صفحة الكاتب : امل الياسري

مافيات مذبحة النخيل!
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شاهد أحد الامراء فلاحاً يغرس فسيلة نخل، وقد علا الشيب رأسه وتقوس ظهره من الكبر، فوقف عنده قائلاً: أتؤمل أن تأكل ثمر هذا النخل! وهو لا يحمل إلا بعد سنين، وقد فني عمرك؟ فقال له الفلاح الحكيم: أيها الأمير غرسوا فأكلنا، ونغرس فيأكلون، فأندهش الأمير من كلام الفلاح الهرم، وأعطاه ألف دينار فأخذها وقال: ما أعجل ما أثمر هذا النخل! 
الحرية سلاح فتاك يستطيع به الإنسان إطلاق ما يدور في عقله، بعيداً عن الصمت المظلم، فأطراف محافظاتنا بدأت تئن ألماً من حملة الإعدامات بحق النخيل، الذي ضربت جذوره في أعماق التأريخ، فنراهم قد مزقوا سعفها المسكون بالحكايات والقصص، وداسوا تمرها الذي كان وجعه يبني الإنسان به أفراحه، وتعلم مقاومة الرياح البعثية العاتية، وهي تحز رقاب النخيل الشامخ في الأهوار الصامدة. 
أن تكون لدينا نخلة باسقة مثمرة من لحظة ولادة الأمل والحياة، أفضل من وجود بيت مبني على طريقة المقاول الجشع لا ينفع إلا الساكنين فيه، فالهمجية أن تقطع النخلة وتترك مكانها فحماً أسود في القلب، وقد ذبلت الجباه لرعاية هذه النبتة المباركة، فلم يجع قوم زادهم التمر بأنواعه اللذيذة، وبات الفلاح والحلاج في سعادة لا توصف، فهي عطاء لا ينضب.
حينما نقرأ تأريخ الأجداد والآباء، ندرك أن الاهتمام بزراعة النخيل أمر متوارث عنهم، لأنه غذاء ودواء على حد سواء، وكان يمثل عصب حياتهم في أغلب الأوقات، لكن ما يحدث من قطع لها هو تخريب وقتل بمعنى الكلمة، فبطون المقاولين لا تشبع إلا ببناء جميع البساتين المحيطة بالمدن، فحرمونا فوائد نخيلنا المعطاء، وقصموا ظهر صناعاتنا التراثية، فما أقبح فعلهم وأكثر وزرهم!  
رسالة عاجلة الى مافيات القطع والبناء والتجارة، أيها المقاولون: العراق بلد التمور لا تبحثوا عن كنوز حجرية بقتلها، لأنها الكنز الثمين بعينه، وإعملوا على زيادة أعدادها وأصنافها، فهي من أشجار الجنة، ولقد أخذ الطغاة والحروب من جذوعها وجريدها وتمرها ما أخذوا، فمرنوا عقولكم على أن طعامكم دواؤكم، وأملوا جيوبكم خيراً من تجارتها، فذلك النخل من نعم البارئ عز وجل علينا!   
حياة البلد برأي الفلاح المخلص، هي بإستمرار زراعة النخيل، وزيادة رقعة الأراضي الخضراء، وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً من قبل المسؤول، لدعم المزارعين بأنواع البذور ذات النوعية الجيدة، وتوفير المياه ومتابعة نمو الفسائل الصغيرة في مساحات منظمة، لتغدو نخيلاً مثمراً في القريب يطيب للناس فيؤها، وتناول تمرها الحلو المنوع، وهذا هو جل ما نتأمله من الحكومة، في أن تحققه لأرض الرافدين!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/10



كتابة تعليق لموضوع : مافيات مذبحة النخيل!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net