صفحة الكاتب : باقر العراقي

عندما يتنازل الكبار ينبطح الصغار
باقر العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ثمة أمور قد تؤدي بالأطفال على فعلها وهي خاطئة، وقد تؤدي إلى نتائج خطيرة على العائلة ككل، مما يضطر الوالد أحيانا إلى التنازل، والصفح بدلا من الصفع، حفاظا على المصلحة العامة، فما يجعل الطفل يعق ويخطأ، هو تفكيره الآني وتشبثه بهواه وتحقيق ملذاته الفارغة، وما يجعل الوالد يعطف ويغض الطرف هو حكمته وتحمله المسؤولية.

 السياسة كعلم الاجتماع، أيضا فيها آباء وهناك أطفال، والبلد تتجاذبه حكمة هؤلاء، وطيش أولئك الصغار، والمصلحة الحقيقية لا يعرفها إلا الكبار، الذين يعرفون أنه سبحانه ابتلاهم بغيرهم، من الذين شغلتهم نزواتهم فأخذت تتقلب أحوالهم بين المواقف، غير آبهين بتغييرها كلما اضطرتهم مصالحهم.

الكبار لا يتنازلون أبدا، لأجل حفظ مصالح الآخرين ويضعونها في حدقات عيونهم، والشخصية منها فيعطونها وهم في أوج عظمتهم وسيطرتهم على الموقف، أما الصغار تجدهم متصلبين متكبرين عندما تحتضنهم الدنيا، ويتنازلون بلا شروط، وينبطحون عندما يذلهم هوانها.

لا نستغرب أبدا أن يقول السيد السيستاني "السنة إخواننا بل هم أنفسنا"، والحرب تكاد تقع أو لاح أوراها، فصغار السياسة يعتبرونها تنازلا، بل اخذ الأتعس منهم يستهزئ بها، ويلوكها بلسانه المقذع، "هكذا فعل أنفسنا"، لكن عندما هدأت الأمور، ورجعت العقول الى مداركها، انبطح الصغار، وسلموا للأمر وعدوه من ثوابتهم.

لا نستغرب أبدا عندما يُطرح حل فيه احترام للطرف الآخر، والأمور لازالت بيد الحكومة، كمبادرة انبارنا الصامدة مثلا، ويلاقى الرفض من قبل الصغار، وفي الوقت نفسه توزع الملايين من الدولارات والأسلحة لشراء ذمم بعض شيوخها من قبل الحكومة، وعندما انفلتت الأمور واحتلت الأرض، تمنى الصغار ألف انبار صامدة، ولا ذلة موقف يوم 9 حزيران.

عندما ترسل المرجعية وفودا إلى الآخر، من المسلمين والايزيديين والمسيحيين النازحين، ومعها قوافل من الغذاء والدواء، وهم في أمس الحاجة اليها، وتلتقي مدامعهم، وتحثهم على استرجاع أراضيهم، وعندما يصرح الكبار بأن تكريت لأهلها، ولم نأتي الا لنحررها من داعش وسنعيدها لهم، هذا تنازلا من وجهة نظر الصغار طبعا. 

الدستور لم يكن له أن يكتب بأيدي عراقية ومنتخبة، والانتخابات لا يراد لها أن تجرى، لولا ثبات موقف المرجعية، وداعش لا يمكن قهرها لو فتوى الجهاد، ومشروع الأقاليم لم يكن حلا آنيا عندما رفضه أغلبية  الصغار آنذاك، ولم يكن حلا مثاليا ومناسبا، عندما يتصارعون اليوم  لتحقيقه.

الكبار ثابتون في مواقفهم مهما تغيرات ظروفهم والظروف المحيطة بهم، والصغار تتغير مواقفهم باستمرار تغير ظروفهم أو حتى الظروف المحيطة بهم، ولذلك عندما يتنازل الكبار، ما للصغار؛ الا الانبطاح أمامهم.  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/23



كتابة تعليق لموضوع : عندما يتنازل الكبار ينبطح الصغار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net