صفحة الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

الدين بين الواقع و الميثولوجيا
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  الدين أسمٌ جميل ، و المتدين وصفٌ جميل ، عندما تطرق الأسماع فإنها ستكون مدعاةً للطمأنينة و الأمان .
هذا من حيث الوصف و التوصيف .
أما من حيث الواقع ، فمن هو المتدين ؟ و ماذا نقصد بالدين ؟
نقرأ : أن الدين المعاملة .
أي : حُسن المعاملة ، أو : التعامل الحسن مع الآخرين .
عجيب !
لكن هذا سنجده عند أناس لا دين لهم يدعونه أو يُعرفون به ؟
أو عند من قد يسمون أنفسهم بـ( الملحدين ) ؟
و هذه مشكلة بحق !!!
إذ كيف يصبح من لا دين له ، صاحب دين؟!
و بالدقة : سيكون حينها صاحب دينٍ بالإجبار  ؛ لتلبسه بـ( حسن المعاملة ) ؟!
هل هذه سفسطة ؟ أم هرطقة ؟ أم ماذا ؟!
أما المتدين ، أي : الملتزم بالدين ، يعني : الملتزم بدينه ـ أياً كان ذلك الدين ـ المطبق لكل تعاليمه بلا أي تقصير عمدي و عن أي واحدة من التعاليم الدينية .
فإذا قصر و غالط و تعمد عدم التطبيق ، فحينها لن يكون متديناً مطلقاً ، لأن الخلل هنا يعود على كامل العنوان ، و لا يمكن التبعيض ، إلا بلفظ مجازي تحت عنوان : ناقص الإيمان .
فمن يقصر ، و يغالط ، و يتعمد عدم التطبيق ، فذلك لن يكون متديناً .
حسناً !
تقولون : ان من يفعل افعال الدين بإيمانٍ بها فهذا من الدين .
و من يفعل أفعال الدين لأجل الدين حينها سيكون متديناً  .
أليس كذلك ؟؟؟
لكن السؤال المهم هنا : لو أن شخصاً ما فعل أفعال الدين لأنه تعود عليها فقط ، فهل هذا الشخص يعد متديناً ؟ و هل يسمى صاحب دين ؟
بالدقة و بتوضيح أكثر نقول :
في كثيرٍ من المجتمعات الدينية ، و المدن الدينية ، الطابع هو سيادة المظاهر الخاصة على كل المجتمع ، فهي تعد ـ أي المظاهر الدينية ـ ذات كسب اقتصادي مهم من حيث ( السياحة الدينية ) .
و بذلك يولد الأفراد ـ في مثل هكذا مجتمع ـ متأثرين بهذه المظاهر ، إذ ان من لا يتفاعل معها سيكون شاذاً اجتماعياً ، و لن يستطيع العيش في هذه المراكز الدينية ، و عليه أن يوافق السواد الأعظم . هذا من جانب .
و من جانب آخر ، و لأجل الكسب الاقتصادي لمن يعيش بهذه المراكز و المجتمعات ، عليه أن يقلد حرفياً ما وجد عليه آبائه و مجتمعه من ملبس و عادات و أفعال و ما شاكل ذلك ، لكي يستطيع الكسب و العيش و التعايش و المداومة .
و هنا نقول : هل هذا يعد ( ديناً ) ايضاً و يأخذ مقياس الدين ؟
أم سيعد ( ميثولوجيا ) و ( فلكلور ) لكونه ارتبط بالعادة فقط ؟
إذ قد تعود أفراد المجتمع عليه ، و فرضته عليهم الظروف المعيشية و الاجتماعية !!
إن تصفح عينات في بعض هذه المجتمعات المحيطة بالمراكز الدينية ، و عند سؤالهم عن سبب الحرص على اقامة ( الأمور الفلانية ) الخاصة بالدين الذي يدعون الإنتماء له ، سيكون الرد دائماً : تعودنا على ذلك !!!؟
هم ( متعودون ) من ( العادة ) و التي تعني :
بينما ( الدين ) يعني :
و هنا يتبين الفرق جلياً واضحاً بين ( الدين ) و ( الميثولوجيا ) .
و الدليل الأكبر على ذلك انه و في مقياس الدين المهم ألا و هو ( المعاملة ) ستجد في المجتمعات ( الدينية المجازية ) ان نسبة ( 98% ) سيفشلون بهذا الامتحان ، لانهم سيفعلون أي شيء في سبيل الكسب فقط .
لقد كانت الكنيسة ( المتدينة ) سبب خراب أوربا في يومٍ ما ، و في مجتمعاتنا ( المسلمة ) نرى الناس تذبح بأبشع الصور باسم الدين !؟!
لذا : فإن إقرار ( الدين ) و ( التدين ) في المجتمعات الموسومة بـ( الدينية ) صعب جداً كصعوبة البحث عن ( الدين ) و ( التدين ) في المجتمعات الملحدة من حيث الانتماء الروحي الخاص بالدين .


