صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

الرد على احمد القبانجي في محاضرته (نقد الاعجاز القرآني) .. 3 /10
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
في هذا الجزء الثالث من محاضرته المنشورة فديوياً تحت عنوان (نقد الاعجاز القرآني) يتضح جلياً ان احمد القبانجي يحاضر من احد المنطلقين التاليين: الاول انه لا يعلم ما يقول ، حيث يتضح هنا انه لا يعرف شيئاً عن البلاغة العربية عامة والبلاغة القرآنية خاصة ! فمثلاً هو يدعي ان نهج البلاغة هو اكثر بلاغة من القرآن الكريم ، وهي دعوى لم يكن ليتجرّأ عليها لولا "عدم معرفته" بأصول البلاغة وقواعدها ، لأن اولئك العلماء الذين يعرفون فنون البلاغة لا يقولون هذا الكلام البعيد عن الصواب ، وحتى علماء اللغة العربية من المسيحيين واليهود والصابئة عبر العصور لا يقولون ذلك ، ولو كانت هذه الدعوى صحيحة لأظهروها وانشدوها في كتبهم ودواوينهم ولكان ذلك ابرز ذريعة عندهم لمعارضة القرآن الكريم وابطاله ! ولكن احداً منهم لم يفعل ذلك ليس خوفاً من المسلمين وخوفاً من اضطهادهم كما قد يدعي البعض بل لأنهم يعلمون انهم انْ قالوا ذلك فقد كشفوا عن ضعف علمهم فضلاً ان هذا القول يحتاج لدليل ولا دليل عليه ، وحتى احمد القبانجي ذكر هذه الدعوى ولم ياتِ بنموذج من نهج البلاغة فيشرح معانيه وبيانه وبديعه بحيث تكون اكثر بلاغة من معاني وبيان وبديع القرآن الكريم !! ولو كانت ذريعة الخوف من المسلمين هي التي منعت علماء اهل الكتاب عن اعلانهم علو نهج البلاغة في بلاغته على القرآن الكريم كما زعم فما اسهلها عليهم ان يلجأوا الى اوربا المسيحية المتعصبة للمسيحية في القرون الوسطى وما بعدها ليعيشوا في هناء تحت حماية البابوات او بعض المراكز الدينية ويعلنوا ما وجدوه من مزاعم تنقض القرآن الكريم ، هذا الكتاب العظيم الذي لم تتمكن كل الحروب الصليبية من انتاج اي منتج ثقافي حقيقي ضده وضد الاسلام يقوي عزيمة ومعنويات الصليبيين في قتال المسلمين. ولو كانت هذه الدعوى صحيحة لأنتشرت انتشار النار في الهشيم.

والظاهر اننا نحتاج لبعض الشرح هنا لبيان معنى البلاغة وعلومها ، لكي لا ياتي شخص مثل احمد القبانجي فيحاول خداع الناس بهذا الكلام مستغلاً عدم معرفتهم بعلوم اللغة العربية وفنونها البلاغية. واستغلال عدم معرفة الناس بعلوم البلاغة وعلوم اللغة العربية هو المنطلق الثاني الذي احتملنا آنفاً أنَّ احمد القبانجي يعمل من خلاله.

يقول ابراهيم شمس الدين في مقدمة تحقيقه لكتاب (الايضاح في علوم البلاغة) للخطيب القزويني المتوفى سنة 739هـ ان البلاغة علم له قواعده وفن له اصوله وادواته كما لكل علم وفن ، وهو ينقسم الى ثلاثة اركان اساسية:

    علم المعاني.
    علم البيان.
    علم البديع.

فاما علم المعاني فهو علم يُعرف به احوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال مع وفائه بغرض بلاغي يُفهم ضمناص من السياق وما يحيط به من قرائن او عو علم يبحث في الجملة بحيث تاتي معبرة عن المعنى المقصود. واحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال هي: الحذف والذكر والتعريف والتنكير والتقديم والتاخير والفصل والوصل والمساواة والايجاز والاطناب ، وما الى ذلك. واحوال اللفظ العربي تارةً تكون احوالاً لمفرد وتارةً يكون احوالاً لجملة. وعلم المعاني يتألف من المباحث التالية:

أ‌.          الخبر والانشاء.

ب‌.     احوال الاسناد الخبري.

ت‌.     احوال متعلقات الفعل.

ث‌.     القصر.

ج‌.      الفصل والوصل.

ح‌.      المساواة والايجاز والاطناب.

وذلك لأن الكلام العربي نوعان: أما خبر أو انشاء ، ولابد له من اسناد ، مسند ومسند اليه. والمسند قد يكون له متعلقات اذا كان فعلاً او في معناه كأسم الفاعل وكل من التعلق والاسناد أما قصر او غير قصر. والجملة اذا قرنت بأخرى فالثانية إما معطوفة على الاولى او غير معطوفة وهما الفصل والوصل. ولفظ الكلام البليغ إما مساوٍ لأصل المراد وهو المساواة وإما ناقص عن المراد وهو الايجاز او زائد عن اصل المراد لفائدة وهو الاطناب.

واما علم البيان فهو علم يبحث في الطرق المختلفة للتعبير عن المعنى الواحد ، والبيان لغة هو الظهور والوضوح ، تقول بأن الشيء يبين اذا ظهر. وعلم البيان يتالف من المباحث التالية:

أ‌.        التصريح والمداورة.

ب‌.   التشبيه.

ت‌.   المجاز والمجاز المرسل.

ث‌.   الاستعارة.

ج‌.    الكناية.

واما علم البديع فهو علم يبحث في طرق تحسين الكلام وتزيين الالفاظ والمعاني بالوان بديعة من الجمال اللفظي او المعنوي. ومن اهم اساليب علم البديع:

أ‌.        الجناس.

ب‌.   الطباق.

ت‌.   السجع.

ث‌.   المقابلة.

ج‌.    التورية.

ونضيف بان كل مبحث من هذه المباحث فيه تفريعات ومباحث اخرى ، فهو علم ضخم وليس من الصحيح تسطيح تناوله بالطريقة التي عرضها احمد القبانجي مستخفاً بعقول سامعيه. والمكتبات العربية تحتوي على مئات الكتب والبحوث التي تم تأليفها حول البلاغة عامة وبلاغة القرآن الكريم خاصة.

ومن الملاحظ ان احمد القبانجي عمد لأسلوب مسرحي فانتخب نصاً من نهج البلاغة ومدحه ونصاً قرآنياً فذمه ، ليؤثر بأسلوب نفسي على المُشاهد بأن تمجيده لنص نهج البلاغة وذمه للنص القرآني هو نقد صحيح بينما الحق بخلاف ذلك ، ومن سوء حظه ان احمد القبانجي انتخب سورة الهمزة لذمها رغم ما فيها من شواهد بلاغية عديدة !

وسور الهمزة هي قوله تعالى:

((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ المُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)  ))

صدق الله العليِّ العظيم

 

فابتداءاً من استخدام الله سبحانه للفظ (همزة) في هذه السورة المباركة بينما استخدم لفظ (همّاز) في سورة اخرى ، وكِلا الاستخدامين بليغ لأنهما وردا في مناسبتين مختلفتين تبعاً للمراد منهما. والسورة تتحدث عن صنف من الكافرين الذين يدفعهم التكبر المستند الى الغنى وحب المال الشديد الى الانتقاص من الاخرين وذمهم والعيب عليهم وحبهم الجم للمال دفعهم للاسراف في عدّه ونسيان امر آخرتهم فادخلهم حب المال في التعالي والتوهم ان المال هو سبيلهم الى الخلود في الحياة فغاب عن ذهنه حقيقة الموت والفناء وتوهم انه خالد فيها ! كما هو اصناف اخرى من الكافرين والناس الذين ينسون امر آخرتهم فيسرفون بالمعاصي حتى لو تقدم بهم العمر. واحمد القبانجي ينكر ان هناك من يملك المال وينسى امر آخرته وهو انكار عجيب يكشف عن عدم معرفته بالناس وتفكيرهم ونفسياتهم والمجتمع واحواله ومجريات الحياة.

 

وتتحدث سورة الهمزة ايضاً عن عقوبة اولئك الكفار المتكبرين فتكشف ان مكانهم في جهنم اسمه الحطمة وما ادراك ما الحطمة ، هي نار مغلقة مؤصدة لا مخرج للكافر منها ، وحيث ان عقوبة المفسد في الارض هو السجن وهو ما كان ذلك الصنف من الكافرين يقوم به من خلال الهمز واللمز والاستكبار ونسيان الاخرة فكذلك تكون عقوبتهم في الآخرة هو مثال السجن في جهنم اسمه الحطمة ، وهي النار المؤصدة ، بينما نجد ان احمد القبانجي يعترض على تسميتها بالحطمة ويقول انها مجرد نار كباقي جهنم !! رغم انه يقرأ انها نار موقدة تطلع على الافئدة وهي على الكافرين مؤصدة في عمد ممددة. ولكن احمد القبانجي لم يفهم معنى وسبب كونها مؤصدة ولم يعرف لماذا هي مؤصدة حيث يقول مستهزءاً انهم في جهنم فما فائدة كونها مؤصدة ام لا !! يا للعجب ، فهو لا يتمكن من استيعاب الصورة الذهنية التي ترسمها هذه الآية المباركة حيث يكون اولئك الكافرون المستكبرون في غرفة مغلقة في جهنم تكون نارها في عمد ممددة ،  وقد تعددت تفاسير قوله تعالى: (في عمد ممددة) ، فقيل ان المقصود بها كما في تفسير (كنز الدقائق وبحر الغرائب) للشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي (من مشاهير القرن 12هـ) قال: (في عمد ممددة ، أي موثقين في اعمدة ممدودة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص).

وفي تفسير (مقتنيات الدرر وملتقطات الثمر) لمير سيد علي الحائري الطهراني (المتوفى 1340هـ): ((في عمد ممددة) اي حال كونهم موثقين في اعمدة ممدودة مثل المقاطر التي تقطر بها اللصوص واوتاد لشدهم بها تفتح عليهم باب ولا يدخل لهم روح قال الكلبي: في عمد مثل السواري ممدودة مطولة مربوطين بها كالشطار خشبة فيها خروق يدخل فيها ارجل المحابيس).

وفي التفسير الامثل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي قوله: (و«مؤصدة» من الإيصاد، بمعنى الأحكام في غلق الباب. ولذلك تسمى الغرف الكائنة في داخل الجبال المخصصة لجمع الأموال «الوصيد». هؤلاء في الحقيقة يقبعون في غرف تعذيب مغلقة الأبواب لا طريق للخلاص منها، كما كانوا يجمعون أموالهم في الخزانات المغلقة الموصدة. و«العمد» جمع عمود و«ممددة» تعني طويلة. جمع من المفسّرين قال إنّها الأوتاد الحديدية العظيمة التي تغلق بها أبواب جهنّم حتى لم يعد هناك طريق للخروج منها أبداً، وهي بذلك تأكيد على الآية السابقة التي تقول: (إنّها عليهم مؤصدة). وقيل إنّها إشارة إلى نوع من وسائل التعذيب والجزاء تشبه تلك التي يُغَلّ بها الشخص في رجله فيفقد قدرة الحركة وهذا جزاء ما كانوا يمارسونه من تعذيب للناس الأبرياء في هذه الدنيا).

وتفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 01   ص 440 : ( في عمد ممددة ) وهي جمع عمود . وقال أبو عبيدة : كلاهما جمع عماد . قال : وهي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار . وقال مقاتل : أطبقت الأبواب عليهم ، ثم شدت بأوتاد من حديد من نار ، حتى يرجع إليهم غمها وحرها ، فلا يفتح عليهم باب ، ولا يدخل عليهم روح . وقال الحسن : يعني عمد السرادق في قوله : ( وأحاط بهم سرادقها ) فإذا مدت تلك العمد ، أطبقت جهنم على أهلها ، نعوذ بالله منها . وقال الكلبي : في عمد مثل السواري ، ممددة مطولة ، تمد عليهم . وقال ابن عباس : هم في عمد أي في أغلال في أعناقهم ، يعذبون بها).

فهي تفاسير متعددة وقد تكون جميعها صحيحة لوجود جميع عناصرها في واقع جهنم نستجير بالله العظيم منها. اذن اولئك الصنف من الكفار يعذبون في غرف مغلقة محكمة الاغلاق عليهم وقد يكونون مقيدين هم ايضاً داخلها كما هو مذكور في هذه التفاسير.

 

واذا كانت هناك آيات قرآنية مباركة اخرى تتحدث عن ارادة الخروج من جهنم لصنف آخر من الكافرين واعادتهم اليها كما في قوله تعالى: ((وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)) بينما في سورة الهمزة لا يكون هناك اي محاولة في هذا السجن المخصص لصنف آخر من الكافرين حيث تكون النار مؤصدة عليهم. فما اقسى الصورة الذهنية التي ترسمها سورة الهمزة حول مصير هذا الصنف من الكافرين.

انها تعابير بلاغية عديدة تناولها علماء اللغة بالشرح والتفصيل كاشفين عن الاعجاز البلاغي الموجود في هذه السورة المباركة ، ويمكن لمن يريد الاطلاع على تلك التعابير البلاغية مراجعة مختلف كتب البلاغة ومنتدياتها.

ثم يطلع علينا احمد القبانجي ليستهزأ عن جهل بسورة الهمزة ويتهمها بانعدام البلاغة ويستخف بها !! بل ويفضل نصاً بشرياً عليها هو نص من كتاب نهج البلاغة لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ! وبدون ان يقدم احمد القبانجي اي شرح بلاغي لذلك النص من نهج البلاغة !!

ولكي نكون منصفين سوف نذكر نصوصاً من نهج البلاغة تحتوي على آيات قرآنية لكي يطلع القاريء الكريم بوضوح على الفرق المتميز للآيات القرآنية على كلام البشر حتى ان لم يكن القاريء الكريم على ثقافة جيدة بعلوم اللغة العربية. انها عظمة القرآن الكريم كلام الله سبحانه.

قال امير المؤمنين عليه السلام في صفة خلق آدم(عليه السلام): {ثُمَّ جَمَعَ سُبْحَانَهُ مِنْ حَزْنِ الاْرْضِ وَسَهْلِهَا، وَعَذْبِهَا وَسَبَخِهَا ، تُرْبَةً سَنَّهَا بالمَاءِ حَتَّى خَلَصَتْ، وَلاَطَهَا بِالبَلَّةِ حَتَّى لَزَبَتْ ، فَجَبَلَ مِنْها صُورَةً ذَاتَ أَحْنَاء وَوُصُول، وَأَعْضَاء وَفُصُول: أَجْمَدَهَا حَتَّى اسْتَمْسَكَتْ، وَأَصْلَدَهَا حَتَّى صَلْصَلَتْ ، لِوَقْت مَعْدُود، وَأجَل مَعْلُوم، ثُمَّ نَفَخَ فِيها مِنْ رُوحِهِ فَمَثُلَتْ إِنْساناً ذَا أَذْهَان يُجيلُهَا، وَفِكَر يَتَصَرَّفُ بِهَا، وَجَوَارِحَ يَخْتَدِمُهَا ، وَأَدَوَات يُقَلِّبُهَا، وَمَعْرِفَة يَفْرُقُ بِهَا بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، والاَذْوَاقِ والَمشَامِّ، وَالاْلوَانِ وَالاْجْنَاس، مَعْجُوناً بطِينَةِ الاْلوَانِ الُمخْتَلِفَةِ، وَالاَشْبَاهِ المُؤْتَلِفَةِ، وَالاْضْدَادِ المُتَعَادِيَةِ، والاْخْلاطِ المُتَبَايِنَةِ، مِنَ الحَرِّ والبَرْدِ، وَالبَلَّةِ وَالْجُمُودِ، وَالْمَساءَةِ وَالسُّرُورِ، وَاسْتَأْدَى اللهُ سُبْحَانَهُ المَلائكَةَ وَدِيعَتَهُ لَدَيْهِمْ، وَعَهْدَ وَصِيَّتِهِ إِلَيْهمْ، في الاْذْعَانِ بالسُّجُودِ لَهُ، وَالخُنُوعِ لِتَكْرِمَتِهِ، فَقَالَ عزَّمِن قائِل: ((اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ))  وَقَبِيلَهُ، اعْتَرَتْهُمُ الحَمِيَّةُ، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الشِّقْوَةُ، وَتَعَزَّزُوا بِخِلْقَةِ النَّارِ، وَاسْتَوْهَنُوا خَلْقَ الصَّلْصَالِ، فَأَعْطَاهُ اللهُ تَعالَى النَّظِرَةَ اسْتِحْقَاقاً لِلسُّخْطَةِ، وَاسْتِتْماماً لِلْبَلِيَّةِ، وَإِنْجَازاً لِلْعِدَةِ، فَقَالَ: ((إنَّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ)) }.

وقال عليه السلام: {وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الحَرَامِ، الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلاْنَامِ، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الاَنْعَامِ، وَيأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الحَمَامِ. جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلاَمَةً لِتَوَاضُعِهمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ، وَاخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمَّاعاً أَجَابُوا إِلَيْهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتِهُ، وَوَقَفُوا مَوَاقِفَ أَنْبِيَائِهِ، وَتَشَبَّهُوا بمَلاَئِكَتِهِ المُطِيفِينَ بِعَرْشِهِ، يُحْرِزُونَ الاْرْبَاحَ فِي مَتْجَرِ عِبَادَتِهِ، وَيَتَبَادَرُونَ عِنْدَهُ مَوْعِدَ مَغْفِرَتِهِ. جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ لِلاِسْلامِ عَلَماً، وَلِلْعَائِذِينَ حَرَماً، فَرَضَ حَجَّهُ، وَأَوْجَبَ حَقَّهُ، وَكَتَبَ عَلَيْكُمْ وِفَادَتَهُ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ((وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمينَ))  }.

