صفحة الكاتب : نزار حيدر

لِقَناةِ (بلادي) الفضائيّة؛ إِستصحَبوا الهويّةَ وترَكوا المَنهَجَ ...وَبِالحَشْدِ يَدومُ الْوَطَنْ!
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

                [الجزء السّابع والأَخير]

   س/ لماذا يتوجّسون خيفةً من الحَشْدِ الشّعبي؟ سواء من الشّركاء او من الدّول الإقليميّة؟.

   ج/ بعد عامٍ كاملٍ من تشكيل الحشد بفتوى المرجعية الدينية العليا في الجهاد الكفائي، ثَبُتَ لكلّ العراقيّين انّ مَنْ يتحسّس من قوّات الحشد الشعبي البطلة والمجاهدة هو واحدٌ من إثنَين؛

   فإمّا انّهُ ارهابي يخشى ايّ دورٍ للحشد في سوح الجهاد، بعد ان ابلى بلاءً حسناً في كلِّ معركةٍ خاضها، فاثبت وطنيّتهُ وانضباطهُ والتزامهُ وكفاءتهُ في الدّفاعِ عَنِ الوطن.

  والمقصود بالارهابيين الذين يقاتلون العراقيين في المناطق المغتَصَبة وإرهابيّي السّياسة الذين يغطّون لهم امّا تحت قبّة البرلمان او في الحكومة او حتّى في بقيّة مؤسسات الدولة وكذلك في وسائل الاعلام.

   او انّهُ طائفي وعنصري شِعارُهُ (نارُ الارهابيّين ولا جنّةِ الصّفوييّن) فهؤلاء، كذلك، يؤرّقهُم تواجد قوّات الحشد الشعبي البطلة في ساحات الجهاد المقدّس في الحربِ على الارهاب.

   وليس جديداً على هؤلاء الطائفييّن ان يقِفوا مثل هذه المواقف، فلقد رأيناهم اوفياء جداً لأجنداتهم الطائفيّة منذ سقوط الطاغية الذليل صدام حسين ولحدِّ الان، لان الأصل عندهم هو السعي لإعادة عقارب الزّمنِ العراقي الى الوراء، ولذلك ظلّوا يضعون العصي في عجلة العمليّة السّياسية كلّما سنحت لهم الفرصة بذلك، تارةً من خارجها واغلب الأحيان من داخلِها!.

   لذلك فانا اقول دائماً بأنّ كل من يتوجّس خيفةً من الحشد الشعبي في سوح الجهاد لا يمكن ان تكون دوافعه وطنيّة ابداً.

   س/ ولكنّهم يعتبرون وجوده موازياً للمؤسّسة الأمنيّة والعسكريّة الرسميّة؟.

   ج/ ابداً.

   ١/ ففي كلّ دولة في هذا العالم عندما تتعرّض لخطرٍ كبير، غزواً مثلاً او عدواناً خارجياً او ما أشبه، فان المجتمع يدعو الى التعبئة العامّة والنفير العام، ففي مثلِ هذه الحالات لا ينتظر احدٌ من الدّولة فقط او الحكومة او القوات المسلّحة ان تدفع الخطر، وانما يندفع الكلّ لدفعً الخطر عن البلاد والعباد.

   ولقد كانت فتوى المرجعيَّةُ الدينيّة العليا في الجهاد الكفائي في العام الماضي بمثابة التعبئة العامة والنفير العام لِدفع الخطر العظيم الذي تعرّض له العراق بسبب تمدّد (فقاعة) الارهابيين لتحتلّ، فجأة، نصف العراق.

   ولقد جاءت هذه الفتوى المباركة في ظروفٍ خطيرة جداً، تمثّلت، في جانبٍ منها، بانهيار القوّات المسلّحة واشتداد الخلافات السياسيّة بين الفرقاء وانشغالِهم ببعضهم وتلكّؤ العمليّة السياسيّة برمّتها بالاضافة الى التّهديد المباشر الذي تعرّضت لَهُ العاصمة بغداد على يد الارهابييّن الّذين استغلّوا كلّ الظّروف الآنفة الذكر ليندفعوا بشكلٍ سريعٍ صوب العاصمة ليقفوا على اسوارِها، وكذلك بقيّة محافظات العراق.

   ولذلك لا نُجانب الحقيقة ابداً او نُبالغ اذا قُلنا بأنّ الفتوى بمثابة الاداة الوطنيّة الوحيدة التي كان يمكنها ان تعبّئ الشّارع وتحقّق الّنفير العام للدّفاع عن البلاد.

   لم يكن، وقتها، بُدّاً من الفتوى، فلقد كانت الخيار الوحيد أمام المرجعيّة الدّينية العليا لمواجهة الانهيار الشّامل الذي كادَ ان يتعرّض لَهُ العراق، كلّ العراق.

   ٢/ منذُ لحظة تشكّل الحشد الشعبي بكلّ مسمّياتهِ وعناوينهِ ابدت المرجعية الدينية العليا حرصاً شديداً ومستمراً ليكونَ تحت إمرة وقيادة مؤسّسات الدولة حصراً، سواء في التعبئة والتّخطيط او في القيادة والتنفيذ، او حتّى على مستوى الشكليّات التي هي مهمّة في مثل هذه الظروف، كاصرارِها دائماً على ان لا تَرفع قوّات الحشد الشّعبي رايةً في ساحات القتال الا علم العراق فقط.

   ٣/ وبصدور قرار مجلس الوزراء القاضي بتشكيل (هيئة الحشد الشعبي) يَكُونُ أَلْحَشْدُ قد أخذ إطارهُ الدّستوري والقانوني الكامل، فحاله القانوني الان حال اية مؤسّسة أمنية وعسكرية اخرى في البلد، لا تختلف عنها بأيّ شكلٍ من الأشكال، ولذلك فالطّعن بقانونيّتهِ عبثٌ وملهاةٌ يُراد به الطّعن بالانجازات والانتصارات التي تحقّقت لحد الان على يديه.

   الفتوى، اذن، كانت بمثابة حقّ الدفاع الذي يلجأ اليه كلّ شعبٍ يتعرّض لما تعرّض له العراقيون العام الماضي على يدِ الارهابييّن، اذ لم يكن بامكانهم، وقتها، الانتظار والاعتماد على الدّولة لتدفع الخطر او على القوّات المسلّحة لتطرد التهديد او على السياسييّن المتصارعين العاجزين ليجدوا حلاً، فكانت المرجعيّة هي الطّرف الوحيد الذي أَثبتَ وطنيّةً قلّ نضيرها، عابرةً للطّوائف والمحاصصة والحزبيّة الضيّقة، عندما تصدّت لدفع الخطر ومواجهة الانهيار في اللّحظة الحاسمة وبحكمةٍ منقطعةِ النّظير شهِدَ لها العدوّ قَبْلَ الصّديق.

   س/ برأيك، هل يُمكن لفتوى دينيّةٍ ان تبني الهويّة الوطنيّة؟!.

   ج/ الهويّةُ الوطنيّةُ رؤيةٌ وثقافةٌ ومشروعٌ، وانّ مثل فتوى الجهاد الكفائي يمكن ان تكون عاملاً مساعداً ولكنّها ليست هي التي تبني مِثْلَ هذه الهويّة الوطنيّة، والدّليلُ على ذلك، فبعد مرور اكثر من عامٍ على تلك الفتوى التّاريخية، لازلنا بحاجةٍ الى توجيهات المرجعية الاسبوعيّة، ولازالت الهويّة الوطنية تراوحُ في مكانِها، وهي موضع شكّ وريبة عند العراقيين إزاء كلّ السياسييّن، فالدولة تعاني من سُلطة الطّوائف المنقسمةِ على نفسِها، وبكلّ اشكالِها وفي كلّ مؤسّساتِها.

   وكلّنا نعرف، فانّ رؤية المرجع الاعلى تتبنّى الدّولة المدنيّة، فلا تتدخّل الا في المنعطفات الخطيرة عندما يبدي الجميع عجزاً وفشلاً، ولذلك نلحظ ان الخطاب المرجعي يُقدم دائماً الواجب الوطني في كلّ توجيهاته العامّة على ايّ واجبٍ آخر، لانّه العنوان الذي يضمّ تحتَ جَناحَيهِ كلّ واجبٍ آخر، فهو العنوان الأشمل والاوسع الذي يستوعب كلّ العراق بتعدّديّتهِ وتنوّعهِ وعلى مختلف الاصعدة والمستويات.

   هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر، فلقد ثبُت بالدّليل القاطع والتجربة العمليّة انّ السياسيّين، حتى الشّيعة منهم، لا يلتزمونَ او حتى لا يُعيرونَ كثير اهتمامٍ لرأي المرجعيّة الدينيّة العليا لانّهم جميعاً متحزّبون يُتاجِرون بِاسْمِ المرجعّية وصورتها وخطاباتها، فيُعلنونَ لجمهورهم انّهم ُملتزمون بأوامرِها ورؤيتها ورأيها، ولكن، في حقيقة الامر، هم ليسوا كذلك، وانّما يعملون على تحقيقِ أجنداتهم الحزبيّة الخاصّة التي ثَبُتَ انّها ضيّقة جداً وغير وطنيّة، ولو كانوا قد التزموا برؤيتها، حقاً وصدقاً، لما احتجنا الى فتوى، ولما احتجنا الى توجيهاتٍ أسبوعيةٍ، ولكانت خطبةِ جمعةٍ واحِدَةٍ كافية لتوجيه دفّة العمليّة السّياسية بالاتجاه الصحيح، ولقادها السياسيّون الشّيعة الى برّ الأمان، باقلّ التضحيات وأعظم النتائج والنجاحات، ولَما احتجنا الى فتوى الجهاد الكفائي لندفع بها الخطر الّذي لازال يُحيط بالعراقِ من كلِّ صوبٍ.

   فليسَ بالفتاوى تُبنى الدّول، وانّما بالرّؤية والمُثابرة.

   إِنتهى  

   ٧ آب ٢٠١٥

                    للتواصل؛

E-mail: nhaidar@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/08



كتابة تعليق لموضوع : لِقَناةِ (بلادي) الفضائيّة؛ إِستصحَبوا الهويّةَ وترَكوا المَنهَجَ ...وَبِالحَشْدِ يَدومُ الْوَطَنْ!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net