صفحة الكاتب : الشيخ جميل مانع البزوني

تقريب الرؤى بين حوزتي النجف وقم المقدستين
الشيخ جميل مانع البزوني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
     ان التاريخ القريب للحوزة العلمية اصبح اكثر وضوحا من الازمنة المتقدمة لان الحوزة لم تكن تواكب الاوضاع العالمية من جهة الاعلام ومن المعروف ان الاعلام يؤدي الدور الكبير في بيان الاوضاع الخاصة والعامة عندما يكون موجها نحو بيان تلك الجوانب .
      وقد افتقدت الحوزة الى هذا الجانب كثيرا في طول تاريخها الحافل بالاحداث حتى وصل هذا الغياب ان تتهم الحوزة احيانا بامور هي اول من بادر الى القيام بها من قبيل التعامل مع الاحداث السياسية خصوصا العسكرية التي تهدد المقدسات والاوطان .
     وبسبب الوضع الخاص الذي عاشته حوزة النجف في طوال تلك الفترات كانت هي الابعد عن الاعلام وبالتالي هي الاكثر اتهاما بالتقصير في الدفاع عن الاوطان حتى اصبحت انشودة التقصير تنسب اليها والى علمائها بصورة اعتيادية من دون خوف ولا وجل .
     واما حوزة قم فكانت ابعد عن هذا الحجم من الاتهام السافر لانها برزت الى العلن بصورة اكبر من خلال زجها في المعترك السياسي قبل حوزة النجف ولهذا فهمت ان الاعلام جزء مهم من تاريخ الحوزة ولابد ان تهتم به كما تهتم ببقية الجوانب التي ترتبط بالجانب العلمي .
     وبالرغم من ان الحوزتين واجهت نفس الافكار المضادة تقريبا الا ان الحجم الاكبر من الاتهام توجه الى النجف دون لكن برز ايضا ان الجزء الاكبر من المنحرفين عن خط التشيع درسوا في قم دون النجف بسبب بروز الجانب المدني في المجتمع الايراني .
       وفي كل من الحوزتين كانت توجد مميزات خاصة ترتبط بكل منهما على حدة لا وجد في الحوزة الاخرى ومع ذلك بقي الحجم الاكبر في الحوزتين هي الجانب المشترك لان الدراسة نفسها كما ان الوسائ التعليمية ذاتها يضاف لها ان الكثير من ابناء هذه الحوزة او تلك انتقل بصورة طبيعية او غير طبيعية الى الجانب الاخر وربما تاثر او بقي على وضعه بالرغم من الانتقال من هذه المدينة الى تلك .
     ومما لا شك فيه ان الحوزة الرسمية في كل من المكانين يبدو للوهلة الاولى في حالة اختلاف كبير الا ان هذا الفهم يبدو قاصرا جدا بسبب النظر الى بعض الجوانب الخارجية من كل منهما دون التمعن في داخل المؤسستين التعليميتين ولها تجد ان وضع الاساتذة المنتقلين بعد اكتمل ونضج وعيهم الخاص لا يجدون فرقا في التواجد هنا او هناك .
   يبقى السؤال المهم كيف يمكن ان نستفيد من هذا الكم المشترك من الجوانب ليتم التعاون بين الطرفين من اجل اكمال الصورة الناقصة عند الطرف الاخر ؟
   الجواب عن ذلك سهل وذلك لان كل واحدة منهما تحتاج الى الجانب المتقن في الطرف الاخر وبيانها فيما يلي :
1-تمتاز حوزة قم بالسبق على مستوى تاسيس المؤسسات العلمية في جوانب متعددة منها التحقيق والطباعة والنشر وغيرها من مؤسسات نشر الفكر في العالم فيما كانت حوزة النجف تمتاز بكم لا باس به من هذا الجانب وقد تعرض الى الضغط والمضايقة فتم القضاء على اكثره وصار بمنزلة العدم .
وعلى هذا تكون الاستفادة من تجربة قم في هذا المجال لاعادة تاسيس او تاهيل تلك المؤسسات بعد ان صار القيام بهذه الامور متاحا بعد اسقاط النظام البعثي.
2-تمتاز حوزة قم بوجود استفادة كبيرة من التقنية العلمية اثناء الدرس وهو امر شبه مفقود او موجود على نطاق غير واسع وتحتاج حوزة النجف للاستفادة من هذا بصورة اكبر لزيادة الاستفادة من جانب الوقت في تلقي الدروس لانه الجانب الاهم في تاثير استخدام التقنيات الحديثة في التعليم .        
3-تمتاز حوزة النجف بوجود انضباط كبير في تلقي الدروس العلمية على عكس الوضع الموجود في قم من جهة دخول الاسلوب الاكاديمي في الحوزة والذي اضر بدرجة كبيرة بهذا الجانب واصبح الطالب اقل ضبطا بسبب الضغوط الداخلية في ايران على مؤسسة الحوزة العلمية باعتبارها توثر على ميزانية الدولة وهذا الامر ليس موجودا في النجف لذلك بقي الطالب يدرس من دون ان تحدد له طريقة زمنية فاخذ اكبر عدد من الدروس كما لم تتطور عنده المناهج وبقي يتقن المناهج الصعبة وهذا الامر انعكس ايجابا على ارتفاع مستواه العلمي .
4-تمتاز حوزة النجف بالابتعاد عن الجوانب التي تشعر الامة بانحيازها وهي الصفة الابوية وهذه الحالة مفقودة في الحوزة الرسمية لانها تمثل فكرة ولاية الفقيه دون غيرها ولهذا يوجد انتقاد واضح لهذا الانحياز فيما بقيت حوزة النجف عصية عن ان تكون طرفا من اطراف المعادلة في المجتمع الاسلامي حتى اصبح الاتهام بالعمل الحزبي يدفع البعض من طلاب الدول الاخرى نحو النجف  دون قم مخافة الصاق تهمة العمل ضد الدولة عند الرجوع الى بلدانهم كما حصل ذلك مع عدد غير قليل من طلاب البحرين والسعودية .
وتوجد جوانب اخرى تحتاج الى معلومات دقيقة حتى يمكن العمل على بيانها للاستفادة منها ومن هنا يمكن القول ان الجانب الذي تشترك به الحوزتان هو الجانب الاكبر لذلك التعاون بين الطرفين من اجل تجاوز الخلل ليس امرا صعبا كما هو واضح الان من خلال فتح المدارس الدينية من حوزة قم في النجف مع الاستفادة من الجانب العلمي الاكثر انضباطا في النجف وغيرذلك من الامثلة الواضحة . 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ جميل مانع البزوني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/27



كتابة تعليق لموضوع : تقريب الرؤى بين حوزتي النجف وقم المقدستين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net