وقال عليه السلام: { فَإِسْلاَمُنَا مَا قَدْ سُمِعَ، وَجَاهِلِيَّتُنَا لاَ تُدْفَعُ ، وَكِتَابُ اللهِ يَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا، وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: ((وَأُولُو الاْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللهِ)) ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤمِنِينَ)) ، فَنَحْنُ مَرَّةً أوْلَى بِالْقَرَابَةِ، وَتَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ }.

وقال عليه السلام: { لاَ تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هذِهِ الاْمَّةِ عَذَابَ اللهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالى: ((فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) وَلاَ تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هذِهِ الاْمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللهِ ، لِقَوْلِهِ سبحانه وتَعَالَى: ((إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافرُونَ)) }.

وقال له بعض اليهود: ما دَفَنْتُم نَبِيَّكُم حتّى اختلفتم فيه ! فقال(عليه السلام) له: { إِنَّمَا اخْتَلَفْنَا عَنْهُ لاَ فِيهِ، وَلكِنَّكُمْ مَا جَفَّتْ أَرْجُلُكُمْ مِنَ الْبَحْرِ حَتَّى قُلْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ: ((اجْعَلْ لَنَا إلهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)) }.

وهذه النصوص التي ذكرناها من نهج البلاغة تغنينا عن اي شرح وبيان فهي تثبت نفسها بنفسها وتشهد لكتاب الله سبحانه بعلو البيان والبلاغة بما لا قياس معه.

 

ونسب احمد القبانجي الى سوروش ان المسلمين يقدسون القرآن الكريم من باب التعويد حيث انهم وهم اطفال يرون اهلهم يقدسون القرآن الكريم فيقبلونه ويضعونه على رؤوسهم ولذلك لا يجرؤون على التفكير في حقيقة قدسيته ، وهو كلام متهافت فلماذا لم يقدس هو نفسه القرآن الكريم وبدأ بالطعن فيه ، ألم يرَ احمد القبانجي اهله وهم يقدسونه ويقبلونه فلماذا شطح عنهم وبدأ يتناول القرآن الكريم بالشطط من القول !؟ ولماذا لم يتمكن عموم المستشرقين من الطعن بالقرآن الكريم او الطعن ببلاغته او تفضيل بلاغة نهج البلاغة عليه مع انهم لم يولدوا في عوائل مسلمة ولم يروا اهلهم وهم يقدسون القرآن الكريم !!

فلنقرأ ماذا يقول احد المستشرقين المنصفين وهو موريس بوكاي في كتابه (دراسة الكتب المقدسة) ، يقول في صفحة 145: (لو كان كاتب القرآن انساناً كيف استطاع في القرن السابع من العصر المسيحي ان يكتب ما اتضح انه يتفق اليوم مع المعارف العلمية الحديثة ؟ ). وفي ص277 يقول: (وهكذا يتقرر لدينا من جديد ان حقائق القرآن العلمية كما شرحناها في محلها سابقاً ، تدل جميعها على ان نصوص القرآن نصوص لا دخل ليد البشر فيها ، وانها وحي لا شك فيه).

ويقول في ص285: (ان القرآن ، وقد استانف التنزيلين الذين سبقاه لا يخلو فقط من متناقضات الرواية وهي السمة البارزة في مختلف صياغات الاناجيل بل هو يظهر ايضاً – لكل من يشرع في دراسته بموضوعية وعلى ضوء العلوم – طابعه الخاص وهو التوافق التام مع المعطيات العلمية الحديثة. بل اكثر من ذلك ، وكما اثبتنا ، يكتشف القاريء فيه مقولات ذات طابع علمي من المستحيل تصور ان انساناً في عصر محمد (صلى الله عليه وآله) قد استطاع ان يؤلفها ، وعلى ذلك فالمعارف العلمية الحديثة تسمح بفهم بعض الآيات القرآنية التي كانت بلا تفسير صحيح حتى الان).

موريس بوكاي الذي كتب كلامه هذا لم يولد في عائلة مسلمة ولم يرَ والديه وهما يقبلان القرآن الكريم ويقدسانه ولم يتعلم ذلك منهما بل قاده البحث العلمي الرصين والانصاف الى ان يكتب الحق الذي قرأناه آنفاً. وبذلك تسقط نظرية سوروش وكلام احمد القبانجي عن الاعتبار.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/21



كتابة تعليق لموضوع : الرد على احمد القبانجي في محاضرته (نقد الاعجاز القرآني) .. 3 /10
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net