحد أجنحتها، ولكنّه ليس كلّ شيء.
 العراق اليوم، والذي يسعى لبناء تجربة ديمقراطية حديثة، بحاجةٍ الى السّياسة بمفهومها الأشمل والاوسع.
 انّهُ يحتاج الى العمل السّياسي والعمل الحزبي، ويحتاج الى مفكّرين سياسيّين إستراتيجيّين، ويحتاج الى ناقدين ومُراقبين ومحللّين سياسيّين، ويحتاج كذلك، وهو أمرٌ مهم، الى إعلاميّين سياسيّين، ويحتاج الى كلّ شيء يتعلّق بالسّياسة.
 انّ من الخطأ حصر مفهوم السّياسة بالعمل السّياسي للوصول الى السّلطة فقط، فانّ ذلك يحجّم من الدّور المطلوب من السّياسة، ويحوّلها الى مجرّد صراع على السّلطة من دون رؤية او برنامج او مشروع او استراتيجيّة واضحة، ما يدمّر البلاد ولا يخدم المجتمع أَبداً.
 بناءً عليه، فانّ أمام الشّباب فرصة الانخراط بالسّياسة بمختلف مستوياتها، فبمقدورهم الانخراط في العمل الحزبي للوصول الى السّلطة، وهذا طبعاً يحتاج منهم ان يدقّقوا كثيراً ويستشيروا طويلاً ليُحسِنوا الاختيار.
 وأمامهم فرصة التخصّص في علمِ السّياسة للتّدريس والتّحليل وبناء الرُّؤية وغير ذلك، وهو أمرٌ في غاية الاهميّة، خاصةً في بلدٍ مثل العراق الذي يفتقر الى الخُبراء السّياسيّين الاستراتيجيّين المخطّطين والّذين يرسمون رؤية للبلد ولمشروع بناء الدّولة.
 كذلك، فانّ أمامهم فُرصة الانخراط في منظّمات المجتمع المدني المعنيّة بقضايا الدّستور كالحقوق والواجبات والسّلطات والقوانين وغير ذلك، والأخرى المعنيّة بالقضايا الحقوقيّة، والثّالثة المعنيّة بقضايا الرّقابة على مؤسّسات الدّولة، وغير ذلك، وهو المجال الذي يَصبُّ في مهامِّ التّسديد والتّرشيد والإصلاح.
 السّؤال الثّامن: إذا علِمنا أنّ السّياسة هي تحقيق مصالح العباد، بأعتقادك أيّهما أصلح: السّياسة القائمة على المصالح؟ أم على المبادئ؟ ولماذا؟.
 الجواب: لا يوجد مفهوم (المبادئ) بالمعنى الضيّق في السّياسة، كما انّ مفهوم المصالح الضيّق، هو الاخر خطر جداً على السّياسة.
 ينبغي ان نّتعامل مع السّياسة كمفهومٍ مرنٍ لتحقيق المصالح العليا للبلاد والعباد في إطار مبادئ عامّة متّفقٌ عليها بالشّكل المعقول.
 ولو درسنا سيرة أئمّة أهل البيت عليهم السلام على مستوى تعاملهم مع السّياسة لرأينا أنهم (ع) كانوا يبذلون كلّ ما بوسعِهم من أجل حماية مصالح الامّة والجماعة المؤمنة، ولذلك نُلاحظ انّ مواقفهم السّياسّية تختلف في الشدّة واللّين حدّ التناقض اذا لم نفهمها في إطارِها الاستراتيجي العام، والّتي لم تأتِ، عادةً، من فراغ او رغبةٍ او نزوعٍ الى مصلحةٍ شخصيّةٍ، أَبداً.
 انّ من لا يدرس سيرة أئّمة اهل البيت (ع) في إطار المصالح والمفاسد، فسيتصوّر انّ تناقضاً ما في مواقفهِم، فيعتقد، مثلاً، انّ صُلح الامام الحسن عليه السلام يتناقض مع ثورة الامام الحسين عليه السلام، وانّ قبول الامام الرّضا عليه السلام بولاية العهد مع الطاغوت يتناقض مع رفضِ الامام الكاظم عليه السلام القاطع التّعاون مع الطاّغوت ولو بمقدارِ كراء جمالٍ لَهُ في طريق الحجّ، وانّ إِصرار الامام أَمير المؤمنين عليه السلام على إِقالة معاوية بن ابي سفيان من ولاية الشّام يتناقض مع قبولهِ ببقاء شريح قاضياً للقُضاة، او اتّخاذهِ زياداً ابن أَبيه عاملاً من عمّاله، وهكذا.
 برأيي، فانّهُ ليس هناك ايّ تناقضٍ بين المصالح والمبادئ في السّياسة، بل انّ هناك عمليّة مزاوجة دقيقة وتكامليّة يُمكن للخبيرِ المضطلع ان يكتشفها اذا وضعَ نُصب عينيهِ المصالح العليا للبلاد والعباد، من جهة، واذا تحرّرَ من العُقد والمصالح الضيّقة والأنانيّة، من جهةٍ ثانيةٍ.
 انّها عمليّة موازنة دقيقة بين المبادئ والمصالح العامّة، ولا وجود للتّناقض او التصادم بينهما أبداً.
 ختاماً: شكراً جزيلاً للزّميل حيدر مرتضى لاتاحتهِ هذه الفرصة للحديثِ عن واحِدَةٍ من أَهمِّ القضايا التي تشغل بال وتفكير الجيل الجّديد، الشّباب، في العراق.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/03



كتابة تعليق لموضوع : التَّهالُك على السُّلْطَةِ بِلا كَفاءَةٍ..خِيانَةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net