صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

الانتخابات التركية ،اطماع وتشبث اردوغان
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وكالة الأناضول للأنباء كشفت عن رغبة أردوغان بتحويل النظام السياسي في تركيا من نظام حكم برلماني إلى نظام رئاسي يتولى الرئيس فيه الصلاحيات الأوسع بعد أن قال إن نظام الحكم المعمول به حالياً لم يعد يستوعب تركيا.

هذه الخطوة فيما اذا تحققت فسوف تجعله في موقع ينجح فيه للفوز بولاية ثانية وليحقق أردوغان أهدافه في رئاسة الجمهورية لمدة عشر سنوات، إلى عام 2024 .

 ويحتاج الحزب الحاكم في الانتخابات النيابية القادمة والمتوقعة اجرائها في الاسبوع القادم الى 330 كرسي برلماني ليستطيع تحقيق هدفه كي يكون رئيس الجمهورية اعلى سلطة في الدولة بعد وضعه التعديل اعلاه  للتصويت وسبق وان حصل حزب التنمية والعدالة في انتخابات 2011 على 326 فقط.ولم تكن هناك ازمات مثلما تمر به اليوم تركيا من تظاهرات واعتقالات واضطرابات متتالية وخاصة خلال السنوات الثلاث الماضية .  وقد اصدرت نقابة الصحفيين التركية بياناً يستنكر فيه اعمال العنف واستمرار اعتقال الاعلاميين ومنهم العاملين في صحيفتي حريت و وب سايت حيث قدمت الحكومة شكوى ضد هاتيين الصحيفتيين وكذلك العشرات من الصحفيين الاخرين ولازال القسم الاكبر منهم رهن الاعتقال وتم غلق صحيفة حريت و زمان المستقلتينً والاستيلاء على الموارد المالية لتلك الصحف . وكذلك اتهمت نقابة العمال التركية الحكومة باستغلال امكانات مؤسسات الدولة لغرض دعم الحزب في الانتخابات القادمة للحصول على اعلى نسبة في البرلمان القادم .

 لعل الخسارة المتوقعة في الانتخابات القادمة المحسوبة دفعت أردوغان إلى التفكيرللقيام بإجراءات استثنائية مستبدة، كما سبق ان دفعته إلى وضع جماعة فتح الله جولن كعدو داخلي. تلك الجماعة ذات التأثير الاجتماعي والثقافي الممتد بين أبناء الطبقة الوسطى والعاملة التركية.

وقد أسهم أردوغان شخصيا، في تأجيج الصراع وصناعة العدو، حينما اندفع في اتهام جولن، بتدبير أزمة ميدان تقسيم، مدعياً أن قوات الأمن التي تعاملت بعنف مفرط مع المحتجين، هم أنصار جولن، الذين يسيطرون على مواقع مهمة داخل قوات الشرطة التركية. ثم عاد للاندفاع مرة أخرى، بعد اتهام عدد من وزرائه بالفساد، فاتهم جماعة جولن بالسيطرة على القضاء. ولا يمل أردوغان من صناعة العدو الداخلي، بترديد مقولة الدولة الموازية، وبعيدا عن صحة هذه المقولة من عدمها، فإنها تتهافت أمام طموحات المواطن التركي، الذي يبدو أنه صار يفكر في بدائل أخرى غير أردوغان وحزبه.

الانقسام الذي سببه صراع أردوغان مع جماعة فتح الله جولن، سيؤدي إلى تفتيت أصوات الإسلاميين في تركيا. ويبقى السؤال التالى: إلى أي مدى سيؤثر هذا الانقسام على المشهد السياسي فى تركيا؟، 

اذا مانظرنا لنتائج الانتخابات في مارس 2014، كان توزيع الأصوات (تقريبًا) 46% لحزب العدالة والتنمية، و27.5% لحزب الشعب الجمهوري، و15% لحزب الحركة القومية، و6% للمرشحين الأكراد، و3.1% لحزب السعادة وحزب الاتحاد الكبير. وأذكر هذا الأخير؛ لأنّ حزب الاتحاد الكبير قرر دخول الانتخابات في يونيو 2015 في تحالف مع حزب السعادة. اذن سوف نرى ان العامل الفاصل في هذه الانتخابات هو حزب الشعب الديمقراطي، المؤيد للأكراد، مع هيكله الحالي الذي يضم الاشتراكيين والليبراليين الأتراك، ويهدف إلى توسيع برنامجه ليصبح “حزبًا لجميع تركيا” كجزء من عملية الحوار مع الحكومة لإيجاد حل سياسي للمشكلة الكردية. وأعلن الحزب هذه المرة أنّه سيتدخل كحزب سياسي للطعن في العتبة البرلمانية غير العادلة التي تشترط الحصول على نسبة 10% من الأصوات لدخول البرلمان، وذلك لضمان وجود أفضل في البرلمان. والتي اعتادت الأحزاب السابقة على تجاوز تلك العقبة من خلال طرح مرشحين مستقلين من أجل ضمان تمثيلهم. 

ان التناقضات البنيوية للاحزاب وحدة الانقسامات السياسية الداخلية التي انسحبت بآثارها على العلاقة بين جميع اللاعبين السياسيين في البلاد. فالتحالف السابق بين حزب "العدالة والتنمية"، وحركة فتح الله غولن عمّق هذه الانقسامات خصوصاً لجهة خلافهم مع الجيش. لم تتوقف الانقسامات عند هذه النقطة ، بل امتدت أيضاً لتتكرس بشكل أكثر حدة مع الأحزاب التركية المعارضة، وذلك بسبب فشل أردوغان في معالجة ملفات الداخل وخاصة الأكراد والتي ليس من بارقة أمل في التقدم خطوة واحدة نحو الامام فيها. لان الحكومة لم تعلن يوما عن أي خطة لحل المشكلة ، والمفاجأة في أن سجالا علنيا انفتح بين رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وبين الحكومة ولاسيَّما نائب رئيسها بولنت أرينتش ودخل على خطها رئيس بلدية أنقرة مليح غوكتشيك والقريب من الكورد . والذي كان على طريق معالجة المسألة الكردية إلأ لانها لم تكن حسب مزاج الرئيس وامتازت بالمرونة حسب اعتقاده مما اغاضته حتى لاتحسب للحكومة ، مع العلم ان أردوغان أبدى اعتراضات على ذلك النهج  التي بادرتها الحكومة رغم أنه كان هو الذي بدأ المفاوضات مع الأكراد قبل اكثر من ثلاث سنوات، والأكراد دائما كانوا يطرحون مطالبهم ولكن كانت تجابه بالرفض مرة تلو اخرى من قبل الدولة التركية وكما ان هناك  العديد من الامور التي لم تحسم من اهمها الدور السلبي في إدارة ملفات المنطقة، ولاسيما الحرب على سوريا وفتح الحدود امام الارهابيين والتكفيريين لدخول العراق .مع العلم أن الساحة التركية ستبقى عرضة للاهتزازت الأمنية والسياسية والتطورات المتأرجحة مع استمرار الأزمة السورية والعراقية ، فضلا عن الأزمات الداخلية التي تعصف بالبلاد، دون أن تلوح في الأفق بوادر حلحلة مرتقبة.

كل هذا في ظل رفض شعبي متزايد للسياسة التي انتهجها الرئيس أردوغان في إدارة الانكماش الاقتصادي الناجم عن الاخطاء الكبيرة التي وقع فيها حزب التنمية والعدالة في ادارة الحكم وخاصة تدخله في الحرب الدائرة في دول الجوارمما قوضت ميزانية التعامل مع دول الجوارلانها فقدت اسواقاً لها وحلفاء استراتيجيين مهمين . تعيش تركيا حالة من التخبط السياسي جديرة بالبحث والدراسة، كونها نتيجة لعدة أسباب تراكمت عبر السنوات العشر الماضية، انطلاقا من الانقسام الداخلي والملف الكردي، امتدادا إلى مساهمتها في الحرب على سوريا، وصولا إلى سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر، والحكم على الجماعة باعتبارها إرهابية.  إن اختيار أردوغان السيناريوهات الأكثر تعقيدا في حل الأزمات ومنها تشبثه بالسلطة ورفضه الانصياع للأمر الواقع ادت الى ضربة مؤلمة للحزب الذي روج على أنه نموذج على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي يحتذى به في العالم العربي بشكل خاص.

أن تركيا اليوم غيرما كانت تطمح إليه قبل عشر سنوات؟ لو عدنا التحدث عن القوة الناعمة، واذا ما قصدنا ديمقراطية النظام السياسي، ودولة القانون، ورفاهية الشعب، والتطور في السياسة الخارجية وعلى قاعدة الحريات الفردية والعامة، وإمكان حل المشكلات الداخلية والخارجية، وبرامج المساعدات الإنسانية.

 باتت هذه المطالب مستحيلة بعدما امتلأت السجون التركية بالصحافيين وانتهكت الحريات الفردية وعم الاضطراب بسبب السياسة الخارجية المذهبية التي تعمل عليه الدولة ، حتى الثقة أصبحت مفقودة. تركيا بحاجة ملحة إلى لاعبين جدد على ساحتها السياسية لتحمل أعباء المسؤولية بعد ان اخذ النزول البياني لقاعدة الحزب الحاكم ومن معه بقيادة اردوغان مستمراً وبات واضحاً للمحليلين السياسيين


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/31



كتابة تعليق لموضوع : الانتخابات التركية ،اطماع وتشبث اردوغان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net