صفحة الكاتب : عامر ناصر

العصمة
عامر ناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
بسم الله الرحمن الرحيم

العصمة من المواضيع التي كثر النقاش والاختلاف حولها ، وقد انقسم الناس بين مؤيد لوجودها وبين نافٍ لها ، وانقسم والمؤيدون لها بين نافٍ لها إلا عند الأنبياء (ع) وبين مؤيد لها عند الأنبياء والأئمة ، ثم انقسموا جميعا بين وجودها بشكل مطلق في جميع حياة النبي وبين وجودها في زمن النبوة فقط ، ثم انقسم هؤلاء بين العصمة عند النبي عن الكبائر فقط او عن الصغائر او الصغائر والكبائر او هي في التبليغ فقط اما في غير التبليغ فلا عصمة ؟؟؟!!! ثم بعد ذلك انكروها حتى في التبليغ كما سيتضح لاحقا ؟؟؟!!! فلا ثبات ولا قاعدة عندهم ؟!
العصمة لغة : هي المنع او الإمساك عن المعصية ، كما جاء في قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ) يوسف ، أي إمتنع ، وقوله سبحانه : (قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) هود11 ، أي يمنعني قال لا مانع ،
العصمة إصطلاحا : هي الامتناع عن عمل الحرام مع القدرة عليه ، وإلا كانت جبرا ، ولقد عرّفها احد علماء الشيعة ( السيد المرتضى ) : بانها لطفٌ إلهي يدفع الانسان الى الامتناع عن الحرام .
ولكون الانسان بشكل عام يعيش في جو مادي ومحاط بالمادة من جميع جوانبه ، فانه قد انقطع عن كل شيء إلا عن المادة ، وأصبحت المادة كل حياته وترك كل شيء واصبح يشعر انه جسم مادي فقط ، ناسيا او غافلا ان الأساس الذي يعتمد عليه الله سبحانه هو غير المادة ،
ان المادة او هذا الجسم الذي نراه عبارة عن أداة ولباس لشيء آخر هو الروح أو ال ( أنا ) ، والدليل على ان الجسم لا اعتبار له هو هذا التغيير المستمر الذي نشاهده على الجسم ، فالطفل الوليد اول ما يخرج الى الدنيا لديه طول وعرض ووزن وعدد من الخلايا ، وبعد عشرة سنوات مثلا فان طوله وعرضه بل ان جميع خلاياه قد تبدلت وجاء بدلا عنها ، وهكذا بعد عشرين وثلاثين سنة ، بينما ال( أنا ) او الروح فلا يطرأ عليها أي تغيير، لقد سقت هذا المثل لأقول اننا أهملنا وفرطنا في العناية بالروح وبنائها واشتغلنا ببناء الجسد وملذاته ، لذلك اصبحنا أدوات ( أي ان ارواحنا ) أصبحت أدوات لتنفيذ رغبات وشهوات البدن ، وبذلك اصبحنا لا نرى الحقيقة أو ملكوت ألاشياء أو حقيقة ارتباطها بالله سبحانه ، وبذلك أصبحت هذه ألآية الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا )10 النساء ، أصبحت مجرد كلمات على الورق ؟! كيف ان أموال اليتامى نارا في البطون ؟ وفُسرت ان هذه الاموال ستصبح نارا يوم القيامة ، بل حقيقة ألامر ان الانسان في هذه الحياة الدنيا إما ان يكون في جهنم او في الجنة ؟؟؟!!! ومما يؤيد ذلك هذه ألاية الكريمة (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) )التوبة ، وكلمة لَمُحِيطَةٌ- اللام للقسم ولم يحدد سبحانه زمن الإحاطة فهي إذا مطلقة ، فالكافر هنا قد أحاطت به جهنم ، أما المؤمن فانه في الحياة الدنيا يعيش في جنة ونعيم ولا يرى إلا جمالا ، لان كل ما يراه يراه من خلال نظره للحقيقة ، فكل ما يراه من شيء هو من صنع الله وفعله وكل صنعه جميل ، لانه لا يفعل إلآ الحُسن والجمال (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ )7السجدة ، فالحياة جمال والموت جمال وكل شيء جمال ؟؟؟!!! ألم تر كيف واجهت عقيلة بني هاشم زينب الكبرى (ع) كيف واجهت يزيد الفسوق والفجور عندما قال لها : كيف رأيت صنع الله في أخيك واهل بيته ؟؟؟!!! أُنظر الى جواب المؤمن الذي ينظر بنور الله ويرى حقيقة الاشياء ، قالت : ما رأيت إلا جميلاً ؟؟؟!!! .
إذاً رؤية حقيقة الأشياء هي مركز واساس موضوع العصمة ؟! بل قل العلم بالشيء هو أساس العصمة ، ولنضرب مثلا من حياتنا اليومية ، مثلا في مختبر الكيمياء وعندما اضع احدى المواد السامة القاتلة مثل مادة السيانيد في قدح الماء وهي مادة تشبه الماء في مظهرها ، فإني قطعا لا افكر في شربها ، الذي يمنعني من شربها هو علمي بها وبسميتها ، بينما لو أتى شخص آخر لا يعلم شيئا عن الموضوع فانه سيفكر بشربها وقد يشرب من هذا القدح ؟! إذاً العصمة هي العلم ، ومثال آخر وهو انا نرى الاطفال الصغار يهرعون نحو المدفأة في الشتاء ، ولكن مجرد ان يتعرضون الى الاحترا ق بها يهربون منها مستقبلا .
إذاً العصمة هي العلم ، والعلمُ علمان ؟! علمٌ يسمى العلم الذي لا ينفكُ عنه أثره، وهو العلم الذي يفيضه الله جل وعلى على عباده الصالحين المخلَصين ، وعلمٌ آخر ينفك عنه أثره، وهو العلم الذي نتعلمه بالاكتساب ، وهو من قبيل معرفتنا بأن التدخين مضر ويسبب سرطان الرئة وأمراض القلب والشرايين ، ومع ذلك تجد اكثرالناس لا تمتنع عن التدخين ؟!
رغم وجود تحذير واضح على علب السكائر ؟ بل انك تجد حتى الأطباء وعلماء الاحياء والكيمياء لا يمتنعون عن ذلك ، وكذلك في مثالنا السابق ( مادة السيانيد ) فإني قد أنسى في زحمة العمل وقد أسهو وقد أشتبه وأشرب منه فأموت ، رغم أنه علم بشيء خطير ومميت .
بينما العلم الذي يُعلِمُهُ الله سبحانه لعباده الصالحين المُخلَصين فلا يتسرب اليه السهو والخطأ والنسيان ، فهو علم لا ينفك عنه أثره ، كما تشير الى ذلك ألآية الكريمة (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)الاعلى، إذاً كيف تسنى لقائل ان قال أن النبي (ص) قد نسى بعض الآيات (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ « يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى كَذَا وَكَذَا آيَةً ، أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا »البخاري ؟؟؟!!! ، وأنه (ص) قد نسي عدد الركعات (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ أَزِيدَ فِى الصَّلاَةِ ؟ قَالَ « وَمَا ذَاكَ »؟ . قَالُوا صَلَّيْتَ خَمْسًا . فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ ) البخاري ، و (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - - قَالَ إِبْرَاهِيمُ لاَ أَدْرِى زَادَ أَوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَحَدَثَ فِى الصَّلاَةِ شَىْءٌ قَالَ « وَمَا ذَاكَ » . قَالُوا صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا . فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَالَ « إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِى الصَّلاَةِ شَىْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِى ) البخاري ؟؟؟!!!، إنهم أرادوا الطعن برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاغراض ومأرب في نفوسهم ليتساوى النبي (ص) كأمام في الصلاة هو والفاجر الذي أجازوا الصلاة خلفه كالحجاج وابن ابي معيط سواء بسواء ؟؟؟!!! ( انظر مقالة الصلاة خلف البر والفاجر على صفحتي )
ولكنهم نسوا أو تناسوا أن طعنهم هذا متوجه بالاساس الى الله سبحانه ؟؟؟!!! إذ جعلوا فعله ناقصا حاشاه ، إذ قال (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)الاعلى، وقوله : (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) النجم ، وهنا يقسم سبحانه بالنجم ان النبي (ص) ما ضلّ وما غوى وأنه ما ينطق عن الهوى ، ولكنهم قالوا وقالوا على رسول الله (ص) وكذّبوا الله سبحانه وفسروا وتأولوا بما تهوى انفسهم ؟؟؟ّ!!!

