الأخلاق هي بشكل عام وعي إنساني يقوم على ضبط وتنظيم سلوك الإنسان في كافة مجالات الحياة الاجتماعية بدون استثناء في المنزل مع الأسرة وفي التعامل مع الناس، في العمل ، في السياسة، في العلم وفي الأمكنة العامة ، وهنالك من يراها إنها جمع خلق، والخلق هو صفة راسخة في النفس تدعوها إلى فعل الخير وبهذه الصفة يمتاز الإنسان عن سائر المخلوقات ، وهي قيمة إنسانية في نهاية الأمر .
اليوم نتكلم عن الأخلاق عند الساسة والتي يراها الناس أصبحت في الحضيض بعد أن كانت أفضل ما يتحلى به السياسي ، ودليلنا أخلاق الساسة في هذا الزمن الصعب وبالذات في عراقنا ، هذا البلد الذي هو مهد الحضارات ومعلم البشرية ومنار الحرية والصمود والذي علم العالم الكتابة والفلك والطب وغيرها من العلوم الإنسانية .
اخترتُ مفردة كسوف لأنني أرى إن الأخلاق كُسفت وانتهت من القاموس اليومي عند ساستنا ، إلا اللهم من كان خارجاً عن المألوف من الساسة ، وهؤلاء عددهم قليل جداً ، نستطيع أن نستدل عليهم من خلال تعاملهم الإنساني مع من هم اقل منهم مكانة سياسة أو اجتماعية أو حتى مادية أو علمية وأولهم السيد المالكي كما هو معلوم لكل من عرف هذا الرجل .
الاستغراب هنا يكون كبيرا حينما نعلم إن ما يبغون إليه ساسة اليوم قد حصلوا عليه ، فان كانوا يبحثون عن الجاه فالجاه لهم ، وان كانوا يبحثون عن السلطة فالسلطة هي بالأساس بيدهم ، وان كانوا يبحثون عن فوائد مادية فالحمد لله احدهم أصبح يملك ما لم يحلم به طيلة حياته وربما حتى لم يحلم به أي فرد من عائلته وحتى أصدقائه .
ترى لماذا كل هذا الانحراف الأخلاقي وركوب موج الرذائل والابتعاد فعلا عن جادة الفضائل والتمسك مع العناد بدرب الرذيلة والغلو فيها ، هل يحق لنا أن نطلق مفردة حماقة على تصرفاتهم كما هو معروف عن الحماقة ، فهي معرفة الصح والحق والعمل بغيره ، أم إنها من كماليات الشخصية السياسية والتي زرعت بعقولهم من الفترة السابقة عندما كانوا يتأملون صدام وكيف يتصرف وكيف يتكلم وكيف يتعامل مع البشر، فان كان هذا السبب فعلم النفس التحليلي قد شخص العلاقة الوثيقة والحب اللا إرادي بين الضحية والجلاد ، فهو كان جلادا وهم ضحايا ، وبهذه الحالة لا يحق لنا أن نلوم أحدا .
هل أن الرذيلة هي التي نحصل منها على ما نريد أم إن الرذيلة دليل الشجاعة والقوة أو هل الرذيلة صفة يجب أن يقترن بها من كان سياسيا حتى يشار إليه بالسياسي المحنك والناجح.
لا افهم سر تمسكهم الأعمى والفاقد للبوصلة الإنسانية ، وهم يتمعنون غلوا في ابتكار أساليب شيطانية لا يعرفها إبليس نفسه في الوصول للغايات المنشودة والتي هي غايات لا يقبلها الله ولا الشرع ولا حتى من كان يمتلك ذرة إنسانية وحب بسيط للعراق .
لماذا تسلك القوائم الحاقدة على السيد المالكي هذا الدرب الموحش وهي تعلم أن عقلية السيد المالكي تتكون من صفحة بيضاء فيها تلويح اخوي واضح المعالم ومفعم بالطيبة العراقية ، وهم من كان معه في يوما ما يقارعون ظلم الدكتاتورية لحين انجلاء الغيمة السوداء من على سماء العراق .
لماذا كل هذا الغلو في الحقد والتمسك بروح الرجل الحاقد وهم يرون كيف إن السيد المالكي كان الأشطر منهم جميعا في توحيد أهل العراق بعد أن فقدوا روح التوحيد والألفة وأصبحوا مجرد كتل متناحرة طائفيا وحتى عشائريا ضمن الطائفة الواحدة .
هل الأخلاق نسبية أم إنها تسير بطريق واحد وبسكة ثابتة كالناموس أو كالتعاليم الراسخة التي لا تقبل تغيير في ماهيتها بل ربما تتطور نحو الأفضل لا أن تتراجع ، فهذا الكون فيه من التراجع في اغلب المواضيع إلا في موضوع الأخلاق ، فالأخلاق لا تقبل التراجع بل توافق أن تكون ثابتة راسخة غير متحركة ، وان تحركت فالتحرك سيكون للأمام والأمام هنا هو الطريق الايجابي حتما .
يتوقعون أن الشعب العراقي لا يفهم أبجديات السياسيات الأخلاقية التي استخدمها قادة الكتل والتي لا تصلح قولا ولا فعلاً ، فالقول أبشع من الفعل والفعل أخزى من القوال .
لنأخذ على سبيل المثال لا الحصر الطريقة التي يتكلم بها احد رؤساء القوائم في وصف زملائه من الساسة بالخفافيش ، وهل هذه لغة نسمعها من لسان سياسي يدعي انه من المناضلين مع شهادة عليا بأفضل اختصاص طبي وماضي طويل وعريض من النضال كما يدعي ، وهل النضال هنا هو نضال في الألفاظ النابية أم نضال في مقارعة الدكتاتورية ، إن كان النضال هنا نضال وسباق في الحصول على مكانة مرموقة في موسوعة غينيس للألفاظ المخجلة فما علينا إلا أن نقرا السلام على عراق السلام ، أما إذا كان النضال هو الخطاب الثوري الصدامي البعثي فهذا يعني إننا سنعود للصداميات ولأصدقاء القائد ولأخوان هدله وما علينا إلا أن نذهب لشراء الزيتوني وسجل لحضور الاجتماعات الحزبية في مقر المجلس البلدي والذي هو الابن الشرعي لمقر الحزب السابق، استغرب كثيرا من التصريحات التي لا تمت لأخلاق السياسي وللياقة الأدبية بشيء ، فالسياسي الناجح يجب أن يتحلى بأعلى مرحلة من الدبلوماسية والكياسة وإلا أصبح رجل عصابات خدمه الحظ فاعتلى مكانة عالية .
أما الابن المدلل الملا حيدر المجيد فهو لحد هذه اللحظة يحاول أن يعيد أمجاد أبناء العوجة وهذا دليل على امتزاج عقلية حيدر الشاب بأفلام عدي مع النمر وقصي مع شلة الغجريات وهن يمجدن الأسد وأشباله .
إن أراد لنا أن نفكر بطريقة لنرى سطوع وبزوغ الأخلاق الحميدة ، فعلينا أن نترك حب الأنا ونفكر بمصالح الشعب قبل أن نفكر بمصالحنا ، وهذا ديدن السياسي الناجح وإلا أصبحت مهنة السياسة مهنة غير شريفة ، وهذا ما لا يريده الشعب في قواميس ساسة اليوم أو في المفكرة الشخصية لكل سياسي عراقي .
لكن للأسف ما نراه اليوم هو ليس كسوفا للأخلاق بل موت وتحلل للأخلاق وتطاير أجزائها مع الريح وكأنها جثة حُرقت وفق مبدأ الدفن اليوناني القديم بعد أن تحرق الجثة وتتطاير ترابها في أعالي السماء .
إنهم يتمعنون في محاربة للسيد المالكي ضنا منهم إنها سياسة ناجحة وهذا ما يجعلنا نعتقد إنهم قد فقدوا بوصلة الأخلاق ، فالسيد المالكي يُريد خيراً بالعراق وهم يحاولون وضع العصا في دولاب الحكومة ، وفي حساباتنا إن أخلاقهم قد كُسفت وانتهى أمرها ولا تفيد معها طلاسم السحرة أو ترياق الأطباء والحكماء ، فهي في عداد الأموات وبانتظار المحرقة لكننا نخاف على الهواء من أن يتلوث وتنتقل العدوى عن طريق الأثير لشخوص سياسية جديدة وهنا الطامة الكبرى التي تنتظر العراق .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat