صفحة الكاتب : توفيق الشيخ حسن

" تأملات في وضح الألم " قراءة في ديوان " لن أغير شكل موتي " للشاعر أحمد ألعاشور
توفيق الشيخ حسن
عند سريرك ِ الخالـي
       أقـف ُ ,
على شفتـي تذبـل ُ
    ألـف ُ سـُنبلة ٍ
أمـز ُجها بدموعـي 
    المتناثـرة
  على وسـادتك ِ
 
ترحل ُ بعيدا ً وتنأى بنار الطفولة ِ والياسمين .. يسند ُ وجهه لصمتها في فضاء ٍ بعيد .. لا يبصر ُ غير غياب الشمس .. يخبئ ُ صوتها .. يبكي ؟ .. يعتصر ُ أوجاعه .. تسكنه شجرة ألآس والذكريات .. يصغي لصوت القلب ليوقظ الجسد المبتل ّ بغيم  ٍ ودموع .. يستيقظ عبر طـّيف طفلته الغريبة العينين ليكسـر نوافذ الروح ..
 
عن دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع في سوريا صدرت المجموعة الشعرية الثالثة للشاعر أحمد ألعاشور الموسومة " لن أغير شكل موتي " .. ضمت المجموعة ( 30 ) قصيدة .. صدر للشاعر أحمد ألعاشور ( عبر زجاج معتم / 2002 ) 
و ( آس وتراب / 2006 ) ..
 
الشاعر أحمد ألعاشور من شعراء مدينة البصرة .. سكبت في قلبه الأحزان وحمل فوق الصدر بقايا الألم .. ينهل من كأس الصبر ويسامر نجمة الليل .. يؤلمه .. سؤال الفجر ؟ .. تستيقظ فيه الأرض . يبلله المطر .. يتحاور مع صمته .. ويحد ّق في بقايا قهوته ..
 
وحـَدك َ في فناء ِ غرفتك َ
    تراقـُبك َ الأشياء ُ
لا تحتمل ُ التفســـــــــــير,
  ودعاؤك َ اليومي ّ
    يكسوك َ بالحزن  ِ 
   ويغزوك الألــــم ُ ,
وعيناك َ دون بريـق ٍ
 
يحمل الشاعر أحمد ألعاشور قلق الروح وصدى نحيب القلب .. ومدامع علقت بأهداب الحياة , وكلمات ٍ مثقلة تحمل ُ جذوة النار .. حين يغادر الأزقة ويغلق الأبواب .. يسمع ُ صوتا ً يلطم شطآن الأرض .. تصفعه الرياح ويلوذ بصمت ٍ مشحون بعتمة الليل .. تتبعثر المنايا في دفتر الأوجاع .. وعلى ضفاف اليأس المسكون بالآلام تتحطم كل المرايا ويبقى للبحر دمع ٌ بلون السماء ..
    أرقد ُ مستيقظا ً
وصوتي يدو ّي بأضلعي
أتكئ على خاصرة ِ الأرض ِ 
     كي لا أنسـى
     ملامح وجهـي
فاستأصلتم ُ مني بصري
    وسمحت ُ لصمتـي
         ولدمــي
أن يُبعثر َ شكل َ موتــــي
 
يحـّدق في كل الوجوه .. يعانق الموت بوجه الريح .. يحضن الألم ويخترق الليل مع عذاباته .. ملامح ضائعة بين سطور الحياة .. في لحظة سادها السكون عند المساء وبقي ّ منعزلا ً ينظر إلى الطرقات في ظلام عميق لتموت الخطى والكلمات .. 
 
       كنت وحـدي
حين أرخيت ُ أشرعتي خلفي ,
      وطفت ُ خلفـي
وأرخى على سواحلنا الليل أشرعته
       وعند المســـاء
حين أ ُحد ّق ُ في الوجـوه
     التي لا وجود لها
     لا أرى غير وجهي..
 
تهرب الكلمات وتعود غريبة .. يرحل ُ بعيدا ً كموت الصدى والنخيل .. يودعه العاشقون ويمضي عميقا ً في الرؤى .. الطريق ُ طويل ٌ أيها العذاب .. أيها الذاهبون إلى الموت .. الأرض ُ تمتد ُ فينا وتغدوا سرابا ً .. مع أنين ٍ لم يزل ْينمو في فضاء ٍ أسود .. المطر ُ لا زال قاسيا ً .. تبقى الذكريات ترن ّ ُ على كل الأوتار ونبدأ بقراءة الأوراق المنسية عبر قهوتنا المرّة ..
 
      بـَمن ْ نستظـل ُ
أخر ُ غصـن ٍ يســقط ُ  ,
والمطر ُ الأسود ُ يهطــل ُ 
أ ُ خرُج ْ من موتـك َ فينا
قد نخرج ُ من دنيانا اليك َ
   لم يبق من موعدنا 
   إلا بعض ُ التـّجلي ّ
     وقهوتنا المرّة ُ ,
 
في عمق الليل تموت الكلمات .. يحمل ُ حزنا ً نقيا ً يرسمه الدمع على فاتحة القلب .. تنطفئ الشمس .. وتغفو غفوتها الأبدية .. وعلى جانبيها ينام ُ اليمام .. تتعبه الرؤى .. ستبقى كل أشيائها الصغيرة .. خطواتها الطرية .. يحاكيها بلغة الدموع .. يوقد ُ ترنيمة الذكرى ويعيش في عتمة الخيال ..
 
       آه أمـي
صرت ُ أ ُحاكي التراب َ
ولم يبق لله غير ُ هذا الخيار
     متماوتة أنت ِ
ما زال ضجيج ُ الموكب ِ يؤلمني 
    فلتحترق الأرحام ُ
    في أسرارها 
وتتوشح َ الجراح ُ مآذن 
ونواقيس َ للصلاة 
فتمضين في غفلة
في وضح ِ الألم ِ
وتصبحين في المدى الكونـّي رفاة ً ..
 
يمر ّ ُ عليه الزمان .. يتداول أسماء الفصول .. وصور الحنين التي تحيل دقائقه وردا ً .. شجر ٌ يرسمه ُ الدمع .. للفرح الذي انطفأ حنينه .. ليعيد للورد ألوانه .. وينزع كل غرائبه التي سكنت في داخله بعد أن رأى الموت عندما تهاوى ظله ..
 
ليورق الدمع تألقه 
   يا سيدة َ العشق
أعيدي ترتيب َ الفصول ِ
  والليل والنهار
أعيدي للورود ِ ألوانها
   وللجمال ِ جماله
وانثري رغبتك حيث ُ مداي 
   فأنا المســـيح ُ
   في كل يـوم 
من صمتك الوثني أ ُ صلب ُ
 
يكسوه الحزن ويغزوه الألم .. يبحر ُ عبر الجراح بدون مراكب .. يحد ّق في منعطف الطريق ويفترش الظلال .. يسترجع ذاته ويبحث عن نفسه .. يحطم كل المرايا مع أضواء المدن الغامضة .. ليكتب عن ضيق الدروب آخر الليل .. ويعيش مع شجرة ألآس والذكريات .. تبقى أشياؤه نابضة  ً بأسرارها كطير ٍ هاجر َ من منفاه  مع بقايا أحلام  ٍ وتأملات .. كي لا تهوي الكلمات وتبتعد المسافات بين الجرح والصمت .. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


توفيق الشيخ حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/13



كتابة تعليق لموضوع : " تأملات في وضح الألم " قراءة في ديوان " لن أغير شكل موتي " للشاعر أحمد ألعاشور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net