بعد كل هذه المقدمة ، يأتي السؤال : إذاً ما تفسير ألآيات التي يبدوا منها أن هناك معاصي وذنوب قد صدرت من الأنبياء (ع) ، مثل (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)طه و (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)غافر و (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14)الشعراء و(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا )يوسف ؟
1- يجب الأنتباه الى بديهيات القرآن الكريم وهي الاجتباء والاصطفاء والاخلاص والتطهير للانبياء (ع) وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون ، عندما نؤمن بهذه البديهيات يجب ان لا يتزعزع ويتزلزل إيماننا وتعصف به الرياح ، فعندما تتوفر لدينا بديهية تقول أن ال 1+1 =2 يجب ان لا يهزنا أحدهم بقوله ان ال 1+1=15 .
2- إن الله سبحانه قد ذكر في كتابه العزيز إهتمامه الكبير بالانبياء (ع) وإعدادهم إعدادا لا مجال لمدعٍ فيه وإلا أصبح فيهم مغمزا لكل من هب ودب إذا وجد فيهم أدنى شكٍ ، ولذهبت الرسالات أدراج الرياح ، ولأذكر مثالا واحدا يوضح فيه سبحانه مدى إهتمامه برسالاته وجميع الأسباب المؤدية الى نجاح هذه الرسالات : أُنظر ماذا يقول سبحانه في تزكية أحد ألاسباب المؤدية او المنتجة لإحد الأنبياء (ع) : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)آل عمران، انظر السيدة مريم(ع) ليست بنبي ولا إمام ، وانما هي سبب في خلق نبي الله عيسى(ع) ، لقد ذكر سبحانه إصطفاؤها مرتين وتطهيرها ؟؟؟!!! كل ذلك ليخرج منها نبي ؟ فكيف بالنبي إذاً ؟؟؟!!! وهؤلاء يتهمون الأنبياء بالكذب والنسيان والمعصية والاخطاء ؟ هل يقبل العقل السليم ذلك ؟
ونرى هذا الامر ينطبق اشد الانطباق على سيدة النساء الزهراء(ع) فقد جاءت من ثمرة من ثمار الجنة ثم من سيد الخلق محمد(ص) ثم من أول النساء إسلاما خديجة الكبرى(ع) ثم زوجة طاهرة لامير المؤمنين الامام علي(ع) كل ذلك لاجل ان يخلق ألأئمة العظام ثم الأمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف .
3- إذاً بماذانفسر تلكم الآيات الناصة على الذنوب والمعاصي عند ألانبياء ؟
نعود الى بديهيات القرآن والدين الحنيف ، يوجد في القرآن آياتٌ محكمات وأُخر متشابهة (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ )7آل عمران،انظرالى المقطع الأخير فهؤلاء هم مرضى القلوب المقصودين في الآية ،لذا فإن ألآيات التي تذكر ظاهرا مثل هذه الذنوب هي من الآيات المتشابهة والتي يجب إعادتها الى أُم الكتاب ( المحكمات ) وبذلك يتضح معناها ونفهم مرادها مثل قوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)الفتح و(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ )88القصص. و(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)القيامة.و(وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)الفجر .وغيرها ، وهذه كلها تأت تحت بند ألآيات المتشابهة ، وعلينا إعادتها الى ألآية المحكمة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )11الشورى، و (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)الأنعام، عند ذلك تتضح معاني اليد والوجه والحركة في حق الله سبحانه .
