صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح285 سورة القصص الشريفة
حيدر الحد راوي

بسم الله الرحمن الرحيم
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ{38}
تستمر الآية الكريمة بسرد التفاصيل (  وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ ) , قال فرعون مخاطبا سادة وكبراء قومه , (  مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ) , ينفي الوهية سواه , محتفظا بها لنفسه فقط , (  فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) , عملية طبخ الاجر بالنار , (  فَاجْعَل لِّي صَرْحاً ) , ثم ابن لي قصرا او برجا عاليا , (  لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ) , اراه واقف عنده , (  وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) , اظن موسى كاذبا في ادعاءه انه رسول اله غيري .    

وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ{39}
تستمر الآية الكريمة مبينة حال فرعون وجنوده (  وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) , كان فرعون في تلك الحال في اقصى غايات التكبر والطغيان , (  وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ) , بالنشور .  

فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ{40}
تستمر الآية الكريمة في وصفها للانتقام الرباني منه وجنوده (  فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) , اغرقوا جميعا في البحر , (  فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) , حيث صاروا الى الهلاك في الدنيا , وفي الاخرة لهم عذاب اشد واكثر ايلاما .  

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ{41}
تستمر الآية الكريمة مضيفة :
1-    (  وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) : قدوة في الضلال , او رؤساء في الكفر , يرسلون انصارهم ومريديهم ومحبيهم الى النار .  
2-    (  وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ) : اما يوم القيامة , فليس لهم سوى الخذلان , ليس لهم دافع او ناصر يدفع عنهم العذاب او حتى يخففه . 
( عن الصادق عليه السلام ان الأئمة في كتاب الله امامان قال الله تبارك وتعالى وجعلناهم ائمة يهدون بإمرنا لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم قال وجعلناهم أئمة يدعون الى النار يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز وجل ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني " .

وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ{42}
تستمر الآية الكريمة موضحة حالهم في الدارين :
1-    (  وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) : طردا من الرحمة , الخزي والعار . 
2-    (  وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ ) : قبّح الله وجوههم في الاخرة .

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{43}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقاتها (  وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) , التوراة , (  مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى ) , الاقوام السابقة , اشتملت التوراة على :
1-    (  بَصَائِرَ لِلنَّاسِ ) : جمع بصيرة , نور من الانوار القلبية .
2-    (  وَهُدًى ) : هداية من الضلال , ومرشدا لطريق الحق .
3-    (  وَرَحْمَةً ) : للمؤمنين . 
ثم تختتم الآية الكريمة (  لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) , خصّ المتذكرين لانهم الاكثر انتفاعا بالمواعظ .    

وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ{44}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ ) , لم تكن حاضرا في ذلك المكان , وفي النص المبارك دلالة على ان النبي الكريم محمد "ص واله" لم يكن حاضرا في مناجاة موسى "ع" مع ربه , مع ذلك جاءكم ايها الناس بتفاصيل تلك المناجاة , ما يدل دلالة قاطعة على انه "ص واله" رسولا رب العالمين , (  إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ ) , اذ اوحينا الى موسى "ع" تكليفه بالرسالة وحملها واداءها , (  وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) , على تكليف موسى "ع" , فتخبر الناس بما شاهدت , لكنه وحي الرسالة اليك , ما يثبت مصداقيتك لجميع الناس .

وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{45}
تستمر الآية الكريمة في الموضوع مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ) , خلقا كثيرا بعد موسى "ع" , فطالت عليهم المدة , نبذوا العهود والمواثيق , وحرفوا دينهم , حذفوا منه وادخلوا فيه ما ليس منه , (  وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ) , مقيما مع شعيب "ع" والمؤمنين به , (  تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) , فتقرأ على اهل مكة خبرهم , (  وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) , لك الوحي واخبارهم , فتخبر بها الناس .  

وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{46}
تستمر الآية الكريمة في الموضوع مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ ) , لم تكن حاضرا في جهة الجبل , (  إِذْ نَادَيْنَا ) , نادينا موسى "ع" , (  وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ) , لكن علمناك ما هو رحمة من ربك للناس , (  لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ) , هم اهل مكة , وذلك نسبة الى الفترة الطويلة بينه "ص واله" وبين اخر نبي , (  لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) , لو تذكروا وتذاكروا الاخبار لاتعظوا .    

وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{47}
تبين الآية الكريمة (  وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) , وقعت بهم واقعة بسبب كفرهم وركوبهم المعاصي , (  فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً ) , هلا ارسلت لنا رسولا , (  فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ ) , التي ارسل بها , (  وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) , بها . 
فكانت رسالته "ص واله" قطعا لأعذارهم والزاما لهم بالحجة الواضحة . 

فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ{48}
تضيف الآية الكريمة (  فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا ) , الرسالة المحمدية , (  قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى  ) , بدلا من ان يؤمنوا بها , اقترحوا عليه "ص واله" ان يأتيهم بمعاجز كمعاجز موسى "ع" , كالعصا واليد وغيره , (  أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ ) , يجيب النص المبارك على اقتراحهم , حيث لم يؤمنوا بموسى "ع" , بل (  قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا ) , موسى "ع" ومحمد "ص واله" , او التوراة والقرآن الكريم , (  تَظَاهَرَا ) , تعاونا بالتوافق ما بين الكتابين والمنهجين , وانسجما في اظهار بعض الخوارق للعادات , (  وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ ) , اعترفوا بكفرهم بموسى "ع" والرسول الكريم محمد "ص واله" , وبكافة الرسل والانبياء "ع" .   

قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{49}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" جوابا لكلامهم (  قُلْ ) , لهم , (  فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ) , بكتاب سماوي , (  هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا ) , اكثر هداية من التوراة والقرآن الكريم , (  أَتَّبِعْهُ ) , عندها يكون حقيق عليّ ان اتبعه , (  إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) , في اقوالكم ومزاعمكم .

فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{50}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع (  فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ) , في الاتيان بذلك الكتاب , وهذا من المحتوم , (  فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ ) , في كل ما يرمون اليه , اي لو كان لديهم حجة في كفرهم وشركهم لأتوا بها , (  وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ) , لا ضلال اكثر من ضلالة من يتبع هواه ورغباته من غير حجة ولا برهان , ولا دليل مرشد من قبله جل وعلا , (  إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) , يقرر النص المبارك انه جل وعلا لا يوفق الظالمين "الكافرين" الى سبل الهداية والرشاد , والسبب انهم لم يطلبوها في محالها , وانغمسوا في الاهواء والملذات مبتعدين عنها , فظلموا انفسهم بإيرادها موارد العذاب المستحق .  
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/11



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح285 سورة القصص الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net