مصطلحات مهمة :
1ـ الثيوقراطية : ـ ( حكومة الدين ) , أو الحكومة الدينية , ( الحكم بموجب الحق الإلهي ) و هي الحكومة التي تحكم باسم الدين كائناً ما كان نوع هذا الدين ألحادي أو توحيدي , و تعتبر أن الشرائع الدينية هي المصدر المباشر للالتزامات السياسية .
2ـ تابو ( التابو ) : جمعها ( تابوهات ) كلمة بولينيزية تطلق على ( المحظور في نظر المجتمع ) ، أي ما تعتبره أعراف المجتمع ( أو السياسة أو جهة أخرى ) من المحرمات ( وليس حتما وفق الشريعة التي يدين بها ذاك المجتمع ) وإن كانت في بعض الأحيان تقرن لدى البعض بمفهوم ( الحلال ) و( الحرام ) . فالتابو أي خط أحمر لا يقبل المجتمع تجاوزه بغض النظر عن مدى كون ( التابو ) مبرراً أو حتى متناسقا مع القوانين و الشرائع .
3ـ الطقوس : مفردها ( طقس ) و هي ( رموز ، و حركات ، و أشياء ) لا تحمل دوماً دلالات دينية ، و انما تصطبغ بها في أكثر الأحيان ، و ترتبط غالباً بالعادات و التقاليد و القصص و الأساطير . إن من أهم خصائصها أنها تميل إلى التكرار و الاستمرارية مثل الشعائر ، من أجل تكريس ديمومة الطقس و إعادته في كل مناسبة كما كان في الماضي .
4ـ العادات و التقاليد : تتميز عن القانون بأن الإلزام فيها ذو طبيعة اخلاقية فحسب ، و هي تعبير يتعلق على آليات الضبط السلوكي في المجتمع ، و هي الوسيلة الوحيدة لانتظام السلوك في المجتمع و من دونها يقع السلوك الاجتماعي في الفوضى .
5ـ العادات الجماعية : مجموعة من الأفعال و الأعمال و ألوان السلوك ، التي تنشأ في قلب الجماعة ، بصفة تلقائية لتحقيق أغراض تتعلق بمظاهر سلوكها و أوضاعها ، و تمثل ضرورة اجتماعية تستمد قوتها من هذه الضرورة ، لذلك من الصعب على الأفراد الخروج على مقتضياتها .
6ـ الأعراف : و هو : ما درج الناس على إتباعه من قواعد معينة في شؤون حياتهم و شعورهم بضرورة احترامها .
و تعرف أيضاً : تلك السنن الاجتماعية التي تدل على المعنى الشائع للاستعمالات و العادات و التقاليد و المعتقدات و الأفكار و القوانين و ما شابه ، و بخاصة عندما تحوي حكماً .
7ـ التقاليد : مجموعة من قواعد السلوك الخاصة بطبقة معينة أو طائفة أو بيئة محلية محدودة النطاق ، و هي تنشأ عن الرضى و الاتفاق الجمعي على إجراءات و أوضاع معينة خاصة بالمجتمع المحدود الذي تنشأ فيه ، لذلك فهي تستمد قوتها من قوة المجتمع أو الطبقة أو البيئة التي توافقت عليها ، و تفرض سلطتها بالتالي على الأفراد باسمها .
8ـ التراث الشعبي : يتجلى التراث الشعبي في عناصر كثيرة منها ، الفولكلور ، و الموروث الثقافي ، و المعتقدات الشائعة من خرافات و أساطير .
9ـ الفولكلور : ظهر هذا المصطلح عام ( 1840 م ) في اللغة الانكليزية عندما استخدمه العالم الانكليزي ( دبليو . جي . توماس ) ، و هو يتألف من مقطعين ( Folk  ) بمعنى الناس و ( Lore ) بمعنى معرفة أو حكمة . و عليه فمعنى كلمة ( Folklore ) حرفيا هو : معارف الناس أو حكمة الشعب . و هو استخدام ليدل على العادات و المعتقدات و الآثار الشعبية القديمة المأثورة .
10ـ الميثولوجيا : أي علم الأساطير ، و القصص التقليدية ، التي تتسم بالخيال في كثير من الأحيان أو بالمبالغة أحياناً أخرى ، و التي تعتبر من عادات الشعوب و المجتمعات ، و التي تمثل مائزً لها عن غيرها .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/22



كتابة تعليق لموضوع : الدين بين الواقع و الميثولوجيا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net