ولنأخذ ألآية الاولى كمثال: (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)طه،
1-هذه ألآية الكريمة إذا أُخذت لوحدها بدون ما يحتف بها من ألآيات سيكون المعنى الظاهر هو المتبادر الى الذهن .
2- إذا أُخذت مع بقية ألآيات المحتفة بها لظهر منها معنىً آخر ، ففي أول آية تخص الموضوع : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )30البقرة ، أُنظر لقد قرر سبحانه ان يجعل له في الأرض خليفة ، والخليفة يُحاكي المستخلِف كما يُقال أي أن لديه سلطات وصلاحيات المستخلِف وهو الله سبحانه ، فإذا جاز للخليفة ان يعصي المستخلِف كما يدعي أصحاب القلوب المريضة ، فهذا معناه وجود نقص وعدم معرفة عند الله حاشاه وتعالى عن ذلك علواً كبيرا ،
3- إذااردنا ان نفسر ألآية بشكل صحيح ووفق البديهيات المتوفرة ، علينا ان نجمع كل ألآيات المتعلقة بالموضوع ، عندها ستظهر صورة جميلة كاملة تتناسب مع القدرة والعلم والحكمة ألآلهية .
ألآية الثانية بهذا الخصوص (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ )35البقرة ، و (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ)طه،
انظر الى الآية الأخيرة ، حيث يقول سبحانه لآدم (ع) إنك إن لم تقترب من هذه الشجرة ستنال كرامة عدم الجوع وعدم العُري وعدم الظمأ والشقاء ، أما إذا أقتربت وأكلت منها فسيكون العكس وهو الحرمان من هذه الكرامة .

لننظر في كل ما يتعلق في هذا الموضوع ، فسنجد :
أ‌- لا يوجد في تلك اللحظة دين
ب‌- لا توجد تكاليف

إذاً هذه الأوامر التي صدرت لأدم(ع) تسمى أوامر إرشادية ، وليست أوامر مولوية تستتبع العقاب عند مخالفتها ، أما الأمر الأرشادي فلا يؤدي الى العقاب ، مثله مثل الطبيب عندما ينصح المريض المصاب بمرض السكر ، إذ يقول له : إبتعد عن الحلويات ، وستعيش براحة بعيدا عن المضاعفات ، وإلا فإنك ستقع فريسة المرض ، بعد مدة يأتونه بالمريض وقد إرتفع السكر في دمه وأصابته الغيبوبة ، فما كان من الطبيب إلا ان أنقذ الموقف وأنعش المريض ، ثم لامه على عدم إمتثاله للنصيحة بألا يأكل الحلويات وجدد له النصح .
وهذا بالضبط ما حدث مع آدم(ع) ، إذ أن الأمر كله كان تهيأة وإعدادا لادم(ع) لينزل الى الأرض (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) ، بعد أن يتعرف على عدوه الشيطان ليحذره
وكما قال سبحانه : (فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)البقرة
أي رجع إليه كما رجع الطبيب الى مريضه ، أما كلمة ( عصى ) فانها تأت بمعنى ترك ، أي ترك الأمر الارشادي بوسوسة الشيطان له .
وبهذا إتضح لنا كيف يجب علينا أن نتدبر في آيات الله سبحانه وعدم إعتبار كلامه سبحانه ككلام البشر وانما علينا أن نتعامل معه معاملة خاصة علمية وليست جاهلة .
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على
خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عامر ناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/05



كتابة تعليق لموضوع : العصمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net