صفحة الكاتب : محمد الكوفي

وكلّ يدّعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقرّ لهم بذاكا
محمد الكوفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 وكلّ يدّعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقرّ لهم بذاكا ، 

* * * * * * * * * * * * 
من يحب شيء يعمل من أجل سلامته وحفظه وليس من أجل تخريبه والظلم والضلالة والطاغوت ،والكفر والفسق يقول خير القائلين إن الله أنزل : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } و الظالمون و الفاسقون .
دعوى الإيمان وحقيقة الإيمان، أضرب على ذلك مثلاً، هؤلاء الذين قالوا: { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } { سورة المائدة: 18 }
* * * * * * * * * * * * 
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {31} قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {32} آل عمران - من الاية 31 الى الاية 32
أهل البيت: أو آل البيت مصطلح إسلامي يشير إلى جماعة من أقرباء النبي محمد { صلَّى الله عليه وسلَّم}, مطهرين ومزكين من الرجس. 
وذكرهم الرسول في عدة نصوص واردة عنه، واكتسب هذا المصطلح أهميته وشهرته، نتيجة الاختلاف بين شيوخ أهل السنة والجماعة في تفسير ماهية أهل البيت الذين ذكرهم القرآن والرسول. إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا سورة الأحزاب : آية 33
إن الإسلام هو طاعة الله والرسول . وإن الطريق إلى الله هو طريق الأتباع للرسول . وليس مجرد الاعتقاد بالقلب , ولا الشهادة باللسان: {قل:إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله . . .}{قل:أطيعوا الله والرسول . فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين}. . فإما طاعة واتباع يحبه الله , وإما كفر يكرهه الله . . وهذا هو مفرق الطريق الواضح المبين .
لقد اختار الله سبحانه لصحبة نبيه {صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم {،نماذجَ فذَّةً قد اختُصَّ أهل البيت النبويِّ الشريف بمزايا عظيمة, ومكانة عالية رفيعة, وفضائلَ لا تُحصى؛ فقد وصَّى بهم خير الخلق { صلَّى الله عليه وسلَّم}, في قوله: {{ أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي}}, ومع هذه الوصية الواضحة, إلَّا أنَّ الناس قد تنوَّعت وتعدَّدت مشاربهم في التعامل مع آل البيت النبويِّ؛ فمنهم الغالي فيهم إلى حدِّ التأليه, ومنهم الجافي إلى درجة العَداء والنَّصب، ومنهم المقتصد، وهم أهل السُّنَّة والجماعة الذين كانوا بحقٍّ أسعدَ الناس بحفظ وصيَّة رسول الله { صلَّى الله عليه وسلَّم}، في أهل بيته الكرام. ؛ آمنوا به، وصدَّقوه، ونصروه، واتبعوا النور الذي أُنزِل معه، فكانوا من المفلحين في الدنيا والآخرة، بذلوا أنفسهم وأموالهم لنشر دعوة الإسلام، والذود عنها، فاستحقوا من الله عظيم الثواب، وحسن المآب، وحقَّ لهم أن يُخلَّد ذكرُهم في قرآنٍ يُتلى إلى يوم القيامة.
إنهم جميعًا شموسٌ أشرقت في سماء الإنسانية، فأناروا الدنيا، وملأوها عدلًا ورحمةً، بعد أن مُلئت جورًا وظلمًا، فكانوا خيرَ صَحْبٍ لخير نبي، أُرسِل لخير أُمَّةٍ أُخرِجت للناس.
* * * * * * * * * * * * 
كثير من الناس يدعي محبة رسول الله {صلى الله عليه وسلم}؟ وأهل البيت النبويِّ الشريف {ص}, فما هي دلائل الصدق التي تؤكد ذلك؟ قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] . قال سبحانه: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [الحج:71] فإذا جاءوا يوم القيامة وسئلوا: لماذا عبدتم هؤلاء؟ لا يجدون حجة نقلية، ولا حجة عقلية، ولا نصير ينصرهم يوم القيامة حين يردون إلى ربهم سبحانه وتعالى. فكانوا في الدنيا في بعد عن رب العالمين، وقست قلوبهم. 
تفسير قوله تعالى: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر ...}
انقر هنا لتكملة التفسير: http://audio.islamweb.net/audio/Fulltxt.php?audioid=183196.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله { صل الله عليه وسلم} ، يقول: «فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ» 
أخرجه : مسلم .
فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ غاية كل أحد، وهذا هو الفوز العظيم ، قال تعالى :} كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ 185{ [آل عمران: 185] .
فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
أولاً: هذا الأمر جاء في القرآن الكريم ، قال تعالى :} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{ [آل عمران: 102] .
ثانياً: كيف يتحقق؟
بإصلاح الباطن ، قال تعالى : }والذين اهتدوا زادهم هدى{، وقال : } فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم{ ، فأزاغها لما بدؤوا بذلك .
قال ابن القيم رحمه الله:\" أعلم أن سوء الخاتمة أعاذنا الله تعالى منها لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه ما سمع بهذا ولا علم به ولله الحمد\" الجواب الكافي - (ج 1 / ص 118)
ويتحقق بالدعاء : «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»
وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ
قال النووي رحمه الله :\" شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
هَذَا مِنْ جَوَامِع كَلِمِهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَدِيع حِكَمه ، وَهَذِهِ قَاعِدَة مُهِمَّة فَيَنْبَغِي الِاعْتِنَاء بِهَا، وَأَنَّ الْإِنْسَان يَلْزَم أَلَّا يَفْعَل مَعَ النَّاس إِلَّا مَا يُحِبّ أَنْ يَفْعَلُوهُ مَعَهُ\" .
مثال: لو أردت أن تنظر إلى امرأة في الطريق سل نفسك هل ترضى أن ينظر رجل إلى عرضك، فإن كنت لا ترضى فكف عن أعراض الناس.
إذا أردت أن تغش في بيع وتكتم عيب سلعة هل ترضى أن يفعل بك ذلك .
* * * * * * * * * * * *
من قائل { وكل يدَّعي وصلاً بليلى .... وليلى لا ... 
وَرُبَّمَا أَنْشَدَ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ بَيْتَ مَجْنُونِ بَنِي عَامِرٍ : وَكُلٌّ يَدَّعِي وَصْلًا لِلَيْلَى وَلَيْلَى لَا تُقِرُّ لَهُمْ بذاكا مجموع الفتاوي ...
وكذلك قرأت قافية الكاف من \" شرح ديوان أبي العتاهية \" { ص 179 – 192 / ط . كم 
ندعي محبة الله تعالى ومحبة رسوله{ صل الله عليه وسلم} ، ظنا منا وجهلا أن المحبة كلمات ترددها الألسنة ويتغنى بها الشعراء.
وما درينا ان المحبة طاعة واتباع ، وانقياد واستسلام لرب الأنام على نهج نبي الإسلام ، وكل حب يخلو من هذا هو مجرد دعوى واوهام. 
الاحتكام إلى الله ورسوله هو المحك الرئيس بين الإيمان والكفر، وهو فيصل التفرقة بين المؤمن وغير المؤمن، فمن صدر في سلوكه عن حكم الله ورسوله فقد هُدي إلى صراط مستقيم، ومن أعرض عن حكمهما، ونأى بنفسه عن شرعهما فقد ضل سواء السبيل.
نقرأ في هذا المعنى قوله عز وجل: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } (النساء:65)، فهذه الآية تسلب وصف الإيمان عن كل من لم يحتكم في أمره كله إلى شرع الله ورسوله. 
والذي نريد أن نتوقف عنده في هذه الآية هو سبب نزولها، لنقرأ من خلاله وعلى ضوئه ما ترشد إليه الآية الكريمة.
انقر لتكملت التفسير: .http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/1006
* * * * * * * * * * * *
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
مصطلحات القرآن الكريم:
1- الإسلام: اليوم ننتقل إلى بعض المصطلحات التي يكثر ورودها في القرآن الكريم، لأن معرفة حدود المصطلحات جزء من العقيدة، فما تعريف الإسلام ؟ وما الإيمان ؟ وما التقوى ؟ وما الإحسان ؟ والفقه ؟ والفجور ؟ والنفاق ؟ والكفر ؟ والعمى \" عمى القلب \" ؟ والإساءة ؟ والذنب ؟ والخطيئة ؟ والمعصية ؟ والسيئة ؟ وما غفران الذنب ؟ وما تكفير السيئة ؟ وما تصحيح الخطيئة ؟ هذه المصطلحات لابد أن يعرفها المسلم بشكل واضح.
الإسلام: هناك انتماء صوريٌّ إلى الإسلام وهناك انتماء حقيقي، كل المسلمين في شتى بقاع الأرض يقولون عن أنفسهم: إنهم مسلمون وهذا انتماء صوري، كمن يرتدي ثوباً أبيض ويضع على عينه نظارة، ويضع على أذنيه سمّاعة وهو لا يقرأ ولا يكتب، فهل هذا طبيب أم هذا انتماء صوري إلى الطب ؟ الطبيب رجل أمضى عشرين أو ثلاثين عاماً في دراسة الطب.
وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
فبين أن تدّعي أنك مسلم شيء وبين أن تكون مسلماً حقيقة شيء آخر. 
أيها الأخوة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الحديث المشار إليه حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ مختلفة، ولفظه كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي { صلى الله عليه وسلم }، 
قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.
المسلم بحسب ما ورد في القرآن ينقاد إلى أوامر الله بالتمام والكمال جملةً وتفصيلاً، ومعنى أنه مسلم أي استسلم لهذا الأمر وانقاد له،
 
الملاحظ في الآيات أن كلمة «المسلم» جاءت مقابل كلمة «الظالم»، وإشارة إلى أن ما يقي الإنسان من الظلم هو الإيمان، وإذا لم يكن الفرد مؤمناً فإنّه سوف يظلم بأي شكل من الأشكال، وكذا تشير إلى أنّ المؤمن الحقيقي هو
 
1 ـ «القاسط» من أصل {قسط} وتعني التقسيم العادل، فإن أتت على وزن {أفعال}، {أقساط} فإنّها تعني إجراء العدالة، وإذا استعملت بصورة الثّلاثي المجرّد كما في هذه الآية فإنّها تعطي معنى الظلم والإنحراف عن سبيل الحقّ.
2 ـ «تحروا»: من أصل تحري وتعني توخيه وقصده.
