حصار ثم فوضى عارمة
لقد كانت مرجعية السيد السيستاني منذ تصدي هذا الرجل لمنصب المرجعية في النجف الاشرف خير مثال للمرجعية الفاعلة -ولكن لا بمقاييس الاسلام السياسي الحركي الذي عانى اتباعه ومنظروه الامرين من عدم سيره على منهجهم كما كانوا يعانون ايام سلفه السيد الخوئي (طاب ثراه) حتى انهم قسموا المرجعية الى قسمين رسالية وكلاسيكية وكنت حصة الخلف والسلف القسم الثاني طبعا-وهذه الفاعلية تجلت في حقبتين :-
الاولى حقبة النظام البائد وفي ميدانين: -
الاول: -داخل العراق حيث عمل على بث روح التقية المشددة بين الشيعة في العراق وحرص على حقن دمائهم وهم يرزحون تحت حكم أعتى دكتاتورية عرفتها المنطقة في العصر الحديث في وقت كانت أي محاولة لتغيير الاوضاع محكومة بالفشل بل فشلت محاولات وترتب عليها مجازر مروعة وكانت هذه الاوضاع نتيجة حتمية وطبيعية لطبيعة نظام الحكم ووحشيته في التعامل مع معارضيه وطبيعة الخارطة السياسية الطائفية للمنطقة في ظل هذه الاوضاع كانت الازمة الاقتصادية في البلاد تسحق اغلب طبقات الشعب والشيعة في مقدمتهم طبعا فشمرت المرجعية عن ذراعيها وعمدت الى حزمة من الإجراءات :-
1- اعطاء اجازة عامة بصرف الحقوق الشرعية من قبل المكلفين بين المحتاجين يدا بيد بلا واسطة دون حاجة الى مراجعة المرجع الديني في خطوة غير مسبوقة في تاريخ المرجعية الشيعية الامر الذي وفر الية واسعة للتوزيع لا يمكن ان تخضع لسيطرة الدولة لعدم ارتباطها بشخص معين
2- توسيع دائرة الوكلاء والمعتمدين وزيادة اعدادهم لغرض ايصال المساعدات الى ابعد نقطة في العراق ولو كانت في اعماق الارياف
الميدان الثاني: - خارج العراق حيث كانت اعداد المهاجرين الفارين من اتون محرقة النظام القمعي تتسع يوما بعد اخر فكانت توجيهات المرجعية التي تصل الى العراقيين في المهجر ترسم لهم الخط الذي رسمه ائمتهم سلام الله عليهم اجمعين لشيعتهم منذ قرون فوجههم بضرورة الاعتناء بأمور
الاول: -احترام القوانين النافذة في البلدان التي يعيشون فيها لكونه من الشروط والتعهدات الضمنية التي تؤخذ على من يعطى حق اللجوء السياسي والانساني او تمنح له الجنسية بل وحتى تأشيرة الدخول (الفيزا)
الثاني: -حرمة التجاوز على الممتلكات العامة والخاصة
الثالث: -حرمة الحصول على مساعدات الإغاثة او الرواتب او المكافئات خلافا للضوابط القانونية المعتمدة
الرابع: -الاجتناب عن كل الافعال او التصرفات التي قد تسيء لسمعة المذهب
الخامس: -مشاركة ابناء الملل الاخرى في مناسباتهم وحضور تشييع جنائزهم
هذه الامور المتقدمة وغيره حققت للجالية العراقية في المهجر المستوى العالي من الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها مضافا الى الانضباط العالي الذي اظهروه حيال القوانين والنظم النافذة مهد الطريق للتأسيس لمرحلة اخرى من هذا الوجود المبارك في بلاد المهجر
الحقبة الثانية: -بعد سقوط نظام حكم صدام سنة 2003
لم يكن أحد يتوقع ان يكون لسماحة السيد السيستاني الرجل المسن قليل الظهور في المحافل العامة هذا الدور الكبير ان لم يكن الاكبر في عراق ما بعد صدام فمنذ الايام الاولى التي تلت هذا الحدث الكبير لا على مستوى العراق فحسب وانما على مستوى المنطقة والعالم تحملت هذه المرجعية المسؤولية العظمى ولعبت الدور الابرز في بلد تتلاطم به الامواج وتترقب كواسر الوحوش لافتراسه بعد ان تركه حكامه الظلمة في ايدي اكبر قوة عسكرية في العالم مدعومة بالخبث جهاز مخابرات نعم هذا هو حال العراق بعد صدام جميع اجهزة الدولة ذابت في لحظات بلا بديل يسعف ممتلكات الدولة وبناها التحتية التي تعرضت للنهب والتخريب الاجهزة الامنية تبخرت الناس وممتلكاتهم بل حراسة هذا على المستوى الامني اما على المستوى السياسي فمستقبل البلاد الى المجهول والشعب مغيب لقرون مضت لا يعرف ماذا يريد بالضبط هذه الأحوال في العراق في تلك الفترة .
يتبع انشاء الله تعالى
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat