صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

بين المخاوف والمطامع: حرب اليمن وبوادر الإنهيار السعودي
د . محمد ابو النواعير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


*محمد أبو النواعير.
  جاءت الحرب التي شنتها الدول العربية بزعامة السعودية لتلقي بظلال وضع جديد, سوف يسود المنطقة للفترة القادمة, وشكل أيضا مادة دسمة لقراءات وتكهنات الكثير من المحللين السياسيين, وذلك نتيجة تعقد الوضع في المنطقة, وتواتر الأحداث فيها, وتخبط بعض الأطراف المعنية في قراراتها ورؤاها وقرائاتها للأحداث.
  السعودية في هذا الوقت تمر بمرحلة عصيبة جدا, فهي تشعر من ناحية بأن نفوذها وهيبتها في المنطقة بدأت تتضائل, بعد الأحداث والنزاعات التي فشلت في ادارتها, واحساسها بأنها قد خذلت السنة في المنطقة, في العراق ولبنان وسوريا, وهذا يشكل مؤشرا واضحا عن تراجع السياسة الخارجية السعودية، فالسعودية تحاول من خلال هذه العملية إظهار نفسها, بأنها مازالت ذات قدرات لا يستهان بها, وإنها زعيمة العالم السني والمدافع عنه!
  تطور الأحداث فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني, وحصول الإتفاق بين ايران وبين الدول الكبرى, وتصريح اوباما بإمكان تجاوز الخلافات بين امريكا وايران بعد توقيع الإتفاق, مما جعل السعودية محصورة بزاوية الفشل, في حفاظها على موقيعتها في المنطقة, إضافة الى احساس السعودية, بأن سيطرة الحوثيين على اليمن انما هو تهديد ايراني, على حدودها الجنوبية الشرقية, كل ذلك خلق لها هاجس من المبررات, لقيامها بشن هذه الحرب العدوانية على الشعب اليمني .
  القوى الإرهابية المتطرفة في المنطقة- ومنها أنصار الشريعة- القوة الضاربة في ارض الحجاز, والتابعة للقاعدة وغيرها, ستنظر للسعودية في حربها هذه وكأنها حليف لهم, لذا ستأمن السعودية من شرهم, وتستدر عواطفهم وتغازلهم, وبالأخص الخلايا التكفيرية النائمة الموجودة على أرضها؛ كما انها ستوفر فرصة ذهبية لتنظيم القاعدة الموجود في اليمن من أجل استعادة عافيته بعد انشغال الحوثيين بحربهم ضدها!
  التحليل الثاني لحرب اليمن, يتناول القضية في بعدها الدولي, خاصة وأن السعودية بدأت تشكل في هذه الفترة عبأً كبيرا, على سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية, وبالأخص بعد التخبطات التي حصلت في العلاقة بين البلدين, والإنتقادات الكثيرة التي وجهت للولايات المتحدة لوقوفها مع نظام القبيلة الفاسد, منبع الإرهاب والفكر التكفيري, لذا كان الضوء الأخضر الأمريكي, إنما هو عملية توريط للسعودية في هذا الملف, لمحاولة اضعافها واستنزافها, خاصة إذا علمنا بان الولايات المتحدة لم تقدم دعما ماديا أو لوجستيا, إنما اقتصر دعمها على الموافقة المبدأية, وعلى الدعم الإستخباري, ما يعني بأن السعودية ستكون وحيدة في معركة استنزاف اقتصادي وسياسي.
   الجانب الأمريكي يعي جيدا بأن هذه الحرب مقتصرة فقط على الضربات الجوية, وأن هذه الضربات الجوية سوف لن تؤثر كثيرا بالحوثيين, وذلك لأن فلسفة الضربات الجوية, إنما تقوم اساسا على مبدأ تخريب المواقع الإستراتيجية والحيوية وتخريب البنى التحتية, وهي مفاهيم تتعلق بدول تقوم عليها حكومات ومؤسسات مترابطة فيما بينها, إذا خرب جزء منها تأثرت الأجزاء الأخرى, وهذا ما لم يتوفر في حرب اليمن حيث أن جُل الحرب هي موجهة ضد الحوثيين, وهم لا يملكون مؤسسات ولا مواقع استراتيجية, ولا بنى تحتية! إضافة الى أن التضاريس الجغرافية في اليمن هي تضاريس معقدة, لا تنفع معها الضربات الجوية.
    السؤال الذي يطرح نفسه: هل ان حرب الضربات الجوية, سينفع دون تدخل بري حاسم؟ أثبتت الكثير من الحروب المعاصرة, أن الإكتفاء بالضربات الجوية في حرب موجهة لبلد كاليمن, لا تنفع إذا لم تكن مصحوبة بتدخل بري, ومن غير المتوقع أن تنجح السعودية في حرب كهذه, خاصة وأن تأريخ اليمن أثبت صلابة هذا الشعب وقوته في حروب كهذه, ونفس التأريخ أثبت فشل ضعف السعودية في مثل هذه الحروب.
والتأريخ يعيد نفسه!
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآيديولوجيات السياسية المعاصرة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/07



كتابة تعليق لموضوع : بين المخاوف والمطامع: حرب اليمن وبوادر الإنهيار السعودي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net