هجرة الشباب والواقع العراقي
عمار جبار الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لطالما كان الشباب الشريحة الأهم داخل كل المجتمعات ، ولطالما كانت الفئة المستهدفة في الاصلاح والتخريب ، لان البلدان بشبابها تبنى ، حتى قيل اذا أردت ان تدمر شعبا ً فعليك بشبابهِ ، واذا أردت إصلاحه فعليك بهم ايضا ً ،
ما يشهده العراق الان من هجرة مهولة للشباب يمثل تهديدا ً خطيرا ً على النسيج المجتمعي المتهالك اصلا ً بفعل الحروب والازمات والحروب الداخلية ، لما له من اثار ليس على فئة الشباب فحسب ، وانما على العوائل الفقيرة التي يهاجر شبابها بسبب الأحوال المتردية على جميع الاصعدة والتي يعتبر الشباب فيها المُعيل الوحيد ، وما سيترتب على هذه الأسر من تهديد الفقر والفاقة بغياب المعيل في ظل انشغال الدولة بما تعتبره اهم من ذلك !
وكذلك النسيج الاجتماعي المتهالك بفعل الحروب قد جعل فئة الشباب الذكور مقابل فئة الشباب الإناث ١ / ٤ مما سيولد انحرافات خطيرة بسبب عنوسة البنات المترتبة على نقص عدد الشباب اضافة الى هجرة المتبقين ، وكذلك ما سيترتب من ضغوط كبيرة وعميقة على الشباب المهاجر لعدم توفر فرص عمل او بيوت للسكن لكون اغلبهم هاجر بطريقة غير شرعية حتى وصل عدد الشباب المهاجرين في اخر احصاء الى اكثر ١٥٠ الف شاب في الأشهر القليلة الماضية ، وحتى في حال عودتهم الى العراق سيعودون منهزمين ذاتيا ً بسبب الضياع الذي عانوا منه في الخارج والفرق الشاسع الذي شاهدوه بين العراق والدول التي هاجروا لها ،
اما الوضع العراقي وحاجته الى الشباب فحدث ولا حرج ، بسبب الحرب المفتوحة التي يمر بها وحاجته الى إدامة زخم اعداد المقاتلين الشباب ليساعدوا الحشد والجيش الذين يضحون بأنفسهم يوميا ً للدفاع عن عوائل من هاجروا ! ، مما سيؤدي الى نقص واضح في اعداد المقاتلين اذا ما استمرت الهجرة بهذا التزايد المرعب ،
ولهذه الهجرة الكثير من الأسباب ، اما من ناحية الشباب نفسه فهو عدم شعورهم بالمسؤولية تجاه شعبهم ووطنهم وعوائلهم وما يمر به البلد من حالة استثنائية تستوجب منهم الوقوف وبحزم مع شعبهم ووطنهم وإيصاله الى بر الأمان ، وكثرة الإغراءات في الخارج التي تجعل الشباب يتطلعون بل يحلمون بالخروج من العراق الى باقي الدولة المتطورة ، الضياع الذي يعانون منه اصلا ً في الداخل بسبب كونهم أصبحوا عالة على عوائلهم لعدم وجود وظائف وأعمال يعملون بها
اما من ناحية الدولة فالحديث يطول ويطول بسبب الوضع الاقتصادي المترهل والمتردي بأتجاه مطرد يوما ً بعد يوم ، عدم توفير وظائف وأعمال للشباب ، الوضع الأمني المنهار والمتفجر بأستمرار بين لحظة واُخرى ، عدم وجود اهتمام بالشباب من قبل مؤسسات الدولة والاهمال الواضح تجاه هذه الشريحة المهمة ، الحروب المتكررة والمستمرة التي تجبر الشباب على الهجرة ، الصراعات السياسية وانعكاساتها السلبية على المجتمع بسبب تحزب المجتمع ، وكذلك انشغال الحكومة بهذه الصراعات على حساب القضايا المصيرية كقضية الشباب ، والعديد من الأسباب التي تقع على عاتق الدولة مسؤولية ازالتها ، ولكن ما يُلاحظ الصمت والتجاهل الكبير الذي يحصل من قبل الحكومة والمجتمع تجاه هذه القضية الخطيرة وعدم وجود معالجات فعلية وحقيقية لهذه الظاهرة المتنامية ، وهذا يجعلنا امام تساؤل مهم هل الحكومة تعلم بذلك ؟ ، فأن كانت تعلم والتزمت الصمت فهذه مصيبة لان الشباب هم عماد الدولة والجيش والحشد والصمت عن ذلك بمثابة الخيانة العظمى ، وان كانت لا تعلم بذلك فالمصيبة اعظم ُ كالمثل الشعبي القائل ( نايم ورجليه بالشمس ) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عمار جبار الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat