صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَلمُحاصَصَةُ؛ أَسْوَأُ إِنْتِهاكٍ لِحُقوقِ الانْسانِ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    أدناهُ؛ نصّ الحوار الّذي أجرتهُ صحيفة (رسالة الانسان) الحُقوقيّة الأسبوعيّة التي تصدر في العاصمة بغداد؛

   السؤال الاول؛ في العراق الجديد، كيف تنظرون الى حالة حقوق الإنسان؟.

   الجواب؛ لقد تخلّص العراق من انتهاكات خطيرة كانت تتعرض له حقوق الانسان في ظل نظام الطاغية الذليل، صدام حسين، ليتورّط بانتهاكات من نوع آخر، وللاسف الشديد.

   ففي العراق الجديد، لَمْ يعُد المواطن يُعتقل ويُطارد ويُذابُ حَياً بأحواض التيزاب ويُقتل بالسلاح الكيمياوي وتُباد قُراهُ بالانفال ويُدفنُ حياً بالمقابر الجماعّية ويساقُ مُرغماً لجبهات الحروب العبثيّة ويُعلّق على المشانق بسبب آرائه وانتماءاته السياسيّة او الفكريّة والثقافية، كما كان الحال عليه أيّام النظام البائد، فالمواطن اليوم يعبّر عن رأيه بحريّة تامّة، سواء من خلال وسائل الاعلام المختلفة، المرئية والمسموعة والمقروءة، او عبر مختلف وسائل التّواصل الاجتماعي التي انتشرت منذ التغيير ليواكب المواطن تكنلوجيا العصر بلا رقيبٍ او حسيب، حدِّ الفوضى، او حتى من خلال التجمّعات الجماهيريّة والتّظاهرات والاعتصامات ووقفات الاحتجاج وما الى ذلك.

   لقد أتاح التّغيير الذي شهده العراق في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ للمواطن العراقي حريّة في التفكير والتعبير منقطعةِ النّظير، بعد ان كان يعيش في صندوقٍ مُغلقٍ منع عنه النظام الديكتاتوري كلّ وسائل الاتصال مع العالم، كالهاتف والاعلام الفضائي وغير ذلك، لتقتصر متابعة المواطن لاعلام النظام ووسائله الثقافية فقط لا غير.

   كلّ هذا صحيحٌ، وهو واقعٌ يعيشه العراقيون ولا يختلف عليه او فيه أَحدٌ.

   الا انّ العراق الجديد، ابتُلِيَ بانتهاكٍ خطيرٍ لحقوق الانسان من نوع آخر، الا وهي المحاصصة التي قضت على واحدة من أعظم تجلّيات مبادئ حقوق الانسان في العالم، قديماً وحديثاً، الا وهو مبدأ تكافؤ الفرص امام المواطنين بلا تمييزٍ من ايّ نوعٍ.

   لقد قضتِ المُحاصصة على هذا المبدأ، الذي يُعدُّ حجر الزاوية في سعي الانسان الدؤوب لحماية حقوقه من الانتهاك، الامر الذي أبعدَ الكفاءات والخبرات واصحابِ الشّهادات العالمية العالية والناجحين الدوليّين عن ايّة فرصةٍ للمساهمة في اعادة بناء العراق وفي عمليّة التّنمية وعلى مختلف الاصعدة، بسبب ان المحاصصة لا تشملهم بشكل من الأشكال، وبسبب انّهم لا يحمِلون ولاءاً لهذا الزّعيم او ذاك السّياسي، وانّما ينحصر ولاءهم للعراق فقط، وهذا ما لا تعير له المحاصصة ايّة اهميّة.

   لقد قضَت المحاصصة على مبدأ تكافؤ الفرص الذي يعتمد معيار المواطنة والرّصيد الشخصي لكل مواطن، علمهُ وخبرتهُ ونزاهتهُ ونجاحاتهُ وتجربتهُ ومعرفتهُ وكل ما يتعلّق بامتيازات يكتسبها المواطن بجهده، بغضّ النّظر عن اي شيء آخر، لانها اعتمدت الولاءات والانتماءات الضيّقة فأضاعت المعيارين!.

   لقد توزّع العراق خلال العقد الاخير، على الاحزاب والكتل كالكعبة، لا يخرج من بينهم شيءٌ منها لاحدٍ سواهم الا الّلمَم، ولذلك ترى ان جلّ من تصدى لمواقع المسؤوليّة هم من الأميّين وانصاف المتعلّمين والفاشلين، فكثُرت بسبب ذلك الجريمة السياسيّة وانتشر الفساد ونمَت اللّصوصيّة، حتى انحدر العراق باتجاه الفشل بشكلٍ مرعبٍ، وللاسف الشديد، على الرّغم من انّه يمتلك كل مقومات النجاح لو تم العمل بمبدأ تكافؤ الفرص على قاعدة [الرّجلُ المناسبُ في المكانِ المناسبِ].

