صفحة الكاتب : بشرى الهلالي

قيّم الركّاع من (القضاء)
بشرى الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تقول الحكاية أن شارل ديجول، حين دخل باريس بعد تحرير بلاده من الغزو الألمانى، سأل عن أحوال البلاد ومؤسساتها فأخبروه أنها بأسوأ حال، فسأل هل القضاء بخير؟ فقالوا نعم، فأجاب بقوله الشهير(إذا كان القضاء بخير ففرنسا بخير.. فهو الدعامة الأساسية للنهوض بالدولة). كذلك حدث مع رئيس الوزراء البريطانى تشرشل، أيام الحرب العالمية الثانية، حيث سأل مستشاريه عن حال القضاء في بلاده بعد أن وصل الاقتصاد إلى الحضيض، فأجابوه: أنه بخير.. فكانت مقولته المشهورة أيضًا (طالما أن القضاء والعدالة فى البلد بخير، فكل البلد بخير).
وصلتني رسالة على بريدي الخاص من احد القراء يروي فيها متألماً، ما مر به في محكمة الخالدية قبل أيام، حيث ذهب لعمل وكالة خاصة يخوله فيه والده بتسلم راتبه التقاعدي. لكن كاتب العدل رفض عمل الوكالة بحجة عدم توفر شهادة الجنسية الاصلية التي ضاعت بعد نزوحهم من الرمادي اثر دخول داعش. وبعد ان استنفد الرجل كل انواع التوسل والشرح، انسحب مستسلما، وقبل ان يدلف السيارة، أستوقفه احد رجال الشرطه ليعرض عليه اكمال المعامله مقابل١٠٠الف وخلال ربع ساعه فقط، فهل يعقل ان 50 او 75 او حتى 100 الف ثمناً مناسباً لبيع (العدل)؟
خلال الاسبوع الماضي، تناولت معظم البرامج التلفزيونية (اصلاح القضاء) الذي تحول الى مطلب جماهيري في تظاهرات الجمعة، وغالبية المتحدثين اجمعوا على انه (لدينا قضاء فاسد، وليس قضاة فاسدين)، فما زال معظم قضاتنا يتميزون بضمير مهني وجدية في العمل، لكن الفساد هو في المؤسسة القضائية التي تضع القوانين وتتحكم في سلوك القضاة وقراراتهم وتتدخل في قراراتهم، وتضع عليهم الجواسيس والمخبرين السريين. وهكذا فان قضاتنا (يمشون جانب الحيط)، وهذا أمر لم يحدث حتى في زمن النظام السابق الذي كانت فيه للقاضي هيبة وسطوة، وكان يستمد قوته من قوة القانون كماهي الحال في كل العالم.
وسط شلال الاصلاحات التي وضعها السيد رئيس الوزراء، لم تتناول أي من فقراتها موضوع القضاء، أمر غريب حقا؟ سيقول البعض لان السلطة القضائية مستقلة وليست من صلاحيات الدكتور العبادي، لكنه الان يمتلك سلطة كاملة بموجب الدستور، بعد ان خوله الشعب هذه السلطة، فلم سكوته عن القضاء؟
بات أمراً طبيعياً ان يتحول المسؤول او حتى بعض رجال الدين الى موضوع للسخرية، سواء في السر او في العلن. ولو حدث وأن عاد كل من شارل ديغول او تشرشل الى الحياة وزارا بلادي وسألا عن القضاء، فسنقول لهما: انه ليس بخير، لأنه ولأول مرة في تاريخ العراق، تتصدر صورة رئيس مجلس القضاء (رمز القضاء) صور الفاسدين في التظاهرات، يلطخ وجهه (صبغ الاسود) وتلقى عليها الاحذية، ويتحول الى مصدر للسخرية، عندئذ سيتنهد ديغول و يبكي تشرشل وسيقولان معاً: قيم الركاع من القضاء العراقي.. لن تقوم لبلدكم قائمة اذن...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بشرى الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/01



كتابة تعليق لموضوع : قيّم الركّاع من (القضاء)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/09/02 .

الفاضلة بشرى الهلالي
السلام عليكم
لايمتلك السيد العبادي عصى سحرية لتغيير كل شيء. بليلة وضحاها ..فعملية ٱلأصلاح .ليست ٱنقلاب عسكري .تجمد ٱو تلغي فيه الحهة القائمة بالانقلاب مواد الدستور وتعمل بقانون طواريء ..
وتزج فيه ٱعضاء الحكومة السابقة في السجن ٱو تحت ٱلأقامة الجبرية .ويمكن ٱن تحدث ٱصلاحات سريعة ٱذا كان هناك حاكم وحزب واحد يستطيع بجرة قلم تنفيذ مطاليب الجماهير خوفا على حكمه .ٱذا فشل في قمع المظاهرات ضده .في سوريا مثلا وفي بداية خروج المظاهرات ٱتخذ الرئيس السوري جملة كبيرة من ٱلأصلاحات المهمة كون كل السلطات كانت بيده ..
في العراق الحكم هو شراكة وطنية .ممثله فيه كل الطوائف وٱلأقليات .والتي تعتبر ٱن ٱي مساس بمسؤوليها وحقوقها ٱستهداف للطائفة كلها .وٱلأخوة التركمان قطعوا الطريق بين بغداد وكركوك بعد ٱلغاء الوزارة التي يستوزرها وزير من مكونهم ،
ٱلأصلاحات تحتاج الى توافق وطني بين الجميع .وتخويل الجماهير للسيد العبادي وحده لايكفي .بل يحتاج الى دعم من كل المؤوسسات والمكونات على قاعدة المصلحة الوطنية للبلاد .ٱمريكا صاحبة النفوذ ٱلأكبر في العراق تنظر للقضاء العراقي نظرة ٱساس شرعية الحكومة .وتدعوا الساسة العراقيون للابتعاد عنه وعدم مسه ٱو التدخل في شؤونه




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net