[91] المؤمن الذي لا يظلم، كما في حديث النّبي الأكرم {صلى الله عليه وآله وسلم}: «المؤمن من آمنه الناس على أنفسهم وأموالهم».{1}
وجاء في حديث آخر عنه{صلى الله عليه وآله وسلم}: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».{2}
والتعبير بـ {تحروا رشداً} يشير إلى أنّ المؤمنين إنّما يتوجهون إلى الهدى بالتحقيق والتوجه الصادق، وليس بالغفلة والإغماض، وجزاءهم الأوفى هو نيلهم الحقائق التي بظلها ينالون النعم الإلهية، والظالمون هم في أسوأ حال، حيث إنّهم حطب لجهنم، أي أنّ النار تلتهب في أعماق وجودهم.
* * * * * * * * * * * *
1 ـ تفسير روح البيان، ج10، ص195.
2 ـ اُصول الكافي، ج2، باب المؤمن وعلاماته وصفات
 
فهذا المسلم كيف يستسلم ؟ إذ لابد أن يسبق الاستسلام قناعة فكرية، وقد تحدثنا عنها في مقالة اخرى ،الفكرة انتقلت من الأذن إلى الدماغ، فأخذت مكانها في البحث العلمي، وصنفت مع اليقينيات أو مع غلبة الظن، ثم انقلبت إلى إرادة، والإرادة إلى السلوك، 
 
السُّلوكُ: 
السُّلوكُ : سيرة الإِنسان ومذهبه واتجاهه . 
يقال : فلان حسنُ السلوكِ ، أَو سيىءُ السلوك . 
و السُّلوكُ { في علم النفس } : الاستجابة الكليّة التي يُبْدِيها كائنٌ حيٌّ إزاءَ أَي موقفٍ يواجهه .
المعجم: المعجم الوسيط
 
هذا هو الإسلام، والإسلام انقياد تام لأوامر الله تعالى ، وهذا الانقياد التام لابد أن تسبقه قناعة، مثلاً لمّا يبلغ الطبيب المريض بأن سكنى الطابق الرابع يضرُّ صحته، وبما أن كلام الطبيب مقنع 
والمريض يخشى على نفسه تفاقم المرض، مع أنه بيت جميل أمضى في كسوته سنوات طويلة، تراه في اليوم التالي يعرضه للبيع، ليشتري طابقاً أرضياً يتوافق مع صحته، إذَا حصلت القناعة انقلبت إلى سلوك، وما لم يكن الإنسان منقاداً لأوامر الله فأغلب الظن أنه لن يقتنع بها، فهذا الذي يأكل المال الحرام لم يقتنع أن الله عز وجل لابد أن يقصِمه، وأن يفجعه بماله، وأن يذهب المال وصاحبه، لم تصل هذه الفكرة إلى مركز اليقين.
 
فإن اليقين شعبة عظيمة من شعب الإيمان , وصفة من صفات أهل التقوى والإحسان ,
قال تعالى : الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {4} أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {5} سورة لقمان .
واليقين \\\"هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل. تفسير السعدي 40.
 
الإسلام انقياد كامل و شامل لأوامر الدين جملةً وتفصيلاً، ظاهراً وباطناً، في الرخاء و الشدة، وفي الصحة والمرض، وفي القوة والضعف، وقبل الزواج وبعده، وقبل الاستقرار وبعده، و قبل أن يكون في هذا العمل وبعد أن يكون هذا هو الإسلام، إنه انقياد لأوامر الدين، إذ يسبق الإسلام قناعة فكرية صحيحة وعقيدة صحيحة، وماذا بعد الإسلام ؟.
﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾{ سورة الحجرات الآية: 14}،
القول في تأويل قوله تعالى : { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم { 14 }} يقول - تعالى ذكره - : قالت الأعراب : صدقنا بالله ورسوله ، فنحن مؤمنون ، قال الله لنبيه محمد – { صلى الله عليه وسلم}: قل يا محمد لهم { لم تؤمنوا } ولستم مؤمنين { ولكن قولوا أسلمنا } . وذكر أن هذه الآية نزلت في أعراب من بني أسد .
قَالَ الله تعالي: {فَلا وَرَبِّكَ لايُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [ النساء:65] ، وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ النور:51] . وفيه من الأحاديث حديث أَبي هريرة المذكور في أول الباب قبله, وغيره من الأحاديث فيه. 
الإيمان: فبَعْد الإسلام الإيمان، الإسلام عقيدة وشريعة و سلوك. المضامين والأحكام الشرعية ومَن استسلم لأوامر الله وانقاد إلى تشريعه لابد أن يحصل له اتصال بالله عز وجل، وهذا الاتصال هو الإيمان، يمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً يعني أمسى متصلاً ووقع في شهوة فانقطع عن الله عز وجل فصار كافراً، الإسلام انقياد وأما الإيمان فوجهة إلى الله عزّ وجل ،
إن الإسلام هو طاعة الله ورسوله { صلى الله عليه وسلم } ، إذ هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والإذعان، وهو ثمرة الإيمان وبرهان صدقه، فلا إيمان بدون طاعة وانقياد لله . وأيضًا قيَّد (الانقياد) أن يكون بالطاعة لا بالهوى، ولا بما تشتهيه النفس، ولا بما يريده الإنسان، إنما الاستسلام يجب أن يكون بالطاعة؛ بطاعة الله قال تعالى : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ .
وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقرُّ لهم بذاك. كثير من الناس يدعي محبة رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم}،؟ فما هي دلائل الصدق التي تؤكد ذلك؟ قد اختُصَّ أهل البيت النبويِّ الشريف بمزايا عظيمة, ومكانة عالية رفيعة, وفضائلَ لا تُحصى؛ فقد وصَّى بهم خير الخلق صلَّى الله عليه وسلَّم, في قوله: {{ أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي}}, ومع هذه الوصية الواضحة, إلَّا أنَّ الناس قد تنوَّعت وتعدَّدت مشاربهم في التعامل مع آل البيت النبويِّ؛ فمنهم الغالي فيهم إلى حدِّ التأليه, ومنهم الجافي إلى درجة العَداء والنَّصب، ومنهم المقتصد، وهم أهل بيته وشيعته الذين كانوا بحقٍّ أسعدَ الناس بحفظ وصيَّة رسول الله { صلَّى الله عليه وسلَّم}، في أهل بيته الكرام.
* * * * * * * * * * * *
في مجتمعنا يتنامى مفهوم {كَلٌّ يَدَّعي وَصْلاً بلَيلَى}، وحقيقة أن {ليلى لا تُقرُّ لهم بذاكا}، فهي مظلومة بحدوث ذاك الوصل المزعوم، وهي حتى لا تعرف مَن هذا العاشق، الذي يمطرها بتلك الأشعار الرنانة، ومن يغزلُ من حبها عقود لؤلؤ تملأ صدر السماء.
* * * * * * * * * * * * 
من البيت {وكل يدَّعي وصلاً بليلى ** وليلى لا تقر لهم بذاك}{ ما معنى هذا البيت من الشعر} اليهودي سيخبرك أن أمته وحدها تنجو في الآخرة، والمسيحي سيخبرك أن أمته وحدها تنجو في الآخرة، والمسلم سيخبرك أن أمته وحدها ستنجو في الآخرة؛ بل السنّيّ سيخبرك أن طائفته وحدها ستنجو في الآخرة، والشيعي سيخبرك أن طائفته وحدها ستنجو في الآخرة.
فهنا \"ليلى\" هي النجاة في الآخرة، والكل يدّعـي أن ليلى تحبه هو، وتمد إليه حبل الوصال والقـرب دون غـيره؛ بينما في الواقع ليلى لا تعرف عن ذلك شيئاً، ولا أقـرّت لأحد من هؤلاء بما يزعـمون من حبها لهم ووصالها إياهم.
* * * * * * * * * * * *
أحاديث اختلاف الأمة ألفاظ وصيغ الحديث :
أولا : أخرج الترمذي - واللفظ له - وأبو داود ابن ماجة والحاكم وأحمد بن حنبل والدارمي وابن حبان وابن أبي عاصم والسيوطي وغيرهم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله {صلى الله عليه وآله}،{ تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة . . والنصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة . . وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة } { 1 } .
ثانيا : وأخرج الترمذي والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله {صلى الله عليه وآله} : { ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك ، وإن
بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، كلهم في النار إلا ملة واحدة . قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي } { 2 } . وعند الحاكم : قال : ما أنا عليه اليوم وأصحابي . 
* هامش * { 1 } سنن الترمذي : 5 - 25 - ح 2640 ، قال الترمذي . حديث حسن صحيح ، سنن أبي داوود 4 - 197 - ح 4596 ، 
سنن ابن ماجة : 2 - 1321 ، صحيح ابن حبان : 8 - ص 258 - ح 6696 ، الجامع الصغير : 1 - 184 - ح 1223 .
{ 2 } سنن الترمذي : 5 - 26 - ح 2641 ، شرح السنة ، 1 - 213 - المستدرك : 1 - 128 . { * 
ص 324
لقد إدعت كل طائفة الحق وإنها هي الفرقة الناجية حتى نكون منصفين بالبحث عزيزي القارئ فلنضرب للقارئ أنموذجين لبعض استدلالات أهل السنة على أنهم هم الفرقة الناجية لنرى كيف أنهم تمسكوا بما لا ينفع ولا يفيد :
الأول : ما ذكره أحد أقطاب علماء السنة الإيجي في المواقف ، حيث قال : وأما الفرقة المستثناة الذين قال فيهم : { هم الذين ما أنا عليه وأصحابي } فهم الأشاعرة والسلف من المحدثين وأهل السنة والجماعة ، ومذهبهم قال من بدع هؤلاء . .
ثم ساق عقائد أهل السنة { 1 } . وهذا الدليل كما ترى ركيك وضعيف ، ثم أن الأشاعرة وأهل السنة وأهل الحديث الذين ذكرهم الإيجي أكثر من فرقة { 2 } .
حيث قال السفاريني في كتابه لوامع الأنوار البهية { 3 } : أهل السنة والجماعة ثلاث فرق :
1 - الأثرية وإمامهم أحمد بن حنبل .
2 - الأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري .
3 - الماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي . إذا فالسنة ثلاث فرق وليس فرقة واحدة .
* هامش *
{ 1 } المواقف : للإيجي ، ص 429 - 430 . 
{ 1 } لوامع الأنوار البهية : للسفاريني : 1 - 73 . 
