صفحة الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

القس المسيحي سهيل قاشا و ادعاءاته على القرآن الكريم الحلقة الثانية
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

التجني على الشيعة:

لقد بلغت الجرأة بسهيل قاشا أن ادعى على الشيعة ما لم يذكروه في كتبهم ولم يذكر أي دليل على ذلك، أو مصدر لهذه الإدعاءات الباطلة.

فيقول: «ورأى بعض الشيعة في مجموعة هذه الفواتح إذا حُذف المكرر فيها ما يفيد أن (صراط علي حق نمسكه)»( ).

فأي مصدر أو مرجع شيعي يذكر هذا الرأي، ومن القائل به، ومن هم أولئك البعض الذين يقولون بذلك، وهل أصبح قول البعض ـ لو صدق ـ حجّة على الشيعة بأجمعهم؟! 

لقد وصل به الحال إلى تبني المفتريات من الأقوال الشاذة التي لا أصل لها أبداً، فيقول: «ليس لنا كبير غناء في تفاسير الفرق المتطرفة كالقرامطة وغلاة الشيعة، ولقد ذهب هؤلاء في اتجاهات تفسيرية خاصة نجد صداها في كتاب القمي (ت 1700) المدعو غرائب القرآن ورغائب الفرقان، والمعروف بتفسير النيسابوري لأن واضعه نشأ وأقام في نيسابور، والقاشاني (ت 1679)، وغاية الشيعة في مصنفاتهم التفسيرية إظهار النصوص التي تشير إلى زعامة علي وسلالته، ويدّعون أن النصوص العلوية وإن كانت قليلة في القرآن فذلك لأن معظمها قد أُسقط على يد أبي بكر وعمر وعثمان والحجاج، وأما بقيته فمن اليسير الإستدلال إليه مع شيء من تحوير صورة الرسم الكلامي»( ). 

فمن أين جاء بهذه الأقوال، ثم كيف له أن يرمي الناس بالتطرف، مع أن قوله هذا هو التطرف بعينه، وهو بذلك يحاكي قول الكاتب الأمريكي (كارل إيرنست) ( ) الذي يقول: «وهنالك تفاسير تحاول بأسلوب منظم برهنة تأويل طائفي، كما هو مشاهد في كثير من مؤلفات الشيعة»( ). 

وأمثال هذه الدعوات المستنسخة كثيرٌ جداً، فلا شك بأن سهيل قاشا أخذ من ذلك المستنسخ و المفترى كادعاءات المستشـرق (أف بول) الذي يقول: «بأن الشيعة تصـر على أن أهل السنة قاموا بحذف آيات من القرآن الكريم تؤيد مذهب الشيعة»( ). 

و هذا القول( ) قد أورده الألوسي في تفسيره( ) ، و هو ممن يعرف بالتلفيق و بالخصوص على الشيعة .

كما و ان هذا النوع من الإستخراج الحسابي و كما أوردنا مسبقاً ، يعرف بـ( حساب أبي جاد ) و قد شدد العلماء على إنكاره و الزجر عنه( ) .

وسهيل قاشا عند تعرضه لقضية الإعجاز ورأي العلماء فيها يقول: «وقال المرتضي من الشيعة»( ).

فهو يقول: (قال المرتضي) بالياء، لا بالألف المقصورة ( ى ) ، فهل هو يقصد السيد الـمرتضى( ) علم الهدى، أم أن المـرتضي المذكور في كتابه شخصٌ آخر لا نعرفه، يعرفه هو فقط؟، ثم ما مصدر هذا القول، ومن أي كتاب أخذه؟.

إن هذا تجن حقيقي خال من الأمانة العلمية، وبعيد كل البعد عن أسس البحث العلمي الرصين. 

وفوق كل ذلك فإن سهيل قاشا يقول (إنها محاولة بسيطة).

طبعاً بسيطة لمن لا يحترم الأديان، ولا يعرف أساسيات الدين الإسلامي، فهو غير مسلم فإن أصاب ولو بأية طريقة كانت فقد حقق مبتغاه، وإن أخطأ وبالتالي أحدث خللاً ما فلا يهم لأن الكتاب ليس كتابه، والدين ليس دينه، و أتباعه لا يمتون له بأي صلة ، وهو بذلك يتشبه بمروان بن الحكم يوم الجمل وهو يرمي بالسهام على كلا طرفي المعركة ويقول: (إينما وقعت فتح). 

عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله  : « ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ، و لا سنة ، فننظر فيها ؟ فقال : لا ، أما إنك إن أصبت لم تؤجر ، و إن أخطأت كذبت على الله عز و جل »( ).

 كاتب السر اليهودي المجهول:

يقول سهيل قاشا مدعياً على النبي محمد : «كان كاتب سره يهودي، ثم لما خاف أن لا يؤتمن أمر زيد بن ثابت ليتعلم السريانية واليهودية ليكون كاتب سره»( ). 

فذكر هذا الكلام بلا أدنى دليل من مصدر أو مرجع، وكأنه من المسلمات التي لا لبس فيها أبداً، ولا أدري كيف يعامل حادثة لها أكثر من (1000) سنة ـ غابت عنه تفاصيلها ـ معاملة المسلمات، وكيف يذكر رأياً لا أصل له لم نسمع عنه إلا من سهيل قاشا، فهل لديه علم ما لا يعلم به غيره، أم هذا مجرد ادعاء باطل يضاف إلى سلسلة الإدعاءات التي ساقها في كتابه؟!

ونحن نسأل : من ذلك اليهودي الذي كان كاتب سر النبي ، وهل جعله النبي محمد كاتب سره يهودياً؟ وهل بقي على يهوديته؟ أم أنه أسلم؟ 

في الحقيقة : لا نعلم من أين جاء بهذه الأقوال البعيدة عن ذهن العاقل، فهو يتخبط، ويبحث في إدعاءات المستشـرقين ، و أعداء الإسلام  ليأتينا بما شذ من الآراء، ليطرحها طرح المسلمات، وكأن كل ما قيل يصح نقله، أو يصح قوله و التصريح به . 

هنا لابد من ذكر ملحظ مهم هو أن المائز لكتابات سهيل قاشا الكثيرة هو: ذكره آراء، وكلمات، ونظريات تفتقر إلى أدنى دليل، وهو يوردها بلا أي ذكر للمصدر الذي اعتمد عليه في النقل، وبدون أي أيحاء لأصل الإستنتاج الذي أورده. 

ويمكن للقارئ أن يراجع بخصوص كُتاب الوحي، أو كُتاب النبي محمد ليتعرف على أسمائهم، وأصولهم، وتراجمهم ليتسنى له معرفة صدق أو كذب القول المذكور، لذا فنحن نحيل القارئ على تلك المصادر لكي يراجعها، ويتأكد من أصل ما جاء به هذا القس المسيحي، وغيره من المتقولين. 

وما هذا القول إلا إعادة لما جاء به بعض المستشـرقين ومن أمثلتهم المستشـرق (لوث) الذي عزى الحروف المقطعة إلى التأثير اليهودي على النبي ، ولكن لو دقق أحد في هذه الدعوى للاحظ بطلانها بأبسط نظرة، وذلك لأن سبعاً وعشرين سورة من السور المحتوية على الحروف المقطعة هي مكية، وليس بينها من السور المدنية سوى اثنتين فقط.

لكن بعض المصادر ادعت أن النبي محمد  قد قام بتأليف القرآن بمساعدة راهب مسيحي، وآخر يهودي فارسي اسمه (عبد الله بن سلام)( ) كما يدعون( ).

كما وقد أورد الطاعنون بالقرآن الكريم ، وبنبوة النبي محمد أسماء للأعاجم الذين كانوا في مكة والذين اتهموا بتأليف القرآن، وعلموه للرسول فصاغة بعد ذلك باللغة العربية ، و هم: الحداد النصـراني (بلعام)، وغلام بني المغيرة (يعيش)، و(جبر) الغلام الرومي لبعض بني الحضرمي، و(يسار) الغلام الفارسي من عين التمر، و(عائش) الغلام النصـراني عبد حويطب بن عبد العزى، و(عداس) غلام عتبة بن ربيعة( ).   

 أن القرآن الكريم يرد على كل هذه الأفتراءات بقوله عز من قائل: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتابَ الْـمُبْطِلُونَ (سورة العنكبوت، الآية 48).

لقد زعم المشككون أن القرآن الكريم ليس كلام الله، وإنما هو من تأليف شخصٍ ما علمه للنبي محمداً ، وقد أختلفوا في تحديد اسم ذلك الشخص الأعجمي، ومن الأسماء التي رددها الرواة: (بلعام، ويعيش، وجبر، ويسار، وعداس)( ).

ولقد ردت آيات القرآن الكريم في أكثر من مكان على هذا الزعم الباطل، ومنها قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (سورة النحل، الآية 103).

فالآية الكريمة قالت بأن لسان ذلك الشخص أعجمي، والقرآن لسان عربي مبين ،فكيف للأعجمي الذي لا يعرف إلا بضع كلمات عربية يكاد لا يحسن نطقها بالشكل الصحيح أن يؤلف كلاماً عربياً بلغ الذروة في البلاغة والفصاحة؟!

قال السيد الطباطبائي  في تفسير الآية المتقدمة ما نصه: «وملخص الجواب مأخوذ من جمع الآيات الثلاث ؛ ان ما اتهمتموه به أن بشراً يعلمه ثم هو ينسبه الى الله افتراء إن أردتم أنه يعلمه القرآن بلفظه بالتلقين عليه وأن القرآن كلامه لا كلام الله فجوابه: أن هذا الرجل لسانه أعجمي وهذا القرآن عربي مبين»( ).

الهوامش
( ) القرآن بحث ودراسة، ص 250 .
(2) القرآن بحث ودراسة، ص 152 .
(3) جورج كارل ايرنست كاتب أمريكي متخصص بالدراسات الإسلامية ، يركز في كتاباته على قضايا كراهية الإسلام في أمريكا ، كتاباته منحازة .
(4) على نهج محمد، كارل إيرنست، ص 139 . أما المعنى الحقيقي لعنوان الكتاب فهو ( بعد محمد ) .
(5) مذاهب التفسير الإسلامي، جولد تسيهر، ص 294 .
(6) أي إدعاء ( صراط علي حق نمسكه ) ، فوضع مقابله قول : ( صح طريقك مع السنة ) ، و لا نعرف من أين جاء به ، و ما دليله عليه .
(7) تفسير الألوسي ، ج1 ، ص 104 .
(8) مباحث في علوم القرآن ، صبحي الصالح ، ص 237 .
(9) القرآن بحث ودراسة، سهيل قاشا، ص 107 ـ 108 .
(10) السيد المرتضى ، أو الشريف المرتضى ، علم الهدى ( 355 ـ 436 هـ ) عالم و فقيه و مجتهد إمامي من علماء القرن الرابع الهجري ، من تلامذة الشيخ المفيد .
(11) الكافي ، ج1 ، ص 56 .
(12) القرآن بحث ودراسة، ص 257 ـ 258 .
(13) قيل أن اسمه كان (الحصين) فسماه النبي  عبد الله، كما يذكر ذلك البخاري، ج 5، ص 37، والمشهور أنه من رواة الإسرائيليات .
(14) ورد ذكر هذا القول في كتاب: دفاع واعتذار لمحمد والقرآن، جون ديفنبورت، ص 132، الهامش .
(15) هل القرآن معصوم؟، عبد الله الفاني، ص 236 .
(16) كل ذلك كان مجرد نظريات، وإفتراءات وردت في كتب المسيحيين واليهود والمستشرقين وأعداء الإسلام .
(17) تفسير الميزان، ج12، ص 372، تفسير سورة النحل، الآية 103.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/31



كتابة تعليق لموضوع : القس المسيحي سهيل قاشا و ادعاءاته على القرآن الكريم الحلقة الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : ليث العتابي ، في 2015/08/03 .

ابو زهراء العبادي ، احسنتم و جزاكم الله خيرا .

• (2) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/08/02 .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ الجليل ليث .القس سهيل قاشا وٱمثاله ممن يتخذون لهم منهج تصادمي مع الاديان ..ويسعون بجهل التعرض الى الدين الاسلامي سيرا على نهج من سبقهم من ٱعداء الاسلام من المستشرقين .يوردون نفس ٱفتراءات واكاذيب من سبقه .وقد تم الرد عليها من قبل الفريقين .بكتب معتبره .
بعض اعداء الاسلام ...يحاولون بتلك الافتراءات تكذيب ان الاسلام دين سماوي .ويشككون بذلك . من خلال زعم انه من صنع البشر ..لن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ... القران الكريم رسم لنا صورة الاعداء وطبيعة صراعهم .معنا والاسباب هي الحسد ورغبتهم في ردنا الى الكفر ..الانبياء .ع. في دعواهم .قالوا لاتمتنا الا مسلمين .دعوه الى ٱممهم الى اعتناق الاسلام والتسليم به لاانه خاتم الديانات السماوية ..وقد استنسخ كل الشرائع التي قبله .في شريعه خاتمه لكل الشرائع .
غير ان البغي والحسد واستغلال الدين حالات لازمت عقول البعض .قالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء .ٱيذان بحرب الاديان .فاليهود هي التي قتلت نبي المسيح بعد ان تامر عليه كنهتهم .وٱتهموه بالتجديف وحاكموه بهذه التهمه قبل تحريضهم القائد الروماني على قتله .ع. وكتبوا التاريخ وزوروه .
فلا غرابه ان يوجهوا سهام الغدر والتشويه الى الاسلام ومذاهبه .ويحاولوا بكل دهاء ومكر استغلال الخلافات الاسلامية لينفذوا من خلالها الى المسلمين ..فقل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ..ولو نظر المسيح الى كتبهم المقدسة .ودققوا فيها جيدا .فانها كتبت بايدي احبارهم وكهنتهم ..وفيها اكاذيب موضعة وحقائق ضائعة ..ووصل بهم الامر اليوم الى افتراء جديد زعم فيه بعظهم بان السيد المسيح .ع. متزوج من المجدلاوية .وان له منها ذرية دلاله على ماوصل اليه الانحطاط الاخلاقي للاساءة الى الديانات كافة والى انبياء الله .ع. كما زعموا بان النبي سليمان .ع. جاء من ام رٱها داوود .ع. فتعجب بجمالها فاخبر بانها زوجة احد قادته .فقرر ارساله الى جهات الموت ليموت ويتزوج بعدها امرٱته .كما يزعمون .الا لعنهم الله كبرت كلمه تخرج من افواههم .ان يقولوا الا كذبا .
فهم .يحاولون ان يطفئوا نور الله ويابى الله ان يتم نوره .







حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net