صفحة الكاتب : بشرى الهلالي

من (يتضامن) مع من؟
بشرى الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وجه الدكتور حيدر العبادي باعلان الاسبوع الحالي إسبوعا للتضامن مع القوات الأمنية، وبالنظر لما تبذله القوات الأمنية من جهود في حربها مع داعش فهي تستحق التضامن وأكثر. فلمن يوجه الدكتور العبادي النداء؟


إن كان الشعب هو المقصود، فالشعب فيه آباء وإخوة وأمهات وزوجات لمقاتلين يتضامنون معهم أملا بعودتهم سالمين، وبإنتهاء شبح الحرب والهجومات والمواجهات التي أعادت صورة الثمانينات الى الذاكرة، وفيه أيضا المهجرين والنازحين والمذبوحين على أيدي الدواعش ممن يحلمون بأخذ ثأر أبناءهم والعودة الى ديارهم و ممارسة حياتهم الطبيعية على إختلاف توجهاتهم وقناعاتهم ومخاوفهم مما يجعلهم متضامنين شاؤوا أم أبوا.


و إن كان السياسيين هم المقصودين بذلك، يصبح (التضامن) أمرا قابلا للنقاش والتصويت والمقايضة والمحاصصة والشفافية وكل انواع المصطلحات التي أنعمت علينا بها قواميس سياسة الدولة العراقية الجديدة.


عندما ضرب الارهاب مترو الانفاق في لندن في تموز من العام 2005، اجتمع البرلمان البريطاني لمواجهة الازمة، وألقى توني بلير خطابا لاقى تأييد الحاضرين، وكان رد ديفد كاميرون الذي يمثل المعارضة في البرلمان على خطاب بلير هو :(نحن لسنا معارضة، بريطانيا العظمى مهددة ونحن معه في كل قرار ياخذه لحماية بريطانيا). وهذا هو الموقف الوطني لأي سياسي يدرك إن بلاده تواجه خطر حقيقي وإن عيه أن يضع كل أنواع الخلافات جانبا حتى يتم درء الخطر وتحقيق الأمن والسلام، فحدود البلد وأراضيه خطا أحمرا لاتحتمل الجدال والنقاش والمساومة. فهل ستسري حمى ديفيد كاميرون في أبدان وعقول بعض السياسيين، خصوصا وإن معظمهم يضع مصلحته وأهواؤه شرطا للتضامن؟ وماذا ينفع التضامن بعد إن تضامن منهم مع داعش ومن يدعمها وساهم في زرعها في خاصرة البلد؟


الكثير منا سمع بمقولة وزيرة خارجية اميركا السابقة هيلاري كلينتون: (لن يكلفنا غزو العرب شيئا بعد اليوم سنقضي عليهم بأيديهم). وهذا ماحدث ويحدث حقا، ففي نظرة سريعة لما حولنا، نجد إن العرب يأكلون بعضهم بعضا كقطة جائعة، من اليمن الى سوريا وليبيا ومصر ولبنان والعراق تمتد شرارة الحروب الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية لتقف أميركا ودول أوربا في موقف المشفق على مايجري والمدافع عن ديمقراطية لايريدون لها أن تولد وإن أوهموا العالم بأنهم من صنعها وزرعها في بلدان العالم الثالث.


وكيف سيكون شكل التضامن.. همسا؟ فالبعض يخشى حتى أن يعترف بنجاحات القوات الامنية ومن يؤازرها من قوات واضعا في حساباته مستقبلا قد يمحوه من الصورة؟ والبعض حائر حتى الآن في تصنيف معنى كلمة ميليشيات، بينما يشترط البعض اقرار قانون الحرس الوطني. وهكذا يصبح التضامن مع القوات الأمنية خطابا إعلاميا يرمي الى رفع الروح المعنوية لهذه القوات والشعب. لذا يجب ان يكون التضامن صرخة يطلقها الشعب في وجوه أولئك الذين وضعوه في موقف كهذا وسلبوه حقه في الأمن والأمان، صرخة تدعوهم لأن يتضامنوا فيما بينهم أولا في السر والعلن.


Alhelali_bu@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بشرى الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/11



كتابة تعليق لموضوع : من (يتضامن) مع من؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net