{ 1 } المصدر السابق : ص 414 - نقلا عن كتاب { مسائل خلافية حار فيها أهل السنة } للشيخ علي آل محسن . { * }
ص 325
وقول النبي { صلى الله عليه وآله }، إلا فرقة واحدة ناجية ينافي التعدد فاختلف أهل السنة بين بعضهم البعض منهم من قال الأشعرية - ومنهم من قال الأثرية أتباع أحمد بن حنبل - ومنهم من قال الماتريدية . . ومن ثم ما ساقه الإيجي في كتابه المواقف من عقائد أهل السنة والجماعة فيه من الباطل ما فيه ومنه قوله : إن الله تعالى يراه المؤمنون يوم القيامة . 
مع أن ذلك خلاف لنص الكتاب العزيز في قوله تعالى : { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } { 1 } . وهو خلاف قوله تعالى : { أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا } { 2 } وقوله تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } . والنتيجة كلها أقوال قاصرة لا تمت إلى الدليل بصلة .
وأهل السنة أكثر من ثلاث فرق وليس فرقة واحدة . . وأخرج الإمام البخاري في صحيحه { 3 } في باب قول النبي { صلى الله عليه وآله : { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق }.
فإن الرسول صلى الله عليه وآله يريد ظهورهم على الحق بالبراهين والحجج والأدلة القاطعة ولا الأدلة الظنية . فالقرائن التي يجب أن نتبعها أن أهل السنة ثلاث فرق من عصر الأشعري
* هامش *
{ 1 } سورة الأنعام : 103 . 
{ 2 } سورة المؤمنون : 115 . 
{ 3 } صحيح البخاري : ج 4 - ص 174 - باب قول النبي { صلى الله عليه وآله} : { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على حق } . { * }
اضغط هنا للتكملة:http://shiaweb.org/shia/haqiqa/pa36.html.
* * * * * * * * * * * * 
الاستجابة لله حياة: ما الدليل على صدق إيمانكَ وقوة يقينك وشدة حبك لله ورسوله؟ الدليل هو سرعة استجابتك لأوامر الله ورسوله. عندما تسمع آية فيها أمر الله سبحانه وتعالى، وعندما تسمع حديثاً فيه أمر رسول الله { صلى الله عليه وسلم }، هل تتقبل ذلك مباشرة دون تلكؤ؟ دون تباطؤ؟ دون تململ؟ أم أننا نماطل..
في الاستجابة لله حياة، ما أكثر الناس الذين يتبجحون بحب الله وحب رسوله!
وكلٌ يدعي وصلاً بليلى *** وليلى لا تُقر لهم بذاكا
ما الدليل على صدق إيمانكَ وقوة يقينك وشدة حبك لله ورسوله؟ الدليل هو سرعة استجابتك لأوامر الله ورسوله. عندما تسمع آية فيها أمر الله سبحانه وتعالى، وعندما تسمع حديثاً فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل تتقبل ذلك مباشرة دون تلكؤ؟ دون تباطؤ؟ دون تململ؟ أم أننا نماطل، ونسوف، ولما ربنا يهديني ولما... ولما... مبررات لا أكثر!! تأمل معي قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24]، عندما يبلغك حكم الله في مسألة من شؤون حياتك، وعندما يبلغك حكم رسول الله في قضية من قضايا معاشك، كم يمضي عليك من الزمن لتمتثل حكم الله وحكم رسول الله؟ هل تطبق أمرهما بأسرع صورة ممكنة؟ أم تتريث حيناً من الدهر، يوماً، أسبوعاً، شهراً وربما أكثر من ذلك؟ ويقول أيضاً: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 65]، وقال أيضاً: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 51، 52].
* * * * * * * * * * * * 
الأنبياء وسرعة الاستجابة إلى أوامر الله:
لما اختار موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام سبعين رجلاً لميقات وقَّته له رب العالمين، أسرع موسى للقاء الله تعالى وخلَّف قومه وراءه، فعجب الله منه، قال تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى . قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 83، 84]. هل أنت ممن يعجلون إلى الله بالتوبة؟ أم ممن يسوفونها إلى حيث لا تنفع التوبة؟؟ ونجد أيضاً سرعة استجابة رسول الله لأوامر الله تعالى، ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لمّا نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي -لبطون من قريش- حتى اجتمعوا» { البخاري: 4770}.
* * * * * * * * * * * * 
ولنتأمل معاً كيف استجاب الصحابة لأوامر الله في تحريم الخمر، أخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ما كان لنا خمرٌ غير هذا الذي تسمونه الفضيح { شراب يتخذ من البسر- النهاية }، فإني لقائم أسقي أبا طلحة وفلاناً، وفلاناً إذ جاء رجل فقال: هل بلغكم الخبر؟! فقالوا: وما ذاك؟! قال: حُرِّمت الخمر، قالوا: أهرقْ هذه القلال يا أنس، قال: فما سألوا عنها ولا أرجعوها بعد خبر الرجل» { البخاري: 4617}. فهل شبابنا سمع النداء ولبى... قد انتهينا ربنا قد انتهينا؟؟
* * * * * * * * * * * * 
الاستجابة لله حياة في أمر الحجاب: عن صفية بنت شيبة قالت: \"بينما نحن عند عائشة، قالت: فذكرنا نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضي الله عنها: إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل؛ لما أنزلت سورة النور: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]. انقلب رجالهن عليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابة، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطِها المُرَحَّل، فاعتجرت به؛ تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله { صلى الله عليه وسلم}، معتجرات- يعني قد لففن رؤوسهن ووجوههن- ، كأن على رؤوسهن الغربان\" رواه أبو داود وغيره. فهذه الآية نزلت بالليل، فلم ينتظرن حتى الصباح، بل شققن الثياب وصنعن الخمر وصلين خلف رسول الله { صلى الله عليه وسلم}، مختمرات، فرضي الله عنهن. وسبحان الله... ما أطهرها من قلوب، وما أنقاها من نفوس! فيا أختي في الله: كيف استقبلت أمر الحجاب هل تلكأتِ؟ هل جادلتِ: لما أكبر، لما أتزوج، لما أنجب أول طفل، إلى متى؟ يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].