   اتمنّى ان يشنَّ العراق الجديد، وبعد ان تكتمل جهودِه العظيمة الرّامية الى تطهير العراق من آخر ارهابي، ان يشنَّ حرباً شعواء ضد المحاصصة المقيتة لنفسحَ المجال للطّاقات والكفاءات والخبرات والتّجارب والنّجاحات، ان تتبوأ مقاعِدها في عملية الإعمار والبناء.

   السّؤال الثّاني؛ ما رأيكم بالدول والافراد الذين يدعمون الارهاب العابر للقارات؟ خاصة في العراق الذي يدمّر فيه الارهاب كل شيء بما في ذلك التراث؟.

   الجواب؛ انهم يسعون لتدميرِ كلّ شيء في العراق، ولو كان الامر بايديهم لالغَوه من على الخارطة، لانّهم يستشعِرون باحجامِهم التّافهة والسّخيفة امام حجم العراق العظيم، المادي والمعنوي، فالعراق حضارة وتاريخ وخبرة وامكانيّات خلّاقة وطاقة بشريّة لا تراها في كلّ هؤلاء الّذين تكالبوا عليه اليوم لتدميره، من خلالِ احتضانهِم ودعمهِم للارهابيين القتلة، سواء بفتاوى التّكفير التي ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تجميع الجراثيم في بلاد الرافدين، كما تبين ذلك الان في تكريت عندما حاصر المقاتلون الأبطال اكثر من (٢٥٠) عنصراً غير عراقي من الارهابيين!، او بالإعلام الطّائفي او بالبترودولار الذي ظلّ يغدق به نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية تحديداً على الارهابيّين لدعمِهم بكلّ اسباب الديمومة والاستمرار، او حتى بالمواقف السياسيّة الجبانة والذليلة والتّافهة التي لا زالت تصدر من بعض السّاسة والمعمّمين، كما راينا ذلك يوم أمس على لسان (نائب رئيس الجمهورية) الذي حاول بتصريحاته لـ (بي بي سي) ان يقلّل من خطرِ الارهابيّين وجرائمهم الشنيعة بتضخيمهِ لاخطار وهميّة لا تدور الا في مخيّلته الوهميّة وعقلِه المريض الذي ينتمي الى الماضي الاسود!.

   وعلى الرّغم من عِظَمِ الصّدمة التي تلقّاها العراقيون بسبب جرائم الارهابيين، فلقد تصدّت المرجعية الدينية العليا، ببياناتها وتوجيهاتها وارشاداتها، خاصة رسالتها التي وجّهتها للمقاتلين في سوح الجهاد ضد الارهاب، لتبيين الحقائق وشرعنة اخلاقيات القتال والرد على أباطيل الارهابيين وتفسيراِتهم الخاطِئة والمنحرفة للنصوص الاسلامية.

   انّها اعادت التّذكير بحقوق الانسان في ساحات القتال، من خلال التّذكير بالحدود الشرعيّة والأخلاقيّة التي ينبغي ان يلتزم بها المقاتل دفاعاً عن دينه ووطنهِ وناموسهِ وعِرضهِ وشرفهِ ضِدّ الهجمة الإرهابية البربريّة، وبذلك أُجزم، بلا مبالغة، انها واجهت بذلك روح الانتقام والتشفّي والرد بالمثل التي كادت ان تجتاح العراق وهو يردُّ على جرائم الارهابيين.

   والحمد لله فلم تُسجّل لحدِّ الان أيّة خروقات لحقوق الانسان من قبل القوات المسلّحة المدعومة بالحشد الشعبي، بمن فيهم ابناء العشائر الغيورة، والبيشمرگة، الا اللّمم التي وعد السيد رئيس مجلس الوزراء بالمحاسبة عليها قانونياً، وكلّنا أملٌ وثقةٌ في ان تستمر حالة احترام حقوق الانسان في كل جبهات القتال ضد الارهاب، لنفضحَ الابواقَ الطّائفية المأجورة التي تتسقّط العثرات للنّيل من نجاحات وانجازات وانتصارات المقاتلين.

   ١٨ آذار ٢٠١٥

                      للتواصل:

E-mail: nhaidar@hotmail. com

Face Book: Nazar Haidar 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/19



كتابة تعليق لموضوع : أَلمُحاصَصَةُ؛ أَسْوَأُ إِنْتِهاكٍ لِحُقوقِ الانْسانِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net