صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

خلاصة تجربة العمر
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 للانظمة الحاكمة ورجالاتها ونساوينها وخصيانها ايضا ، الف عذر وعذر للدفاع عن وجودها ، وهي تستقتل متشبثة بشتى الحيل لابراز احقيتها حتى وان كانت تلك "الاحقية" مبنية على ركام من الباطل . هذا مفهوم جدا ، ما لا افهمه حقا هو سعي من يسعى منّا حثيثا للوقوف خلف أنظمة تدير بلدانا في القرن الحادي والعشرين الموبوء . و الدوافع ليست مهمة سواء أكانت دينية ، طائفية أم عقائدية ، يسارية مثلا . ان هذا النمط من المنافحين عن أنظمة ، يعيش في كل يوم انتكاسة في داخله ناجمة عن التعارض بين النمط المثالي "الخرافي" الذي ينشد ، وبين ما يراه من خيبات على الارض من الانظمة التي يدافع عنها باستماتة . بالامكان بسهولة ان يكون الانسان وطنيا ، ويكون ولاؤه للوطن وليس للاشخاص ، فهؤلاء راحلون والوطن باق الى ما شاء الله . لكن ان يربط الانسان امره باجتهادات اشخاص تصيب وتخطىء وتتنازعها الاهواء البشرية وحب السلطة والتسلط ، فهذا ما لا يقبل به اي انسان يتحلى بشيء من الحكمة . اذا نقم احدنا على الولايات المتحدة تراه يحوّل الرئيس الروسي : فلاديمير بيوتين الى ملاك يطير بخمسين جناح . والحال هو يعلم اكثر من غيره ان بيوتين دكتاتور من النوع الوسيم الذي تضخمت ثروته في السنوات العشر الاخيرات الى اربعين مليار دولار في بلد عظيم يئن خمسون في المئة من سكانه تحت وطاة الفقر . و يتداول الحكم مع رئيس وزرائه المهندم المهمش مثل تداول كرة الطاولة ويصفي مناوئيه بارقى انواع "العطور" السامة في موسكو وخارجها . ولم يقدم لبلداننا في مواجهة الكلاب السائبة اي دعم حتى بثمن مدفوع . لكن بغض واشنطن يعمي ويصم . ولست انا القائل : وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا . ما ينطبق على روسيا ينطبق على الولايات المتحدة . فالمتطرف في الولاء لها لا يرى فيها الا ذلك الحمل الوديع الذي دفع بجيشه العرم وتحمّل اربعة الاف قتيل في صفوف جنوده ودفع المليارات "كرمال" عيون الشعب العراقي ثمنا لاسقاط صدام ابن صبيحة . الناقمون على ايران والشيعة "النجيفي مثلا" يجدون في السعودية المنفذ الوحيد و المنقذ من الضلال ، وحتى سقوطها في وحول الارهاب ينظر اليه على انه عروج الى السماء السابعة . اما الناقمون على السعودية وارهاب السنة فانهم يجدون كل ما في ايران ربيعا دائما وسياسة داخلية وخارجية متسقة وتناسقا هارمونيا في ادارة البلاد و العباد لا يحلم به حتى السويديون في ستوكهولم . لماذا نضع انفسنا في هذا المأزق وننساق خلف عاطفة لم يأمرنا بها الله ولا رسوله الكريم "ص". نحن نريد من معشوقنا ان يكون شَعرُه الغجري "سرحا" يسافر في كل الدنيا ، عيونه سبحان المعبود تذيب الصخر الجلمود ، رموشه تقتل مرتين سحرا وجمالا ، فمه مرسوم كالعنقود ، ضحكته انغام وورود ، قده غصن ممدود بين السماء والارض ، واثق الخطوة يمشي ملكا ، لا يحكي شططا ولا ينطق لغطا ، الحق معقود بناصيته ... وكل شيء فيه مطلق . وبالنتيجة فان عدوه مذموم بكل لسان وان كان من اعدائه القمران "كما يقول المتنبي رحمه الله" . لماذا ننشد هذا المطلق الذي لا يوجد الا عند بارئنا عزوجل . نحن متطرفون حتى عندما نحك جلدنا ، اذ ترانا نغرز اظفرنا في الجلد حتى يخرج من الجانب الاخر وكانها الحكّة الاخيرة . من حقنا ان نتخير بين مَن صوابهُ مغلب على اخطائه الكارثية ، وخيره عامٌّ على شره ،على من هو عكس ذلك ، لكن ان نريد من معشوقنا ان يكون خيرا كله ، فهذا يتطلب منا ان نتعسف في البحث عن تفسيرات مصطنعة لتبرير اخطائه وهذا ليس من شيمة الأحرار . الصلاة والصوم والعبادات الاخرى في الاديان السماوية وجدت لتخلق في الانسان شجاعة اتخاذ راي حر بعيد عن الولاءات المسبقة المقيدة للحريات . شعاري : حتى الساعة العاطلة تعطي توقيتين دقيقين في اليوم الواحد ... ولست معنيا بالبحث عن مطلق بين البشر يمتلك وحده الحق كاملا، لأن هذا الكائن او النظام العنقائي غير موجود ولن يوجد اطلاقا ... هكذا افهم رسالة الانسان الخليفة اللامنتمي في هذه الأرض .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/07



كتابة تعليق لموضوع : خلاصة تجربة العمر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net