* * * * * * * * * * * * 
الاستجابة لله في أمر الجهاد:
فهذا هو حنظلة غسيل الملائكة الذي كان حديث عهدٍ بعرس، يسمع نداء الجهاد من منادي رسول الله { صلى الله عليه وسلم}، فينطلق ملبياً النداء مسرعاً مستجيباً لداعي الله، ولم يتمهل حتى يغتسل من جنابته، وينطلق نحو المعركة، لتكون نهايته السعيدة ويلقى الله شهيداً وهو جنب فتغسله الملائكة. على الجانب الآخر نجد بني إسرائيل عندما طلب منهم موسى أن يدخلوا القرية، ماذا كان ردهم؟ يقول المولى عز وجل: {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، قعدوا عن الاستجابة لأوامر الله، فاستحقوا العقوبة من الله التيه في الأرض، فكم من تائه في هذه الدنيا؛ لأنه لم يسارع إلى تنفيذ شرع الله. وفي معركة خيبر والقدور تغلي بلحمها، والموائد في انتظارها والبطون جوعى، في هذا المشهد المهيب يأتي النهي عن الحمر الأهلية، يصرخ العباس بأعلى صوته: إن الله ورسوله ينهيانكم عن أكل لحم الحمر الأهلية، فما توانوا لحظة وما تأخروا برهة وما أعملوا عقولهم وما رحموا جوع بطونهم، وإنما أراقوا القدور بما فيها من لحوم وبحثوا من جديد عن طعام حلال خشية لله ورسوله واستجابة لنداء الرحمن.
* * * * * * * * * * * * 
الاستجابة لله ورسوله في أمر الزواج:
أخرج الإمام أحمد عن أَنَسٍ قَالَ: «خَطَبَ النَّبِيُّ { صلى الله عليه وسلم}، عَلَى جُلَيْبِيبٍ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ { صلى الله عليه وسلم}: فَنَعَمْ إِذًا قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ: لَاهَا اللَّهُ إِذًا مَا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ { صلى الله عليه وسلم} إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَان، قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْبِرَ النَّبِيَّ { صلى الله عليه وسلم} بِذَلِكَ، فَقَالَتْ الْجَارِيَةُ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ { صلى الله عليه وسلم} أَمْرَهُ، إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ فَأَنْكِحُوهُ، فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَنْ أَبَوَيْهَا، وَقَالَا: صَدَقْتِ، فَذَهَبَ أَبُوهَا إِلَى النَّبِيِّ { صلى الله عليه وسلم} فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِينَاهُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ فَزَوَّجَهَا، ثُمَّ فُزِّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَرَكِبَ جُلَيْبِيبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ قَتَلَهُمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَمِنْ أَنْفَقِ بَيْتٍ فِي الْمَدِينَة» {المسند: 11944}. وأخرج الإمام مسلم عنْ أَبِى بَرْزَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ { صلى الله عليه وسلم} كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ، فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا، ثُمَ قَالَ: هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: لَكِنِّى أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ، فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَأَتَى النَّبِيُّ { صلى الله عليه وسلم} فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، قَالَ فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلاَّ سَاعِدَا النَّبِيِّ { صلى الله عليه وسلم}، قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلاً» { مسلم: 2472}. وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتًا قال: «هل تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: اللهم صب عليها الخير صبًّا، ولا تجعل عيشها كدًّا كدًّا، قال: فما كان في الأنصار أيم أنفق منها» {شعب الإيمان: 2/672}. حتى في أمر الزواج الاستجابة لله ولرسوله فيها الحياة الطيبة لهذه الأسرة الجديدة إذا اختار حسبما شرع الله بالنسبة للفتاة: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» {حسنه الألباني في غاية المرام: 217}، وليس من تميل إليه الفتاه هوىً وحباً، وهو لا يصلي، ولا يتقي الله، وبالنسبة للفتى: «اظفر بذات الدين تربت يداك» {صححه الألباني في غاية المرام: 222}، نعم، تُنكح المرأة للجمال أو المال أو الحسب والنسب، ولكن نكاح أهل الإيمان على أساس الدين والخلق، فهل سارعنا للاستجابة لأوامر الله حتى لا تكون فتنة في الأرض وينتشر الفساد بزواج غير الأكفاء إلى بعضهم البعض.
* * * * * * * * * * * * 
وهناك قصة أخرى هي استجابة لأوامر الله في الصلاة قصة تحويل القبلة: عن البراء { رضي الله عنه} أن رسول الله { صلى الله عليه وسلم} صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله { صلى الله عليه وسلم} يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت، فأمره الله عز وجل باستقبال المسجد الحرام، فقال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، وقد كان تحويل القبلة في صلاة العصر فبعد الصلاة خرج ممن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فمر على أهل مسجد يصلون تجاه المقدس، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع الرسول { صلى الله عليه وسلم}، تجاه الكعبة، فما منهم إلا أن تحولوا جهة الكعبة، وهم راكعون، كان من الممكن أن يتحولوا في الصلاة التي تليها، ولكن من شدة الحرص على طاعة الله ورسوله لم يجاوزوا الصلاة حتى تحولوا، كم مرة أخرت صلاة عن ميعادها؟ ألم تسمع قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] أين استجابة النداء؟ وهذه قصة أخرى: قصة جلوس عبد الله بن رواحة خارج المسجد، فعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله { صلى الله عليه وسلم}، جلس على المنبر يوم الجمعة، فقال: اجلسوا فسمع عبد الله ابن رواحة قول النبي { صلى الله عليه وسلم}: اجلسوا، فجلس في بني غنم، فقيل يا رسول الله ذاك ابن رواحة سمعك وأنت تقول للناس اجلسوا فجلس في مكانه.
* * * * * * * * * * * * 
إن من ثمرات المسارعة للاستجابة لأوامر الله:
أولًا: الاستجابة سبيل إلى الرشاد وإجابة الدعاء، كما قال تبارك وتعالى، وهو يعد أهل الاستجابة بهذه البشارة العظيمة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. فالاستجابة لله سبحانه بفعل الأوامر التي أمر بها واجتناب النواهي التي نهى عنها، وآمن به وأحسن الظن بالله جل وعلا فإنه سبحانه وتعالى قريب مجيب دعوته. قال { صلى الله عليه وسلم}: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ» {رواه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد، وصححه الألباني فس صحيح الترغيب: 1633}.
* * * * * * * * * * * * 
ثانياً: المستجيب حي؛ فعلى قدر الاستجابة تكون الحياة، فهي مراتب كلما زاد العبد في الاستجابة لله وطاعة أوامره كلما زاده الله هداية وتوفيقاً. وقد شبه الله المستجيب لنداء الله ورسوله بالحي، والذي لا يستجيب بالميت: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [الأنعام: 36]. يقول صاحب الظلال في الاستجابة لأوامر الله: يصف صاحب الظلال هذه الدعوة الإلهية بأنها دعوة للحياة... للحياة الدائمة المتجددة، لا لحياة تاريخية محدودة في صفحة عابرة من صفحات التاريخ.. إنها دعوة إلى الحياة بكل صور الحياة، وبكل معاني الحياة.. إنَّه يدعوهم إلى عقيدة تحيي القلوب والعقول، وتطلقها من أوهاق الجهل والخرافة، ومن ضغط الوهم والأسطورة، ومن الخضوع المذل للأسباب الظاهرة والحتميات القاهرة، ومن العبودية لغير الله والمذلة للعبد أو للشهوات سواء.. ويدعوهم إلى منهج للحياة، ومنهج للفكر، ومنهج للتصوّر. فانظر أخى وأختي على قدر استجابتك يكون القلب حي مع الله، فإذا تلكأت عن أوامر الله فاعرف أن هناك ما يشوب القلب، فبادر إلى تطهيره.
* * * * * * * * * * * * 
ثالثا: آخر طريق الاستجابة الجنة، قال الحق تبارك وتعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [الرعد: 18]. قال البغوي: \"قوله تعالى: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لربهم} أجابوا لِرَبِّهِمُ فأطاعوه، {الْحُسْنَى} الجنة، {وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ} أي: لبذلوا ذلك يوم القيامة افتداءً من النار، {أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ}، قال إبراهيم النخعي: سُوء الحساب: أن يحاسبَ الرجلُ بذنبه كلّه لا يغفر له من شيء {وَمَأْوَاهُمْ} في الآخرة {جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} الفِراش، أي: بئس ما مُهِد لهم...\" {التفسير: 4/309}.
* * * * * * * * * * * * 
رابعا: المستجيب وهداية الله:
قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50]. قال ابن قيم الجوزية طيب الله ثراه: فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما، إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى، فكل ما لم يأت به الرسول فهو من الهوى، وقال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26] فقسّم سبحانه طريق الحكم بين الناس إلى الحق وهو الوحي الذي أنزله الله على رسوله، وإلى الهوى وهو ما خالفه، وقال تعالى لنبيه { صلى الله عليه وسلم}: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ . إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 18، 19]، فقسم الأمر بين الشريعة التي جعله هو سبحانه عليها، وأوحى إليه العمل بها، وأمر الأمة بها، وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون.
* * * * * * * * * * * * 
خامسًا: الاستجابة علامة للإيمان. فأهل الاستجابة هم المؤمنون حقًا، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51]. فقول أهل الإيمان إذا ما دعوا إلى الله ورسوله هو سمعنا وأطعنا، وقت النشاط والكسل، ووقت العسر واليسر، فحياتهم مبنية عن الاستجابة لأمر الله ورسوله، أما المنافقون فشعارهم وديدنهم الصد عن سبيل الله ومخالفة أوامر النبي { صلى الله عليه وسلم}، كما قال الله عنهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: 61].
* * * * * * * * * * * * 
سادسا: سلامة العبد من حيلولة الله بينه وبين قلبه: لأن الله حذر من أن يحول بين العبد وقلبه فلا ينتفع بموعظة، ولا يتحرك قلبه بترغيب ولا ترهيب، قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ]الأنفال: 24].
* * * * * * * * * * * * 
سابعا: تأخير الاستجابة لأمر الله ورسوله من صفات المنافقين، فالفرق بين المؤمنين والمنافقين سرعة الاستجابة لله ورسوله، والمبادرة إلى امتثال أوامر الله ورسوله، والسمع والطاعة، والانقياد للحق إذا ظهر واستبان له، يقول تعالى مبيناً صفات الفريقين في ذلك: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ . وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ . وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ . وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ . أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ . إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 46- 52]. فهل تحب أن تكون منهم أعاذنا الله وإياكم.
* * * * * * * * * * * * 
ثامناً: الاستجابة لأوامر الله سبحانه نجاة في الدنيا والآخرة من هول يوم القيامة، قال الله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} [الشورى: 47]. فلنسارع بالاستجابة لأوامر الله؛ لنكون على خطى النبي والصحابة. لمَ نرضى بالدون ولا نطلب الدرجات العلى في الجنة من قبل أن يأتي يوم يرى المجرمون العذاب، فلا تكون لهم أمنية إلا العودة إلى الدنيا لتصحيح ما سلف منهم من تقصير. وما أشد حاجة المسلمين اليوم إلى استجابة الله لهم، ليحييهم بعد مواتهم، ويكشف عنهم كرباتهم، ويزيل الظلم والظالمين عن كواهلهم، فلن تنكشف الغمة، وينصلح حال الأمة إلا بقيامها لله فرادى وجماعات، منيبين إليه، مستجيبين له ولسنة رسوله {صلى الله عليه وسلم}، فيحميها ويغار عليها، ويثأر لها، وينصرها: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
 
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ سورة العنكبوت الآية رقم 69 ↓
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى \" وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا \" يَعْنِي الرَّسُول {صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ}، وَأَصْحَابه وَأَتْبَاعه إِلَى يَوْم الدِّين \" لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا\" أَيْ لَنُبَصِّرَنَّهُمْ سُبُلنَا أَيْ طُرُقنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أَبِي الْحَوَارِيّ أَخْبَرَنَا عَبَّاس الْهَمْدَانِيّ أَبُو أَحْمَد مِنْ أَهْل عَكَّا فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى \" وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلنَا وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ\" قَالَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ يَهْدِيهِمْ اللَّه لِمَا لَا يَعْلَمُونَ قَالَ أَحْمَد بْن أَبِي الْحَوَارِيّ فَحَدَّثْت بِهِ أَبَا سُلَيْمَان يَعْنِي الدَّارَانِيّ فَأَعْجَبَهُ وَقَالَ لَيْسَ يَنْبَغِي لِمَنْ أُلْهِمَ شَيْئًا مِنْ الْخَيْر أَنْ يَعْمَل بِهِ حَتَّى يَسْمَعهُ فِي الْأَثَر فَإِذَا سَمِعَهُ فِي الْأَثَر عَمِلَ بِهِ وَحَمِدَ اللَّه حَتَّى وَافَقَ مَا فِي قَلْبه . وَقَوْله \" وَإِنَّ اللَّه لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ \" قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عِيسَى بْن جَعْفَر قَاضِي الرَّيّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الْمُغِيرَة عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : قَالَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم {عَلَيْهِ السَّلَام}، إِنَّمَا الْإِحْسَان أَنْ تُحْسِن إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْك لَيْسَ الْإِحْسَان أَنْ تُحْسِن إِلَى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْك وَاَللَّه أَعْلَم . آخِر تَفْسِير سُورَة الْعَنْكَبُوت وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّة .
الجهاد في اللغة : بذل الجهد والوسع والطاقة، من الجُهْد بمعنى الوُسع، أو من الجَهْد بمعنى المشقة وكلا المعنيين في الجهاد. وفي الشرع أو في اصطلاح القرآن والسنة، يأتي بمعنى أعم وأشمل، يشمل الدين كله؛ وحينئذ تتسع مساحته فتشمل الحياة كلها بسائر مجالاتها ولهذا يسمى حينئذ : الجهاد الأكبر. وله معنى خاص هو القتال لإعلاء كلمة الله وهذا يشغل مساحة أصغر من الأولى ولهذا سُمِّىَ الجهاد الأصغر.[3] جهاد - ويكيبيديا، الموسوعة . الحرة.https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AF. علي بن موسي الرضا{ع}: {{ يقول الله عزو جل: لا اله الا الله حصني, فمن دخل حصني أمن من عذابي }}. احمد بن محمد بن هارون مستدركات علم رجال الحديث - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج 1 - ص 480 أحمد بن محمد بن هارون الزوزني أبو الحسن: مستدركات علم رجال الحديث| الشيخ علي النمازي الشاهرودي|1|1405|
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الكوفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/03



كتابة تعليق لموضوع : وكلّ يدّعي وصلا بليلى ... وليلى لا تقرّ لهم بذاكا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net