صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الصّبْرُ يَرغَمُ الْأَعْداءَ
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) الشعراء/277.

فلقد أمر الله سبحانه بالعدل فقال : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [ النحل:90] ، وقال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) [ النساء : 58 ] .
وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بالعدل وبين فضل من يعدل بين الناس ، ففي الصحيحين أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : - وذكر منهم - إمام عادل " ، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور ، عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم و ما ولوا " .
عليك بالعدل إن وليت مملكة واحذر من الجور فيها غاية الحذر
فالعدل يبقيه أني احتل من بلد والجور يفنيه في بدو وفي حضر
وحرم سبحانه الظلم ورتب عليه العذاب في الآخرة فقال سبحانه : ( إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ إبراهيم : 22] ، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله  وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " ، وحرم رسول صلى الله عليه وآله وسلم الظلم في صحيح مسلم : ( عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله  وسلم قال : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " .
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم مرتعه يفضي إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبـــه يدعو عليك وعين الله لم تنـــم
أيها الأخوة ... من سنن الله تعالى الكونية التي لا تتغير ولا تتبدل إن الظلم لا يدوم ، وأن للظالم نهاية ، وأن الله سبحانه يمهل ولا يهمل ، في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن الله يملي للظالم ، فإذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) " .
ومن تأمل قصص القرآن فإنه يجد كيف أن الله تعالى أهلك الطغاة الظالمين الذين ظلموا وطغوا وتجبروا واستكبروا ، فكانت نهايتهم الخاتمة السيئة ، فهذا فرعون ، ادعى الربوبية وكان يقول لقومه : أنا ربكم الأعلى ، وما علمت لكم من إله غيره ، طغى وتجبر واستكبر فماذا كان مصيره ، يقول سبحانه : ( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ . فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) [ القصص :39- 40] ، وقال سبحانه : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) [ يونس : 90] .

"لا يجوز أن تهدم مساجد الشيعة في البحرين" بهذه العبارة صدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما حلفاءه في الحكومة البحرينية . فهذه الكلمات المحدودة العدد البالغة الأثر، تثبت للعالم كلّه صدقية بعض الحقائق المرة التي يعايشها أهل البحرين الأحرار يوميا ً منذ أن بدأت حركتهم السلمية المطالبة بالإصلاح. فأوباما ليس محللا ً سياسيا ً و لا مستشارا ً عسكريا ً. إنه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية و هي الدولة ذات النفوذ الأقوى في العالم. و أن يؤكد أوباما هذه الحقيقة فإن الأمر سوف يأخذ اتجاها ً آخر و يترتب عليه إجراءات أخرى في الأيام القليلة القادمة.

فعملية إزالة المساجد الشيعية لمجرد أنها شيعية و في بلد مسلم كالبحرين يعد تمييزا ً دينيا ً بحق المواطنين هناك. و يستدعي هذا الأمر تدخلا ً دوليا ً عاجلا ً لوقف هذه الانتهاكات التي صرّح بها و أكّدها الرئيس الأمريكي نفسه. فليس من المعقول أن يكون الأمر اشتبه على أوباما و العالم يعرف جيدا ً أن الأسطول الأمريكي الخامس موجود في البحرين. كما أن الرئيس أوباما تطرق في خطابه إلى محاولات إيرانية للتدخل في تحرك الشارع البحريني فلماذا نصدق أوباما في مكان و نشبه عليه في أماكن أخرى من الخطاب؟ و هل يعقل أن يطرح رئيس أمريكا في خطاب مهم حول استراتيجية جديدة تجاه الشرق الأوسط بعض الحقائق الغير مؤكدة؟

إذا ً فالقضية خرجت عن مجرد أن ما يجري بحق المساجد في البحرين هو مجرد أعمال للصيانة أو إزالة لبعض المخالفات لتتحول إلى قضية حرية ممارسة العبادة. فكيف إذا كانت هذه العبادة لمسلمين شيعة في بلد مسلم كالبحرين هم الغالبية فيه.

إن تصريح الرئيس أوباما لا يعد فقط ضغطا ً أمريكيا ً على الحكومة البحرينية فحسب بل هو رسالة واضحة إلى كل من يدعم هذه التحركات الجائرة ضد الشعب البحريني بأن هذا الأمر لم يعد مقبولا ً لا امريكيا ً و لا عالميا ً. 

و حقيقة الأمر أن الرئيس أوباما لم يكن يتصور أن تصل درجة القمع في البحرين إلى ما وصلت إليه الآن. لكنه اختار قضية المساجد على اعتبار أنها أخف وقعا ً من قضايا أخرى كالاعتداء على أعراض بعض النساء و التعذيب في السجون.

و بغض النظر عن تجنب أوباما لهذه الأمور فإن هذا سوف يؤسس إلى تحرك جديد تقوم به المنظمات الحقوقية و الإنسانية في البحرين و خارجها. هذا التحرك سوف يؤكد و بالدلائل الواضحة و الدامغة أن ما يجري في البحرين ليس فقط مجرد إظهار للقوة في سبيل إعادة النظام و إنما هو أمر يتعداه ليصبح في عداد الجرائم ضد الإنسانية. و لا يخفى على احد بأن قضية الشعب البحريني تناقش اليوم في محكمة العدل الدولية (لاهاي). و لا يعتقد أحد بأن أموال النفط قد تنجح في التغطية على هذه الجرائم فالعالم الغربي و صحافته بدأوا يضجون من فظاعة الصور و الروايات و الوقائع التي تجري داخل البحرين و حتى قسوة الأحكام الصادرة بحق المعارضين. و هذا كله صار يشكل عبئا ً على الإدارة الأمريكية التي وجدت نفسها مضطرة للضغط على البحرين و حلفائها لتغيير الاسلوب المتبع و العودة إلى طاولة الحوار و ليس أي حوار بل الحوار الحقيقي.

إن خطاب الرئيس أوباما لم يأت بجديد بحسب بعض الكتاب و أصحاب الأقلام العربية لأن وقع الكلمات عن المساجد الشيعية التي تعرضت للهدم كان أقوى من ان يتم استيعابها بل إن معظم الصحف و المواقع الإلكترونية العربية تجاهلتها.   أما الشعب البحريني فقد كان هذا التصريح بمثابة دعم لهم في قضيتهم العادلة و المطالبة بالإصلاح. و الغريب أن يتحدث اوباما عن هدم المساجد في حين يصمت ملايين العرب و المسلمين عن هذا الأمر. فهل كان أوباما أكثر إسلاما ً من ملايين المسلمين أم أنه شيعي و ذو أصول إيرانية ؟! إذن أين العدالة الدولية التي تتحكم في العالم ؟ وأين حمات حقوق الإنسان ؟ أن الذي يعلم بع اليوم في البحرين هو أنتهاك لحقوق الإنسان ..وحماية زمرة من الدكتاتورين الذين  هم أزلام لأمريكا نفسها ..فأنا أسأل الرئيس الأمريكي أن كانوا هؤلاء هم أزلام وشبه مأمورين عندكم ؟فلماذا لا يطبقون القوانين الدولية التي تحمي حقوق الإنسان التي نص عليها البيت الدولي؟ وأن كانوا هؤلاء الأزام الذين يديرون دفة الحكم في البحرين أحرار إذن لماذا هذه الأبادة للشعب البحريني الأزل البطل؟ فهنا المسألة مسألة مصالح ولم يكن للإنسان يوم احترام ! وأقول للشعب البحريني سيروا على بركة الله واصمدوا كما قيل  ـ الصَّبْرُ عَلى النَّوائِبِ يُنِيْلُ شَرَفَ الْمَراتِبِ .وأقول لحكام البحرين لا تنسوا أن الظلم يدمر كل ماهو موجود على الأرض ولا تنسوا بأن المسلمين البحرينيين السنة لا يقبلون على هذا الظلم ولا تنسوا كما قيل ـ الظُّلْمُ يَسْلِبُ النِّعمَ وتذكروا قوله تعالى في سورة الشعراء :الآية 227 أعلاه .ويداً بيد للتعاون والتآخي في وجه الظلمة والقضاء على المحتلين الأوغاد والزمرة الحاكمة في البحرين والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
 المحب المربي السيد صباح بهبهاني behbahani@t-online.de


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/20



كتابة تعليق لموضوع : الصّبْرُ يَرغَمُ الْأَعْداءَ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net